يسأل عن مَنْ يقول: إنَّ المعتزلة كفار.
هذا الحقيقة ينبغي أن يُراعى فيه كلامُ الأئمةِ أن ما أطلقوه من حكم الكفر على الأقوال ينبغي أن يُنظر فيه إلى القائلين؛ فالجهميةُ على سبيل المثال ممن قال عنهم الأئمة: "إنهم كفار"، ولكن عند التطبيق العملي فيما يتعلق بالأفراد، لا يُنزَّل ذلك على الأفراد، إلا بعد وجود الشروط وانتفاء الموانع؛ ولهذا الإمام أحمد -رحمه الله- كفَّر مَنْ قال بأن القرآن مخلوق. ولم يُنقَل عنه أنه كفَّر أفراد مَنِ اختبروه وامتحنوه، وسجنوه، وآذَوْه إلا مَنْ قامت عليه الحجة بالبيان الواضح، وأما عموم أهل الإسلام الذين تورطوا في هذه الفتنة لم يُكفِّرْهم.
مثل ذلك أيضًا ما جاء عن ابن تيمية -رحمه الله- لما ذهب إلى مصر ولقيه بعضُ القضاة والكبراء من أهل مصر الذين كانوا على تَجَهُّمٍ (مذهب الجهمية) قال: "أنا لو قلت ما قلتم لكفرتُ، ولستم عندي كفَّارًا" فهنا تفريق بين القول والقائل، هذا التفريق يغيب عن كثير من الناس فيتورَّطُ في التكفير لكونه قرأ في كتابٍ: "إن مَن قال بالقول الفلاني فهو كافر"، فينبغي معرفة التفريق بين تنزيل أحكام الكفر على الأعيان وبين الحكم على الأقوال، أو على الأفعال؛ فالحكم على الأقوال والأفعال جانب، وتنزيل هذه الأحكام على الأفراد والأعيان له شروط وضوابط لا بدَّ من مراعاتها.