السؤال:
أيهما أفضل، أن يضحي المسلم في بلده، أو يعطيها جمعيات وجهات موثوقة لذبحها في بلدان فقيرة؟
الجواب:
مما يسهل الوصول لجواب مثل هذه الأسئلة، أن يستحضر المؤمن مقاصد العبادات؛ فإن إدراك المقاصد يبين أيهما أفضل، فكل ما كان محققًا لمقصود العبادة كان أفضل وأولى وأعظم أجرًا، فما المقصود من الأضحية؟ هل المقصود منها إطعام المساكين والتصدق باللحم؟ أم المقصود منها التقرب إلى الله تعالى بذبحها، والأكل منها، والإهداء والتصدق؟ فهناك مقاصد عديدة للأضحية، وليس فقط الإطعام، وبالتالي إذا وكَّل أحدًا في الأضحية في بلد بعيد أو قريب، فلن تتحقق جميع هذه المقاصد، ويفوت خير كثير من حيث التقرب إلى الله تعالى بهذه المعاني، ولذلك فالأصل أن يضحي الإنسان في بلده، والأفضل أن يباشر ذلك بنفسه، هذا الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم وتكرر فعله سنوات متوالية ومتعاقبة، حتى في حجة الوداع ضحى صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح الإمام مسلم بشاة( )، كل هذا الحرص المتعاقب لسنوات عديدة، يدل على أن مباشرة الذبح والتقرب إلى الله تعالى بالأضحية هو بذاته مقصود للشارع، مع ما يحصل مع ذلك من مصالح أخرى، مثل إطعام الفقراء، وصلة الأقارب بالإهداء إليهم، إلى غير ذلك من المقاصد، التي يمكن تحقيقها إذا أتى الإنسان بالمقصود الأول، وهو التقرب إلى الله بمباشرة الذبح، فإذا كان الإنسان يقول: أنا لا أرغب في مباشرة الذبح، وأود أن أوكل جمعية تتولى ذبح الأضحية وتوزيعها على مستحقيها، عند ذلك نقول: ابحث عن أكثر الجهات حاجة؛ وفقرًا وعوزًا،؛ لأن المنفعة كلما كانت أعظم، كان الأجر أكثر، وليس ثمة جواب جامع لكل الصور، بل يختلف الحكم باختلاف حال الإنسان، قد يكون أفضل أن يضحي في بلده، وقد يكون أفضل أن يوكل من يضحي عنه خارج البلد، والله أعلم.