×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة الجمعة : الدين حسن الخلق

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:7156

إِنَّ الحَمْدُ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَليًّا مُرْشِدًا.

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولِهِ، صَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنُونَ، اتَّقُوا اللهَ تَعالَى حَقَّ التَّقْوَى، فَتَقْواهُ تَجْلِبُ كُلَّ خَيْرٍ وَتَدْفَعُ كُلَّ شَرٍّ وَضُرٍّ، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (3)الطلاق:2-3 .

أَيُّها المؤْمِنُونَ عِبادَ اللهِ, جاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَالتوبة:33 ، جاءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ كَيْفَ يُحِقِّقُونَ العُبُودِيَّةَ للهِ، كَيْفَ يَتَعَرَّفُونَ عَلَيْهِ، مَنْ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي خَلَقَهُمْ وَرَزَقَهُمْ وَكَيْفَ يَعْبُدُونَهُ جَلَّ في عُلاهُ، كَما جاءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْلاحِ ما بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنَّهُ لا صَلاحَ لِعِبادَةِ أَحَدٍ إِلَّا بِصَلاحِ ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَجاءَتْ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ المطَهَّرَةُ تُقِيمُ النَّاسَ عَلَى أَحْسَنِ طَرِيقٍ وَتَدُلُّهُمْ عَلَى أَحْسَنِ سَبِيلٍ في مُعامَلَةِ الخَلْقِ وَبِهِما تَكْمُلُ السَّعادَةُ، فَمَنْ حَسُنَتْ صِلَتُهُ بِاللهِ وحَسُنْتْ عَلاقَتُهُ بِالخَلْقِ كَمُلَتْ سَعادَتُهُ.

وَلِذَلِكَ امْتَنَّ اللهُ تَعالَى عَلَى المؤْمِنينَ بِتَزْكِيَتِهِمْ وَتَطْهِيرِهِمْ مِنْ كُلِّ ما يَسُوءُ قُلُوبَهُمْ وَيُشَوِّهُ أَخْلاقَهُمْ، ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ ماذا يصنع؟ ﴿يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍآل عمران:164 ، هَكَذا يُبَيِّنُ اللهُ تَعالَى المنَّةُ بِبَعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، المنَّةُ بِبَعْثَتِهِ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ النَّاسِ، وَذَاكَ أَقْرَبُ إِلَىَ القَبُولِ وَأَقْرَبُ إِلَى مُراعاةِ الحالِ وَالانْقِيادِ، ﴿يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾، وَالتِّلاوَةُ هُنا هِيَ البَيانُ وَالإيضاحُ قَوْلًا وَعَمَلًا وَلَيْسَ فَقَطْ القِراءَةُ، بِلَ يَشْمَلُ ذَلِكَ الاتِّباعَ وَالعَمَلَ، ﴿يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾ الَّتي تُذَكِّرُ بِهِ وَتُعَرِّفُ، ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ وَأَخْلاقَهُمْ وَأَعْمالَهُمْ وَأَقْوالَهُمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَشَرٍّ في عَلاقَتِهِمْ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ في عَلاقَتِهِمْ بِالخَلْقِ، ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ يُعَلِّمُهُمْ كِتابَ اللهِ الَّذِي هُوَ الهُدَى وَالنُّورُ الَّذِي يَهْدِي لِلَّتي هِيَ أَقُومُ، ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ وَهِيَ وَضَعَ الأُمُورِ في مَواضِعِها في الأَقْوالِ وَالأَعْمالِ وَالتَّصَرُّفاتِ، ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ فَمَنْ أَخَذَ بِما جاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِ وَاتَّبَعَ سُنَّتَهُ جَمَعَ اللهُ لَهُ هَذِهِ الخِصالَ، جَمَعَ اللهُ لَهُ الذَّكاءَ، جَمَعَ اللهُ لَهُ العِلْمَ، جَمَعَ اللهُ لَهُ الحِكْمَةَ، جَمَعَ اللهُ لَهُ الاعْتِبارَ وَالاتِّعاظَ بِالآياتِ الَّتِي تَبُثُّها في الآفاقِ وَالأَنْفُسِ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ الحَقُّ.

وَقَدْ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ في المسْنَدِ: «إِنَّما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صالحَ الأَخْلاقِ»مُسْنَدُ أَحْمَدح( 8952)بِإِسْنادٍ جَيٍّدٍ؛ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْعُوثٌ لِتَكْمِيلِ صالِحِ الأَخْلاقِ، لَيْسَ فَقَطْ في صِلَةِ العَبْدِ بِرَبِّهِ بِطاعَتِهِ وَالذُّلِّ لَهُ وَالمحَبَّةِ وَالتَّعْظِيمِ، بَلْ حَتَّى فِيما يَتَعَلَّقُ بِصِلَةِ الإِنْسانِ بِالآخِرِينَ، فإنها قائمةٌ عَلَى أَخْلاقٍ قَوِيمَةٍ يَسْعَدُ بِها الجَمِيعُ وَيَتَوقَّوْنَ سُوءَ التَّواصِلِ بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنَّ التَّواصُلَ بَيْنَ النَّاسِ إِذا عَرِىَ عَنْ مُراعاةِ حَقِّ اللهِ تَعالَى وَالتَّعَبُّدِ لَهُ جَلَّ في عُلاهُ كانَتْ صِلَةُ مُجَرَّدَةٌ، فَإِنَّها صِلَةٌ نَفْعِيَّةٌ قَدْ تُحْسِنُ، لَكِنْ حُسْنُها مُؤَقَّتٌ بِتَحْقِيقِ غَرَضٍ وَلا تَخْلُو مِنْ سُوءٍ في الظَّاهِرِ أَوْ الباطِنِ.

أَمَّا إِذا كانَتْ العَلاقَةُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ النَّاسِ عَلَى وَجْهٍ يَرْضَي اللهُ تَعالَى، فَإِنَّكَ تَجْمَعُ خَصْلَتَيْنِ:

الخَصْلَةُ الأُولَى: وَهِيَ المهَمَّةُ سَلامَةُ القَلْبِ وَطِيبُهُ: مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ «فَلْيُحِبَّ لأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»البُخارِيُّ(13), وَمُسْلِمٌ(45), هَذِهِ النُّقْطَةُ الأُولَى فِيما يَتَعَلَّقُ بِما تُحِبُّ وَهُو عَمَلُ القَلْبِ، أَمَّا في الممارَسِةِ وَالعَمَلِ فَقَدْ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَأَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ» ثُمَّ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى»مسلم(1844) أَيْ: لِيُعامِلَ النَّاسَ قَوْلًا، لِيُعامِلَ النَّاسَ فِعْلًا بِالَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُعامَلَ بِهِ، فَأَيُّ شَيْءٍ تَكْرَهُهُ لِنَفْسِكَ في المعامَلَةِ فَتَوَقَّ أَنْ تُعامِلَ غَيْرَكَ بِهِ؛ وَهَذانِ لا يَرْضَخانِ لمصْلَحَةٍ وَلا يَتَعَلَّقانِ بِتَحْقِيقِ مَنْفَعَةٍ، إِنَّما هُما للهِ: «مَنْ كانَ يُؤْمِنُ» فَهِيَ فَرْعٌ عَنِ الإيمانِ بِاللهِ، «فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحَزْحَ عَنِ النَّارِ وَأَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ» فالقَضِيَّةُ تَتَعَلَّقُ بِالفَوْزِ الآخِرِ، لَيْسَ لِتَحْقِيقِ مَصالِحَ، فَلَيْسَتَ عَلاقَةً مُقَيَّدَةً بِتَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ خَوْفٍ، إِنَّما هِيَ لأَجْلِ اللهِ.

اللَّهُمَّ أَلْهِمْنا رُشْدَنا وَقِنا شَرَّ أَنْفُسِنا، أَعِنَّا عَلَى طاعَتِكَ وَاصْرِفْ عَنَّا مَعْصِيَتَكَ، أَقُولُ هَذا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ فاسْتَغْفْرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

***

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فِيهِ، أَحْمَدُهُ كَما يُحِبُّ رَبُّنا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

أَيُّها المؤْمِنُونَ, اتَّقُوا اللهَ تَعالَى حَقَّ التَّقْوَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاالأحزاب:70-71 ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِنْ عِبادِكَ المتَّقِينَ وَحِزْبِكَ المفْلِحينَ وَأَوْلِيائِكَ الصَّالحينَ.

جاءَ في الحَديثِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في البُخارِيِّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو أَنَّهُ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ خِيارِكُمْ أَحْاسِنُكُمْ أَخْلاقًا»البُخارِيُّ(6035), وَمُسْلِمٌ(2321),  وَفي الرِّوايَةِ الأُخْرَى قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ المؤْمِنينَ إِيمانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا»التِّرْمِذِيُّ(1162)., وَقالَ:حَسَنٌ صَحِيحٌ .

أَيُّها المؤْمِنُونَ, مَنْزِلَةُ الأَخْلاقِ عالِيَةٌ، مَنْزِلَةُ الأَخْلاقِ رَفِيعَةٌ هِيَ مِنَ الدِّيانَةِ، هِيَ مِنَ التَّعَبُّدِ للهِ تَعالَى، هِيَ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ، هِيَ مِمَّا يَفْتِحُ اللهُ تَعالَى بِهِ بابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوابِ الخَيْرِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، فَهِيَ رِفْعَةٌ في الدَّرَجاتِ وَكَثْرَةٌ في الحَسناتِ وَتَوَقٍّ للِشُّرُورِ وَالآفاتِ، هِيَ انْشِراحٌ لِلصَّدْرِ، هِيَ حُسْنٌ في مُعامَلَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّهُ مَنْ لا يُحْسِنُ  المعامَلَةَ مَعَ النَّاسِ لا يُحْسِنُ المعامَلَةَ مَعَ اللهِ.

 جاءَ في المسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ لا يَشْكُرُ اللهَ»أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ(11703), وَالتَّرْمِذِيُّ(1954), وَقالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ فَأَيُّ خَلَلٌ بَيِّنٌ في مُعامَلَتِكَ مَعَ النَّاسِ هُوَ صُورَةٌ لِخَلَلٍ بَيِّنٍ في مُعامَلَتِكَ مَعَ الخالِقِ، فاتَّقِ اللهَ أَيُّها المؤْمِنُ وَلا تَظُنَّ أَنَّ العِبادَةَ فَقَطْ بِخُشُوعٍ في صَلاةٍ أَوْ مُسارَعَةٍ إِلَى أَداءِ زَكاةٍ، فَكُلُّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكِنْ ذَاكَ لَهُ ثِمارٌ، إِذا نَقَصَ عَمَلُكَ مَعَ اللهِ نَقَصَتْ صَلاتُكَ، نَقَصَتْ زَكاتُكَ، نَقْصَ إِيمانُكَ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ لا بُدَّ أَنْ يَنْعَكِسَ ذَلِكَ عَلَى خُلُقِكَ بِأَنْ يَنْقُصَ في مُعامَلَةِ الخَلْقِ، فاجْتَهِدْ في تَكْمِيلِ الخَيْرِ في مُعامَلَةِ اللهِ وَفي مُعامَلَةِ النَّاسِ وَالخَلْقِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِحُسْنِ الخُلُقِ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ هُمُ الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ، خِلافُ المعادَلَةِ الَّتِي يَنْتِهَجِهُا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَتَجِدُ طِيبَ الأَخْلاقِ وَحُسْنِها في مُعامَلَةِ الأَباعِدِ، وَسُوءِها وَفَظاظَتِها وَجفاءَها وَشَرِّها في مُعامَلَةِ الدَّائِمِ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّنْ يُديمُ عَلاقَتَهُمْ وَيَسْتَمِرُّ في التَّواصُلِ مَعَهُمْ.

جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحابَتِي قالَ: «أُمُّكَ» قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: «أُمُّكَ» قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: «أُمُّكَ» قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: «أَبُوكَ»البخاري(5971), ومسلم(2548). وَفِي الرِّوايَةِ الأُخْرَى قالَ: يا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَبَرُّ؟ إِلَىَّ مِنْ أُحْسِنُ وَأُوُصِلُ الخَيْرَ؟ قالَ: «أُمُّكَ وَأَباكَ وَأُخْتُكَ وَأَخاكَ ثُمَّ أَدْناكَ فَأَدْناكَ»مُسْنَدُ أَحْمَدَ(7108), بِإِسْنادٍ جَيٍّدٍ هَكَذا في التَّرْتِيبِ؛ يَبْدَأُ بِالأَقْرَبِ فَالأَقْرَبُ في الإِحْسانِ، فَلَيْسَ حَسَنُ الخُلُقِ مَنْ هُوَ فَظٌّ مَعَ والِدَيْهِ، سَيِّئُ العِشْرَةِ مَعَ زَوْجَتِهِ، فَظٌّ عَلَى أَوْلادِهِ، وَإِنْ كانَ بَسّامًًا بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ كانَ لَطِيفَ العِبارَةِ في مُحادَثاتِهِمْ وَمَجالِسِهِمْ. سُوءُ الخُلُقِ في الأَصْلِ هُوَ في مُعامَلَةِ الأَقْرَبِ فَالأَقْرَبُ، فاجْتَهِدْ في أَنْ يَكُونَ خُلُقُكَ حَسَنًا مَعَ مَنْ تُدِيمُ صِلَتَكَ بِهِمْ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذا كُنْتَ كَذَلِكَ فَمَنْ كانَ لِقاؤُهُ بِكَ عارِضًا، فَسَتَكُونُ مَعَهُ عَلَى أَحْسَنِ حالٍ.

اللَّهُمَّ أَلْهِمْنا رُشْدَنا وَقِنا شَرَّ أَنْفُسِنا، خُذْ بِنواصِينا إِلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَى، اصْرِفْ عَنَّا السُّوءَ وَالفَحْشاءَ.

اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنا تَقْواها وَزَكِّها أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاها أَنْتَ وَلِيُّها وَمَوْلاها.

اللَّهُمَّ اهْدِنا لأَحْسَنِ الأَقْوالِ وَالأَعْمالِ وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَها يا رَبَّ العالمينَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفافَ وَالرَّشادَ وَالغِنَى يا رَبَّ العالمينَ.

اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُمُورِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فِيمَنْ خافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا حَيُّ يا قَيُّومُ.

اللَّهُمَّ اكْشِفْ الضُّرَّ عَنْ إِخْوانِنا في كُلِّ مَكانٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المسْتَضْعَفِينَ في سُورِيَّا وَالعِراقِ وَسائِرِ البُلْدانِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوالَ إِخْوانِنا في اليَمَنِ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرادَ بِالمسْلِمينَ شَرًّا وَسَعَى بَيْنَهُمْ بِفُرْقَةٍ وَفِتْنَةٍ وَشَرٍّ فاجْعَلْ شَرَّهُ في نَحْرِهِ وَرُدَّ ضُرَّهُ إِلَى نَفْسِهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ دائِرَةَ السَّوْءِ عَلَيْهِ يا رَبَّ العالمينَ، نَدْرَأُ بِكَ في نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ؛ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْراهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93998 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89899 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف