المقدم: هنا أختنا نورا سؤالها يا شيخ يعني يحتاج وقفة جادة حقيقة هي ذكرت من أنها تحب شخصا كما تقول حاولت نسيانه والابتعاد عنه، ولم تقدر بسبب تعلقها ومحبته له تقول كلما تقدم وهنا يا شيخ الأمر خطورة تكمن هنا تقول: كلما تقدم لخطبتي شخصا أرفضه بحجة أني أخاف أن أخونه تخون من يتقدم لها مع هذا الشخص الذي هي تحبه يعني يا شيخ إلى متى وفتياتنا يغرر بهن ويخدعن بمشاعر كاذبة من هذه الذئاب البشرية وبعضهن هداها الله هي من سمحت لهؤلاء حقيقة ما توجهيكم حفظكم الله؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.
فأسال الله –عز وجل-أن يرزقني وإياكم العلم الصالح والعمل الصالح وأن يعيننا على الخيرات وأن يستعملنا في الصالحات وأن يعمر قلوبنا بما يحب ويرضى.
الحب من المشاعر التي لا يخلو منها قلب فما من قلب إلا وفيه محبة وهذه المحبة إما أن تسعد، وإما أن تشقي إما أن تبهج وإما أن تتعس، وبالتالي المرء عليه أن يبذل وسعه وجهده في أن يكون ممن إذا أحب سعد بما يحب طبعا يقول قائل الحب قد يكون شعورا غير اختياري بمعنى أن النفس تنجذب، وتميل دون اختيار من صاحبه، وهذا واقع قد تميل النفس إلى شيء دون أن يملك الإنسان تصريفًا لقلبه، أو صرفا له من شيء إلى شيء، لكن هو فيما يتعلق بميل القلب ينبغي أن يعرف أنه محاسب على ما يكون من القول والعمل، وأن ما يكون من ميل القلب الذي لا اختيار للإنسان فيه، فإنه لا إثم عليه فيه.
هذا فيما يتعلق بكل ما يمكن أن يكون مما يدخل في القلب إلا أن يركن إليه ويستدعيه ويميل إليه، فإنه عند ذلك يحاسب كالحسد مثلا إذا عرض على القلب فركن إليه الإنسان واستمد معه وتجاوب ولو كان في قلبه يأثم بهذا؛ لأنه استجاب بهذا الأمر القلبي ولو لم يعمل لأن الحسد من أعمال القلوب، ومثله الحب إذا أحب الإنسان شيئًا إذا تعلقت نفسه به فإن كان نافعًا، فهذا من الطيب ومن تيسر الله –عز وجل-للعبد وهو مما يشكر الله ـ تعالى ـ عليه فإن من نعمة الله على عبده أن يحبب إليه الصالحات كما قال –جل وعلا- ﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾[الحجرات: 7] فمن نعمة الله على العبد أن يحببه في الخير وهذا شيء يدفع الإنسان على البر والتقوى وعلى سعادة الدنيا وفوز الآخرة.
فإذا بدأ الإنسان بمحبة شيء يغضب الله –عز وجل-أو يمكن أن يوقعه فيما يهلك عند ذلك يجب ألا يستجيب لهذه المحبة وينصرف عنها بكل وسيلة تصرفه ويبعد عن كل ما يغذي هذه المحبة؛ لأن الحب في القلب هو كالشجرة إذا سقيت امتدت عروقها ونمت أغصانها وأورقت وأينعت أوراقها وثمارها، وبالتالي من المهم ألا يستجيب الإنسان لهذه العوارض والمشاعر التي تدهى القلب فتكون سببًا للزيادة، فإذا كان هذا الحب يزيده نظر فليكف بصره، يزيده سمع فليكف سمعه، يزيد تواصل فليكف التواصل، مادام أن الحب لا يوصله إلى طاعة الله –عز وجل-أو لا يوصله إلى مباح وهذا كثير تتعلق المرأة مثلا برجل وهي مزوجة على سبيل المثال.
هنا من الصعوبة أن يكون هناك التقاء في ظل أن تكون في ذمة رجل آخر، أو أن يحب الرجل امرأة ذات زوج فهنا ما في سبيل إليها، وبالتالي ليس من الرشد ولا من العقل ولا من المروءة ولا من الدين أن يستمد الإنسان مع هذه المشاعر لأنه في نهاية المطاف سيقف أمام حائط، أما أن طريق مسدود إما أن يعصي الله –عز وجل-فيهلك ويهلك، وإما أن يبقى معذبًا أو تبقى معذبة كما هو الوصف الحال الذي ذكرت الأخت ما يكون من المشاعر والحب قد يكون كما ذكرت يعني أنه ناتج عن تغرير وقد يكون ناتج عن ميل حقيقي وليس تغريرًا يعني ليس بالضرورة أن تكون المحبة ناشئة عن تغرير، لكن بالفعل هناك من تسرق أسماعهم وتأخذ ألبابهم وتأثر قلوبهم الكلمة أحبك فإذا قالها أحد أنا أحبك، أو قالت له أنا أحبك يعني كأنما قيد بقيد أو كأنما قيدت بقيد لا تستطيع الفكاك عنه.
فيكون هذا سببًا لشقاء وتعاسة ومشاعر لا يستطيع أن ينقلها من المحرم من المباح يعني ليس هناك علاج للحب إلا الالتقاء المباح الذي هو الزواج ما عداه يكون شقاء وعذاب على الطرفين فيما يتعلق بتأنيب الضمير وفيما يتعلق بحق الله –جل وعلا-وفيما يتعلق بالمآل.
وهذا نموذج من الشقاء الذي يجنيه من سلك هذا الطريق بإقامة مشاعر وعلاقات خارج إطار المباح، أما هي الآن يتقدم لها أناس فلا تستطيع أن ترتبط، لأنها تخاف من أن ترتبط بشخص وقلبه عند آخر هذه المخاوف مبررة يعني مقنعة أن تخاف هذا الخوف، لكن هذا لا يعني أن تستسلم هذه مشكلة تحتاج إلى حل هي إذا لم تستطع الاقتران بهذا الذي تحبه، فعليها أن تنصرف عنه وتعده مات وانتهى الموضوع.
كما كتب عمر بن الخطاب لأبى موسى لما راجعه في كاتب نصراني أراد أن يوليه أمر الكتابة فنهاه ثم عاد مرة ثانية موسى يسأل عمر أن يأذن له بتوليته فقال: النصراني مات هذا حسم يعني أنت افرض إن هذا غير موجود ماذا سيكون؟ فنقول أختي افرضي أنه مات ستبكين عليه أسبوع، أسبوعين، شهر، طيب وبعدين ستسلى وترتبط الآن أزواج بينهم قمة السعادة والارتباط لسنوات مديدة وأولاد إذا مات الزوج يعني حزنت عليه مدة وهو إذا ماتت زوجته حزنت عليه مدة وهو أيضًا إذا ماتت زوجته حزن عليها مدة، لكن بعد ذلك ما هناك ما يمنع أن تبتدأ مشورًا آخر أو أن يبتدأ مشورًا آخر، وبالتالي أن تفترض هذا الافتراض هو حل ومعالجة وأقبح التعلق عندما يكون تعلق بوهم وهو التعلق بالصورة لأنه كثير من الناس تدهشهم الصور فيرى منظرًا حسنًا الرجل يرى امرأة حسناء أو المرأة ترى رجلًا جميلًا أو وسيمًا وتتعلق به وتبقى ويبقى هو في هذه الصورة الحقيقة أن الصور لا تعكس النفوس كم من ذي صورة جميلة وكم من ذي صورة حسناء أو كم من ذات صورة حسناء، لكن لا توقن تجلس معه أو معها ولو للحظات بسبب إن هناك تنافر في الأرواح هناك عدم انسجام في الطباع هناك نفرة في السلوك والأخلاق وهذا حاصل وكثير.
وبالتالي أنا أقول يعني الذي يتعلق بمثل هذا النوع من التعليق ينبغي أن يفرض كل سبب يبعده عمن تعلق به لأجل أن يعيش حياته الآن هذه عايشه عذاب لا قادرة تتزوج ولا هي قادرة تشوف حياتها وتهنئ ولا هي قادرة ترتبط بهذا الذي تحب يعني كل الطرق موصده ومغلقة.
إذًا هي ستعيش في دائرة من الهم والحزن والضيق لابد لها فيه من مخرج مخرجها هي أن ترفع يديها إلى الله –عز وجل-تقول: يا الله يا حي يا قيوم يا من بيديه قلوب العباد اصرف عن قلبي كل ما يضره وانزع حب هذا الذي ضرني حبه بقدرتك يا عزيز يا حكيم او يا عظيم يا جليل وغير ذلك يا ذا الجلال والإكرام أو يا حي يا قيوم أو يا من يحول بين المرء وقلبه يتوسل إلى الله أو تتوسل إلى الله بهذا.
وأنا أجزم إنه من صدق مع الله –عز وجل-فسيجعل الله –عز وجل-له فرجًا ومخرجًا الاستسلام لمثل هذه المشاعر من رجل أو امرأة هو هلاك وتعاسة وشقاء والذي نسمعه ونشاهده وقرأناه في كتب الآداب المأثور عن أحوال العشاق والمحبين شيء مزعج ومزري يعني يقول: يا ربي سلمنا وعافانا من هذه الحال التي يشقى بها الإنسان يحب ليسعد لا يحب ليشقى فمن كان حبه شقاء فليتخلص منه، وليستعد عنه بحب يسعده ويشرح صدره.
نسأل الله –عز وجل-أن يطهر قلوبنا بكل ما يرضيها وأن يعمرها بكل ما يسعدها، وأن يجعلنا وإياكم من أوليائه وأحبابه.
المقدم: اللهم أمين أحسن الله إليكم يا شيخ.