السؤال:
ما الحكمة من النهي عن الأخذ من الشعر والبشر لمن يريد أن يضحي؟
الجواب:
أولاً نوقن أنه ما من حكم من أحكام الشريعة إلا وفيه حكمة، وهي من حيث ظهور الحكمة على قسمين: قد تظهر لنا الحكمة، وقد لا تظهر لنا الحكمة، فإذا ظهرت لنا الحكمة فذلك فضل الله، وهو نور على نور، وعندما لا تظهر الحكمة فنحن أيضًا نستفيد نورًا آخر، وهو أن نلتزم ما لا يبدو لنا سببه، وهذا فيه من العبودية والذل والانكسار، والتسليم لله عز وجل ما يذوق المؤمن لذته، وقد قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب:36] .
وأما بخصوص الحكم المسؤول عنه، فمن العلماء من قال: الحكمة من ذلك أن يشارك المضحي الحجيج في شيء من أعمالهم، وقيل: الحكمة أن الأضحية عتق له من النار، فيعتق من شعره وبشره وجميع أجزائه، ولكن لا يظهر لي في هذا شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هذا من العبادات التي يعظم فيها الإنسان شعائر الله عز وجل، هذا هو المعنى الظاهر، أنه ذلك لأجل تعظيم شعائر الله التي أمرنا بتعظيمها، يقول الله جل وعلا: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج:36]، فجعل الله عز وجل ما يتقرب به إليه من الذبائح والهدايا والأضاحي من شعائره، وهذا من تعظيم شعائر الله {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32]، والله أعلم.