السؤال: الإيجار منتهي التمليك هل هو حلال أم حرام؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، اللهم وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،
فهذا السؤال وهو ما يتعلق بالإجارة المنتهية بالتمليك، هو مما يتردد على كثير من الناس، وذلك أن السؤال على هذا النمط من أنماط التمويل، يكثر بسبب حاجة الناس إلى السيولة، أو حاجة الناس أحيانًا إلى سلع لا يملكون ثمنها، وبالتالي يقتنونها من خلال عقد الإجارة المنتهية بالتمليك.
إذا الإجارة منتهية بالتمليك تستخدم وسيلة لتوفير ما يحتاجه الناس من سلع، سواءً إن كان معدات، أو أجهزة، أو بيوت، وعقارات، أو ما إلى ذلك، أو كان أيضا وسيلة من وسائل التمويل التي يستعملها بعض الناس لتمويل مشاريع، وتمويل معدات كبيرة في مصانع أو نحو ذلك.
ما هي الإجارة المنتهية بالتمليك؟
الإجارة المنتهية بالتمليك نمط من العقود المستحدثة الجديدة، التي حدثت في حياة الناس، وليس لهم بها عهد في سابق أزمنتهم، وهو في الحقيقة عقد جرى عليه كسائر العقود نوع من التطوير، جاء أول ما قدم إلى البلاد الإسلامية، البلاد العربية على نمط معين، ثم جرت ملاحظات هذا على هذا العقد، أوجب جملة من التعديلات، استحداث صور، وأنماط من التعامل في مظلة أن هذا النوع من العقود، جرى اختلاف، وهذا التطوير نقل الصورة الأولى إلى صور كثيرة.
والمهم أن نعرف أن عقد الإجارة المنتهية بالتمليك واقعه الآن هو عبارة عن عقدين:
العقد الأول عقد إجارة.
والعقد الثاني عقد بيع.
ولذلك عقد الإجارة المنتهي بالتمليك هو في الحقيقة عقد يتم فيه المعاقدة على عين، ثم بعد ذلك تنتهي في نهاية المدة، أو في أثنائها بتمليك هذه العين للمستأجر، سواءً كان ذلك التمليك عن طريق بيع، أو عن طريق هبة، وذلك باختلاف الصور وأنماط العقود.
العقد في الحقيقة اختلف الفقهاء المعاصرون في تكييفه:
ابتداءً صدر من "هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية" قرار بأن هذا العقد عقد محرم، بناءً على الصورة الأولى التي جاء بها، ولذلك أنا قلت: إن هذا العقد جرى عليه أنواع من التطوير، نقلت الصورة الأولى إلى صور متعددة، لكن بالنظر إلى الصورة الأولى التي هي عبارة عن إجراء عقدين على عين واحدة.
مثلًا: تشتري سيارة بهذا العقد فتكون هذه السيارة يجري عليها أحكام الإجارة، ويجري عليها أحكام البيع، فهذه الصورة هي التي صدر بها قرار هيئة كبار العلماء في المملكة، بأن هذا العقد محرم، لما فيه من الغرر والجهالة؛ لأنه لا يعلم هل هذا عقد إجارة، أو عقد بيع، ولا يعلم أي أحكام العقدين يستقر على هذه العين، وبالتالي صدرت الفتوى بالتحريم؛ لأنه عقد من عقود الغرض.
أما بالنسبة للصور التي تلت بعد ذلك، والتحديثات والتطويرات التي طرأت على العقد وجرت عليه هي متنوعة، منها ما استقر عليه العقد في أكثر صوره المعاصرة، والمتعامل بها في السوق، وهي أن يبدأ بعقد إجارة، في نهاية المدة يتم تمليك هذه العين للمشتري، أو المستأجر، بعقد بيع متفق على السعر مسبقًا، أو بثمن الحال في وقت العقد عند المبايعة، أو بهبة كما هو جارٍ في بعض صور هذا العقد.
الذي يظهر والله تعالى أعلم، أن العقد بعد هذا التحديث هو عقد مباح في الأصل، لكن قد يقترن به بعض المؤاخذات المحرمة التي ينبغي مراعاتها، وبالتالي ما يجريه الناس من عقود الأصل فيه الحل، وما يجري من تعامل وفق هذه الرؤية أنه عقد إجارة، ثم بعد ذلك عقد تمليك للسلعة بالبيع، هذا عقد مباح.
لكن إذا كان هناك شروط محرمة، مثلًا: كتحميل المستأجر ضمان العين، مدة الإجارة، أو ما أشبه ذلك مما قد يشترطه بعض الشركات، فهنا يكون العقد محرمًا، لوجود شروط محرمة، لكن فيما يتعلق بأصل العقد فالأصل فيه الجواز، وعلى هذا جرت الفتوى في جماعة من أهل العلم.
وصدرت فيه فتوى هيئات علمية، ومجامع فقهية بناءً على تعدد الصور، وتعدد ألوان هذا العقد.
إذا الآن لو أراد الإنسان أن يسأل هل يجوز أن أستأجر سيارة منتهية بالتمليك؟
الأصل الجواز، بناءً على أنه هناك عقدين، عقد إجارة أولي، ثم بعد ذلك ينتهي هذا العقد بالتمليك للعين، بعد انتهاء الآجال التي يتفق عليها الطرفان.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.