قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"الانحراف عن الوسط كثير في أكثر الأمور في أغلب الناس، مثل تقابلهم في بعض الأفعال يتخذها بعضهم دينا واجباً أو مستحباً أو مأموراً به في الجملة، وبعضهم يعتقدها حراماً مكروهاً أو محرماً أو منهياً عنه في الجملة مثال ذلك "سماع الغناء" فإن طائفة من المتصوفة والمتفقرة تتخذه ديناً وإن لم تقل بألسنتها أو تعتقد بقلوبها أنه قربة - فإن دينهم حال ؛ لا اعتقاد : فحالهم وعملهم هو استحسانها في قلوبهم ومحبتهم لها ديانة وتقربا إلى الله، وإن كان بعضهم قد يعتقد ذلك وقوله بلسانه، وفيهم من يعتقد ويقول : ليس قربة - لكن حالهم هو كونه قربة ونافعا في الدين ومصلحا للقلوب، ويغلو فيه من يغلو ؛ حتى يجعل التاركين له كلهم خارجين عن ولاية الله وثمراتها من المنازل العلية .
وبإزائهم من ينكر جميع أنواع الغناء ويحرمه ولا يفصل بين غناء الصغير والنساء في الأفراح وغناء غيرهن وغنائهن في غير الأفراح، ويغلو من يغلو في فاعليه حتى يجعلهم كلهم فساقا أو كفاراً، وهذان الطرفان من اتخاذ ما ليس بمشروع دينا أو تحريم ما لم يحرم دين الجاهلية والنصارى: الذي عابه الله عليهم".
" مجموع الفتاوى" (3/ 359- 360).