الحج ركن من أركان الإسلام بالاتفاق، وهو من مبانيه العظام، جاء ذكره في القرآن والسنة.
فجاء فرضه في القرآن في قول الله تعالى في سورة آل عمران ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ هذه الآية بينت فرض الحج، وأنه مفروض على الاستطاعة، وإنما نص على الاستطاعة في فرض الحج مع كون الاستطاعة شرط في كل العبادات ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ آل عمران : 102 ، ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾البقرة:185 ﴿لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها﴾، إنما نص على الاستطاعة تأكيدا لهذا المعنى؛ لأن الحج فيه من الكلفة والخروج عن المألوف مقاماً، وطناً، لباساً، حالاً، بلداً، ما يستدعي لفت الانتباه إلى العناية بشرط الاستطاعة.
والحج الذي فرضه الله تعالى، هو ما حجه النبي صلى الله عليه وسلم وبينه لأمته، فقوله ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾أي الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وقصده مكة البلد الحرام، ﴿ومن كفر﴾أي أعرض أي قبول ما فرض الله تعالى، والانقياد لما شرع من وجوب قصد هذه البقعة المباركة ﴿فإن الله غني عن العالمين﴾، فليس طاعة الطائعين، ولا حج الحاجين، ولا اجتهاد المجتهدين بنافع الله عز وجل شيئاً، بل إنما ينتفع بذلك العامل نفسه، من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها «يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني , ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني«كما في الصحيح من حديث أبي زر رضي الله تعالى عنه.
المقصود أن الله تعالى فرض الحج في هذه الآية، وقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنهأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ» فأخبر بفرض الحج، وهو ما ذكره الله تعالى في هذه الآية، وأكد ذلك بأمرهم بما أمر الله تعالى به في قوله:«فحجوا» أي فامتثلوا ما أمركم الله تعالى بقصد بيته الحرام تعظيماً له جلَّ وعلا وقياماً بما فرض.
وقد قال رجلٌ بعد أن بين النبي صلى الله عليه وسلم الفرضية، قال :" أكل عام يا رسول الله؟"، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى كررها الرجل فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم في الثالثة فقال:« لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم»، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن فرض الحج وجب في العمر مرة، وذلك أن مطلق الأمر يتحقق بمرة واحدة، فسؤال السائل عن هذا الفرض هل هو كل عام أم أنه مرة واحدة، هو نوع من التكلف الذي نُهيت عنه هذه الأمة، ولذلك أعرض عن جوابه، ثم بين بهذا البيان أن هذا الإلحاح في السؤال قد يفضي إلى تحميل الناس مشقه ليسوا قادرين عليها ولم يفرضها الله تعالى عليهم.
المقصود أن الحج بالإجماع: فرض في العمر مرة واحدة وما زاد فهو تطوع .