×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / برامج / أمثال قرآنية / الحلقة (55) من برنامج أمثال قرآنية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الحلقة (55) من برنامج أمثال قرآنية
00:00:01

بسم الله الرحمن الرحيم. (( الحلقة الخامسة والخمسون )) إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. لا إله إلا هو رب السماوات والأرض ومن فيهن، وهو العزيز الحكيم. وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله،بعثه الله بأعظم الرسالات، وأكمل الهدايات، أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، بصرهم من العمى، هداهم من الضلالة، بين لهم الطريق الموصل إلى الله على أكمل بيان، وأوضح برهان، حتى غدا الناس على محجة بيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد. فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات، في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم"أمثال قرآنية". سنتناول إن شاء الله تعالى في هذه الحلقة ما ذكره الله تعالى في مثل القرية التي ضربها الله لرسوله صلى الله عليه وسلم  في سورة يس. فقد جاء ذلك الرجل على غاية السعي والجد في نصح قومه، يحذرهم تكذيب الرسل، ويبين لهم خطورة ما هم عليه من تكذيب، فجاءهم من أقصى المدينة يسعى، آمرا إياهم باتباع الرسل، ومبينا لهم ما كانوا عليه من كبير الإيمان، وجميل السيرة وموجبات القبول، وأسباب الاهتداء بما جاءوا به من الهدايات. فقال لهم كما قص الله تعالى ﴿ وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين (20) اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون﴾، وهذا فيه بيان التزكية لأولئك القوم. أما تزكية رسالتهم وما جاءوا به، فقد قاله أيضا في أبلغ بيان وأوضح برهان، حيث قال لهم ﴿وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون (22) أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون(23) إني إذا لفي ضلال مبين﴾، هكذا يكمل النصح على أحسن صوره، وأبهى حلله، فقد بين بالحجة القاطعة، والبرهان الساطع صدق دعوة الرسل بتزكية المرسلين، وبيان سلامة قصودهم، وصحة أعمالهم، كما بين صحة ما جاءوا به، وكمال ما دعوا إليه، قال جل وعلا في خبر ذلك الرجل الصادق الناصح المشفق،﴿ وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون﴾، إنه استفهام استنكاري، كيف لا أعبد من هذا شأنه. كيف لا أتوجه بالمحبة والتعظيم إلى هذا الرب الذي هو فاطري جل في علاه. قال: ﴿ وما لي لا أعبد الذي فطرني﴾، أي شيء يمنعني؟ أي شيء يصدني؟، أي شيء يصرفني عن أن أعبد الذي فطرني. والعبادة هنا تشمل أصلها بإفراد الله تعالى بالمحبة والتعظيم، وسائر أعمال القلوب، كما يتبع ذلك إفراد الله تعالى في الأقوال وفي سائر الأعمال. ﴿وما لي لا أعبد الذي فطرني﴾، الذي فطرني، أي الذي خلقني، وأوجدني، ورزقني، وهو الخالق، الفاطر هو الموجد، الفاطر هو مبدع الشيء على غير مثال سابق سبحانه وبحمده. إنه الله الذي له هذا الوصف وليس لغيره، فلا أحد يخلق كخلقه، ولا يفطر كفطره جل في علاه.  ولذلك كان من أدلة الرسل على وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، وأن العبادة لا تصح لكائن من كان، من ملك أو رسول أو نبي أو صالح، أو حيوان، أو جماد، أو إنس، أو جن، أو غير ذلك مما يتوجه إليه الناس في عبادتهم دون الله تعالى كل تلك العبادات باطلة، لأنه ليس ثمة في الكون خالق فاطر إلا الله جل في علاه. ولهذا استحق العبادة وحده لا شريك له. ﴿وما لي لا أعبد الذي فطرني﴾، فالله تعالى فاطر السماوات والأرض، وهو جل في علاه، قد أجرى هذه الحجة على ألسنة الرسل فاستدلوا على أقوامهم في إفراد الله بالعبادة بأنه الفاطر جل في علاه. فهذا إمام الموحدين إبراهيم عليه السلام يقول في محاجة قومه ﴿إنني براء مما تعبدون﴾، أي متبرأ خالص، متجافي لكل ما عبدتموه من دون الله، ﴿إلا الذي فطرني فإنه سيهدين﴾+++ سورة الزخرف:26.---، فاستثنى عبادة الله وحده لا شريك له، وهذا الاستثناء إما أن يكون منقطعا، وإما أن يكون متصلا على قولين عند أهل التفسير بناء على اختلافهم في عبادة قوم إبراهيم، هل كانوا يعبدون مع الله غيره، أم أنهم كانوا يعبدون غير الله ولا يعبدون الله. فإذا كانوا يعبدون مع الله غيره فإنه استثناء متصل. وإذا كان هؤلاء لا يعبدون الله، وإنما يعبدون سواه فهذا استثناء منقطع، بمعنى لكن الذي فطرني فهو المستحق للعبادة. فالوجه لا يوجه، والعمل لا يقصد، والسعي لا يكون إلا لله فاطر السموات والأرض. ولذلك قال إبراهيم عليه السلام في سياق محاجة قومه بعد أن بين لهم فساد عبادة الكواكب بأنواعها، صغيرها وكبيرها، مشرقها ومظلمها، ﴿إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا﴾أي خالصا مائلا عن الشرك، متخلصا لكل صرف من العبادة لغيره، ﴿وما أنا من المشركين﴾+++ سورة الأنعام:79.---. تأكيد لمعنى ذلك التوجه، ولذلك الخلوص، وأنه لا يتطرق إليه شيء من الشرك لا في الظاهر ولا في الباطن، لا في القلب ولا في العمل، ﴿وما أنا من المشركين﴾ في شأن من الشؤون، ولا عمل من الأعمال. إن الله تعالى هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، لأنه هو الخالق، ولا يستحق من الخلق شيء أن يعبد لأنهم مخلوقون مربوبون فالذي أبرزهم إلى الوجود، وخلقهم من العدم هو المستحق للعبادة. لهذا كان أول ما أمر الله تعالى به الناس أن يعبدوه، فقال في كتاب الحكيم ﴿يا أيها الناس اعبدوا ربكم﴾+++ سورة البقرة:21.---. وذكر في أول أسباب وجوب عبادته والإقبال عليه، ﴿الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾. وهذا معنى قول هذا الرجل الناصح في هذا المثل لقومه، ﴿ وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون﴾. وقد قال الله جل وعلا في آيات كثيرة منكرا على المشركين أن يتخذوا من دونه آلهة، فقال:﴿أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون﴾+++ سورة الأعراف:191.---. وقال جل وعلا ﴿أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون﴾+++ سورة النحل:17.---. وقال جل في علاه:﴿ أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء﴾ +++ سورة الرعد:16.---. والآيات في هذا كثيرة،  التي يذكر الله تعالى فيها أنه لا يستحق العبادة إلا الخالق الفاطر جل وعلا. فكل من كان لا يخلق فإنه لا يستحق أن يعبد، لأن المخلوق مهما عظمت قدرته، وكبر جاهه هو فقير إلى خالقه، فهو عبد مربوب لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا. لهذا قال هذا الرجل في أول تزكية لمضمون رسالة الرسل الذين جاءوا أقوامهم بهذه الرسالة، ﴿وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون﴾. وذكر مسوغا آخر وهو الرد إلى الله جل وعلا، الرجوع إليه سبحانه وبحمده فإن هذا من موجبات عبادته، ذلك بأنه أمر سبحانه وبحمده، أن يعبد وحده لا شريك له، فمن أشرك معه غيره فإنه سيرد إلى ربه، وسيسأله جل في علاه عن حقه. ولذلك كان التوحيد هو محل الابتلاء والاختبار في حق الله جل وعلا. فكان المشركون في النار، وكان الموحدون في الجنة، ﴿إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار﴾+++ سورة المائدة:72.---. اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك ونحن نعلم، ونستغفرك لما لا نعلم. اللهم أخلصنا بخالصة ذكرى الدار، واجعلنا من الموحدين الأبرار، وانظمنا في سلك أوليائك الصالحين، وعبادك المتقين، وحزبك المفلحين. وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية"، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:2740
بسم الله الرحمن الرحيم.
(( الحلقة الخامسة والخمسون ))
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.
لا إله إلا هو رب السماوات والأرض ومن فيهن، وهو العزيز الحكيم.
وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله،بعثه الله بأعظم الرسالات، وأكمل الهدايات، أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، بصَّرهم من العمى، هداهم من الضلالة، بيَّن لهم الطريق الموصل إلى الله على أكمل بيان، وأوضح برهان، حتى غدا الناس على محجة بيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات، في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم"أمثال قرآنية".
سنتناول إن شاء الله تعالى في هذه الحلقة ما ذكره الله تعالى في مثل القرية التي ضربها الله لرسوله صلى الله عليه وسلم  في سورة يس.
فقد جاء ذلك الرجل على غاية السعي والجد في نصح قومه، يحذرهم تكذيب الرسل، ويبين لهم خطورة ما هم عليه من تكذيب، فجاءهم من أقصى المدينة يسعى، آمرا إياهم باتباع الرسل، ومبينا لهم ما كانوا عليه من كبير الإيمان، وجميل السيرة وموجبات القبول، وأسباب الاهتداء بما جاءوا به من الهدايات.
فقال لهم كما قصَّ الله تعالى ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾، وهذا فيه بيان التزكية لأولئك القوم.
أما تزكية رسالتهم وما جاءوا به، فقد قاله أيضاً في أبلغ بيان وأوضح برهان، حيث قال لهم ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ(23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾، هكذا يكمل النصح على أحسن صوره، وأبهى حلله، فقد بيَّن بالحجة القاطعة، والبرهان الساطع صدق دعوة الرسل بتزكية المرسلين، وبيان سلامة قصودهم، وصحة أعمالهم، كما بيَّن صحة ما جاءوا به، وكمال ما دعوا إليه، قال جل وعلا في خبر ذلك الرجل الصادق الناصح المشفق،﴿ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، إنه استفهام استنكاري، كيف لا أعبد من هذا شأنه.
كيف لا أتوجه بالمحبة والتعظيم إلى هذا الرب الذي هو فاطري جل في علاه.
قال: ﴿ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾، أي شيء يمنعني؟ أي شيء يصدني؟، أي شيء يصرفني عن أن أعبد الذي فطرني.
والعبادة هنا تشمل أصلها بإفراد الله تعالى بالمحبة والتعظيم، وسائر أعمال القلوب، كما يتبع ذلك إفراد الله تعالى في الأقوال وفي سائر الأعمال.
﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾، الذي فطرني، أي الذي خلقني، وأوجدني، ورزقني، وهو الخالق، الفاطر هو الموجد، الفاطر هو مبدع الشيء على غير مثال سابق سبحانه وبحمده.
إنه الله الذي له هذا الوصف وليس لغيره، فلا أحد يخلق كخلقه، ولا يفطر كفطره جل في علاه.
 ولذلك كان من أدلة الرسل على وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، وأن العبادة لا تصح لكائن من كان، من ملك أو رسول أو نبي أو صالح، أو حيوان، أو جماد، أو إنس، أو جن، أو غير ذلك مما يتوجه إليه الناس في عبادتهم دون الله تعالى كل تلك العبادات باطلة، لأنه ليس ثمة في الكون خالق فاطر إلا الله جل في علاه.
ولهذا استحق العبادة وحده لا شريك له.
﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾، فالله تعالى فاطر السماوات والأرض، وهو جل في علاه، قد أجرى هذه الحجة على ألسنة الرسل فاستدلوا على أقوامهم في إفراد الله بالعبادة بأنه الفاطر جل في علاه.
فهذا إمام الموحدين إبراهيم عليه السلام يقول في محاجة قومه ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾، أي متبرأ خالص، متجافي لكل ما عبدتموه من دون الله، ﴿إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ سورة الزخرف:26.، فاستثنى عبادة الله وحده لا شريك له، وهذا الاستثناء إما أن يكون منقطعًا، وإما أن يكون متصلا على قولين عند أهل التفسير بناءً على اختلافهم في عبادة قوم إبراهيم، هل كانوا يعبدون مع الله غيره، أم أنهم كانوا يعبدون غير الله ولا يعبدون الله.
فإذا كانوا يعبدون مع الله غيره فإنه استثناء متصل.
وإذا كان هؤلاء لا يعبدون الله، وإنما يعبدون سواه فهذا استثناء منقطع، بمعنى لكن الذي فطرني فهو المستحق للعبادة.
فالوجه لا يوجه، والعمل لا يقصد، والسعي لا يكون إلا لله فاطر السموات والأرض.
ولذلك قال إبراهيم عليه السلام في سياق محاجة قومه بعد أن بين لهم فساد عبادة الكواكب بأنواعها، صغيرها وكبيرها، مشرقها ومظلمها، ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا﴾أي خالصاً مائلا عن الشرك، متخلصاً لكل صرف من العبادة لغيره، ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ سورة الأنعام:79..
تأكيد لمعنى ذلك التوجه، ولذلك الخلوص، وأنه لا يتطرق إليه شيء من الشرك لا في الظاهر ولا في الباطن، لا في القلب ولا في العمل، ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ في شأن من الشؤون، ولا عمل من الأعمال.
إن الله تعالى هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، لأنه هو الخالق، ولا يستحق من الخلق شيء أن يعبد لأنهم مخلوقون مربوبون فالذي أبرزهم إلى الوجود، وخلقهم من العدم هو المستحق للعبادة.
لهذا كان أول ما أمر الله تعالى به الناس أن يعبدوه، فقال في كتاب الحكيم ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ سورة البقرة:21..
وذكر في أول أسباب وجوب عبادته والإقبال عليه، ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
وهذا معنى قول هذا الرجل الناصح في هذا المثل لقومه، ﴿ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
وقد قال الله جل وعلا في آيات كثيرة منكرا على المشركين أن يتخذوا من دونه آلهة، فقال:﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ سورة الأعراف:191..
وقال جل وعلا ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ سورة النحل:17..
وقال جل في علاه:﴿ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ سورة الرعد:16..
والآيات في هذا كثيرة،  التي يذكر الله تعالى فيها أنه لا يستحق العبادة إلا الخالق الفاطر جل وعلا.
فكل من كان لا يخلق فإنه لا يستحق أن يعبد، لأن المخلوق مهما عظمت قدرته، وكبر جاهه هو فقير إلى خالقه، فهو عبد مربوب لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا.
لهذا قال هذا الرجل في أول تزكية لمضمون رسالة الرسل الذين جاءوا أقوامهم بهذه الرسالة، ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
وذكر مسوغاً آخر وهو الرد إلى الله جل وعلا، الرجوع إليه سبحانه وبحمده فإن هذا من موجبات عبادته، ذلك بأنه أمر سبحانه وبحمده، أن يعبد وحده لا شريك له، فمن أشرك معه غيره فإنه سيرد إلى ربه، وسيسأله جل في علاه عن حقه.
ولذلك كان التوحيد هو محل الابتلاء والاختبار في حق الله جل وعلا.
فكان المشركون في النار، وكان الموحدون في الجنة، ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ سورة المائدة:72..
اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك ونحن نعلم، ونستغفرك لما لا نعلم.
اللهم أخلصنا بخالصة ذكرى الدار، واجعلنا من الموحدين الأبرار، وانظمنا في سلك أوليائك الصالحين، وعبادك المتقين، وحزبك المفلحين.
وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية"، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات18648 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات11971 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9154 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8020 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف