×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / برامج / أمثال قرآنية / الحلقة (45) من برنامج أمثال قرآنية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الحلقة (45) من برنامج أمثال قرآنية
00:00:01

بسم الله الرحمن الرحيم ((الحلقة الخامسة والأربعون)) الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، أحمده حق حمده لا أحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه.  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، بلغ البلاغ المبين، وهدى إلى أقوم السبيل، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد. فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم "أمثال قرآنية". في هذه الحلقة -إن شاء الله تعالى- نتناول مثلا ذكره الله تعالى في سورة الروم، وهو مثل مضروب لتقرير التوحيد وإبطال الشرك، يقول الله جل وعلا :{ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون}+++ سورة الروم: 28.---. ثم ذكر الله تعالى بعد هذه الآية جملة من الآيات المتصلة لتقرير معنى هذه الآية، يقول الله جل وعلا في هذه الآية التي ضربها مثلا لإبطال الشرك، وبيان أن الشرك لا يقوم على دليل صحيح، ولا يقوم على بصيرة وهداية، بل هو عمى وضلالة. الشرك هو تسوية غير الله تعالى بالله، فكل من سوى غير الله تعالى بالله سواء كانت هذه التسمية في صفات الله تعالى أو في أسمائه أو في أفعاله أو في إلاهيته أو في ربوبيته ، كل هذا من الضلال المبين الذي تبطله نصوص القرآن الحكيم، ودعوة المرسلين جميعا قائمة على إبطال الشرك وإقامة التوحيد. هذا المثل  خاطب الله تعالى فيه من تورط بشيء من الشرك، وأقام له الدليل من نفسه على أنه لا يصح أن يسوى غير الله تعالى بالله {تالله إن كنا لفي ضلال مبين (97) إذ نسويكم برب العالمين}+++ سورة الشعراء:97-98.---. فتسوية الملك الكامل في صفاته الذي له الأولى والآخرة رب العالمين بغيره هو من أكبر الضلال، وأعظم الخطأ، لذلك يقول الله تعالى لبيان هذا {ضرب لكم مثلا من أنفسكم}، صور لكم صورة تتضح بها المعاني، وتقرب بها المفاهيم، ويتبين بها الخفي، هذا المثل ليس من شيء بعيد، ولا من شيء غائب، إنما هو من أنفسكم، فهو مثل مبتدأ من نفس الإنسان، والخطاب في هذا المثل للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره، للمشركين الذين سووا بالله تعالى غيره من الآلهة التي كانوا يعبدونها. يقول جل وعلا والخطاب في هذا المثل للمشركين الذين سووا بالله تعالى غيره، للمشركين الذين جعلوا مع الله تعالى آلهة يتقربون إليها ويصرفون إليها ما لا يجوز صرفه إلا لله جل وعلا، يقول لهم {ضرب لكم مثلا من أنفسكم}، أي ضرب لكم صورة من حالكم ، ومن شأنكم، ومبتدأه منكم أنتم أيها المتورطون في الشرك، هل تقبلون أن يسوى بكم من هو تحت أيديكم من المماليك ومن العبيد والرقيق؟ {هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم}.  المشركون الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم كان الرق منتشرا بينهم؛ وهو أنهم يملكون من بني آدم من يتصرفون فيهم تصرفا تاما هؤلاء الرقيق، هؤلاء العبيد ليس لهم تصرف في أنفسهم، ولا لهم ملك على شيء من الأشياء، بل هم مملوكون يباعون ويشترون، قد كانوا في الجاهلية يسومونهم سوء العذاب، ليس لهم حقوق وليس لهم أي مكانة، وليس لهم أي منزلة ، يقول الله جل وعلا للمشركين الذين في أذهانهم هذه الصورة، وهذا الأمر وهو أنهم لا يستوون مع عبيدهم، ولا يقبلون من عبيدهم أن ينزلوا أنفسهم منزلة مساوية لهم. {هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء}يشاركونكم ويخالطونكم،{في ما رزقناكم} من أموال ، في ما رزقناكم من أولاد، في ما رزقناكم من زوجات، هل