السؤال:
حججت قبل أربع سنوات، وأريد الآن أن أحج، ولكن التكلفة مرتفعة، والحج غال على قلبي، فما الحكم لو حججت بدون تصريح، وتعديت الميقات من غير إحرام؟
الجواب:
يقول الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا) سورة آل عمران الآية 97، وهذا في حج الفريضة، وأنت ذكرت أنك حججت قبل أربع سنوات، ولا تستطيع الآن أن تبذل كلفة الحج التي تطلبها الحملات، فأشير عليك بأن لا تحج بدون تصريح، وإذا كانت النية صادقة، والعزيمة جازمة، فإنك تبلغ أجر الحاج وأنت في بلدك وبين أهلك، هذا فضل الله، والله تعالى كريم، يعطي الإنسان ـ إذا صدق في نيته ـ ما قصده من الخير، إذا حيل بينه وبينه، لكن تعدي الميقات بالطريقة التي ذكرت لا يجوز لسببين:
السبب الأول: أن الله تعالى قال: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) سورة الحشر الآية 7، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لتأخذوا مناسككم)) رواه مسلم (1297) عن جابر .، وقد فرض النبي صلى الله عليه وسلم الإحرام من المواقيت، ووَقَّتَ قرن المنازل لأهل نجد، وذا الحليفة لأهل المدينة، ويلملم لأهل اليمن، والجحفة لأهل الشام، وقال: (هن لهن، ولمن أتى عليهن ممن أراد الحج أو العمرة) رواه البخاري (1524)، ومسلم (1181) عن ابن عباس رضي الله عنهما. ، فإذًا لا يجوز لمن يريد الحج أو العمرة تجاوز هذه المواقيت إلا بإحرام.
السبب الثاني: أن الحج من غير تصريح فيه مخالفة لما رتبه ولاة الأمر، والله تعالى يقول: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) سورة النساء الآية 59 ، وفي الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني) رواه البخاري (2957)، ومسلم (1835) عن أبي هريرة رضي الله عنه.، وهذا فيما كانت الطاعة في معروف، أو كانت الطاعة لتحقيق المصالح، والتزام الحج بالتصريح من هذا النوع الذي تجب الطاعة فيه.
والجهات المنظمة لم يمنعوا الناس من الحج لسنوات مديدة وأعوام كثيرة، بل أذنوا فيه كل خمس أو أربع سنوات؛ وذلك للحاجة، لما تكاثر الناس، وأصبح حجهم بهذه الأعداد الكبيرة فيه حرج ومشقة على الحجيج، وعلى التنظيم، والمناطق لا تستوعب، كان من اللازم هذا الترتيب، الذي نسأل الله تعالى أن يثيبهم عليه، وأن يجعل فيه خيرًا إلى يوم الدين، ويجب التعاون معهم، وليس هذا من الصد عن سبيل الله تعالى كما يدعيه بعضهم؛ لأنهم سعوا إلى تيسير الأمر، وترتيبه وتنظيمه، ولو أن مسجدًا من مساجد المسلمين يتوافد إليه أعداد كثيرة، فقام جماعة المسجد بمنع الدخول بعد اكتمال الصفوف، فهل يعد هذا من الصد عن سبيل الله، ومنع الناس عن الخير؟! الجواب: لا، إنما هذا من التنظيم الذي يحصل به حفظ من تقدم، وحفظ من تأخر، وقد سئل جماعة من العلماء قديما وحديثا إذا كان الإنسان قد حج حج الفريضة، وتيسر له مال، فهل الأفضل أن يحج، أو يبذله لمن لم يحج، أو يبذله في صدقة؟ والعلماء لهم أقوال في ذلك، على مسالك ومناهج عدة، منهم من يرى أن بذل المال في حق من لم يحج أفضل، أو بذله في سد حاجة أفضل من تكرير الحج، وأنت على كل حال مأجور ـ إن شاء الله ـ على نيتك وإن لم تحج.