السؤال:
ما معنى حديث: ((عبادة في الهرج كهجرة إليَّ))؟
الجواب:
هذا الحديث في الصحيحرواه مسلم (2948) عن معقل بن يسار رضي الله عنه.، وفيه بيان المخرج من الفتن واختلاط أمور الناس، فقوله: (الهرج) أي: كثرة الفتن، وكثرة القتل وسفك الدماء، واستباحة الحرمات، والعبادة تشمل كل طاعة ظاهرة أو باطنة واجبة أو مستحبة، فالعبادة اسم جامع لكل ما تقرب به إلى الله تعالى من الواجبات والمستحبات، وعليه فالعبادة تشمل القيام بالواجبات في حق الله تعالى، وفي حق العباد، من توحيد الله تعالى ومحبته وتعظيمه، وإقام الصلوات، وإيتاء الزكاة، وغير ذلك، ويبدأ بالفرض ثم بعد ذلك النفل.
وقوله: (كهجرة إلي) يعني في الثواب والأجر، أي: أن فضل ذلك كفضل الهجرة للنبي صلى الله عليه وسلم، قبل أن يقول صلى الله عليه وسلم: «لا هجرة بعد الفتح، وإنما جهاد ونية» كما في الصحيحين من حديث ابن عباس، هذا معنى متبادر، وهناك معنى ثانٍ يغفل عنه كثيرون، وهو أن العبادة زمن الهرج تحصِّن المؤمن من أسباب الضلال والانحراف، وتعطيه ثباتًا على الحق، وقوة في الهدى، ودوامًا في الطاعة، كما كان الحال في شأن الصحابة الذين هاجروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم استطاعوا في هجرتهم أن يقيموا من شعائر الدين، وأن يحفظوا إيمانهم، ما لم يحصل لغيرهم ممن لم تتيسر له الهجرة، أو تقاعس عنها، والله أعلم.