×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

رمضانيات / برامج رمضانية / قل هذه سبيلي / الحلقة(24): محمد رسول الله

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3839

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، أحمده حق حمده، لا أحصي ثناء عليه هو كما أثني على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، بعثه الله بالهدي ودين الحق بين يدي الساعة، بشيرًا ونذيرًا، داعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله، حتى أتاه اليقين على ذلك، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين أما بعد..

فحياكم الله أيها الإخوة والأخوات، يقول الله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ[آل عمران: 110].

هذه الأمة أمة الإسلام أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- هي خير أمة أخرجت للناس، خيرتها فيما ألتزمته من أمر الله تعالى وأمر رسوله، خيرتها في استمساكها بالكتاب المبين والهدي القويم الذي جاء به النبي –صلى الله عليه وسلم-

 إن الله تعالى قد ضرب مثلا لهذه الأمة، بيَّن فيه عظيم ما تميزت به، وما هي عليه من طيب الخصال وكريم الأعمال، يقول الله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ[الفتح: 29].

هذا المثل الذي ضربه الله تعالى لهذه الأمة يبين عظيم ما هي عليه من كمال معاملة الخلق، وحسن التعامل مع الناس، وما هي عليه من كمال التعامل مع الله تعالى، وحسن المعاملة له، وهناك اقتران وارتباط بين معاملة العبد للناس ومعاملة الإنسان لله –عز وجل-، فإذا طابت معاملة الإنسان للناس، فإن ذلك دليل على طيب معاملته مع الله تعالى، وقد جاء في الحديث الصحيح في المسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يَشكرُ اللهَ مَن لا يَشكرُ الناسَ»[مسند أحمد (7939)، وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم].

فإذا كان الإنسان مقصرًا في أداء حقوق الناس، فإن ذلك يشي ويدل على أن هناك تقصيرًا في حق الرب وفي معاملة الإنسان مع الله –عز وجل-، افتتح الله تعالى هذه الآية بذكر الخبر عن محمد –صلى

الله عليه وسلم- فقال: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ[الفتح: 29]، وهذا أعلى ما وصف به –صلى الله عليه وسلم- أن الله جعله رسولًا بأبي هو وأمي –صلى الله عليه وسلم- ﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ[الفتح: 29] وهم أصحابه الذين آمنوا به وقيل: أصحابه في الدرجة الأولى ويلحق بهم أمته، من آمن به –صلى الله عليه وسلم-.

﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ[الفتح: 29]، في مواطن الشدة والغلظة ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ[الفتح: 29]، هذه صلتهم فيما بينهم، رحماء إنما المؤمن إخوة، يرحم بعضهم بعضا في تواد وتعاطف وتراحم وائتلاف واجتماع وتسديد وجبر للكسر والقصور، وتغاض عن الهفوات والعثرات ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ[الفتح: 29]، هذا ما يتعلق بمعاملتهم مع الموافق والمخالف، وفيما يتعلق بمعاملتهم مع الله ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا[الفتح: 29]، أي يشتغلون بعبادة الله –عز وجل- وذكر الصلاة، لأن أشرف العمل وأعلى ما يكون من الطاعة البدنية الصلاة ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا[الفتح: 29]، إنهم يفعلون ذلك ابتغاء مرضاة الله تعالى، فهم خطابة ظواهرهم بالركوع والسجود، وزكت بواطنهم بتمام الإخلاص لله –عز وجل- ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ[الفتح: 29] لهم أثر، لهم مظهر، لهم صورة، هذه الصورة هي ثمرة ما في قلوبهم من تمام الإخلاص لله، وثمرة ما قاموا به من حسن الصلاة والاستقامة عن أمر الله –عز وجل- ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ[العنكبوت: 45].

إن السماء هنا الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية، ليس هو صورة في الجبين من أثر السجود، إنها صورة في الظاهر والباطن ،صبغة الله ) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ([البقرة:138]، إن الإسلام والدين والاستقامة تصبغ الإنسان في باطنه بجميل الخصال وطيب السرائر، كما أنها تصبح ظاهرة فيكون على أكمل ما يكون في الظاهر استقامة وهدوءًا وطمأنينة وسكينة، حتى يبدو على ظاهره أثر ما قام به من طاعة وإحسان.

هذا هو المثل الأول، وهو مثل في التوراة، والتوراة أعظم كتاب أنزله الله تعالى بعد القرآن، ومثل في الإنجيل هذا المثل بعد أن ذكر المثل لعمل أفرادهم، جاء بمثل يبين ما هم عليه على وجه المجموع والجملة ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ[الفتح: 29]، أي أخرج طرفه ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ[الفتح: 29]، آزره أي: انضم بعضه إلى بعض وشد بعضه بعضًا، وقوَّى بعضه بعضًا، وهذه حال المؤمنين «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ بِالْحُمَّى، وَالسَّهَرِ»[صحيح مسلم (2586)].

وكذلك قال –صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا»[صحيح البخاري (481)، ومسلم (2585)]، ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ[الفتح: 29] يعجب الزراع نظرته وكثرته وقوته واكتماله ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ[الفتح: 29]، أي: ليغيظ بهم المعادين الذين يكرهون اجتماع هذه الأمة وائتلافها وتعاضدها ﴿يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ[الفتح: 29]، الذين ملئت قلوبهم حقدًا على هذه الأمة وكراهية لاجتماعها وائتلافها وصلاح حالها.

هذا المثل الثاني وهو مثل ذكره الله تعالى في الإنجيل وهو من الكتب العظيمة التي أوحاها الله تعالى لرسله، وهو ما أنزله على عيسى ابن مريم عليه السلام.

إذًا هذه الآية الكريمة تضمنت هذين المثلين؛ المثل الأول مثل هذه الأمة في التوراة.

والمثل الثاني مثل هذه الأمة في الإنجيل، ذاك مثل لعمل أفرادها وهو الذي في التوراة، والثاني مثل لعمل مجموعها وهو الذي في الإنجيل.

وبهذا يتبين ما عليه هذه الأمة من كمال حالها في حال الإنفراد وفي حال الاجتماع، إنه كمال لا تخطئه العين، فذاك هو شرع رب العالمين، دين الله –عز وجل- الذي تصلح به الأعمال وتستقيم به الأحوال، وينجو به الناس من كل العثرات، ومن كل الشرور في الدنيا وفي الآخرة ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا[الفتح: 29]، بعد ذلك التمثيل، بعد ذلك البيان لجميل ما وسم الله تعالى به النبي –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام رضي الله عنهم انتقل إلى بيان الأجر، وما الذي يترتب على استقامة تلك الأمثال وتلك الصفة وتلك الخصال في ظاهرهم وفي باطنهم في انفرادهم وفي مجموعهم؟ ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا[الفتح: 29]، تحط التقصير، فإنه لابد من قصور وتقصير، ويقابله ذلك بالمغفرة التي تحط الخطايا والذنوب ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا[الفتح: 29].

أجرًا يفوق كل تصور، يفوق كل عدٍّ، إنه أجر الكريم الذي يعطي على القليل الكثير، إنه أجر الله –عز وجل- الذي يضاعف الحسنة مضاعفة عظيمة، ويؤتي من لدنه أجرًا عظيمًا، ففي ذلك ينبغي للمؤمن أن يستقيم على هذه الصفات والخصال، وأن يعرف للصحابة ما هم عليه من كريم المقام فهم خير الأمة رضي الله عنهم وقد استدل الإمام مالك بهذه الآية على أن كل من تنقص الصحابة رضي الله عنهم ناله قول الله تعالى: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ[الفتح: 29] فإن ذلك يدل على نقص في الإيمان، وضعف في اليقين فإن أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- هم سادات الأمة، هم الذين قال فيهم النبي –صلى الله عليه وسلم-: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»[صحيح البخاري (2651)، ومسلم (2535)].

اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا، أعنا على طاعتك واصرف عنا معصيتك، واجعلنا من حسبك وأوليائك، إلى أن نلقاكم في حلقة قادمة، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93795 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89655 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف