×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / فضائيات / رمضان والنصر

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:4787

المقدمُ: الحقيقةُ هُنا كغزواتٍ مفصليةٍ في التاريخِ الإسلاميِّ، هُناك غزوةُ بدرٍ وهُناك فتحُ مكةَ أيضًا، وقعَتْ في هذا الشهرِ الكريمِ شهرِ رمضانَ المباركِ، دَعْنا نتحدثُ هُنا عَنِ العلاقةِ التي تربطُ بينَ شهرِ رمضانَ المباركِ وبينَ انتصاراتِ المُسلمينَ.

الشيخُ: الحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ، نحمدُه حقَّ حمدِه لا نُحصِي ثناءً عليه، هو كما أثنَى على نفسِه، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه صَلَّى اللهُ عَليهِ وعلى آلِه وصحبِه ومَن تبعَ سُنتَه بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:

شهرُ رمضانَ شهرُ انتصارٍ، انتصارٍ ذي أوجهٍ متعددةٍ، ففيهِ ينتصرُ الإنسانُ على نفسِه وهذا هو اللبنةُ الأولَى لكلِّ الانتصاراتِ لا يمكنُ أنْ ينتصرَ الإنسانُ على غيرِه إذا لم ينتصرْ على نفسِه، فأُولَى خطواتِ النصرِ أن ينتصرَ الإنسانُ على نفسِه وهذا في هذا الشهرِ يبدو جليًّا، فالمؤمنُ ينتصرُ على نفسِه بمنعِها مما أمرَ اللهُ ـ تعالى ـ بالامتناعِ منهُ ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ[البقرة: 187] ينتصرُ على نفسِه الأمارةِ بالسوءِ، ينتصرُ على الشيطانِ الذي أعانَه اللهُ عليهِ بالتصفيدِ فإذا دخلَ رمضانُ صُفدَتِ الشياطينُ، ينتصرُ على مألوفاتِه التي اعتادَها حتى في طريقةِ حياتِه، مأكلِه ومشربِه وقيامِه وقعودِه ينتصرُ على هذا بنمطٍ معينٍ، ينتصرُ على نفسِه المتراخيةِ في طاعةِ اللهِ فيبذلُ ويزدادُ نشاطُه في القربِ مِنَ اللهِ -عزَّ وجلَّ- وبذلِ الخيراتِ.

هذا النصرُ هو اللبنةُ الأولَى التي مِن خلالِها يتحققُ ما وعدَ اللهُ ـ تعالى ـ المؤمنين بالنصرِ عليهِ في قولِه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ[محمد: 7] فأولَى خطواتٍ النصرِ الذي يتحققُ بهِ نصرُ اللهِ للناسِ وللمؤمنينَ هو أنْ ينتَصِروا على أنفسِهم؛ ولذلكَ كانَ الصومُ في الذروةِ مِنَ الأعمالِ التعبديةِ التي تحققُ انتصارَ النفسِ، وكبحَ جماحِها وكسرَ حدَّتِها التي قدْ توقعُ الإنسانَ في المعاصي توردُه المهالكَ توقعُه فيما يكرهُ عاقبتَه ويتوقعُ شؤمَه، لما كانَ هذا النصرُ قائمًا تزامنَ معَ هذا النصرِ الأوَّليِّ انتصاراتٌ عديدةٌ على مستوَى الأمةِ، فالنصرُ الفرديُّ ينعكسُ على نصرٍ جمعيٍّ، نصرُ الفردِ ينتقلُ إلى نصرِ الأمةِ لأنَّ الأمةَ مكونةٌ مِن أفرادٍ فإذا انتصرَ كلُّ واحدٍ مِنا على نفسِه في هذا الشهرِ ينعكسُ هذا على نصرِ جمعٍ للأمةِ كلِّها ولأهلِ الإسلامِ جميعِهم فيما يتعلقُ بعلاقتِهم معَ اللهِ فيما يتعلقُ بإصلاحِ مجتمعاتِهم، فيما يتعلقُ بعلاقاتِهم معَ الآخرينَ.

لا شكَّ أنَّ رمضانَ المباركَ حظيَ بعنايةِ مِن ربِّ العالمينَ وتخصيصٍ أعظمَ تخصيصٍ خصَّ اللهُ به هذا الشهرَ المباركَ أنْ أنزلَ فيه القرآنَ فإنَّ إنزالَ القرآنِ في هذا الشهرِ كانَ مما جعلَ هذا الشهرَ يبزُّ كلَّ الشهورِ في هذه الفضيلةِ ويسبقُ كلَّ الأزمنةِ بهذه المزيةِ والمنزلةِ، يقولُ اللهُ ـ تعالى ـ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ[البقرة: 185] هذا الهُدَى الذي نزلَ في هذا الشهرِ كانَ أعظمَ انتصارًا في البشريةِ؛ لأنه حققَ الإخراجَ الكاملَ لمَنِ التزمَ به واستمسكَ مِن كلِّ ظلامٍ إلى كلِّ نورٍ مِن كلِّ عتمةٍ إلى كلِّ إسفارٍ مِن كلِّ ضلالةٍ إلى كلِّ هدايةٍ فكانَ ذلكَ أولى مميزاتِ هذا الشهرِ وكانتْ هذه الخطوةُ هي لتأسيسِ اللبنةِ الأولَى لتحقيقِ أنَّ هذا الشهرَ شهرُ انتصاراتٍ.

النبيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وعلى آلِه وسلَّمَ- صامَ في العامِ الثاني في رمضانَ فُرضَ في السنةِ الثانيةِ مِنَ الهجرةِ، بدرٌ كانتْ في السنةِ الثانيةِ مِنَ الهجرةِ، كانَ النصرُ لأهلِ الإسلامِ وهذا يبينُ الترافقَ بينَ هذا الشهرِ وبينَ انتصاراتِه وأنت إذا تأملتَ حتى السياقَ القرآنيَّ تجدُ أنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- ذكرَ آياتِ الصيامِ ثم ذكرَ بعدَ ذلك آياتِ الجهادِ والكتابَ ومدافعةَ أهلِ الباطلِ والذين يَصدونَ عَن سبيلِ اللهِ والذينَ يؤوون أولياءَه ويُقاتِلونَ رسلَه، فهُناك ارتباطٌ هناك امتزاجٌ بينَ طبيعةِ هذا الشهرِ وما فيهِ مِنَ الأعمالِ ما فيه مِنَ انتصاراتٍ فرديةٍ التي تنعكسُ على مسيرةِ الأمةِ في مجموعِها.

المقدمُ: تحدثتَ -صاحبَ الفضيلةِ- يمكنُ عن حوارٍ غايةٍ في الأهميةِ ما يتعلقُ بهذه القيمةِ الحضاريةِ الإنسانيةِ الإسلاميةِ وقيمةِ الانتصارِ على النفسِ بدايةً ثُم بعدَ ذلكَ انعكاسُه على الفردِ، والفردُ مكونٌ مِنَ المجتمعِ والمجتمعُ أيضًا يكوِّنُ أمةً إسلاميةً مترابطةً على امتدادِ الكرةِ الأرضيةِ كما نستطيعُ أنْ نقولَ لكنْ أنا أريدُ أن تتحدثَ هُنا أو توجِّهَ رسالةً على القائمينَ على العملِ الدعويِّ  العملِ الإسلاميِّ، البعضُ ربما إذا كانَ لدَيهِ مشروعٌ، سنةً، سنتينِ لم يحققِ النجاحَ الذي كانَ ينشدُه ربما يتسللُ إلى نفسِه اليأسُ والقنوطُ؛ وبالتالي يتركُ الاستمرارَ في هذا المشروعِ، غزوةُ بدرٍ الكبرَى خمسةَ عشرَ عامًا مِنَ الإعدادِ لها حتى يتحققَ هذا النصرَ المبينَ وكانَ هُناك نقطةُ تحولٍ كبيرةٌ في التاريخِ الإسلاميِّ وبعدَ ذلكَ دخلَ الناسُ أفواجًا إلى هذا الدينِ على شكلِ دفعاتٍ متتابعةٍ على امتدادِ أيضًا التاريخِ أو السيرةِ النبويةِ آنذاكَ نريدُ أن نتحدثَ عَن هذه الخمسةَ عشرَ عامًا مِنَ الإمدادِ والبناءِ لغزوةِ بدرٍ الكبرَى.

الشيخُ: الإعدادُ الذي كانَ في مكةَ بقيَ عشرُ سنواتٍ في مكةَ ثم هاجرَ إلى المدينةِ وفي السنةِ الأولى والثانيةِ فهي اثنتَي عشرةَ سنةً كانتْ قبلَ هذه الوقعةِ.

النبيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- في كلِّ تلكَ الفتراتِ كانَ يؤسسُ لأعظمِ حضارةٍ وأعظمِ رسالةٍ جاءَتْ إلى البشريةِ وذلكَ بدعوتِها إلى عبادةِ اللهِ، بعضُ الناسِ قالوا يعني يختصرُ موضوعَ عبادةِ اللهِ على صورٍ ظاهرةٍ مِن صلاةٍ وزكاةٍ أو صومٍ أو حجٍّ ويقتصرُ الموضوعَ على هذا، لا، أنت إذا تأملْتَ مِنَ التشريعاتِ إنما جاءَ أكثرُها في المدينةِ، طيب النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- عشرُ سنواتٍ ماذا كانَ يصنعُ في مكةَ؟ هلْ كانَ هذا ترفًا وعبثًا؟ كلُّ لحظةٍ كانَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- يحققُ فيها ما أمرَه اللهُ ـ تعالى ـ به في قولِه: ﴿قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ[المدثر: 1-7] إنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- عمِلَ عشرَ سنواتٍ في مكةَ على تحريرِ الإنسانِ على تحريرِ القلوبِ مِن عبادةِ غيرِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- والرقِّ لكلِّ موجودٍ في الدنيا إلا الرقَّ للهِ الذي لا إلهَ غيرُه الذي عبادتُه العبوديةُ له هو أعلى شرفٍ يتبوأُه الإنسانُ وأعلَى منزلةٍ يقفُ فيها بنُو البشرِ أنْ يكونوا عبادًا للهِ -عزَّ وجلَّ- أن يُحققوا العبوديةَ للهِ -عزَّ وجلَّ- هذا المعنَى الذي أعدَّ له النبيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- هو الذي أنتجَ ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ[آل عمران: 110] ثم بعدَ ذلك جاءتِ التشريعاتُ كلُّها بجميعِ أنواعِها فيما يتعلقُ بعبادةِ اللهِ، صلةِ العبدِ بربِّه، فيما يتعلقُ بصلةِ الإنسانِ بمحيطِه الضيقِ أو محيطِه الواسعِ أو محيطِه الأوسعِ العالمِ كلِّه، كلُّ تلك التشريعاتِ هي لتحقيقِ التأسيسِ الذي عمِلَ عليه النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- مدةَ عشرِ سنواتٍ في مكةَ واستمرَّ حتى في المدينةِ يَدعوهم إلى أنَّ قلوبَهم تتخلصُ مِن أيِّ رقٍّ أنْ يفِروا إلى اللهِ وحدَه لا شريكَ لهُ فلا يتوجَّهوا إلى غيرِه، هنا تحققَ الانتصارُ أن يتنصرَ الإنسانُ على كلِّ الجوانبِ وكلِّ العوارضِ التي تعيقُه في سيرِه إلى اللهِ -عزَّ وجلَّ- فلا يكونُ له همٌّ إلا اللهُ -جلَّ وعَلا-هذا المعنَى الذي تحققَ في المرحلةِ الأولى احتاجَ إلى أن يتكونَ في بيئةٍ نقيةٍ طاهرةٍ سليمةٍ؛ فهاجرَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- لما جاءَه الأنصارُ ووجدَ مأوًى يأوي إليهِ يتمكنُ مِن خلالِه أن يؤسسَ لهذه الرسالةِ تأسيسًا يضمنُ له الانتشارُ ويحققُ مقصودَ اللهِ -جلَّ وعَلا- ومرادَه في أنْ تكونَ رسالةً عالميةً ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ[الأنبياء: 107] انتقلَ للمدينةِ وكانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- في ضعفٍ وقلةِ ذاتِ يدٍّ وحصلَ أنْ تحرشَ به خصومُه الذين فرَّ مِنهم فجاءَ إليه كفارُ قريشٍ إلى المدينةِ ليجتَثُّوا هذه النبتةَ ويستأصِلوا هذا التهديدَ الذي كان بينَ أظهُرِهم، فخرجَ مِنهم فشعروا أنهُ شبَّ على الطوقِ وأصبحَ الموضوعُ تهديدَ وجودٍ، فجاءوا بقضِّهم وقَضيضِهم على النحوِ الذي ذكرتُ ووصفتُ في غزوةِ بدرٍ فكانَ أنْ قيَّضَ اللهُ ـ تعالى ـ نصرًا كسرَ شوكةَ الشاكِّ وأظهرَ قوةَ الإسلامِ قوةَ هذه الجماعةِ الحديثةِ والدولةِ الناشئةِ حتى أصبحَ لها مِن حولِها مِن مشركي العربِ ومِن أهلِ الكتابِ اليهودِ حتى النصارَى ترامَى إلى أسماعِهم ما كانَ مِنَ انتصاراتِ الوليدِ الجديدِ الذي ظهرَ في المدينةِ وهو بالتأكيدِ يهمُّهم ويخشونَ منهُ.

فابتدأتِ الانتصاراتُ مِن تلك اللحظةِ، هذا النتاجُ الذي حصلَ بذلك النصرِ لم يكنْ وليدَ صدفةٍ ولن يكونَ منحةً إلهيةً هكذا دونَ أنْ تتقدمَ لها أسبابٌ، كلُّ النتائجِ لها أسبابٌ ما شيءٌ يأتي خبطَ عشواءَ، اللهُ -عزَّ وجلَّ- جعلَ لكلِّ شيءٍ سببًا، هذا الانتصارُ الذي كانَ في بدرٍ هو نتيجةُ انتصاراتٍ كبيرةٍ قبلَ ذلك ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد: 11]، ﴿إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[محمد: 7] فما كانَ النصرُ وليدَ منحةٍ إلهيةٍ للنبيِّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- وأصحابِه دونَ مقدماتٍ بلْ كانَ نتاجَ: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ[الأحقاف: 35] صبرٌ ومجاهدةٌ وتفانٍ في تبليغِ رسالةِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- وهدايةِ الخلقِ وإيصالِ نورِ القرآنِ لكلِّ مَن يستطيعُ رغمَ كلِّ العوائقِ، وترَى أنت إذا نظرتَ إلى أصحابِه يذهبون إلى الحبشةِ بهجرةٍ ثم رجَعوا ثم هاجَروا مرةً ثانيةً اللي هي أثيوبيا في القرنِ الإفريقيِّ، وفي ذلك الوقتُ قُطعَ بحارٌ كبيرةٌ جدًّا ولا يمكنُ أن يقاسَ بساعةٍ في الطيارةِ تصلُ بها إلى ما تريدُ في عصرِنا الحاضرِ.

المقصودُ أنهُ لم يكنْ هذا الانتصارُ نتاجَ لحظةٍ أو نتاجَ عملٍ ضعيفٍ، بل كانَ ثمرةَ جهودٍ عظيمةٍ قامَ بها النبيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- وأصحابُه الكرامُ معَ توفيقِ ربِّ العالمينَ الذي حققَ لنبيِّه النصرَ في تلك الوقائعِ، طبعًا انتصاراتٌ المسلمينَ لا تقتصرُ فقطْ على ذلك الحدثِ، أنت إذا استعرضتَ التاريخَ الإسلاميَّ تجدُ أن رمضانَ يتميزُ بنقلاتٍ طبعًا لا يقالُ تحولاتٌ نقلاتٌ نوعيةٌ في مسيرةِ الأمةِ، فهذه غزوةُ بدرٍ التي تفاخرَ بها الأمةُ وهي النصرُ المبينُ والفتحُ العظيمُ الذي امتنَّ اللهُ تعالى به على المؤمنينَ ثم فتْحُ مكةَ وتطهيرُها مِنَ الأوثانِ والأرجاسِ والأنجاسِ التي كانَتْ قائمةً في الكعبةِ وحولَها وما كانَ يمارسُ مِنَ الشركِ، هذا كانَ في العامِ الثامنِ وكانَ أيضًا انتصارًا نتاجَ جُهدٍ مِنَ النبيِّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- وأصحابِه كلَّلَه اللهُ تعالى بذلك الفتحِ المبينِ والنصرِ العظيمِ الذي تحققَ للنبيِّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- وأصحابِه.

إذًا: أكبرُ انتصارَينِ تغيَّرَ بهِما المسارُ مسارُ الرسالةِ النبويةِ كانَ في هذا الشهرِ، ثم بعدَ ذلك الأمةُ حققتِ انتصاراتٍ عديدةً قدْ تكونُ انتصاراتٍ ليسَ بهذا الحجمِ الكبيرِ الذي كانَ في غزوةِ بدرٍ أو فتحِ مكةَ لكن كانتِ انتصاراتٍ فارقةً ومميزةً عبرَ تاريخِ الأمةِ، هذا لا يعني أنه ليسَ هُناك انتصاراتٌ في غيرِ هذا الشهرِ، لكنَّ هذا الشهرَ لهُ ميزةٌ عَن غيرِه بما ذكرتُ مِن كونِه قاعدةً لتحقيقِ نصرٍ حقيقيٍّ للأمةِ على مستوَى الأفرادِ ينتجُ عَنهم نصرٌ كليٌّ الذي تَرجوهُ الأمةُ، نسألُ اللهَ أنْ يُعيدَ أمجادَها وأن يُعزَّها مِن كلِّ وجهٍ في حضاراتِها وفي تقدمِها وفي قوتِها السياسيةِ والاقتصاديةِ والعسكريةِ وسائرِ أوجهِ التفوقِ في هذا العصرِ.

المقدمُ: حينَما دارتْ -صاحبَ الفضيلةِ- رحَى هذه الغزوةِ غزوةِ بدرٍ الكبرَى واتفَقْنا أنها –الحقيقةُ- تحولٌ كبيرٌ في التاريخِ الإسلاميِّ آنذاك كانَ هُناك –الحقيقةُ- تضحياتٌ قامَ بها صحابةُ رسولِ الهُدَى -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- بينَتْ فضلَهمُ العظيمَ، ورسولُ الهُدَى -صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- يقولُ: «عَليكُم بسُنَّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشِدينَ المَهديِّينَ مِن بَعدي عضُّوا عَلَيها بالنواجذِ»سنن الترمذي (2676)، سنن ابن ماجة (42)

هناك بعضُ الطوائفِ التي تدَّعِي الإسلامَ حقيقةً ربما تغمزُ وتلمزُ بصحابةِ رسولِ الهُدَى -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- بل قدْ وصلَ الحالُ إلى -أيضًا- الخلفاءِ الراشدينَ، لا نريدُ أن نصفيَ حساباتٍ معَ طرَفٍ دونَ طرفٍ، لكن نريدُ أنْ ندعوَهم إلى حوارٍ هاديءٍ مِن أجلِ أيضًا استثمارِ هذا الذكرى العطرةِ ذكرى غزوةِ بدرٍ الكبرَى في بيانِ فضلِ الصحابةِ -رضوانُ اللهِ عَلَيهم- وضرورةِ أن يصححَ الإنسانُ بعضَ المفاهيمِ حتى يكونَ مسلمًا خالصًا لوجهِ اللهِ الكريمِ.

الشيخُ: فضيلةُ الصحابةِ -رَضيَ اللهُ عَنهم- وما لهم مِنَ المنزلةِ والمكانةِ مِنَ المقرراتِ الكبرَى في شريعةِ الإسلامِ وتواطأَتْ على الثناءِ على أصحابِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- النصوصُ القرآنيةُ: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ[الفتح: 29] هذه خمسُ صفاتٍ سلوكيةٍ عمليةٍ فيما يتعلقُ بصفاتِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- وفيما يتعلقُ بصلاتِهم بمَن حولَهم مِنَ الناسِ كيفَ كانوا على هذا الكمالِ في التعاملِ والتوازنِ في الصلاتِ والعدلِ في كلِّ مناحي العلاقاتِ في علاقاتِهم باللهِ -عزَّ وجلَّ- وفي علاقاتِهم بالخلقِ: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ[الفتح: 29].

إذًا: ثناءُ اللهِ ـ تعالى ـ على أصحابِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- سابقٌ لوجودِهم إنه ثناؤُه في التوراةِ قبلَ أنْ يُوجَدوا قبلَ أن يُخلَقوا أثنَى اللهُ عَلَيهم في الأممِ السابقةِ، فقومٌ يُثني اللهُ عَلَيهم في الأممِ السابقةِ في كتابٍ هو أعظمُ الكتبِ بعدَ القرآنِ في التوراةِ، أيمكنُ أنْ يكونوا كما يصفُهم البعضُ بأنهم فسقةٌ بأنهم خانوا العهدَ بعدَ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- بأنهم كفروا بأنهم ارتَدُّوا بأنهم مما يوصَفُ به هؤلاِء الأكرامُ، ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ[التوبة: 100] هلْ بعدَ رضَى اللهِ -عزَّ وجلَّ- وإثباتِه في القرآنِ يأتي مَن يأتي ويغمزُ في أصحابِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- وينالُ مِنهم؟ هم ليسُوا بشرًا مَعصومين، بل هم بشرٌ كسائرِ البشرِ يخطئونَ ويُصيبون لكن هم خيرُ الناسِ كما قالَ اللهُ في القرآنِ: {كنتُم} هذا الخطابُ لمَن؟ للنبيِّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- ومَن معَه هم أولُ مَن يدخلُ في هذا الخطابِ، الذين نزلَ علَيهمُ القرآنُ ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ[آل عمران: 110] يصدِّقُ هذا ما في الصحيحَينِ مِن قولِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ-: «خيرُ الناسِ قَرني، ثم الذين يَلُونَهم، ثم الذين يَلُونَهم، ثم الذين يَلُونَهم»صحيح البخاري (2651)، وصحيح مسلم (2533) هذه الخيريةُ ثابتةٌ لهم في أعلَى قممِها وفي أعلى ذراعِها لا يعني هذا أنه بقيةُ الأمةِ لا خيرَ فيها، بل هذا للأمةِ جمعاءَ لكنَّ المرتبةَ الأولَى في الخيريةِ والأحقَّ بهذه الخيريةِ هم جميعُ الصحابةِ -رَضيَ اللهُ عَنهم- همُ الأمةُ الذين أثنَى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- عنهم وأكدَ على وجوبِ حفظِ حرمتِهم وحقِّهم فقالَ: «لا تَسُبُّوا أصْحابِي، لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ»ينهَى ويقسمُ والسببُ كلُّه قولٌ قبيحٌ في أيِّ أحدٍ مِنَ الصحابةِ -رَضيَ اللهُ عَنهم- سواءٌ على وجهِ التلفظِ، على وجهِ الاستهزاءِ، كلُّ هذا مما يدخلُ في قولِه:  «لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لو أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا» أحُدٌ هذا الجبلُ العظيمُ في شمالِ المدينةِ الممتدُّ قرابةَ ستةَ كيلو «لو أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما أدْرَكَ مُدَّ أحَدِهِمْ»صحيح البخاري (3673)، وصحيح مسلم (2540) يعني ملءُ يدِ الواحدِ منهم مِنَ الذهبِ، يعني أنت تصورْ كمْ وزنَ جبلِ أحدٍ؟ اللهُ أعلَم كمْ تستطيعُ أنْ تجمعَ مِنَ الحصَى مِلءَ اليدَينِ مِن جبلِ أحدٍ؟ ما لا نهايةَ له، ما لا يمكنُ عدُّه ولا حصرُه.

هذا الإنفاقُ الكبيرُ لا يوازي في الفضلِ نفقةَ واحدٍ مِنهم بقدرِ المُدِّ، المدُّ هو ملءُ اليدَينِ بهذهِ الصورةِ.

المقدمُ: تقصدُ لشيءٍ وقرَ في قلوبِهم؟

الشيخُ: بالتأكيدِ النفقةُ مِن حيثُ الكثرةُ ما يوجدُ مقارنةٌ بينَ أحُدٍ وبينَ يعني تصورْ جبلَ أحدٍ وجيب كومة حصى املأْ بها يدَيكَ وضعْها إزاءَ هذا الجبلِ العظيمِ هل ستعقلُ؟ لا ترَى بلْ لا ترَى في هذا الحجمِ الكبيرِ للجبلِ: «فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لو أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما أدْرَكَ مُدَّ أحَدِهِمْ، ولا نَصِيفَهُ» أو نصفَ المدِّ وهو ملءُ اليدِ الواحدةِ، نصفُ المدِّ يَأتي ملءَ يدٍ واحدةٍ.

إذًا هذه الفضيلة هل يمكن أن تحجب؟ الإجماع منعقد على أنه الصحابة لهم من الحرمة والمكانة ما يجب أن يصان يحفظ ليسوا معصومين هذا نكرره ونقره، لكن لا يجوز لأحد أن يتخلل من خلال عثرة بعض الصحابة رضي الله عنهم إلى إسقاط منزلتهم والنيل منهم والقدح فيهم، فإن ذلك إسقاط للشريعة الشريعة تسقط يا أخي من الذي نقل القرآن؟

المقدم: الرسول –صلى الله عليه وسلم-.

الشيخ: من الذي نقل القرآن عن النبي –صلى الله عليه وسلم-؟ كيف وصلنا القرآن؟ وصلنا بنقل الصحابة فإذا كانوا كفار أو فساق كيف نقبل خبرهم؟ من الذي نقل الشريعة؟ كل الشريعة في إخبارنا إخبار عن النبي –صلى الله عليه وسلم-هم أصحابه رضي الله عنهم وأحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم-بكل ما فيها من أخبار وأحكام من الذي نقلها؟ نقلها الصحابة، فإذا كانوا مطعونين في دينهم إما كفار، أو فساق فكيف تقبل هذه الشريعة؟ يعني كل أمة تمجد أصحاب نبيها إلا من أعمى الله بصريته فجعلوا أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم-محلًا للطعن هناك من يلبس على المسلمين ويجعل الانتصار لآل بيت النبي –صلى الله عليه وسلم-ذريعة وطريق ومدخل لينال من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم-.

الآل والأصحاب آل النبي –صلى الله عليه وسلم-ورضي الله عنهم وأصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم-هما عينان في رأس لا يمكن لأحد أن ينال من أحدهم نحب آل النبي –صلى الله عليه وسلم-ونحب أصحابه، فلا يمكن أن نجعل حب آل البيت ذريعة لإسقاط منزلة الصحابة وهذه من المداخل الشيطانية ومن المكر الكبار الذي سعى إليه أعداء الإسلام ليدعدعوا هذه الشريعة ويضعفوها ويخللها.

ينبغي لنا أن نعرف مكانة الصحابة ومنزلتهم وعظيم ما قاموا به رضي الله عنهم والله لولا هؤلاء الأصحاب ما بلغنا هذا النور فجزاهم الله عنا وعن الإسلام.

المقدم: الدعاء صاحب الفضيلة كان حاضرا في غزوة بدر الكبرى لو تحدثنا أيضًا عن أبرز أحداث هذه الغزوة.

الشيخ: غزوة بدر يعني سببها هو أن النبي –صلى الله عليه وسلم-لما هاجر أصحابه احتجز المشركون الموالاة المجاهرين وما تركوه خلف ظهورهم بل منعوا بعضهم من الهجرة حتى يخرج بلا شيء من المدينة فسمع النبي –صلى الله عليه وسلم-وأصحابه بقافلة للمشركين فأراد النبي –صلى الله عليه وسلم-أن يستنقذ بعض حق المؤمنين الذين أخذ حقهم فأرسل سرية تستطلع شأن هذه القافلة، فتسامعت قريش بخروج سرية فيها لها رغبة في أخذ ما في القافلة، فاستغلوها فرصة لشفاء ما في صدورهم فجاءوا بفضهم وقديدهم وكبرائهم وصناديدهم لاستئصال شأفة النبي –صلى الله عليه وسلم-وأصحابه جاءوا وهم موقنون بأنهم منصورون، جاءوا وهم لا يشك أحدكم أنهم سيعودون وقد استأصلوا وقضوا على النبي –صلى الله عليه وسلم-ومن معه لأنهم فئة قليلة وليس لهم عتاد وليس معهم قوة وقلة ذات يد في مقابل قريش في قوتها ومكانتها في الجزيرة العربية وما معها من عتاد وسلاح وما إلى ذلك من معطيات ذلك الوقت الذي غر هؤلاء وجعلهم يظنون أنهم منصورون.

فالتقوا على غير ميعاد النبي –صلى الله عليه وسلم-لم يخرج لقتال والمشركون خرجوا لقتال هذا الفارق التقوا في بدر على غير ميعاد وكان أن استشار النبي –صلى الله عليه وسلم-أصحابه في النزول فأشاروا عليه بالنزول بعد أن استشارهم أصلا في المضي في مقابلة المشركين فقال له سعد بن معاذ وسعد بن عبادة لفت بنا البحر لأنه كان يعرض بالأنصار لأن الأنصار كانوا قد عاهدوه على أنهم إذا طلب في بلده منعوه ولم يعاهدوه على أن يخرجوا معه ليقاتلوا أو يقاتلوا خارج المدينة.

فكان من الصحابة الأنصار رضي الله عنهم هذا الموقف الذي شد عضد النبي –صلى الله عليه وسلم-وأصحابه فمضى لما قدره الله –عز وجل-من ذلك اللقاء الذي وصفه الله تعالى وسماه بيوم الفرقان ﴿يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ[الأنفال: 41] الجمعان جمع المسلمين وجمع المشركين كانوا ضعفاء وقللهم الله في أعين أعدائهم ليغيرهم بالمجيء ويحفزهم على لقاء هؤلاء الفئة القليلة وقلل الله ـ تعالى ـ في أعين المؤمنين الكفار وثبت قلوبهم فكان النبي –صلى الله عليه وسلم-في جملة من يقاتل في عدد قليل من أصحابه في عتاد ضعيف في مراكب قليلة كانوا فرس أو فرسان كان الذي مع النبي –صلى الله عليه وسلم-في حين قريش كان معها ما معها من القوة، إلا أن النبي –صلى الله عليه وسلم-في هذا الموقف أظهر عظيم الافتقار إلى الله –جل وعلا-فكان –صلى الله عليه وسلم-في عريش يشرف على الموقع ويوجه في القتال وقد باشر القتال بنفسه بأبي هو وأمي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-لأنه لم يكن منعزلًا عن أصحابه، بل كان بينهم وكان في عريشه يشرف ويتضرع إلى الله –عز وجل-بكل افتقار إلى الله –جل وعلا-يرفع يديه حتى من شدة رفع يديه هكذا سقط عنه رداءه –صلى الله عليه وسلم-في طلبه لنصر الله –عز وجل-وتأييده.

وكان أبو بكر رضي الله عنه مع النبي –صلى الله عليه وسلم-قريب منه فلما رأى هذا الإلحاح وهذه المسألة الملحة على الله –جل وعلا-في تحقيق النصر اللهم إن تهلك هذه العصابة يعني هذه الجماعة أو هذه الفئة من المؤمنين لا تعبد في الأرض أبدا وهذا توسل إلى الله –عز وجل-بما يحب وهو تحقيق العبودية له جل في علاه فضمه –صلى الله عليه وسلم-وقال له في مناشدة ربك أن خفف عليك فإن الله منجزك ما وعدك من النصر والتبكير وهذا التصديق من أبي بكر رضي الله عنه والتثبيت للنبي –صلى الله عليه وسلم-يظهر أنه حتى ولو كان الإنسان موقن بالنصر ينبغي أن يظهر الافتقار إلى الله –عز وجل-وألا يستند إلى ما وعد من النصر لأنه النصر الموعود له أسباب له شروط وقد توجد موانع.

فينبغي أن يتحرى المؤمن في تحقق هذه الشروط وفي انتفاء الموانع ليفوز بعطاء الله –عز وجل-ونواله وقعت المعركة واقتتل المسلمون مع المشركين في فئة قليلة كان أول الأمر المبارزة التي ظهر فيها الفريق المسلم على المشركين فقتل علي وحمزة وعبيد بن الحارث خصومهم وأصيب الثالث رضي الله عنه فرجعوا ثم بعد ذلك التحم الصافان فكان ما كان من نصر الله وتأييده وإنزال المدد من السماء لنصرة النبي –صلى الله عليه وسلم-في تلك الوقعة المشهورة التي ذكر الله جزءًا من تفاصيلها وما صنع الله لأوليائه في سورة الأنفال.

المقدم: ما يتعلق أيضًا صاحب الفضيلة الآن هذا سؤال متكرر خصوصا في الأزمة السورية وأيضا ما يتعرض له إخواننا المسلمون في بورما هناك سؤال يعني أين نصر الله؟ هل هذا السؤال مستساغ أم نقول أين المسلمون؟

الشيخ: السؤال متى نصر الله؟ هذا الذي كان يسأله المؤمنون إذا اشتدت بهم الخطوب وتوالت عليهم القروب نصر الله لاح في الأفق في سوريا بالتأكيد، وما نشهده من توالي التقدم في صفوف الثوار والجيش الحر والمقاتلون الذين يقاتلون دون أعراضهم وأنفسهم وأموالهم، بالتأكيد أن النصر قادم يعني أنت لو قارنت الآن في رمضان هذه السنة برمضان العام الماضي تجد البوم شاسع رغم عظيم التضييق وشدة الخطب الذي ينزل بالناس والتخويف يعني أنا أمس كنت يكلمني أحد من حلب مباشرة لا طعام ولا شراب ولا كهرباء ولا ماء وقذف في كل مكان يقول: إحنا خرجنا من البيت الذي نحن فيه وانتقلنا إلى بيت آخر، لكن مع هذا نجد قذف إحدى الأخوات أيضًا تقول: أهلي كانوا في منطقة وانتقلوا منها لاجئين إلى خارج البلاد أربع أسر فيهم حوامل وفيهم يعني الناس لا يجدون مأمنا في كل الأرض كل البلد ليس هناك الآن مكان يقال أنه أمن أو أنه يأمن الناس فيه على أنفسهم بسبب هذا البطش الغاشم الذي يمارسه هذا النظام ويعاضده إيران ومن يعاضده إيران بالدرجة الأولى المباشرة لأنه هناك قتال من الحرس الثوري وهناك أسرى إيرانيين في قبضة المقاتلين المجاهدين في سوريا، بالتأكيد أنه الأمر خطير والأمر تجاوز اليوم من شق رئيس الوزراء أنا أجزم أنه لشق بشار نفسه عن القتال ستواصل إيران القتال، لأن الذي يدير المعركة هناك ليسوا فقط هذا النظام، هذا النظام آلة لتحقيق مصالح خارجية منذ زمن، والآن انكشف الوضع فلذلك هي حرب مصالح بالدرجة الأولى إيران تبحث عن قدم في كل بقعة من الأرض لتنفث سمومها وتفرق بين الناس وتحقق مصالح هي مصالحها بالتأكيد لكن أن تكون بهذه الصورة وبهذه البشاعة وبهذه الوقاحة هذا أمر لا يقبل ولا يمكن أن يرضاه أحد بأي ديانة كان وتحت أي مظلة كان ليست المسألة سنة أو شيعة كما يروج.

إيران تجعل التشيع مطية وحصان طروادة لتحقيق مصالحها القومية، لتحقيق مصالحها التي في أذهان أولئك الذين يوجهون هذه البلد وليسوا أبدا لنصر إسلام ولا لنصر تشيع أو غيره، ولذلك ينبغي أن يفهم الواقع على حاله أن يظهر على حاله حتى لا ندخل في متاهات نحن في غنى عنها.

أسأل الله –عز وجل-أن يتمم لإخواننا في سوريا النصر وأن يمكن لهم وأن يعجل لهم بالفرج وأنا أقول إخواني في سوريا ابشروا فإن النصر قريب رغم كل المعاناة رغم كل المآسي رغم كل الدماء رغم كل الآلام التي أصابتكم رغم اللاجئين الذين انتشروا واللاجئين الذين في داخل البلد ونزحوا عن بلدانهم إلا أن فرج الله قريب ﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا[الطلاق: 7].

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95326 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات91011 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف