×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / برامج / أمثال قرآنية / الحلقة (61) من برنامج أمثال قرآنية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الحلقة (61) من برنامج أمثال قرآنية
00:00:01

بسم الله الرحمن الرحيم (( الحلقة الحادية والستون )) الحمد لله مالك الملك، يعز من يشاء ويزل من يشاء، له الحمد كله لا إله غيره، أحمده حق حمده هو أحق من حمد وأجل من ذكر. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره، بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد. فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات، في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم"أمثال قرآنية". هذا البرنامج نتناول فيه أمثال القرآن، ونقف مع تلك الأمثال بما يسر الله تعالى ومن من الإيضاح والبيان، لعلنا أن نكون من أولئك الذين أثنى الله عليهم فقال:﴿وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون﴾+++ سورة العنكبوت:43.---. في هذه الحلقة -إن شاء الله تعالى- سنتكلم عن بقية ما ذكره الله تعالى في قصة أصحاب القرية، وهو مثل ضربه الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم  ليعظ قومه بتلك القصة بقوم جاءتهم الرسل فنصحتهم، وبينت لهم وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، فكذبوا الرسل، فعزز الله تعالى المرسلين بإرسال ثالث، فكانوا ثلاثة رسل لهؤلاء القوم، كذبوهم وعاندوهم، واستخفوا بهم، وقالوا: إنما أنتم شؤم على قريتنا، وعلى قومنا، فهموا أن يقعوا بهم وأن يقتلوهم، فجاء رجل من أقصى المدينة يسعى، هذا الرجل ليس من المرسلين، إنما هو رجل آمن بما جاءت به الرسل، جاءهم ناصحا، جاءهم محذرا جاءهم مصدقا بالرسل، جاءهم داعيا إلى الله عز وجل  جاءهم ليحذرهم من أن ينالوا الرسل بشيء من الأذى. فكذبه قومه، بل قتلوه وأوقعوا العقوبة به، فجاءته البشارة، ﴿قيل ادخل الجنة﴾ فمن شدة ما عاين من فضل الله وعاين من فضل الله وعظيم إحسانه، تمنى تلك الأمنية التي تدل على قلب مليء بمحبة الخير للآخرين. فقال:﴿يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين﴾. ثم بعد ذلك عاد الخبر والسياق والقصة إلى الحديث عن شأن القوم وما صار عليهم، وما جرى لهم، وما انتهت إليه حالهم بعد تلك الجناية العظيمة، وهي تقتيل الناصحين، وأذية عباد الله المتقين. يقول الله جل وعلا ﴿وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء﴾، أي لم نكن محتاجين في عقوبتهم، وفي الانتقام لأولياء الله عز وجل  أن ننزل عليهم جندا من السماء، ﴿وما كنا منزلين﴾، أي وما جرت عادتنا في عقوبات الأمم المتقدمة أن ننزل بهم العقوبة بجند من السماء من الملائكة، إنما أهلكهم الله تعالى بألوان من المهلكات من الغرق، الصيحة، الحاصب، وما أشبه ذلك مما جمعه قول الله جل في علاه بعد ذلك المكذبين وأقوامهم، ﴿فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا﴾ هذا نوع، ﴿ومنهم من أخذته الصيحة﴾، وهذا نوع ثان، ﴿ومنهم من خسفنا به الأرض﴾، وهذا النوع الثالث من العقوبات، ﴿ومنهم من أغرقنا﴾+++ سورة العنكبوت:40.---، وهذا هو النوع الرابع من العقوبات التي أهلك الله تعالى بها الأمم المتقدمة. هؤلاء القوم -أصحاب القرية- كانت عقوبتهم الصيحة، ولذلك قال جل وعلا:﴿إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون﴾. هكذا تتجلى القدرة الإلهية، وتظهر على أوضح ما تكون، فإن هلاك أولئك القوم كان بالصيحة. والصيحة هي الصوت العظيم، وهو صوت تنزعج منه القلوب وتنخلع، حتى تهلك وتموت، وقد عاقب الله تعالى به قوم صالح، كما قص جل في علاه في كتابه،﴿فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز (66) وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين (67) كأن لم يغنوا فيها﴾+++ سورة هود.---، أي كأنهم لم يمر عليهم يوما يتمتعون في تلك الديار، كأن هذه الديار لم تشهد نوعا من الفرح والمرح واللعب والسرور. ﴿كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود﴾. وقال جل وعلا:﴿ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين (94) كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود﴾+++ سورة هود.---. فهذه العقوبة كانت أيضا لقوم شعيب، الذين كذبوه ولم يستجيبوا له، فكانت الصيحة عقوبة لأهل مدين المكذبين لشعيب، كما كانت عقوبة لقوم صالح، ثمود الذين كذبوا صالحا وكذبوا ما جاءت به الرسل. فالصيحة عقوبة أخبر الله تعالى بها في كتابه، وأنه عاقب بها أقواما، وهي صوت مفزع، ولذلك سماها في موضع من مواضع ذكر العقوبة بالصاعقة، فقال في قوم ثمود ﴿فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون﴾+++ سورة فصلت:17.---. وقال:﴿فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون﴾+++ سورة الذاريات:44.---. فهذا هو وصف آخر لذلك النوع من العقوبات، إنه الصيحة والصاعقة وذلك الصوت المفزع تحصل به أنواع من الهلاك والدمار وهو ما أهلك الله تعالى به هؤلاء كما قال جل وعلا:﴿إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون﴾. أي ما كانت عقوبتهم، فإن النافية بمعنى ما، ﴿ إن كانت إلا صيحة واحدة﴾، أي لم تكن صيحة متكررة، إنما هي في العدد واحدة، لكن من عظمها وشدتها حصل بها الهلاك فورا. ﴿فإذا هم خامدون﴾، قد تقطعت قلوبهم من أجوافهم، وانزعجت بتلك الصيحة، فأصبحوا لا صوت، ولا حركة، ولا حياة، ولا عتو، ولا استكبار، ولا أي نوع من أنواع الحياة، بل هم خامدون، كما وصف الله عز وجل . وهذا يبين عظيم تلك العقوبة التي تهدد الله تعالى بها أهل مكة، فإنه ذكر جل في علاه هذا النوع من العقوبة تحذيرا لأهل مكة المشركين الذين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الله عز وجل  قال محذرا قريشا لما كذبت الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الهدى ودين الحق، قال جل وعلا:﴿ وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق﴾+++ سورة ص:15.---، لاستكبارهم وعتوهم، ﴿ وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب﴾+++ سورة ص:16.---. هذه العقوبة لأولئك القوم هي من آيات الله العظمى، والبراهين على انتصار الله تعالى لأوليائه ورسله، فقد قال جل وعلا:﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي﴾+++ سورة المجادلة:21. ---. وقال جل وعلا في وصف أوليائه:﴿ وإن جندنا لهم الغالبون﴾+++ سورة الصافات:173.---. فالله تعالى غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، فتلك العقوبات كانت انتقاما من هؤلاء المكذبين، وانتصارا للمرسلين، وشاهدا وعبرة لكل من أتى بعد أولئك القوم ليعتبر بمصائر المكذبين، ومآل أولياء الله المتقين، فإن الله تعالى دعا المؤمنين إلى السير في الأرض لينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم. ولذلك بعد أن ذكر الله تعالى ما ذكر في هذه الآيات، قال جل في علاه، مذكرا الغاية والسر من سرد هذه القصة، ومن ذكر هذه العقوبات التي تنزجر لها القلوب، قال جل وعلا:﴿ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون﴾+++ سورة يس:31.---. اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور، ونسألك يا ذا الجلال والإكرام الثبات على الحق والهدى. اللهم اربط على قلوبنا، وثبت أقدامنا، من علينا بما يرضيك عنا، واصرف عنا كل ما يغضبك يا ذا الجلال والإكرام. نعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.   وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية"، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:3018
بسم الله الرحمن الرحيم
(( الحلقة الحادية والستون ))
الحمد لله مالك الملك، يعز من يشاء ويزل من يشاء، له الحمد كله لا إله غيره، أحمده حق حمده هو أحق من حمد وأجل من ذكر.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره، بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات، في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم"أمثال قرآنية".
هذا البرنامج نتناول فيه أمثال القرآن، ونقف مع تلك الأمثال بما يسر الله تعالى ومنَّ من الإيضاح والبيان، لعلنا أن نكون من أولئك الذين أثنى الله عليهم فقال:﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ سورة العنكبوت:43..
في هذه الحلقة -إن شاء الله تعالى- سنتكلم عن بقية ما ذكره الله تعالى في قصة أصحاب القرية، وهو مثل ضربه الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم  ليعظ قومه بتلك القصة بقوم جاءتهم الرسل فنصحتهم، وبينت لهم وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، فكذبوا الرسل، فعزز الله تعالى المرسلين بإرسال ثالث، فكانوا ثلاثة رسل لهؤلاء القوم، كذبوهم وعاندوهم، واستخفوا بهم، وقالوا: إنما أنتم شؤم على قريتنا، وعلى قومنا، فهموا أن يقعوا بهم وأن يقتلوهم، فجاء رجل من أقصى المدينة يسعى، هذا الرجل ليس من المرسلين، إنما هو رجل آمن بما جاءت به الرسل، جاءهم ناصحاً، جاءهم محذراً جاءهم مصدقاً بالرسل، جاءهم داعيا إلى الله عز وجل  جاءهم ليحذرهم من أن ينالوا الرسل بشيء من الأذى.
فكذبه قومه، بل قتلوه وأوقعوا العقوبة به، فجاءته البشارة، ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ﴾ فمن شدة ما عاين من فضل الله وعاين من فضل الله وعظيم إحسانه، تمنى تلك الأمنية التي تدل على قلب مليء بمحبة الخير للآخرين.
فقال:﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾.
ثم بعد ذلك عاد الخبر والسياق والقصة إلى الحديث عن شأن القوم وما صار عليهم، وما جرى لهم، وما انتهت إليه حالهم بعد تلك الجناية العظيمة، وهي تقتيل الناصحين، وأذية عباد الله المتقين.
يقول الله جل وعلا ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾، أي لم نكن محتاجين في عقوبتهم، وفي الانتقام لأولياء الله عز وجل  أن ننزل عليهم جندا من السماء، ﴿وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ﴾، أي وما جرت عادتنا في عقوبات الأمم المتقدمة أن ننزل بهم العقوبة بجند من السماء من الملائكة، إنما أهلكهم الله تعالى بألوان من المهلكات من الغرق، الصيحة، الحاصب، وما أشبه ذلك مما جمعه قول الله جل في علاه بعد ذلك المكذبين وأقوامهم، ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا﴾ هذا نوع، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ﴾، وهذا نوع ثانٍ، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ﴾، وهذا النوع الثالث من العقوبات، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا﴾ سورة العنكبوت:40.، وهذا هو النوع الرابع من العقوبات التي أهلك الله تعالى بها الأمم المتقدمة.
هؤلاء القوم -أصحاب القرية- كانت عقوبتهم الصيحة، ولذلك قال جل وعلا:﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾.
هكذا تتجلى القدرة الإلهية، وتظهر على أوضح ما تكون، فإن هلاك أولئك القوم كان بالصيحة.
والصيحة هي الصوت العظيم، وهو صوت تنزعج منه القلوب وتنخلع، حتى تهلك وتموت، وقد عاقب الله تعالى به قوم صالح، كما قصَّ جل في علاه في كتابه،﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾ سورة هود.، أي كأنهم لم يمر عليهم يوما يتمتعون في تلك الديار، كأن هذه الديار لم تشهد نوعاً من الفرح والمرح واللعب والسرور.
﴿كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ﴾.
وقال جل وعلا:﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾ سورة هود..
فهذه العقوبة كانت أيضاً لقوم شعيب، الذين كذبوه ولم يستجيبوا له، فكانت الصيحة عقوبة لأهل مدين المكذبين لشعيب، كما كانت عقوبة لقوم صالح، ثمود الذين كذبوا صالحا وكذبوا ما جاءت به الرسل.
فالصيحة عقوبة أخبر الله تعالى بها في كتابه، وأنه عاقب بها أقواماً، وهي صوت مفزع، ولذلك سماها في موضع من مواضع ذكر العقوبة بالصاعقة، فقال في قوم ثمود ﴿فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ سورة فصلت:17..
وقال:﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾ سورة الذاريات:44..
فهذا هو وصف آخر لذلك النوع من العقوبات، إنه الصيحة والصاعقة وذلك الصوت المفزع تحصل به أنواع من الهلاك والدمار وهو ما أهلك الله تعالى به هؤلاء كما قال جل وعلا:﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾.
أي ما كانت عقوبتهم، فإن النافية بمعنى ما، ﴿ إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾، أي لم تكن صيحة متكررة، إنما هي في العدد واحدة، لكن من عظمها وشدتها حصل بها الهلاك فوراً.
﴿فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾، قد تقطعت قلوبهم من أجوافهم، وانزعجت بتلك الصيحة، فأصبحوا لا صوت، ولا حركة، ولا حياة، ولا عتو، ولا استكبار، ولا أي نوع من أنواع الحياة، بل هم خامدون، كما وصف الله عز وجل .
وهذا يبين عظيم تلك العقوبة التي تهدد الله تعالى بها أهل مكة، فإنه ذكر جل في علاه هذا النوع من العقوبة تحذيراً لأهل مكة المشركين الذين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الله عز وجل  قال محذرا قريشا لما كذبت الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الهدى ودين الحق، قال جل وعلا:﴿ وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ﴾ سورة ص:15.، لاستكبارهم وعتوهم، ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾ سورة ص:16..
هذه العقوبة لأولئك القوم هي من آيات الله العظمى، والبراهين على انتصار الله تعالى لأوليائه ورسله، فقد قال جل وعلا:﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ سورة المجادلة:21. .
وقال جل وعلا في وصف أوليائه:﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ سورة الصافات:173..
فالله تعالى غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، فتلك العقوبات كانت انتقاماً من هؤلاء المكذبين، وانتصارا للمرسلين، وشاهدا وعبرة لكل من أتى بعد أولئك القوم ليعتبر بمصائر المكذبين، ومآل أولياء الله المتقين، فإن الله تعالى دعا المؤمنين إلى السير في الأرض لينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم.
ولذلك بعد أن ذكر الله تعالى ما ذكر في هذه الآيات، قال جل في علاه، مذكرا الغاية والسر من سرد هذه القصة، ومن ذكر هذه العقوبات التي تنزجر لها القلوب، قال جل وعلا:﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ سورة يس:31..
اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور، ونسألك يا ذا الجلال والإكرام الثبات على الحق والهدى.
اللهم اربط على قلوبنا، وثبت أقدامنا، منَّ علينا بما يرضيك عنا، واصرف عنا كل ما يغضبك يا ذا الجلال والإكرام.
نعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
 
وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية"، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات19194 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات12366 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9957 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8466 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف