×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / العقيدة / القواعد المثلى / الدرس (3)القاعدة الثانية أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:4389

الحمد لله رب العالمين، أحمده جل في علاه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين أما بعد.

فكنا في المجلس السابق قد قرأنا فرغنا من المقدمة التي قدم بها الشيخ شيخنا محمد بن عثيمين –رحمه الله-هذا الكتاب وهذه الرسالة المباركة القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، وقرأنا القاعدة الأولى أيضًا وهو القسم الثاني من أقسام هذا الكتاب وهو ما يتصل بالقواعد قواعد في أسماء الله تعالى.

وكانت القاعدة الأولى هي القاعدة الكلية التي يبنى عليها هذا الباب، وهي أن أسماء الله ـ تعالى ـ جميعها حسنى لا يستثنى من ذلك شيء، وقلنا إن الحسن في أسماء الله ـ تعالى ـ هو بالنظر إلى ألفاظها، وبالنظر إلى معانيها، وبالنظر إلى سماعها وآثارها فهي حسنى من كل وجه.

المؤلف –رحمه الله-ذكر في معنى الحسنى أنها لا تحتمل نقصًا بوجه من الوجوه أو في تعليل أنها حسنى، قال: لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، ثم قال: لا احتمالًا ولا تقديرًا وبينا. معنى هذا الكلام الاحتمال ما يستفاد من اللفظ والتقدير ما يفرضه الذهن هذا الفرق بين الاحتمال والتقدير، الاحتمالات هي ما تفيدها الألفاظ، وأما التقديرات فهي ما تقترحها الأذهان هذا الفرق بينهما.

بعد هذا الذي قرره المؤلف –رحمه الله- من أن أسماء الله ـ تعالى ـ جميعها حسنى، ذكر –رحمه الله- جملة من الأمثلة يصدق بها هذه القاعدة، وذكر في ذلك ثلاثة أمثلة:

المثال الأول: الحي، المثال الثاني: العليم، المثال الثالث: الرحمن.

وفي تمثيله –رحمه الله- زاد فائدة في بيان معنى الحسن سنأتي عليها في بيان معنى الحسنى، سيأتي عليها في أثناء قراءتنا.

المثال الأول يقول –رحمه الله-: مثال ذلك الحي اسم من أسماء الله ـ تعالى ـ متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها، هذا هو المثال الأول، هذا المثال الذي ذكره المؤلف –رحمه الله- بين فيه انطباق هذه القاعدة على هذا الاسم من أسماء الله ـ تعالى ـ وهو اسم مجمع عليه، دل عليه كتاب الله ـ تعالى ـ وسنة النبي –صلى الله عليه وسلم-وإجماع علماء الأمة، فالحي اسم من أسماء الله ـ تعالى ـ ومثل به لكونه من أجمع الأسماء دلالة على الكمال، فهو يندرج تحت الأسماء الحسنى بلفظه وبمعناه.

فالحي من حيث اللفظ اسم حسن جميل، فالحياة اسم ترغبه النفوس وتحبه، ومن حيث الدلالة معناه كامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه، ولذلك أثبت الله لنفسه الحياة، وأثبتها على وجه لا نقص فيه فقال: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ[البقرة: 255] فله الحياة كمالها، ولأجل ذا ما للممات عليه غشيان، فحياته لا نقص فيها بوجه من الوجوه.

هذا مثال تنطبق عليه القاعدة، ويندرج في القاعدة الأولى التي ذكرها المؤلف –رحمه الله-ونحن لسنا بشأن الكلام عن معنى الحي وما يتصل بهذا لو أردنا الدخول في مثل هذه التفريعات والاستطرادات ما قوينا هذه الرسالة، وإنما المقصود ما يتصل بالقاعدة لماذا ذكر الحي؟ لأنه ينطبق عليه الضابط الذي ذكره في القاعدة وهو أن جميع أسماء الله ـ تعالى ـ الحسنى في ألفاظها، حسنى في معانيها.

ومثال آخر قال: العليم اسم من أسماء الله ـ تعالى ـ متضمن للعلم الكامل، الذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان، لا يضل ربي ولا ينسى، فالله –جل وعلا- علمه كامل من كل وجه، والعلم من أكمل الصفات سعة في تعلقها فهي تتعلق من حيث الزمان بالماضي وبالحاضر وبالمستقبل، وتتعلق من حيث الوجود بالموجود وبالمعدوم وبالممتنع، وهذا ما يشار إليه بقولهم بما لم يكن لو كان كيف كان يكون، كل هذا مما يتعلق به العلم، ولهذا أخبر الله في كتابه على لسان نبيين من أنبيائه بسعة العلم فقال إبراهيم ـ عليه السلام ـ: ﴿وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ[الأنعام: 80]، وقال صالح: ﴿وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا[الأعراف: 89]، وقال الملائكة: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا[غافر: 7].

فالعلم من أوسع صفات الله ـ تعالى ـ تعلقًا يقول المؤلف –رحمه الله-: علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى يقول العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلًا، وسواء ما يتعلق بأفعاله وأفعال خلقه قال الله ـ تعالى ـ: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[الأنعام: 59]، وقوله: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[هود: 6]، ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ[التغابن: 4]، كل هذه الآيات تبين أن الأسماء الحسنى واسم العليم على وجه الخصوص والمثال يثبت به لله ـ تعالى ـ كمال اللفظ وكمال المعنى، فإن هذه الآيات دلت على عظيم ما تضمنه هذا الاسم من المعاني.

المثال الثالث الذي ذكره المؤلف: (الرحمن) وهو أيضًا من الأسماء الشريفة الكاملة التي سمى الله ـ تعالى ـ بها نفسه، يقول –رحمه الله-: الرحمن اسم من أسماء الله ـ تعالى ـ متضمن للرحمة الكاملة التي قال عنها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "لله أرحم من عبده من هذه بولدها"أخرجه البخاري (5999)، ومسلم (2754) ، يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته، هذا الاسم اسم من أسماء الله ـ تعالى ـ وهو مندرج تحت القاعدة.

وقول المؤلف –رحمه الله-: (للرحمة الكاملة) يعني التامة التي لا رحمة فوقها، واستدل لذلك بمقارنة هذه الرحمة على وجه التقريب، وإلا تعالى الله عن أن يكون له نظير أو أن يكون له مثيل، إنما لتقريب عظيم رحمة الله تعالى إلى الأذهان برحمة الأم لولدها.

فهذا الخبر الذي ذكره المؤلف –رحمه الله-هو في البخاري ومسلم من حديث زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن امرأة في السبي قد تحلب ثديها طفقت ترقد تبحث عن صبي حتى إذا وجدت صبيًا ألصقته بصدرها، فجعلت ترضعه فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-لأصحابه وهم ينظرون هذا المشهد أترون أن هذه طارحة ولدها في النار؟ قالوا: لا يا رسول الله وهي تقدر على ألا تفعل، يعني لا يمكن أن تلقي ولدها في النار وهي قادرة على ألا تفعل، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها".أخرجه البخاري (5999)، ومسلم (2754) وهذا من باب تقريب الأمر غائب بالأمر المشاهد، تقريب أمر غائب وهو عظيم رحمة الله تعالى لا تدرك حقيقتها وغايتها ونهايتها، لكن قرب هذا بأمر مشاهد وهذا من الوسائل التي يستعملها المعلمون وهو في الكتاب والسنة لاعتبار الغائب بالحاضر، اعتبار الأمر الذي لا يشاهد بأمر مشاهد حاضر.

يقول –رحمه الله-: ومتضمن أيضًا للرحمة الواسعة التي قال عنها: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[الأعراف: 156] وقال في دعاء الملائكة للمؤمنين ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا[غافر: 7].

هذه أمثلة ثلاثة هل هذا التمثيل حاصل؟

الجواب: لا، إنما هو تقريب وتبصير وإبراز انطباق هذه القاعدة على بعض أسماء الله –جل وعلا-وإلا فأسماء الله كلها بلا استثناء كلها على هذا النحو من أنها حسنى، لا شك أن الأسماء ليست في درجة واحدة من حيث عظيم ما تدل عليه من الكمال في صفات الرب –جل وعلا-إنما هي مشتركة في كونها حسنى، لكن الحسن الذي فيها متفاوت، ولهذا كان هناك الاسم الأعظم، وهناك غيره والأسماء ليست على درجة واحدة، فمثلًا الحي دلالته على الكمال أعظم من دلالة العليم، العليم دلالته على سعة التعلق أعظم من دلالة السميع لأن العلم يكون بالسمع ويكون بالبصر ويكون بإدراكات أخرى، إنما السمع يتعلق بالسماع وإدراكات الأصوات، هذا من حيث الصفات وذاتها، فدلالاتها ليست على درجة واحدة في الكمال، إنما هي متفاوتة وفيما يتصل بصفات الله ـ تعالى ـ صفات الله كلها حسنى لكن هل يلزم من كونها حسنى في جميع ما ذكره الله من الأسماء والصفات هل يلزم من هذا أن تكون مستوية في الحسن؟

الجواب لا، بل هي متفاضله متفاوتة.

يقول –رحمه الله-: والحسن في أسماء الله ـ تعالى ـ يكون باعتبار كل اسم على انفراده، هذا بيان لوجه آخر من أوجه الحسن في أسماء الله ـ تعالى ـ أسماء الله حسنى على وجه الانفراد ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[الحشر: 22] كل اسم من هذه الأسماء يدل على كمال وينطبق في كونه من الأسماء الحسنى، ويندرج تحت كونه من الأسماء الحسنى على الانفراد، لكن هناك حسن زائد على هذا الحسن، وهو باعتبار الاقتران.

ولهذا يقول المؤلف: والحسن في أسماء الله ـ تعالى ـ يكون على اعتبار كل اسم على انفراده، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، ويكون باعتبار جمعه إلى غيره، يكون هناك حسن زائد فيما إذا اجتمع مع معنى آخر، فيكون حسن مضاف إلى حسن الانفراد، وهذا ما أشار إليه بقوله: ويكون باعتبار جمعه إلى غيره فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال، فهو لا يوازى ولا يقارن.

مثل لذلك بمثال قال: العزيز الحكيم، العزيز يدل على العزة والغلبة والامتناع والكمال، والحكيم يدل على الحكمة والحكم في الفعل وفي القدر والشرع هذا ما يدل عليه هذان الاسمان على وجه الانفراد، لما يجتمعان ويقترنان يدلان على معنى زائد على مجرد الكمال الذي يفيده كل واحد من هذين الاسمين على وجه الانفراد.

يقول المؤلف –رحمه الله-: العزيز الحكيم، فإن الله ـ تعالى ـ يجمع بينهما في القرآن كثيرًا، فيكون كل منهما دال على الكمال الخاص الذي يقتضيه أي الكمال الذي يفيد الانفراد، وهو العزة في العزيز، والحكم والحكمة في الحكيم.

يقول: والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته ـ تعالى ـ مقرونة بالحكمة، فعزته وهي علوه وارتفاعه وامتناعه عن أن يناله سوء ـ جل في علاه ـ لا تقتضي ظلمًا وجورًا وسوء فعلًا كما يكون من أعزاء المخلوقين.

يقول –رحمه الله-: فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم هذا مما تنزه عنه ـ جل في علاه ـ فيظلم ويجور ويسيء التصرف، وكذلك حكمه ـ تعالى ـ وحكمته مقرونان بالعز الكمال بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل، فلا يمضيان بخلاف حكم الله وحكمته، فإنهما ماضيان لا مانع لهما لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه.

إذًا هذا حسن هذا مما يدخل في كون الأسماء حسنًا، أنها تفيد الحسنى فيما إذا اقترنت، ومن ذلك الرحمن الرحيم فإن دلالة هذين الاسمين على الرحمة في كل منهما على وجه الانفراد دلالة واضحة وبينة، وهي من الأسماء الحسنى، اقترانهما يدل على كمال هذه الرحمة، وأنها رحمة لا توازيها ولا تقاربها ولا تماثلها رحمة من الرحمات المعروفة هذا ما يتصل بالأمثلة التي ذكرها المؤلف –رحمه الله-في القاعدة الأولى، وهي قاعدة أن الأسماء كلها حسنى، وهي أم قواعد هذا الباب، ولذلك بدأ بها المؤلف –رحمه الله-.

القاعدة الثانية.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه وبعد.

قال المصنف –رحمه الله-وغفر له ولشيخنا وللحاضرين.

 

القاعدة الثانية: أسماء الله ـ تعالى ـ أعلام وأوصاف

أعلام باعتبار دلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وهي بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله -عز وجل- وبالاعتبار الثاني متباينة لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص فـ "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيمكلها أسماء لمسمى واحد، وهو الله ـ سبحانه وتعالى ـ لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا. وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف، لدلالة القرآن عليه. كما في قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾سورة [يونس: 107] وقوله: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَة[الكهف، 58] فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن له علم، ولا سميع إلا لمن له سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر، وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل.

هذه مقدمة القاعدة الثانية وهي أن أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف هذه القاعدة، أي أنها أسماء أعلام جمع علم والعلم هو الاسم وأوصاف جمع وصف وتقدم بيان معناه الصفة، أسماء الله ـ تعالى ـ أعلام من جهة وأوصاف من جهة أعلام أي أنه يسمى بها الله ـ تعالى ـ فهي أسمائه التي يعرف بها، فالعلم هو الاسم الذي يعرف به الشيء، فأسماء الله أعلام يعرف بها، فإذا قيل الله لا ينصرف الذهن إلا إلى رب العالمين، إذا قيل الرحمن لا ينصرف الذهن إلا إلى من له الأمر ـ جل في علاه ـ وهلم جر في كل سائر أسماء الله ـ تعالى ـ هي أعلام بالنظر إلى كونها تدل على الله –سبحانه وبحمده- فهي أسماء تطلق عليه جل في علاه.

أما الجانب الثاني فهي أيضًا أسماء لكنها أسماء تتضمن معاني، بخلاف أكثر الخلق فإن كثيرًا من الخلق أسمائهم لا صلة لها بمعاني تلك الأسماء، فيسمى صالح وهو من أفسد الناس، ويسمى خالد وهو لا يخلد، ويسمى عبد الله وهو عاص لله ـ جل في علاه ـ ويسمى سالم وهو مريض، وقوي وهو ضعيف وهلم جر يعني ليس هناك تلازم بين الاسم والمعنى في أسماء المخلوقين، أسماء الله ـ تعالى ـ أعلام باعتبار دلالتها على الله على الذات، فهي كلها تدل على رب العالمين، لكنها أيضًا أوصاف فهي مضمنة لمعاني.

ولهذا يقول ابن القيم –رحمه الله-: أسمائه أوصاف مدح كلها فهي أسماء متضمنة لمدائح وهذا يشير إلى المعنى، ولذلك قال مشتق قدح لمعاني أسمائه أو أوصافه مدح كلها مشتقة قد حملت لمعاني، فلهذا أسمائه ـ جل في علاه ـ تتضمن كمال المعنى، وهذا ما تقدم قبل قليل في بيان معنى كون أسماء الله ـ تعالى ـ حسنى، أنها حسنى في ألفاظها حسنى في معانيها، فهي أسماء تتضمن الدلالة على الله ؛ لأنها أعلام وتتضمن الدلالة على ما تضمنته من المعاني ؛ لأنها حسنى، فهي تدل على المعنى الحسن الكامل.

يقول: أعلام باعتبار دلالتها على الذات يعني على الله، فلما تقول يا رحمن من تقصد؟ الله كل هذه الأسماء لا تقصد بها إلا الله ـ جل في علاه ـ وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني التي تضمنتها قال: وهي بالاعتبار الأول الآن عندنا الأسماء أعلام وأوصاف هل هي مترادفة أم أنها متباينة مترادفة يعني لا تختلف في دلالتها ترادف يتعلق بالمعاني في الغالب، الترادف والتباين يتعلق بالمعاني لما أقول كريم باذل محسن هذه ألفاظ هي في دلالتها تدل على العطاء كريم، باذل، محسن، كلها تدل على العطاء هل هي متباينة أم أنها تجتمع متباينة تدل دلالات مختلفة أم أنها تدل دلالة واحدة؟

أسماء الله ـ تعالى ـ يقول الله في كتابه: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ[الحشر: 22-23] هذه الأسماء هل هي مترادفة أو متباينة؟ هي مترادفة من وجه، ومتباينة من وجه.

ولذلك لا يطلق الترادف ولا التباين مطلقًا، إنما يفصل الجواب فيه تفصيل، فهي باعتبار دلالاتها على الرب على الذات على الله الرحمن هو الرحيم، الملك هو القدوس، العزيز هو الجبار، فهي في دلالاتها على الله مترادفة، لكن بالنظر إلى ما أفادته من المعاني هي متباينة، العزيز غير الرحمن، القدوس غير الملك، فهي باعتبار دلالاتها على الذات مترادفة، وباعتبار دلالاتها على المعاني متباينة.

ومعنى التباين أنها تفيد معاني مختلفة هذا معنى التباين، أنها تفيد معاني مختلفة.

يقول –رحمه الله-: وهي باعتبار الأول مترادفة لدلالاتها على مسمى واحد وهو الله –عز وجل- وبالاعتبار الثاني متباينة لدلالة كل واحد منها على معناه الخاص، فالحي العليم القدير السميع البصير الرحمن الرحيم العزيز الحكيم هذه أسماء يقول كلها أسماء لمسمى واحد، فهي أسماء لله ـ جل في علاه ـ ولله الأسماء الحسنى في دلالاتها عليه ـ جل في علاه ـ وهو الله –سبحانه وتعالى- لكن المعنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير وهكذا.

بعد ذلك يعود المؤلف يقول: وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف هذا الاستدلال للقاعدة، لدلالة القرآن عليه.

إذًا هذا دليل هذه القاعدة، وانظر إلى القاعدة الأولى ذكر دليلها بعد أن قررها لأن القواعد لا بد أن تستند إلى أصول وإلى أدلة، فالقاعدة الأولى استدل لها بقوله ولله الأسماء الحسنى.

القاعدة الثانية استدل لها بقوله يقول كما لدلالة القرآن عليه كما في قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[يونس: 107]، وقوله: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ[الكهف: 58] هذا دليل.

وجه الدلالة يعني كيف استدل بهاتين الآيتين على أن الأسماء أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف؟ وأنها تدل دلالة واحدة من حيث دلالته على الله وعلى الذات، ودلالات من حيث دلالاته على المعاني التي تضمنتها يقول: فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة، فلما ذكر الاسم وذكر شيئًا من أحكام الاسم دل ذلك على أنه اسم يقصد معناه وليس اسمًا لا ينظر فيه إلى المعاني، يعني الرحمن الرحيم اسمان لكن لما قال وربك الغفور ذو بمعنى صاحب ذو الرحمة دل هذا على أن الرحيم في قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[يونس: 107] أنه اسم ينظر فيه إلى المعنى، فهي أعلام وهي أيضًا أوصاف وليست أعلامًا مجردة الشخص يمكن أن يسمى بأسماء كثيرة، فيسمى زيد وبكر وعمرو شخص واحد يمكن أن يسمى بأسماء متعددة، لكن هذه الأسماء قد لا ينطبق معنى واحد منها عليه.

أما فيما يتعلق بأسماء الله ـ تعالى ـ فأسمائه كلها مضمنة لمعاني، فكل اسم يدل على معنى، فهي أعلام وأوصاف، يقول المصنف فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة هذا الدليل الأول.

الدليل الثاني من اللغة ومن اللسان قال: ولإجماع أهل اللغة والعرب أنه لا يقال عليم إلا لمن له علم، ولا سميع إلا لمن له سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر، وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل في وضوحه والاستدلال له.

إذًا الآن تكررت القاعدة ما هي القاعدة؟

أسماء الله أعلام وأوصاف، وهي باعتبار دلالاتها مترادفة في دلالتها على الذات، ومتباينة في دلالاتها على المعاني والصفات.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93876 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89754 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف