يمكن أن نجيب على أنواع النسك بما ذكرته عائشة رضي الله تعالى عنها في "الصحيحين" من حال من خرج مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فإنها قد ذكرت أحوال الناس وأقسامهم، قالت رضي الله تعالى عنها : «خرجنا مع النبي rفي حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج، ومنا من أهل بعمرة وحج»، فذكرت ثلاثة أصناف، وذلك باختلاف أحوال الناس في العمل، فمنهم من لبَّى بالعمرة، فقال: "لبيك عمرةً"، ومنهم من لبَّى بالحج فقط فقال:" لبيك حجا"، ومنهم من جمع العمرة والحج فقارن بينهما فقال:" لبيك عمرةً وحجا".
إذاً من حيث العمل تنقسم أنواع النسك إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: الإفراد:وهو الذي لبَّى بالحج فقط، الذي قصد الحج فقط دون غيره، لم يقصد معه عمرة، ولم يقصد معه شيئا آخر، إنما قصد مكة لأجل الحج، هذا النوع الأول.
النوع الثاني: التمتع:وهو أن يلبِّي بالعمرة في أشهر الحج، وأشهر الحج هي ما بينه الله تعالى في قوله: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾البقرة:197 ما هي هذه الأشهر المعلومات؟
الإجماع منعقد على أنها تبتدئ بشوال، فهي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة في قول الجمهور.
وذهب الإمام مالك :إلى أن جميع شهر ذي الحجة هي من أشهر الحج.
إذاً: أشهر الحج هي هذه، فمن أحرم بالعمرة، وهو من جاء إلى مكة معتمرا في شوال، أو من جاء إلى مكة معتمرا في ذي القعدة، أو من جاء إلى مكة معتمرا في العشر الأول من ذي الحجة، ثم فرغ من إحرامه بطواف وسعي وتقصير أو حِلاق، وبقي في مكة حتى جاء الحج ثم لبَّى بالحج في اليوم الثامن،- هذا متمتع- فإنه يكون قد تمتع بالعمرة والحج ولكنه تحلل بجميع ما أحل الله تعالى لغير المحرمين بين عمرته وحجه، هذا يسمى تمتع.
لماذا سُمي تمتعاً؟
سُمي تمتع لسببين:
السبب الأول: إنه في سفرة واحدة جمع بين عملين- عمرة وحج- ، فهذا مثلاً الذي جاء في ذي القعدة، أو ذي الحجة، أو جاء في شوال، واعتمر وبقي في مكة، ثم حج من عامه هذه سفرة واحدة جمع فيها بين نُسكين.
إذاً: تمتع لأنه جمع في سفرة واحدة بين عملين، وهما العمرة والحج.
النوع الثالث من أنواع النسك: هو القران:وسمي قران لأن الحاج أو المتعبد، يجمع في سفره بين نسكين من بداية عمله إلى نهاية عمله، دون أن يتحلل بتحلل، فيقول في أول إحرامه:" لبيك عمرة وحجاً"، أو "لبيك عمرةً في حجة"، أو" لبيك عمرة وحجاً"، فهو يحرم بالعملين، يحرم بالنسكين العمرة والحج جميعا، إحراماً واحداً،ويتحلل منهما تحللاً واحداً .
وهنا يظهر الفرق بين القران والتمتع:
القران: يجمع نسكين لكنه يجمع بينهما إحراماً وتحللاً، فالبداءة بالنسكين والنهاية بهما.
أما التمتع: فيبدأ بالعمرة يقول: لبيك عمرة، ثم يفرغ منها ويتحلل، أي يرجع حلالاً، أي يفعل كل ما يفعله الحلال، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة من عامه.