تقبلون أن يشارككم هؤلاء ويقتسمون معكم أموالكم، ويقتسمون معكم أولادكم، ويقتسمون معكم أزواجكم، ويكونون معكم  على حد سواء، لا فرق بين مالك ومملوك، بل الأمر أكثر من هذا {تخافونهم كخيفتكم أنفسكم}، أي تخافونهم ، أي تخافون هؤلاء المماليك، هؤلاء العبيد، هؤلاء الرقيق، تخافونهم أن يكونوا في محل منكم كمحل الشريك مع شريكه، كمحل الحر مع الحر إذا اشتركا في ملك أو اشتركا في عمل، فيقتسمان قسمة أنداد متقابلين، أنداد متساوين، هل ترضون هذه الصورة في من ملكتم إياهم، وفي من جرى عليهم الرق من مماليككم ؟ الجواب. أنهم لا يقبلون هذا بالتأكيد، ولا يرضونه، بل لا تسع أذهانهم أن يتصورا هذه الصورة في الأفهام والأذهان فضلا عن أن تكون واقعا ممارسا أو عملا يقبلونه من عبيدهم، ورقيقهم. يقول الله تعالى:{هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء}، على حد واحدة، {تخافونهم كخيفتكم أنفسكم}، فتعاملونهم معاملة الشركاء الأنداد، وهذا الاستفهام استفهام يتضمن النفي والإنكار، فإنهم لا يقبلون هذه الصورة بالتأكيد، فإذا كان الأمر كذلك، فإذا كنتم لا تقبلون مساواة الرقيق مع كونكم لا تختلفون عنهم في الخلقة، ولا تختلفون عنهم في التركيب والبنية، بل حتى في القدرات، فقد يكون من الرقيق من معه من القدرة في البدن أو الفكر ، أو العمل ما ليس مع الحر، فإذا كنتم لا ترضون هذا، ولا تقبلون هذه الصورة بحال من الأحوال، فكيف تقبلون أن تسووا بالله تعالى غيره، والكل عبد له {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا}+++ سورة مريم:93.---. فكيف يسوغ في أذهانكم، وفي عقولكم أن تقبلوا هذه الصورة في حق الله تعالى وأنتم لا تقبلونها في حق أنفسكم، ولا تقبلونها في الواقع المعاش وكلكم عبيد لله تعالى مربوبون، ومع هذا لا تقبلون التسوية مع الحر المالك المتصرف، وبين الرقيق العبد المملوك المتصرف فيه.  فإذا كان هذا لا يستقيم في الأذهان فكيف يصح في العقول أن يسوى رب الأرباب ومالك الملوك سبحانه وبحمده، أن يسوى به غيره من عبيده المقهورين المغلوبين. إن هذا لا تقبله النفوس ولا يصح في العقول والأذهان، لذلك يقول الله جل وعلا {كذلك نفصل الآيات}، أي مثل هذا التفصيل والبيان، ومثل هذا الإيضاح والتمكين والتصوير، نبين الحق ونكشف الملتبس، ونظهر البراهين والحجج {كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون}، أي أن هذا التفصيل، وذاك البيان لا ينتفع منه إلا العاقلون الذين يعملون عقولهم بالتدبر والفكر، الذين يعملون عقولهم بالنظر والتأمل، الذين يعملون عقولهم في التوصل إلى ما ينفع والبعد عما يضر. فهذا التفصيل لا ينتفع به من عميت بصائرهم، ولا من عميت قلوبهم، ولا من انطمست عليهم السبل، إنما ينتفع به أولئك الذين أعملوا عقولهم، وأجالوا أفكارهم في تدبر الأمثال والنظر في الآيات مع ظهورها وبيانها وأنها لا تحتاج إلى كبير عناء لإدراكها لا سيما في هذه الأمثال الظاهرة البينة التي يستدل بها الله تعالى ويحتج بها على هؤلاء المشركين لإبطال شركهم وضلال سعيهم . هذا ما تضمنه المثل بشيء من الإيجاز. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجنبنا الشرك في القول والعمل، وان يطهر قلوبنا من كل زيغ وضلال، وأن يعمرها بالتوحيد الخلص له، وأن يجعلنا من أوليائه وعباده المتقين، ومن حزبه المفلحين، وأن يخلصنا بخالصة ذكرى الدار. وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية" أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:2719
بسم الله الرحمن الرحيم
((الحلقة الخامسة والأربعون))
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، أحمده حق حمده لا أحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه.
 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، بلَّغ البلاغ المبين، وهدى إلى أقوم السبيل، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم "أمثال قرآنية".
في هذه الحلقة -إن شاء الله تعالى- نتناول مثلاً ذكره الله تعالى في سورة الروم، وهو مثل مضروب لتقرير التوحيد وإبطال الشرك، يقول الله جل وعلا :{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} سورة الروم: 28..
ثم ذكر الله تعالى بعد هذه الآية جملة من الآيات المتصلة لتقرير معنى هذه الآية، يقول الله جل وعلا في هذه الآية التي ضربها مثلاً لإبطال الشرك، وبيان أن الشرك لا يقوم على دليل صحيح، ولا يقوم على بصيرة وهداية، بل هو عمى وضلالة.
الشرك هو تسوية غير الله تعالى بالله، فكل من سوَّى غير الله تعالى بالله سواء كانت هذه التسمية في صفات الله تعالى أو في أسمائه أو في أفعاله أو في إلاهيته أو في ربوبيته ، كل هذا من الضلال المبين الذي تبطله نصوص القرآن الحكيم، ودعوة المرسلين جميعاً قائمة على إبطال الشرك وإقامة التوحيد.
هذا المثل  خاطب الله تعالى فيه من تورط بشيء من الشرك، وأقام له الدليل من نفسه على أنه لا يصح أن يسوى غير الله تعالى بالله {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} سورة الشعراء:97-98..
فتسوية الملك الكامل في صفاته الذي له الأولى والآخرة رب العالمين بغيره هو من أكبر الضلال، وأعظم الخطأ، لذلك يقول الله تعالى لبيان هذا {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ}، صوَّر لكم صورة تتضح بها المعاني، وتقرب بها المفاهيم، ويتبين بها الخفي، هذا المثل ليس من شيء بعيد، ولا من شيء غائب، إنما هو من أنفسكم، فهو مثل مبتدأ من نفس الإنسان، والخطاب في هذا المثل للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره، للمشركين الذين سووا بالله تعالى غيره من الآلهة التي كانوا يعبدونها.
يقول جل وعلا والخطاب في هذا المثل للمشركين الذين سووا بالله تعالى غيره، للمشركين الذين جعلوا مع الله تعالى آلهة يتقربون إليها ويصرفون إليها ما لا يجوز صرفه إلا لله جل وعلا، يقول لهم {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ}، أي ضرب لكم صورة من حالكم ، ومن شأنكم، ومبتدأه منكم أنتم أيها المتورطون في الشرك، هل تقبلون أن يسوى بكم من هو تحت أيديكم من المماليك ومن العبيد والرقيق؟ {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ}.
 المشركون الذين بُعث فيهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان الرق منتشرا بينهم؛ وهو أنهم يملكون من بني آدم من يتصرفون فيهم تصرفاً تاماً هؤلاء الرقيق، هؤلاء العبيد ليس لهم تصرف في أنفسهم، ولا لهم ملك على شيء من الأشياء، بل هم مملوكون يباعون ويُشترون، قد كانوا في الجاهلية يسومونهم سوء العذاب، ليس لهم حقوق وليس لهم أيُّ مكانة، وليس لهم أي منزلة ، يقول الله جل وعلا للمشركين الذين في أذهانهم هذه الصورة، وهذا الأمر وهو أنهم لا يستوون مع عبيدهم، ولا يقبلون من عبيدهم أن ينزلوا أنفسهم منزلة مساوية لهم.
{هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ}يشاركونكم ويخالطونكم،{فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ} من أموال ، في ما رزقناكم من أولاد، في ما رزقناكم من زوجات، هل تقبلون أن يشارككم هؤلاء ويقتسمون معكم أموالكم، ويقتسمون معكم أولادكم، ويقتسمون معكم أزواجكم، ويكونون معكم  على حدٍ سواء، لا فرق بين مالك ومملوك، بل الأمر أكثر من هذا {تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ}، أي تخافونهم ، أي تخافون هؤلاء المماليك، هؤلاء العبيد، هؤلاء الرقيق، تخافونهم أن يكونوا في محل منكم كمحل الشريك مع شريكه، كمحل الحر مع الحر إذا اشتركا في ملك أو اشتركا في عمل، فيقتسمان قسمة أنداد متقابلين، أنداد متساوين، هل ترضون هذه الصورة في من ملكتم إياهم، وفي من جرى عليهم الرق من مماليككم ؟ الجواب. أنهم لا يقبلون هذا بالتأكيد، ولا يرضونه، بل لا تسع أذهانهم أن يتصورا هذه الصورة في الأفهام والأذهان فضلاً عن أن تكون واقعاً ممارساً أو عملاً يقبلونه من عبيدهم، ورقيقهم.
يقول الله تعالى:{هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ}، على حدٍ واحدة، {تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ}، فتعاملونهم معاملة الشركاء الأنداد، وهذا الاستفهام استفهام يتضمن النفي والإنكار، فإنهم لا يقبلون هذه الصورة بالتأكيد، فإذا كان الأمر كذلك، فإذا كنتم لا تقبلون مساواة الرقيق مع كونكم لا تختلفون عنهم في الخِلقة، ولا تختلفون عنهم في التركيب والبنية، بل حتى في القدرات، فقد يكون من الرقيق من معه من القدرة في البدن أو الفكر ، أو العمل ما ليس مع الحر، فإذا كنتم لا ترضون هذا، ولا تقبلون هذه الصورة بحالٍ من الأحوال، فكيف تقبلون أن تسووا بالله تعالى غيره، والكل عبد له {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} سورة مريم:93..
فكيف يسوغ في أذهانكم، وفي عقولكم أن تقبلوا هذه الصورة في حق الله تعالى وأنتم لا تقبلونها في حق أنفسكم، ولا تقبلونها في الواقع المعاش وكلكم عبيد لله تعالى مربوبون، ومع هذا لا تقبلون التسوية مع الحر المالك المتصرف، وبين الرقيق العبد المملوك المتصرف فيه.
 فإذا كان هذا لا يستقيم في الأذهان فكيف يصح في العقول أن يسوَّى رب الأرباب ومالك الملوك سبحانه وبحمده، أن يسوَّى به غيره من عبيده المقهورين المغلوبين.
إن هذا لا تقبله النفوس ولا يصح في العقول والأذهان، لذلك يقول الله جل وعلا {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ}، أي مثل هذا التفصيل والبيان، ومثل هذا الإيضاح والتمكين والتصوير، نبين الحق ونكشف الملتبس، ونظهر البراهين والحجج {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}، أي أن هذا التفصيل، وذاك البيان لا ينتفع منه إلا العاقلون الذين يعملون عقولهم بالتدبر والفكر، الذين يعملون عقولهم بالنظر والتأمل، الذين يعملون عقولهم في التوصل إلى ما ينفع والبعد عما يضر.
فهذا التفصيل لا ينتفع به من عميت بصائرهم، ولا من عميت قلوبهم، ولا من انطمست عليهم السبل، إنما ينتفع به أولئك الذين أعملوا عقولهم، وأجالوا أفكارهم في تدبر الأمثال والنظر في الآيات مع ظهورها وبيانها وأنها لا تحتاج إلى كبير عناء لإدراكها لا سيما في هذه الأمثال الظاهرة البيِّنة التي يستدل بها الله تعالى ويحتج بها على هؤلاء المشركين لإبطال شركهم وضلال سعيهم .
هذا ما تضمنه المثل بشيء من الإيجاز.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجنبنا الشرك في القول والعمل، وان يطهر قلوبنا من كل زيغ وضلال، وأن يعمرها بالتوحيد الخلص له، وأن يجعلنا من أوليائه وعباده المتقين، ومن حزبه المفلحين، وأن يخلصنا بخالصة ذكرى الدار.
وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية" أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات18648 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات11971 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9152 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8020 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف