يفصل المؤلف بعد هذا التقرير للقاعدة يقول: وبهذا علم.
وبهذا علم ضلال من سلبوا أسماء الله ـ تعالى ـ معانيها من أهل التعطيل وقالوا: إن الله ـ تعالى ـ سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة وهكذا وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء. وهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع-السمع هو القرآن والسنة، وسيمر بك هذا التعبير كثيراً فانتبه له-والعقل على بطلانها.
الآن بعد أن قرر عقيدة للسنة والجماعة والأدلة عليها، أشار إلى ضلال من ضل في هذا الباب وقال: وبهذا علم ضلال من سلبوا أسماء الله ـ تعالى ـ معانيها من أهل التعطيل فقالوا: إن الله سميع بلا سمع.
أهل التعطيل هم الذين حرفوا أسماء الله ـ تعالى ـ وضلوا فيما أخبر الله به عن نفسه، وسموا بأهل التعطيل لأنهم أخلوا الله –جل وعلا-عما وصف به نفسه، إما كليًا وإما جزئيًا، فالتعطيل نوعان؛ إما تعطيل جزئي، وإما تعطيل كلي.
التعطيل الجزئي الذين عطلوا بعض الصفات أو بعض ما يتصل بالله تعالى.
والتعطيل الكلي هم الذين كل ما وصف الله ـ تعالى ـ به نفسه.
والتعطيل درجات ليس على درجة واحدة، منه ما هو غالي شديد كتعطيل الجهمية الذين عطلوا الله عن كل اسم ووصف، فلا يسمونه باسم ولا بوصف ولا يصفونه بوصف، ومنهم ما هو دون ذلك تعطيل المعتزلة الذين عطلوا الله عن صفاته وأثبتوا الأسماء دون الصفات، ومنهم ما هو دون ذلك كتعطيل مثبتة الصفات من الأشاعرة والماتردية والكلابية ونحوهم الذين أثبتوا جملة من الصفات، ونفوا جملة من الصفات، فأثبتوا ونفوا، هذه هي درجات التعطيل عندما يطلق اسم المعطلة، فهم على درجات وأحكام مختلفة.
يقول المؤلف –رحمه الله-: وبهذا علم ضلال من سلبوا أسماء الله ـ تعالى ـ معانيها من أهل التعطيل، وقالوا: إن الله سميع بلا سمع، وهذا قول المعتزلة الذين يثبتون الأسماء دون الصفات، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة وهكذا يقول: وعللوا ذلك أي جعلوا علة هذا السلب لأسماء الله وصفاته بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء هذه هي العلة التي اعتل بها من عطل الله عن صفاته ما معنى تعدد القدماء؟
أولًا القديم هو الذي لا أول له عند المتكلمين يطلقون وصف القديم ويريدون به المتقدم على غيره الذي لا أول له، فيقولون: إذا أثبتنا الصفات فإن هذا يستلزم تعدد القدماء والقديم واحد ليس متعددًا.
يقال لهم: كيف تقولون إن إثبات الصفات يستلزم تعدد القدماء؟
قالوا: إذا أثبتنا السمع والبصر والعلم والحكمة هذه الصفات تدل على العلم وعلى السمع العليم والسميع والبصير والحكيم يدل على السمع والعلم والبصر والحكمة معنى هذا أنه القديم ليس واحدا الذي هو الله، إنما هو قديم بصفاته والصفات متعددة، فيكون القدماء متعددون هذه شبهة عقلية، شبهة ألقاها الشيطان في قلوبهم ليصرفهم عن إثبات الكمالات لله تعالى.
يقول الشيخ –رحمه الله-: وعللوا ذلك أي عللوا تعطيل الصفات وإثبات أسماء مجردة عن المعاني، عللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء والقديم لا يكون إلا واحدا، وهذا متفق عليه لا يكون قديم إلا واحد هو الأول الذي ليس قبله شيء –سبحانه وبحمده-فإذا أثبتنا هذه الصفات، فيكون معه غيره فلا يكون قديمًا منفردًا هكذا يقولون.
يقول: هذه العلة عليلة أي مريضة، بل ميتة يعني لا حراك فيها ولا قوة، فالموت يطلق في مقابل ما لا قوة له ولا حراك قال: لدلالة السمع والعقل على بطلانها، المقصود بالسمع ما ثبت من الأدلة بالسمع وهي الأدلة النقلية الكتاب والسنة وأيضًا الإجماع، فيدخله بعضهم في السمع لأنه سماعي، ويقابله في الدلالة العقل وهو ما يسمى بالنظر وهي الأدلة العقلية.
فهذه الشبهة التي ذكروها يردها السمع ويردها العقل، يردها النقل والعقل، أما السمع يقول: فلأن الله ـ تعالى ـ وصف نفسه بأوصاف كثيرة مع أنه الواحد الأحد قال ـ تعالى ـ: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ* إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ* وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ* ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِمَا يُرِيد﴾[البروج: 12-16] وذكر الآية الثانية وقال ـ تعالى ـ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى﴾[الأعلى: 1-2] إلى آخر ما ذكر.
قال: ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد، ولم يلتزم من ثبوتها أو ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء لماذا؟ لأن الصفات لا تفارق الموصوف في العد والحساب.
لما تقول: جاء زيد، زارني زيد الكريم العليم الكبير الوجيه كم الذين زاروك؟ واحد بصفاته فأين تعدد القدماء؟ وهذا هو الدليل الثاني ذكر في كتابه أوصاف وهو –جل وعلا-الذي يقول: ﴿أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾[فصلت: 6] جل في علاه، فليس من لازم ذكر الصفات للشيء أن يكون متعددًا لأن التعدد هنا لا في الذات، إنما في الصفات وتعدد الصفات لا إشكال فيه لا يلزم منه تعدد الذات.
يقول: أما العقل فلأن الصفات ليست ذوات بائنة، بل هي أعراض تقوم بالموصوف، قال: ليست ذوات بائنة من الموصوف حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف بها، فهي قائمة به وكل موجود فلا بد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود يكفي صفة الوجود، وكونه واجب الوجود أو ممكن الوجود وكونه عينًا قائمًا بنفسه أو وصفًا في غيره، كل هذه الصفات تتصف بها الآيات.
خلاصة القول إنه لازم قولكم أنه لا نثبت له صفة ؛ لأن الصفات تستلزم التعدد أننا لا نصفه بأنه واجب الوجود، واجب الوجود هذا وصف يطلقه المتكلمون على الله ـ جل في علاه ـ لأن الوجود عندهم ينقسم إلى ثلاثة أقسام؛
واجب، وهو لا بد من وجوده.
وممكن وهو قد يوجد، وقد لا يوجد مثل: وجودنا نحن وجودنا ممكن، كل المخلوقات وجودها ممكن قد توجد وقد لا توجد.
القسم الثالث: ممتنع الوجود لا يمكن وجوده، كوجود خالق غير الله –جل وعلا-كوجود إله غير الله جل في علاه.
فهم يقسمون الوجود إلى ثلاثة أقسام، ويصفون الله بأنه واجب الوجود هذه صفة أم ليست صفة؟ صفة.
إذًا يستلزم من إثباتك وأنه واجب الوجود تعدد القدماء، وبالتالي تسقط حجتهم.
إذًا من لازم قولكم ألا تصفوا بأنه واجب الوجود، ولا بأنه موجود لأن إثبات الصفات على قولهم يستلزم تعدد الذات وتعدد القدماء.
فالشيخ يقول –رحمه الله-هنا يقول في الرد على هذا وأما العقل فلأن الصفات ليست ذوات بائنة عن الموصوف حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف بها فهي قائمة به وكل موجود فلا بد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود وكونه واجب الوجود إلى آخر ما ذكر.
يقول: وبهذا أيضًا علم انتهت قضية الرد على شبهة من أبطل ثبوت معاني للأوصاف بحجة أن إثبات الصفات يستلزم تعدد القدماء، رد عليها بالنقل وبالعقل، ورد مقتضب مختصر لم يفصل فيه الشيخ لأنه ليس المقام مقام تفصيل، إنما هذا ذكره على وجه الاستطراد تحت هذه القاعدة، لأنه ذكر فيها أن أسماء الله ـ تعالى ـ أعلام وأوصاف بعد هذا انتقل المؤلف لبيان ما يتصل باسم الدهر، ورده استنادًا إلى هذه القاعدة.
يقول –رحمه الله-: وبهذا أيضًا علم أن الدهر ليس من أسماء الله، علم بهذا الإنشاء المشار إليه بما تقدم من القاعدة بهذه القاعدة أن أسماء الله ـ تعالى ـ أعلام وأوصاف، علم أيضًا أن الدهر ليس من أسماء الله ـ تعالى ـ لماذا؟ قال: لأنه اسم جامد ومعنى اسم جامد يعني لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، فهو من الأسماء الجامدة وأسماء الله حسنى، ومن لوازم كونها حسنى أن تدل على معاني كاملة وهذا الاسم لا معنى له، الدهر لا يدل على معنى فهو من الأسماء الجامدة، والقاعدة التي نحن ندرسها الآن أن أسماء الله تدل دلالتين ما هما يا إخوان؟
دلالة أعلام وأوصاف تتضمن أعلامًا وأوصافًا، هنا علم الدهر علم فليس فيه وصف، ليس في الدهر وصف فلذلك ليست من أسماء الله ـ تعالى ـ الدهر ليس من أسماء الله تعالى.
يقول المؤلف –رحمه الله-: وبهذا أيضًا علم أن الدهر ليس من أسماء الله ـ تعالى ـ لماذا؟ لأنه اسم جامد ما معنى الجامد؟ لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، الجامد هو الذي لا معنى فيه.
قال: ولأنه اسم للوقت والزمان هذا تعريف الدهر، الدهر اسم للوقت والزمان قال الله ـ تعالى ـ عن منكر البعث ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾[الجاثية: 24] ما هو الدهر؟ الأيام والليالي يريدون بذلك مرور الليالي والأيام، فإما قوله تعالى ما الجواب؟ إذا كان هذا كما ذكرت ما الجواب عن قوله –صلى الله عليه وسلم-: «يُؤْذيني ابنُ آدمَ، يسبُّ الدهرَ وأنا الدهرُ بيَدي الأمرُ أقلبُ الليلَ والنهارَ»أخرجه البخاري (7491)، ومسلم (2246) هذا الحديث في الصحيحين من طرق عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وهو في مسلم من طريق هشام بن حسان أنه قال –صلى الله عليه وسلم-: «فإن الله هو الدهر» أخرجه البخاري (7491)، ومسلم (2246).
بماذا نجيب على هذا؟ الآن هل هذا خبر عن اسم من أسماء الله ـ تعالى ـ قوله: فأنا الدهر هل هذا خبر؟ وأبلغ منه فإن الله هو الدهر هل هذا اسم؟
يقول المؤلف –رحمه الله-: فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله ـ تعالى ـ وذلك أن الذين يسبون الدهر إنما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث، لا يريدون الله ـ تعالى ـ فيكون معنى قوله "وأنا الدهر" ما فسره بقوله "بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"، فهو ـ سبحانه ـ خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلِّب بكسر اللام هو المقلَّب (بفتحها) يعني النهار والليل، وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مرادا به الله تعالى.
فيكون هذا من باب إطلاق الشيء على فاعله، فالله ـ تعالى ـ أطلق على نفسه الدهر لا على وجه التسمية، لكن لكونه الذي يقلب الليل والنهار، ولهذا جاء في الحديث بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، وهذه عطف بيان قوله بيدي الأمر هي عطف بيان على الدهر بين فيها الله –جل وعلا-المعنى والمقصود.
بعض العلماء يقول: وأنا الدهر بالنصب ليخرج من هذا الإشكال، من إشكال أنه خبر يفيد أنه اسم من أسماء الله ـ تعالى ـ لكن هذا الهروب غير نافع لماذا؟ هو قد تحتمله اللغة على ضعف، لكن لرواية هشام بن حسان في مسلم "إن الله هو الدهر" صحيح مسلم(2246) ما فيها حل، ما يمكن، فلهذا كانت الرواية الثانية رادة لهذا التأويل وهو نصب الدهر على الظرفية، ويكون الجواب هو ما ذكره الشيخ –رحمه الله-من أن المعنى والسياق يدل على المقصود، وأن قوله –جل وعلا-: "أنا الدهر" أي أنا الذي أصرفه وأنا الذي أقلبه فمن سب الدهر فقد سبني وهذا من فقه وفهم مقاصد كلام الله وكلام رسوله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-هذا ما يتصل بهذه القاعدة ذكر فيها القاعدة ودليلها ورد على من يخالف هذه القاعدة ثم ذكر تطبيقًا للقاعدة في رد تسمية الله ـ تعالى ـ بالدهر، وعدم إطلاق الدهر على الله ـ تعالى ـ حكى بعض أهل العلم الإجماع على أنه لا يسمى هذا الاسم، أن الدهر ليس من أسماء الله ـ تعالى ـ لكن هذا الاسم الصحيح، فالإجماع غير محفوظ، فقد ذهب بعض أهل العلم ومنهم ابن حزم إلى أن يسأل إلى تسمية الله ـ تعالى ـ بالدهر، وأن من أسمائه الدهر، لكن هذا خلاف ما عليه عامة وجمهور علماء الأمة وهو الذي يقتضيه المعنى.
بعد هذا ننتقل إلى القاعدة الثالثة.
القاعدة الثالثة: أسماء الله ـ تعالى ـ إن دلت على وصف متعد،تضمنت ثلاثة أمور
: أحدها:ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها.
ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد عن قطاع الطريق بالتوبة، استدلوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ سورة المائدة، الآية: 34 لأن مقتضى هذين الاسمين أن يكون الله ـ تعالى ـ قد غفر لهم ذنوبهم، ورحمهم بإسقاط الحد عنهم. مثال ذلك "السميع"يتضمن إثبات السميع اسمًا لله ـ تعالى ـ وإثبات السمع صفة له وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى كما قال ـ تعالى ـ: ﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ سورة المجادلة، الآية: 1 .وإن دلت على وصف غير متعد تضمنت أمرين:
أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل
.الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
مثال ذلك"الحي" يتضمن إثبات الحي اسمًا لله –عز وجل- وإثبات الحياة صفة له.
هذه القاعدة الثالثة هي في الحقيقة مبنية على القاعدة الثانية، ولاحظ أن القواعد بعضها مبني على بعض.
القاعدة الأولى: أن أسماء الله ـ تعالى ـ حسنى.
القاعدة الثانية: أن أسماء الله ـ تعالى ـ أعلام وأوصاف وهي مبنية على كونها حسنى.
القاعدة الثالثة: يتعلق بدلالات أليس في القاعدة الثانية قلنا أعلام وأوصاف، الآن يتكلم عما يتصل بالصفات المستفادة من هذه الأسماء وهي نوعان؛ صفات متعدية، وصفات لازمة.
يقول –رحمه الله-: القاعدة الثالثة: أسماء الله ـ تعالى ـ إن دلت على وصف متعد تضمنت ثلاثة أمور؛ أسماء الله تتضمن صفات أليس كذلك، أنواع هذه الصفات نوعان؛ ذكرهم المؤلف في هذه القاعدة إما أن تكون أوصاف متعدية، وإما أن تكون أوصاف لازمة.
المتعدية قال فيها إن دلت على وصف متعد تضمنت ثلاثة أمور وذكرها، ثم بعد ذلك قال: وإن دلت هذا القسم الثاني على وصف غير متعد وهو اللازم تضمنت أمرين.
إذًا عندنا تحت هذه القاعدة أمران؛ الأمر الأول دلالة الأسماء على الصفات المتعدية.
الأمر الثاني دلالة الأسماء على الصفات اللازمة أو غير المتعدية.
ما هي الصفات المتعدية؟ التعدي هل المقصود بالتعدي هنا ما يذكره أهل اللغة وأهل النحو من كون الفعل متعديًا أو لازمًا الجواب الذي يظهر أنه غير مراد، ليس التعدي واللزوم هنا ما يقصده أهل النحو واللغة، أهل النحو واللغة يقول الفعل المتعدي الذي يصل إلى مفعوله بدون واسطة (ضربت زيدًا)، (أكرمت عمروًا) الآن وصول الفعل إلى عمرو أو زيد هل كان في واسطة ولا مباشرة؟ مباشرة هذا متعدي.
اللازم هو الفعل وكذلك الوصف اللازم هو الذي لا يصل إلى مفعوله إلا بواسطة عند أهل اللغة مثال: (ذهبت إلى السوق) الآن أثر الذهاب لم يصل إلى ما وقع عليه وهو السوق إلا بواسطة وهو حرف الجر إلى السوق (مررت بزيد) هنا فيها الباء واسطة لتعدية الفعل هل هذا هو المقصود بالوصف اللازم والوصف المتعدي؟ الجواب لا.
إذًا ما المقصود؟ الذي يظهر أن المقصود بالوصف المتعدي هنا وفي كلامي أهل العقائد يقصدون بالوصف المتعدي الذي يصل إلى غيره، الذي له تعلق بغير الفاعل، الذي له تعلق بالخارج، وأما الوصف غير المتعدي الذي لا تعلق له بالخارج إنما وصف يقوم بالموصوف دون أن يصل إلى غيره، دون أن يقع على غيره، فمثلا الكريم وصف متعدي، الخالق وصف متعدي، العزيز وصف متعدي، عز فغلب، الحي وصف لازم الحي صفة لا تتعلق بالغيب، ليس لها تعلق بغيره، هو حي لو لم يكن معه أحد، فهذا الفرق بين التعدي وعدمه.
إذًا التعدي في الصفات هو الوصف المتعدي هو ما له تعلق بالخارج أو بالغير، الوصف غير متعدي العليم والقدير والوصف اللازم هو الوصف الذي لا تعلق له بالخارج أو الذي يقوم بالموصوف ولا اتصال له بالخارج أو لا تعلق له بغيره، هذا أقرب ما يقال في معنى الوصف المتعدي والوصف اللازم.
شيخنا في قراءتنا عليه في هذا الكتاب لما جاء عند هذه القاعدة قال: أسماء الله ـ تعالى ـ إن دلت على وصف متعد قال: أي لغير الله وهذا يبين الكلام الذي ذكرناه قبل قليل، تضمنت ثلاثة أمور:
الأمر الأول: ثبوت هذا الاسم إذا كان وصف متعديًا، إذا كان الاسم متعديًا، وهو يفيد وصف متعدي تضمن ثلاثة أمور ثبوت ذلك الاسم.
ثبوت الصفة التي تضمنها لله –عز وجل-وهذا في كل الأسماء، لازم أو متعدي هذان مشتركان في جميع الأسماء، أن جميع الأسماء لا بد فيها من إثبات الاسم ومن إثبات الصفة.
قال: الثالث ثبوت حكمها ومقتضاها هذا الثالث، وهذا الفارق بين الأسماء اللازمة أو الصفات اللازمة والصفات المتعدية ثبوت حكمها ومقتضاها هذا في المتعدي، ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد عن قطع الطريق بالتوبة استدلوا في ذلك بقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[المائدة: 34] قال: لأن مقتضى هذين الاسمين مقتضى يعني ما يترتب على هذين الاسمين أن يكون الله تعالى قد غفر لهم ذنوبهم ورحمهم بإسقاط الحد، ومثال ذلك أي مثال لهذا النوع من الأسماء التي تتضمن صفات متعدية السميع يتضمن إثبات اسم السميع اسمًا لله ـ تعالى ـ ويتضمن إثبات السمع صفة له، ويتضمن إثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى كما قال ـ تعالى ـ: ﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾[المجادلة: 1].
وهذا يفيد في التعبد لله ـ تعالى ـ بالأسماء، أن تنظر آثارها في المتعدية لها أحكام تتعلق بالناس، لما تعلم أن الله سميع ستحفظ لسانك عن أن يسمع الله ـ تعالى ـ منك ما لا يرضى عنك، في اللازمة هل لها آثار نعم لها آثار في تعظيم الرب ـ جل في علاه ـ فكلا الأمرين له آثار أو كلا النوعين من الصفات والأسماء له آثار لكن الفارق أن المتعدية لها آثار عملية تتعلق بعمل الإنسان فيما يتصل بالصفة على وجه الخصوص.
أما فيما يتعلق باللازمة آثارها إفادة التعظيم والإجلال في قلب العبد لله ـ تعالى ـ من الصفة التي ذكرت.
يقول: وإن دلت على وصف غير متعدي تضمنت أمرين؛ أحدهما ثبوت هذا الاسم وهذا موافق لما تقدم، الثاني ثبوت الصفة التي تضمنها لله –عز وجل- وهذان الأمران الأولان هما ما أفادتهما القاعدة السابقة كل أسماء الله تعالى تفيد ثبوت الاسم وثبوت الصفة، وهذا هو القاعدة السابقة التي هي أسماء الله ـ تعالى ـ أعلام وأوصاف.
إذًا القاعدة التي أفادت هنا هو التمييز بين دلالة الصفات، دلالة الأسماء من حيث هل لها أحكام أو ليس لها أحكام تتعلق بالخلق، هل لها مقتضيات أو ليس لها مقتضيات الجميع يفيد حكم عامًا وهو إفادة التعظيم لله –عز وجل-كل الأسماء تفيد هذا المعنى، لكن تفترق في الأحكام الخاصة فقد تفيد بعض الأسماء المتعدية أحكامًا خاصة تتعلق بالاسم.
قال: مثال الحي يتضمن إثبات الحي اسمًا لله ـ تعالى ـ وإثبات الحياة صفة له، وكذلك القوي والحيي كلها من الصفات غير المتعدية هذه هي القاعدة الثالثة وبها نختم هذا المجلس، نسأل الله ـ تعالى ـ أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وصلى الله وسلم على نبينا محمد.