×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / برامج / أمثال قرآنية / الحلقة (37) من برنامج أمثال قرآنية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الحلقة (37) من برنامج أمثال قرآنية
00:00:01

بسم الله الرحمن الرحيم. ((الحلقة السابعة والثلاثون)) الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، أحمده لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحمده فهو أكبر من كل شيء، أحمده لا أحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه.  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.  وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد. فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات في حلقة الجديدة من برنامجكم "أمثال قرآنية".  في هذه الحلقة - إن شاء الله تعالى - سنتناول قول الله جل في علاه في نداءه للناس، وفي خطابه لهم{يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له}+++ سورة الحج:73.---. الله رب العالمين، الله مالك الملك، الله الرحمن الرحيم، ينادي الناس كافة، عربهم وعجمهم، مسلمهم وكافرهم، يقول سبحانه وبحمده {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له}،{ ضرب مثل} من الذي ضربه، إنه الله جل في علاه. وهذا المثل الذي ضربه الله سبحانه وبحمده لتجلية حقيقة عظمى وقضية كبرى،  تهم الناس كافة على اختلاف لغاتهم، وعلى تنوع أجناسهم، وعلى اختلاف أزمنتهم وأماكنهم، فهذا مثل إلى يوم الدين، الناس في حاجة إلى استماعه، وإلى عقله وفهمه، لينتفعوا مما تضمنه. إنه مثل يبين الله تعالى فيه حال الناس في العبودية، وما انتهى إليه بعض ضعاف العقول وغائبي البصائر إلى أن يعبدوا غيره معه جل في علاه، يقول سبحانه وبحمده : {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب}+++ سورة الحج:73.---. هذا المثل الذي ضربه الله تعالى لحال عبادة غيره مثل عظيم الشأن جليل القدر، قال بعض أهل العلم :" حق على كل من سمع هذا المثل أن يتدبره وأن ينصت إليه بقلبه، وأن يعي ما فيه من المعاني ، فإن الله أمر بالاستماع له، قال:{فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله}، أي الذين تدعونهم من دون الله بشتى صور الدعاء سواء كان ذلك بدعاء المسألة والطلب، وهذا هو المتبادر إلى الذهن عند ذكر الدعاء كأن يسأل غير الله جل وعلا بأن يقال :" يا فلان أغثنا، يا رسول الله أعنا، يا الولي الفلاني أفعل بنا، يا الملك الفلاني اقضي حاجاتنا"، وما إلى ذلك من أنواع ما يدعى من دون الله تعالى سواء كان من الملائكة أو كان من الرسل والأنبياء أو كان من الصالحين  والشهداء، أو كان من سائر الناس أو كان من الجن، أو كان من الجمادات والحيوانات أو غير ذلك مما يعبده الناس من دون الله، كل هؤلاء إذا عبدوا من دون الله فإنه يصدق عليهم هذا المثل الذي ذكره الله تعالى. إن الذين تدعون من دون الله دعاء مسألة أو دعاء عبادة بأن تصرفوا إليهم أنواع القربات من النذور والعبادات وشتى صنوف الطاعات {لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له}، أي ليس عندهم من القدرة ولا من المكنة ولا من التمكين ما يستطيعون أن يخلقوا ذبابا ، وذكر الله تعالى الذباب لأنه أحقر ما يراه الناس من المخلوقات، ولذلك سمي ذبابا لأن الناس يذبونه، ويدفعونه عنهم بالذب لحقارته وقذارته وعدم رغبتهم فيه. يقول جل وعلا {لن يخلقوا ذبابا}، والخلق هو الإيجاد من العدم فليس  عندهم القدرة التي من خلالها يستطيعون أن يخلقوا ذبابا {ولو اجتمعوا له}، يعني ولو تنادى هؤلاء المعبودون واجتمعوا وأتوا بكل ما عندهم من القدرات والإماكانات لن يستطيعوا أن يخلقوا ذبابا . طيب. هذا العجز الأول، وهو العجز الأكبر، وهو عجزهم عن الإيجاد من العدم، عجزهم عن الخلق. ثم ضرب مثلا آخر يتبين فيه عظيم عجز هؤلاء، فعجزهم عن الخلق ظاهر، لكن ما دونه من الانتصار، ما دونه من المدافعة هل يستطيعونها؟، قال جل وعلا {وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه}. {يسلبهم}، أي يأخذ الذباب من هذه الآلهة التي تدعى من دون الله وتعبد {شيئا}، وهو نكرة في سياق الشرط فيشمل كل شيء، يعني لو سلبهم أي شيء من الأشياء مهما كان حقيرا مهما كان قليلا، مهما كان زهيدا لا يستنقذوه منه. ليس عندهم قدرة على أن يأخذوه من الذباب بعد أن سلبه منهم. الله أكبر، ما أجل قدرة الله عز وجل، وما أعظم ضلال أولئك الذين سووا به غيره، فإذا كانت هذه الآلهة على جلالة ما يراها العابدون، وعلى جلالة ما يصرفونه لهم من الاعتقاد بالقدرة والمكنة التي من أجلها صرفت العبادة لهذه المعبودات إلا أن حقيقة هذه الآلهة من العجز ما وصفه الله تعالى. فهم لا يستطيعون خلق الذباب، ولا يستطيعون الانتصار، أولا يستطيعون أن يحموا أنفسهم من أن يسلبهم الذباب شيئا ثم إذا وقع السلب وأخذ منهم ما يريدون لا يستطيعون استنقاذه، لا يستطيعون استرجاعه، لا يستطيعون أخذه، وبالتالي هم عاجزون عن الدفع أولا عاجزون عن الانتصار ثانيا، فإذا كان هذا هو حالهم، وهو عدم القدرة على الإيجاد، وعدم القدرة على الدفع، وعدم القدرة على الانتصار ممن سلبهم شيئا، فلماذا يعبدونهم من دون الله؟!!، سقطت كل المسوغات التي يمكن أن يستندوا إليها في صرف العبادة إلى هؤلاء دون الله جل وعلا، وهذا من أقوى الأدلة ومن أظهر البراهين التي يستدل بها القرآن الكريم على إبطال عبادة غير الله جل وعلا، على إبطال صرف أي نوع من أنواع القربات والعبادات لغير الله جل في علاه. ولذلك ختم هذه الآية بقوله{ضعف الطالب والمطلوب}، ضعف الداعي والمدعو، ضعف الإله وضعف الذباب على أقوال في تفسير هذه الآية في معنى من المراد بالطالب ومن المراد بالمطلوب، فمن أهل العلم من قال:"الطالب هو العابد، والمطلوب هو المعبود، وهذا معنى صحيح . وقال آخرون :" ضعف الطالب أي الآلة التي تطلب من الذباب ما أخذ منها، والمطلوب هو الذباب". وقيل: " ضعف الطالب الذباب الذي أخذ من هذه الآلهة، وضعف المطلوب أي المعبود الذي أله من دون الله تعالى وكل هذه المعاني صحيحة+++ انظر "النكت والعيون"(4/40)، و"زاد المسير"(4/399).---.  والمقصود أن الضعف وصف لكل من ذكر في هذا المثال من عابد ومعبود، ومن ذباب سالب ومن إله مسلوب، كل هؤلاء ضعفاء، ولذلك قال الله جل وعلا بعد هذا المثل :{ما قدروا الله حق قدره}، الله أكبر .. ما أجل هؤلاء الله جل في علاه الإجلال الذي يليق به سبحانه وبحمده، وما قدروا الله حق قدره، وما عظموه حق عظمته، وما عرفوه حق معرفته، وما وصفوه حق صفته، وما عبدوه حق عبادته، حيث سووا به غيره سبحانه وبحمده.  فسبحان من لا يقدر الخلق قدره*** ومن هو فوق العرش فرد موحد.  مليك على عرش السماء مهيمن ***بعزته جل في علاه تعلو الوجوه وتسجد. ضرب الله تعالى هذا المثل وبين حقارة هذه الآلهة وحقارة هذا الشرك الذي يتورط فيه فئام كثيرون من الناس. إن الشرك ليس قضية بائدة في القرون الماضية لا وجود لها، إن أكثر البشرية في يومنا وفي حاضرنا وفي زماننا هم ممن يعبد غير الله تعالى، كم هم أولئك الذين يعبدون بوذا، كم هم أولئك الذين يعبدون الشمس، كم هم أولئك الذين يعبدون أنواعا من المعبودات الوثنية في شرق الأرض وغربها، إنهم خلق كثير. وضرب الله تعالى هذا المثل ليبطل عبادة غيره . إن البعوضة تدمي مقلة الأسد. فهذا الذباب وما يكون منه من التسلط على الآلهة المزعومة دليل كبير على قدرة الرب جل في علاه، وأنه منزه عن أن يكون له نظير، منزه عن أن يكون له مثيل، منزه عن أن يكون له شريك في شيء من كمالاته في شيء من صفاته، في شيء مما يجب له سبحانه وبحمده، الله أكبر وأجل، تبارك الله رب العالمين، تبارك الله أن يكون له شريك في شيء من كمالاته سبحانه وبحمده. وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية" أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:2983
بسم الله الرحمن الرحيم.
((الحلقة السابعة والثلاثون))
الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، أحمده لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحمده فهو أكبر من كل شيء، أحمده لا أحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه.
 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
 وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات في حلقة الجديدة من برنامجكم "أمثال قرآنية".
 في هذه الحلقة - إن شاء الله تعالى - سنتناول قول الله جل في علاه في نداءه للناس، وفي خطابه لهم{يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} سورة الحج:73..
الله رب العالمين، الله مالك الملك، الله الرحمن الرحيم، ينادي الناس كافة، عربهم وعجمهم، مسلمهم وكافرهم، يقول سبحانه وبحمده {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}،{ ضُرِبَ مَثَلٌ} من الذي ضربه، إنه الله جل في علاه.
وهذا المثل الذي ضربه الله سبحانه وبحمده لتجلية حقيقة عظمى وقضية كبرى،  تهم الناس كافة على اختلاف لغاتهم، وعلى تنوع أجناسهم، وعلى اختلاف أزمنتهم وأماكنهم، فهذا مثل إلى يوم الدين، الناس في حاجة إلى استماعه، وإلى عقله وفهمه، لينتفعوا مما تضمنه.
إنه مثل يبين الله تعالى فيه حال الناس في العبودية، وما انتهى إليه بعض ضعاف العقول وغائبي البصائر إلى أن يعبدوا غيره معه جل في علاه، يقول سبحانه وبحمده : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} سورة الحج:73..
هذا المثل الذي ضربه الله تعالى لحال عبادة غيره مثل عظيم الشأن جليل القدر، قال بعض أهل العلم :" حق على كل من سمع هذا المثل أن يتدبره وأن ينصت إليه بقلبه، وأن يعي ما فيه من المعاني ، فإن الله أمر بالاستماع له، قال:{فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، أي الذين تدعونهم من دون الله بشتى صور الدعاء سواء كان ذلك بدعاء المسألة والطلب، وهذا هو المتبادر إلى الذهن عند ذكر الدعاء كأن يُسأل غير الله جل وعلا بأن يقال :" يا فلان أغثنا، يا رسول الله أعنا، يا الولي الفلاني أفعل بنا، يا الملك الفلاني اقضي حاجاتنا"، وما إلى ذلك من أنواع ما يدعى من دون الله تعالى سواء كان من الملائكة أو كان من الرسل والأنبياء أو كان من الصالحين  والشهداء، أو كان من سائر الناس أو كان من الجن، أو كان من الجمادات والحيوانات أو غير ذلك مما يعبده الناس من دون الله، كل هؤلاء إذا عبدوا من دون الله فإنه يصدق عليهم هذا المثل الذي ذكره الله تعالى.
إن الذين تدعون من دون الله دعاء مسألة أو دعاء عبادة بأن تصرفوا إليهم أنواع القربات من النذور والعبادات وشتى صنوف الطاعات {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ}، أي ليس عندهم من القدرة ولا من المـُكنة ولا من التمكين ما يستطيعون أن يخلقوا ذباباً ، وذكر الله تعالى الذباب لأنه أحقر ما يراه الناس من المخلوقات، ولذلك سمي ذباباً لأن الناس يذِبُونَه، ويدفعونه عنهم بالذِّب لحقارته وقذارته وعدم رغبتهم فيه.
يقول جل وعلا {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا}، والخلق هو الإيجاد من العدم فليس  عندهم القدرة التي من خلالها يستطيعون أن يخلقوا ذباباً {وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ}، يعني ولو تنادى هؤلاء المعبودون واجتمعوا وأتوا بكل ما عندهم من القدرات والإماكانات لن يستطيعوا أن يخلقوا ذباباً .
طيب. هذا العجز الأول، وهو العجز الأكبر، وهو عجزهم عن الإيجاد من العدم، عجزهم عن الخلق.
ثم ضرب مثلاً آخر يتبين فيه عظيم عجز هؤلاء، فعجزهم عن الخلق ظاهر، لكن ما دونه من الانتصار، ما دونه من المدافعة هل يستطيعونها؟، قال جل وعلا {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ}.
{يَسْلُبْهُمُ}، أي يأخذ الذباب من هذه الآلهة التي تدعى من دون الله وتعبد {شَيْئًا}، وهو نكرة في سياق الشرط فيشمل كل شيء، يعني لو سلبهم أي شيء من الأشياء مهما كان حقيراً مهما كان قليلاً، مهما كان زهيداً لا يستنقذوه منه.
ليس عندهم قدرة على أن يأخذوه من الذباب بعد أن سلبه منهم.
الله أكبر، ما أجل قدرة الله عز وجل، وما أعظم ضلال أولئك الذين سوَّوا به غيره، فإذا كانت هذه الآلهة على جلالة ما يراها العابدون، وعلى جلالة ما يصرفونه لهم من الاعتقاد بالقدرة والمـُكنة التي من أجلها صرفت العبادة لهذه المعبودات إلا أن حقيقة هذه الآلهة من العجز ما وصفه الله تعالى.
فهم لا يستطيعون خلق الذباب، ولا يستطيعون الانتصار، أولاً يستطيعون أن يحموا أنفسهم من أن يسلبهم الذباب شيئاً ثم إذا وقع السلب وأخذ منهم ما يريدون لا يستطيعون استنقاذه، لا يستطيعون استرجاعه، لا يستطيعون أخذه، وبالتالي هم عاجزون عن الدفع أولاً عاجزون عن الانتصار ثانياً، فإذا كان هذا هو حالهم، وهو عدم القدرة على الإيجاد، وعدم القدرة على الدفع، وعدم القدرة على الانتصار ممن سلبهم شيئاً، فلماذا يعبدونهم من دون الله؟!!، سقطت كل المسوغات التي يمكن أن يستندوا إليها في صرف العبادة إلى هؤلاء دون الله جل وعلا، وهذا من أقوى الأدلة ومن أظهر البراهين التي يَستدل بها القرآن الكريم على إبطال عبادة غير الله جل وعلا، على إبطال صرف أي نوع من أنواع القربات والعبادات لغير الله جل في علاه.
ولذلك ختم هذه الآية بقوله{ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}، ضعف الداعي والمدعو، ضعف الإله وضعف الذباب على أقوال في تفسير هذه الآية في معنى من المراد بالطالب ومن المراد بالمطلوب، فمن أهل العلم من قال:"الطالب هو العابد، والمطلوب هو المعبود، وهذا معنى صحيح .
وقال آخرون :" ضعف الطالب أي الآلة التي تطلب من الذباب ما أُخذ منها، والمطلوب هو الذباب".
وقيل: " ضعف الطالب الذباب الذي أخذ من هذه الآلهة، وضعف المطلوب أي المعبود الذي أُلِّه من دون الله تعالى وكل هذه المعاني صحيحة انظر "النكت والعيون"(4/40)، و"زاد المسير"(4/399)..
 والمقصود أن الضعف وصف لكل من ذكر في هذا المثال من عابد ومعبود، ومن ذباب سالب ومن إله مسلوب، كل هؤلاء ضعفاء، ولذلك قال الله جل وعلا بعد هذا المثل :{مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، الله أكبر .. ما أجلَّ هؤلاء الله جل في علاه الإجلال الذي يليق به سبحانه وبحمده، وما قدروا الله حق قدره، وما عظموه حق عظمته، وما عرفوه حق معرفته، وما وصفوه حق صفته، وما عبدوه حق عبادته، حيث سووا به غيره سبحانه وبحمده.
 فسبحان من لا يقدر الخلق قدره*** ومن هو فوق العرش فرد موحد.
 مليك على عرش السماء مهيمن ***بعزته جل في علاه تعلو الوجوه وتسجد.
ضرب الله تعالى هذا المثل وبين حقارة هذه الآلهة وحقارة هذا الشرك الذي يتورط فيه فئام كثيرون من الناس.
إن الشرك ليس قضية بائدة في القرون الماضية لا وجود لها، إن أكثر البشرية في يومنا وفي حاضرنا وفي زماننا هم ممن يعبد غير الله تعالى، كم هم أولئك الذين يعبدون بوذا، كم هم أولئك الذين يعبدون الشمس، كم هم أولئك الذين يعبدون أنواعاً من المعبودات الوثنية في شرق الأرض وغربها، إنهم خلق كثير.
وضرب الله تعالى هذا المثل ليبطل عبادة غيره .
إن البعوضة تدمي مقلة الأسد.
فهذا الذباب وما يكون منه من التسلط على الآلهة المزعومة دليل كبير على قدرة الرب جل في علاه، وأنه منزَّه عن أن يكون له نظير، منزَّه عن أن يكون له مثيل، منزَّه عن أن يكون له شريك في شيء من كمالاته في شيء من صفاته، في شيء مما يجب له سبحانه وبحمده، الله أكبر وأجل، تبارك الله رب العالمين، تبارك الله أن يكون له شريك في شيء من كمالاته سبحانه وبحمده.
وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية" أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات19194 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات12366 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9957 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8466 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف