×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

رمضانيات / برامج رمضانية / قل هذه سبيلي / الحلقة (8): أولئك كالأنعام

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3322

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ[الأنعام:1]، أحمده ما أعظمه، أحمده ما أجله، أحمده له الأسماء الحسنى والصفات العلى، لا أحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين لا إله إلا هو رب العالمين.

وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله خيرته من خلقه، بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، بصَّرنا من العمى، هدانا من الضلالة، أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد.

فحياكم الله أيها الأخوة والأخوات في هذه الحلقة التي نتناول فيها مثلاً ذكره الله تعالى في سورة البقرة يصور فيه الله -U- حال الداعي إلى الهدى، حال المبصر بالحق، حال كل من دل على خير مع من لا يسمع له، ولا يلقي أذنًا لما يقول، يقول -جل في علاه- في محكم كتابه، يقول الله -جل في علاه-: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ[البقرة:171].

هذه الآية المحكمة العظيمة صور الله تعالى فيها حال الذين يسمعون الداعي إلى الحق ثم يعرضون عنه، وقد ذكر الله تعالى قبلها حال قومٍ قال لهم النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ﴿اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ﴾، فماذا قالوا؟ بماذا أجابوا؟ ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا[البقرة:170]، أي لن نتبع ما جئت به إنما سنتبع ما وجدنا عليه آباءنا، ما وجدنا عليه ما سلف من أصولنا، لن نتبع ما جئت به، بغض النظر عما دعاهم إليه، بغض النظر عما دلهم عليه، إنما أبوا الانقياد له؛ لأنهم مستمسكون بما وجدوا عليه آباءهم.

وقد قال القائل: ما عادى الأنبياء إلا العادات، وهذا حق فإنهم يعادون الهدى لا لنقصٍ فيه، ولا لخللٍ فيه، إنهم لم يعطوا أنفسهم فرصة كي يسمعوا ويعوا ما جاءت به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، لذلك يقول الله تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ﴾ أي يصوت، النعيق هنا هو الصوت العالي، ﴿بِمَا لا يَسْمَعُ﴾ أي: بمن لا يسمع له ولا يتفهم، هنا السماع المنفي سماع الإدراك الذي يحصل به الفهم، وليس سماع الذي لا يدرك به الأصوات، إنما السماع الذي نفاه الله تعالى هنا هو سماع الفهم، سماع الإجابة، سماع القبول.

﴿بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ يعني ليس له وعيٌ ولا عنده فهمٌ لما يدعى إليه إلا مجرد صوت، مجرد ما يصل إلى الأذن من كلمات، لكنه دون وعيٍ ودون إدراكٍ لمضمونها أو ما تضمنته من الهدى، يقول الله تعالى في وصف حال هؤلاء الذين خلت قلوبهم من الانتفاع بتلك الكلمات التي يدعوهم إليها من يدعوهم من أهل الخير وأهل البر ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَإنهم لما أغلقوا قلوبهم عن سماع الهدى فلم يسمعوا شيئًا، لم يسمعوا سماع تدبر ولا سماع فهم، إنما يسمعون كما يسمع البهائم صوت الراعي، الآن الراعي في الصحراء، أو في أماكن الرعي يصوت لبهائمه، هي تسمع صوتًا قد تقبل عليه وقد تدبر عنه، لكنها لا تعقل تمام ما يقول ولا تدري ما يتكلم به، إنما هي إشارات قد تفهم منها أشياء لمجرد الصوت، لكنها لا تفهم معاني الكلام الذي تكلم به الراعي.

هؤلاء الذين أغلقوا قلوبهم عن فهم ما يصل إليهم من دعوة الداعين ومن إرشاد المرشدين ومن هداية الهادين إلى الطريق القويم هم كهؤلاء، كهذه الماشية، كهذه الإبل، كهذه الغنم، كهذه المدعوات من البهائم التي لا تفقه إلا دعاءً ونداءً، لا تفقه إلا فقط ما يتعلق بإجابة، إجابة دون فهم معنى، إجابة دون عقل مضمون، هذه حال الذين كفروا مع رسلهم، هذه حال المعاندين مع من يدعوهم إلى الحق والهدى، إنهم لا يستجيبون، لا لأن ما يدعون إليه فيه إشكال، إنما لأنهم لم يعطوا أنفسهم مهلة.

الله تعالى مثَّل حال هؤلاء بالأنعام في مواضع عديدة، ومنها هذا الموضع يقول الله تعالى:﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ[الفرقان:44]، ما هم إلا كالأنعام، ويقول تعالى:﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ[الأعراف:179]، إنه تشبيهٌ بليغ يحي القلب ويدعوه إلى التأمل فيما يدعى إليه من الحق لئلا يكون من هؤلاء الصم البكم الذين لا يعقلون، فإن الله تعالى قد ذكر من حالهم أنهم صم بكم عمي، وهذا إغلاق لكل منافذ وصول الحق والهدى، لكل منافذ التوجيه، فإنهم لا يسمعون فهم صم، لا يتكلمون بالحق فهم بكم، لا يبصرون هدى فهم عمي.

والنتيجة عندما أغلقت منافذ ومصادر التأثر، ما النتيجة؟ فهم لا يعقلون، أي لا يتدبرون ولا يتفكرون فيما يدعون إليهم؛ لأنهم اغلقوا كل طريقٍ يصل إليهم منه هدىً، أو يصل إليهم منه نفعٌ أو تأثيرٌ  أو بصيرة، إنني أدعو كل من يسمع حقًّا أو داعيًا إلى هدى أن يتأمل، أن يتريث، أن يعطي نفسه فرصة إذا جاءك من ينصحك في أمر من الأمور لا تغلق أذنك عن النصيحة، بل استمع وأنصت فلعل في كلامه ما ينقذك من ورطة، ما يخرجك من ظلمة، ما يهديك إلى بصيرة، ما يقيم سلوكًا، ما يقربك إلى الله، ما يعرفك بما يجب عليك، لنعطي أنفسنا فرصة أن نسمع كل من يدعونا إلى الحق، كل من يدعونا إلى الهدى، ولنحذر أن نكون كأولئك الذين أغلقوا على أنفسهم المصادر ولم يقبلوا هدى الله الذي سيق إليهم، فإن الحجة تتضاعف عليهم بإغلاقهم سماع الحق وعدم تأملهم فيه وتدبرهم فيه.

هذا هو الظاهر في معنى هذا المثل، وقال جماعة من أهل التفسير: إن معنى قوله تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ[البقرة:171]، هو صورة للذين يدعون غير الله، فالذين يرفعون أيديهم يدعون غير الله من الملائكة، من الأنبياء، من الصالحين، من الكواكب، من المعبودات والأصنام والأوثان، هؤلاء يدعون ﴿مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ[الأحقاف:5] ، هؤلاء لا يسمعونهم، وإن سمعوا ما استجابوا لهم ولا أنقذوهم ولا أعطوهم ما يؤملون، هذا صورة من يدعو غير الله -U- كما قال جماعة من  أهل التفسير.

إذًا هذا المثل هو مثل حال المعرض عن الهدى إذا سمع الداعي إليه، وهو مثل أيضًا من يدعو غير الله، فهو يدعو من لا يستجيب له، يقول الله تعالى:﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً [الأحقاف:5-6] إنها تكون عداوة بين من يدعى ومن يدعو؛ لأنه دعاه بغير حق.

اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا، ارزقنا البصيرة، افتح قلوبنا على الخير، وارزقنا النور الذي به نبصر به الهدى، وأعنا على سلوك الصراط المستقيم، وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93795 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89657 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف