×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / برامج / أمثال قرآنية / الحلقة (18) من برنامج أمثال قرآنية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الحلقة (18) من برنامج أمثال قرآنية
00:00:01

بسم الله الرحمن الرحيم. ((الحلقة الثامنة عشر)) الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا، الله أكبر ولله الحمد وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، وخيرته من خلقه، بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، نصح الأمة، جاهد في الله حق الجهاد بالعلم والبيان، والسيف والسنان، حتى أتاه اليقين وهو على ذلك.  تركنا على محجة بيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين.  أما بعد. فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم "أمثال قرآنية". في هذه الحلقة بين يدينا مثل ذكره الله تعالى في سورة آل عمران، تلك السورة العظيمة التي كانت من أواخر ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم  لاسيما في صدرها وأولها، فإنها نزلت في العام التاسع، عام الوفود، عام قدوم العرب على النبي صلى الله عليه وسلم  من أطراف الجزيرة مسلمين مؤمنين، متبعين مهتدين. وكان من جملة من قدم على النبي صلى الله عليه وسلم  نصارى نجران، جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم  وسألوه وحاجوه، وكان من جملة ما سألوه، أن سألوه عن قوله في عيسى ابن مريم عليه السلام  ، قالوا له: يا محمد ما شأنك تذكر صاحبنا، - أي أنه عبد وليس إله كما يزعمون- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  «من هو؟» - أي من الذي تريدون بصاحبكم – قالوا : عيسى تزعم أنه عبد الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :«أجل إنه عبد الله»، فقالوا له في بيان حجتهم أنهم جعلوه إله من دون الله، قالوا: فهل رأيت له مثلا أو أنبأت به، وذلك أنه ولد من غير أب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم  بما أوحاه الله تعالى إليه من قوله جل وعلا :{إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون (59) الحق من ربك فلا تكن من الممترين (60) فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين}+++  سورة آل عمران : 59- 61.، واخرج هذا الأثر أبو نعيم في "دلائل النبوة" (5/387).---.   إن الله جل وعلا أقام الحجة على هؤلاء بما لا ريب فيه، ولا اشتباه ولا شك في أن عيسى ابن مريم عليه السلام ، لا يستحق أن يكون إله، ولا يصلح أن يكون ابنا لله جل وعلا يعبد معه سبحانه وبحمده. إن الله تعالى قال لهؤلاء الذين احتجوا لألوهية عيسى بأنه إله، بأنه خلق من غير أب، على غير مثال سابق يعرفونه ويدركون. قال جل وعلا {إن مثل عيسى عند الله} أي في علمه، وفي خلقه، وفي إنشاءه وتكوينه {كمثل آدم} بل آدم أعجب خلقا وأغرب تكوينا من عيسى عليه السلام . فإن آدم عليه السلام خلق من غير أب ولا أم، أما عيسى عليه السلام  فقد خلقه الله تعالى من أم بلا أب، والله جرى في بديع صنعه ، وخلقه للبشر أن خلقهم على أربع أحوال: الحال الأولى: خلق آدم، فقد خلقه الله تعالى من تراب، من غير أب ولا أم. الحال الثانية: خلق حواء: فقد خلقها الله تعالى من أب بلا أم، فقد خلقها من آدم كما قال تعالى{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها}+++ سورة النساء:1.---، وذلك أن حواء مخلوقة من ضلع آدم عليه السلام . الحال الثالثة: حال أكثر البشر وغالبهم، وهو أنهم خلقوا من أب وأم. الحال الرابعة: حال عيسى ابن مريم عليه السلام ، حيث خلقه الله تعالى من أم بلا أب، فنفخ الله تعالى في رحم مريم، فكان عيسى ابن مريم. فقوله جل وعلا:{إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم}، وجه التمثيل والتشبيه بين خلق عيسى وخلق آدم، أن عيسى خلق بلا أب، كما أن آدم خلق بلا أب، بل آدم زاد على ذلك أن خلقه الله من تراب. ولذلك قال {خلقه من تراب} فالضمير في قوله جل وعلا {خلقه} يرجع إلى آدم، أي خلق آدم من تراب، بلا أب ولا أم. ومع هذا لم يستحق شيئا من العبادة، ولم يكن معبودا من دون الله تعالى، فدل ذلك على بطلان حجتهم، واضمحلال شبهتهم أن جعلوا عيسى إله مع الله تعالى لكونه خلق من أم بلا أب ، خلق بالكلمة التي ذكرها الله تعالى في قوله {ثم قال له كن فيكون}. وهذه الكلمة التي خلق بها عيسى عليه السلام  خلق بها آدم، حيث قال الله جل وعلا {خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} أي ثم قال لآدم كن فيكون، فكان كما أراد الله جل وعلا. كذلك عيسى عليه السلام خلقه الله تعالى بهذه الكلمة، ولهذا كان من أوصافه أنه كلمة الله صلى الله عليه وسلم  . والمقصود بكون كلمة الله، أن تكوينه وخلقه لم يجر على غالب الخلق من كونهم يتكونون من أب وأم، بل تكون بكلمة الله التي عنها صدر، ومنها كان عليه السلام ، فكان كلمة الله. قال جل وعلا:{إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه} ثم قال جل وعلا {فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا}+++ سورة النساء:171.---. فنزه نفسه عن أن يكون له شريك جل وعلا في إلهيته وفيما يستحقه من العبادة. بل عيسى ابن مريم، عبد كما قال جل في علاه {لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا}+++ سورة النساء:172.---. إن هذا المثل أبطل ما كان يعتقده النصارى في عيسى ابن مريم عليه السلام  من أنه إله لكونه أنه قد ولد من أم بلا أب.  والله تعالى قرر أن هذا هو الحق في شأن عيسى عليه السلام ، وأنه عبد مربوب مخلوق، لا يملك حولا ولا طولا، وأنه لن يستنكف عن عبادة الله تعالى، ولن يستكبر عن ذلك، بل هو من عباد الله المقربين، ومن أوليائه المتقين. هكذا يجب أن يعتقد المؤمن في عيسى ابن مريم عليه السلام ، ومن ظن أنه إله أو أنه معبود، أو أنه ابن الله تعالى، فقد خرج عن السنن القويم، والصراط المستقيم. الله جل وعلا بعد أن قرر ذلك تقريرا جليا واضحا بهذا المثل الذي لا يلتبس ولا يشتبه، قال جل في علاه {الحق من ربك} أي هذا الذي بينه الله تعالى في شأن عيسى عليه السلام  هو الحق من الله، الحق المبين جل في علاه. {فلا تكن من الممترين} أي فلا تكن من الشاكين المرتابين الذين اشتبه عليهم الحق فضلوا عن سبيله، وعن صراطه المستقيم. والمؤمن إذا جاءه خبر الله كان على يقين في صدق ذلك الخبر والاعتقاد في مضمونه، ولهذا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم  المحاجين له، المعارضين له في شأن عيسى عليه السلام  إلى المباهلة كما قال تعالى {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل} أي نتضرع إلى الله تعالى بعد هذا الاجتماع لهؤلاء جميعا {فنجعل لعنت الله على الكاذبين} يعني على من كذبوا في شأن عيسى ابن مريم منا أو منكم. وهذا في غاية العدل، وفي غاية الإنصاف، أن سوى بينه وبينهم مع تمام علمه بصدق خبر ربه جل في علاه. اللهم إنا نسألك علما نافعا، وبصرا نافذا، وعملا صالحا. وإلى أن نلقاكم في حلقة جديدة من برنامجكم " أمثال قرآنية" أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:2891
بسم الله الرحمن الرحيم.
((الحلقة الثامنة عشر))
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا، الله أكبر ولله الحمد
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، وخيرته من خلقه، بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، نصح الأمة، جاهد في الله حق الجهاد بالعلم والبيان، والسيف والسنان، حتى أتاه اليقين وهو على ذلك.
 تركنا على محجة بيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين. 
أما بعد.
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم "أمثالٌ قرآنية".
في هذه الحلقة بين يدينا مَثَلٌ ذكره الله تعالى في سورة آل عمران، تلك السورة العظيمة التي كانت من أواخر ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم  لاسيما في صدرها وأولها، فإنها نزلت في العام التاسع، عام الوفود، عام قدوم العرب على النبي صلى الله عليه وسلم  من أطراف الجزيرة مسلمين مؤمنين، متبعين مهتدين.
وكان من جملة من قدم على النبي صلى الله عليه وسلم  نصارى نجران، جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم  وسألوه وحاجوه، وكان من جملة ما سألوه، أن سألوه عن قوله في عيسى ابن مريم عليه السلام  ، قالوا له: يا محمد ما شأنك تذكر صاحبنا، - أي أنه عبد وليس إله كما يزعمون- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  «من هو؟» - أي من الذي تريدون بصاحبكم – قالوا : عيسى تزعم أنه عبد الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :«أجل إنه عبد الله»، فقالوا له في بيان حجتهم أنهم جعلوه إله من دون الله، قالوا: فهل رأيت له مثلاً أو أنبأت به، وذلك أنه ولد من غير أب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم  بما أوحاه الله تعالى إليه من قوله جل وعلا :{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}  سورة آل عمران : 59- 61.، واخرج هذا الأثر أبو نعيم في "دلائل النبوة" (5/387)..  
إن الله جل وعلا أقام الحجة على هؤلاء بما لا ريب فيه، ولا اشتباه ولا شك في أن عيسى ابن مريم عليه السلام ، لا يستحق أن يكون إله، ولا يصلح أن يكون ابناً لله جل وعلا يعبد معه سبحانه وبحمده.
إن الله تعالى قال لهؤلاء الذين احتجوا لألوهية عيسى بأنه إله، بأنه خلق من غير أب، على غير مثال سابق يعرفونه ويدركون.
قال جل وعلا {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ} أي في علمه، وفي خلقه، وفي إنشاءه وتكوينه {كَمَثَلِ آدَمَ} بل آدم أعجب خلقاً وأغرب تكويناً من عيسى عليه السلام .
فإن آدم عليه السلام خلق من غير أب ولا أم، أما عيسى عليه السلام  فقد خلقه الله تعالى من أم بلا أب، والله جرى في بديع صنعه ، وخلقه للبشر أن خلقهم على أربع أحوال:
الحال الأولى: خلق آدم، فقد خلقه الله تعالى من تراب، من غير أب ولا أم.
الحال الثانية: خلق حواء: فقد خلقها الله تعالى من أب بلا أم، فقد خلقها من آدم كما قال تعالى{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} سورة النساء:1.، وذلك أن حواء مخلوقة من ضلع آدم عليه السلام .
الحال الثالثة: حال أكثر البشر وغالبهم، وهو أنهم خلقوا من أب وأم.
الحال الرابعة: حال عيسى ابن مريم عليه السلام ، حيث خلقه الله تعالى من أم بلا أب، فنفخ الله تعالى في رحم مريم، فكان عيسى ابن مريم.
فقوله جل وعلا:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ}، وجه التمثيل والتشبيه بين خلق عيسى وخلق آدم، أن عيسى خلق بلا أب، كما أن آدم خلق بلا أب، بل آدم زاد على ذلك أن خلقه الله من تراب.
ولذلك قال {خَلَقَهُ مِنْ تُرَاب} فالضمير في قوله جل وعلا {خَلَقَهُ} يرجع إلى آدم، أي خلق آدم من تراب، بلا أب ولا أم.
ومع هذا لم يستحق شيئاً من العبادة، ولم يكن معبوداً من دون الله تعالى، فدل ذلك على بطلان حجتهم، واضمحلال شبهتهم أن جعلوا عيسى إله مع الله تعالى لكونه خُلِق من أم بلا أب ، خلق بالكلمة التي ذكرها الله تعالى في قوله {ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.
وهذه الكلمة التي خلق بها عيسى عليه السلام  خلق بها آدم، حيث قال الله جل وعلا {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} أي ثم قال لآدم كن فيكون، فكان كما أراد الله جل وعلا.
كذلك عيسى عليه السلام خلقه الله تعالى بهذه الكلمة، ولهذا كان من أوصافه أنه كلمة الله صلى الله عليه وسلم  .
والمقصود بكون كلمة الله، أن تكوينه وخلقه لم يجر على غالب الخلق من كونهم يتكونون من أب وأم، بل تكوَّن بكلمة الله التي عنها صدر، ومنها كان عليه السلام ، فكان كلمة الله.
قال جل وعلا:{إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} ثم قال جل وعلا {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} سورة النساء:171..
فنـزه نفسه عن أن يكون له شريك جل وعلا في إلهيته وفيما يستحقه من العبادة.
بل عيسى ابن مريم، عبد كما قال جل في علاه {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} سورة النساء:172..
إن هذا المثل أبطل ما كان يعتقده النصارى في عيسى ابن مريم عليه السلام  من أنه إله لكونه أنه قد ولد من أم بلا أب.
 والله تعالى قرر أن هذا هو الحق في شأن عيسى عليه السلام ، وأنه عبدٌ مربوب مخلوق، لا يملك حولاً ولا طولاً، وأنه لن يستنكف عن عبادة الله تعالى، ولن يستكبر عن ذلك، بل هو من عباد الله المقربين، ومن أوليائه المتقين.
هكذا يجب أن يعتقد المؤمن في عيسى ابن مريم عليه السلام ، ومن ظن أنه إله أو أنه معبود، أو أنه ابن الله تعالى، فقد خرج عن السَّنن القويم، والصراط المستقيم.
الله جل وعلا بعد أن قرر ذلك تقريرا جلياً واضحاً بهذا المثل الذي لا يلتبس ولا يشتبه، قال جل في علاه {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} أي هذا الذي بينه الله تعالى في شأن عيسى عليه السلام  هو الحق من الله، الحق المبين جل في علاه.
{فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} أي فلا تكن من الشاكين المرتابين الذين اشتبه عليهم الحق فضلوا عن سبيله، وعن صراطه المستقيم.
والمؤمن إذا جاءه خبر الله كان على يقين في صدق ذلك الخبر والاعتقاد في مضمونه، ولهذا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم  المحاجين له، المعارضين له في شأن عيسى عليه السلام  إلى المباهلة كما قال تعالى {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ} أي نتضرع إلى الله تعالى بعد هذا الاجتماع لهؤلاء جميعاً {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} يعني على من كذبوا في شأن عيسى ابن مريم منا أو منكم.
وهذا في غاية العدل، وفي غاية الإنصاف، أن سوى بينه وبينهم مع تمام علمه بصدق خبر ربه جل في علاه.
اللهم إنا نسألك علماً نافعاً، وبصراً نافذا، وعملاً صالحاً.
وإلى أن نلقاكم في حلقة جديدة من برنامجكم " أمثال قرآنية" أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات19144 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات12321 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9836 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8404 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف