×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / برامج / أمثال قرآنية / الحلقة (63) من برنامج أمثال قرآنية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الحلقة (63) من برنامج أمثال قرآنية
00:00:01

بسم الله الرحمن الرحيم (( الحلقة الثالثة والستون )) الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، الحمد لله ملئ السموات، وملئ الأرض، وملئ ما بينهما، وملئ ما شاء من شيء بعد، له الحمد كله، لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه. وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، رب العالمين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، وخيرته من خلقه، بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، بلغ الرسالة،وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين وهو على ذلك، فصلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره، بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد. فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات، في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم"أمثال قرآنية". في هذه الحلقة -إن شاء الله تعالى- نقف مع ما عقب الله جل في علاه في آخر قصة أصحاب القرية الذين ضربهم الله تعالى مثلا لسيد المرسلين، نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. يقول الله تعالى لرسوله في أول هذه القصة، وفي أول هذا المثل:﴿واضرب لهم﴾، أي اضرب لهم يا محمد، اضرب للمشركين الذين يعاندونك، ويعارضونك، واضرب لكل من يستمع لهذا القرآن،﴿مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون﴾، قص الله خبر تلك المرسلين وبين ما انتهى إليه المآل من إصرار المشركين المعاندين لهم على التكذيب، وقتلهم ذاك الرجل الصالح الذي جاء يسعى من أقصى المدينة يأمرهم ويحذرهم مخالفة الرسل،﴿قال يا قوم اتبعوا المرسلين (20) اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون (21) وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون (22) أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون (23) إني إذا لفي ضلال مبين (24) إني آمنت بربكم فاسمعون﴾. فأوقعوا به العقوبة، قتلوه، ﴿قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين﴾. ثم أخبر الله جل في علاه عن عقوبة هؤلاء وأنها لم تكن عقوبة خارجة عن المألوف في عقوبات المكذبين من أمثالهم، قال جل وعلا:﴿وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين (28) إن كانت﴾، أي ما كانت تلك العقوبة التي عوقب بها هؤلاء على تكذيبهم، وعلى قتلهم المرسلين، وقتلهم الناصحين، ﴿إلا صيحة﴾، وهذه الصيحة لم تكن صيحة مترددة، بل كانت صيحة واحدة كما قال:﴿إن كانت إلا صيحة واحدة﴾، فماذا كانت النتيجة، وما هي العاقبة، ﴿فإذا هم خامدون﴾، لا حياة فيهم، لا حركة، لا عناد، لا مشي، لا تنقل، سكون لا حياة فيه، ﴿فإذا هم خامدون﴾.  انتهى المثل الذي ذكره الله جل وعلا، وجاء مقام ذكر العبر من تلك القصة، ومن ذلك المثل. قال فيه جل في علاه:﴿يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون﴾، هذه الآية الكريمة، ابتدأها الله تعالى بنداء﴿يا﴾، وهو حرف نداء ينادى به الشيء، والمنادى هنا ليس شخصا إنما هو شيء معنوي، وهو الحسرة:﴿يا حسرة﴾، والحسرة هي لهفة بالغة الألم والندم على فوات شيء عزيز غال يلحق هذا اللهف وذلك الندم صاحبه انحسارا وضيقا حتى يكون في حسرة، لا يستطيع أن يتحرك، ولا أن يمشي، ولا أن يتصرف، ولا أن يفكر، فهي حسرة تحسر الإنسان وتوقعه في دائرة الندم، وتوقعه في دائرة الضيق، فلا يجد مخرجا، ولا ملاذا من ذلك الندم الذي يركبه فلا يجد له منه موئلا. العرب تقول هذه الكلمة ﴿يا حسرة﴾، أي يا ندامة، وكآبة وضيقا وتألما وحسرا يدرك المتكلم بذلك أو يدرك المتحسر عليه. هنا يقول الله جل وعلا:﴿يا حسرة﴾، أي يا حسرة هذا وقتك فأتي، وهذا وجه النداء. ﴿يا حسرة﴾ هذا زمانك فلا تتأخري. ﴿يا حسرة﴾ هذا موضع حضورك فتعالي. وهذا مبالغة في شدة الحسرة، وشدة ما أصابهم من الألم.  على ماذا حصل التحسر؟ على العباد. من هم العباد؟ للعلماء في ذلك أقوال:  فمنهم من قال : هم الكفار الذين كذبوا الرسل. فالحسرة وقعت على ما أصابهم من عقوبة بسبب تكذيبهم وعنادهم وما فعلوه بالرسل. وقيل الحسرة هنا على المرسلين، فالعباد هنا المقصود بهم المرسلون الذين كذبوا وأوذوا ونيل منهم بسبب أنهم دعوا إلى الله وحده لا شريك له، ويدخل فيهم الرجل الناصح الذي جاء من أقصى المدينة يسعى يقول لقومه يا قوم اتبعوا المرسلين. ما هو سبب التحسر؟ بينه جل وعلا في قوله:﴿ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون﴾. ولأهل التفسير عند هذه الآية وقفة في بيان من هو المتحسر؟ من القائل:﴿يا حسرة على العباد﴾، ولهم في ذلك أقوال كثيرة. فمنهم من قال: إن الحسرة هنا وقعت من الكفار. فقوله تعالى:﴿إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون (29) يا حسرة على العباد﴾، المتحسر هم الذين نزلت بهم العقوبة وهم الكفار، تحسروا على تفويتهم الفرصة التي من الله تعالى بها عليهم من بعث الرسل وتأييدهم وتعزيزهم ومجيء الرجل مصدقا للرسل وناصحا له. فتحسروا على ما فعللوه في رسله. وهذا أحد الأقوال في قوله﴿يا حسرة على العباد﴾، وهو معنى تحتمله الآية. وقيل:إن المتحسر، القائل﴿يا حسرة على العباد﴾، هم الملائكة، تحسروا على الكفار الذي كذبوا الرسل وعصوهم وعاندوهم وقابلوهم بالتكذيب والكفر. وقيل: إن المتحسر هو الرجل الناصح الذي قال:﴿يا ليت قومي يعلمون﴾، تألم وندم على الذي نزل بقومه من تكذيبهم وقتلهم الرسل وإصابتهم بما أصابوا من ألوان الأذى الذي أنزلوه بأولئك المرسلين. وقيل: إن الحسرة هنا وقعت من الرسل الذين بعثوا إلى أصحاب القرية، أن أولئك كذبوهم أولا، وردوا دعوتهم وعاندوهم، ثم قتلوا ذلك الرجل الناصح الذي نصحهم باتباع الرسل وترك ما هم عليهم من كفر. فتحسر الرسل على أصحاب القرية لما قتلوا الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى. هذا كله تحتمله الآية، ويمكن أن تفسر به. وقال جماعة من المفسرين: إن هذا كلام رب العالمين، فإن الله هو القائل:﴿يا حسرة على العباد﴾. وهنا يقع إشكال وهو: هل يقع من الله تعالى ندم على ما نزل بعباده. الله تعالى رؤوف رحيم، هو الرحمن الرحيم جل في علاه سبحانه وبحمد. وقوله جل وعلا: ﴿يا حسرة على العباد﴾، هو بيان لعظيم ما وقع فيه هؤلاء من تكذيب للرسل، وهو تهوين لذلك الفعل الذي فعلوه بالناصح لهم من القتل. وهذا جار على استعمال العرب ولا يلزم منه أن يلحق الله تعالى نقص أو عيب، أو شيء من هذه المعاني التي في المخلوقين عندما يذكرون الحسرة أو ينادونها. وقال جماعة من أهل العلم: إن معنى قوله: ﴿يا حسرة﴾، أي الإخبار بوقوع الندامة، الإخبار بوقوع الكآبة على أولئك القوم، وليس نداء لها فهي للتنبيه ولفت النظر إلى عظيم الخسارة الواقعة على العباد بهذا التكذيب. وهنا لا إشكال في كون المتكلم بذلك هو رب العالمين جل في علاه. هذه هي المعاني التي ذكرها العلماء في معنى قوله:﴿يا حسرة على العباد﴾، في كل معانيها المتقدمة هي دالة على عظيم الخسارة التي باء بها هؤلاء، الخسارة التي نالها هؤلاء، الخسارة التي رجع بها أولئك المكذبون للرسل الذين عاندوهم وكذبوهم وردوا ما جاءوا به من الحق والهدى. فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعيذنا من مضلات الفتن، وأن يرزقنا الإيمان بالله، وبكتبه وبرسله، وبسائر أصول الإيمان على الوجه الذي يرضى به عنا. وأن يعيذنا من الردى، وأن يقينا الحسرة وأعمال أهلها. وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية"، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:2665
بسم الله الرحمن الرحيم
(( الحلقة الثالثة والستون ))
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، الحمد لله ملئ السموات، وملئ الأرض، وملئ ما بينهما، وملئ ما شاء من شيء بعد، له الحمد كله، لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه.
وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، رب العالمين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، وخيرته من خلقه، بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، بلغ الرسالة،وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين وهو على ذلك، فصلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره، بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات، في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم"أمثال قرآنية".
في هذه الحلقة -إن شاء الله تعالى- نقف مع ما عقب الله جل في علاه في آخر قصة أصحاب القرية الذين ضربهم الله تعالى مثلاً لسيد المرسلين، نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
يقول الله تعالى لرسوله في أول هذه القصة، وفي أول هذا المثل:﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ﴾، أي اضرب لهم يا محمد، اضرب للمشركين الذين يعاندونك، ويعارضونك، واضرب لكل من يستمع لهذا القرآن،﴿مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ﴾، قصَّ الله خبر تلك المرسلين وبيَّن ما انتهى إليه المآل من إصرار المشركين المعاندين لهم على التكذيب، وقتلهم ذاك الرجل الصالح الذي جاء يسعى من أقصى المدينة يأمرهم ويحذرهم مخالفة الرسل،﴿قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ﴾.
فأوقعوا به العقوبة، قتلوه، ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾.
ثم أخبر الله جل في علاه عن عقوبة هؤلاء وأنها لم تكن عقوبة خارجة عن المألوف في عقوبات المكذبين من أمثالهم، قال جل وعلا:﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ﴾، أي ما كانت تلك العقوبة التي عوقب بها هؤلاء على تكذيبهم، وعلى قتلهم المرسلين، وقتلهم الناصحين، ﴿إِلَّا صَيْحَةً﴾، وهذه الصيحة لم تكن صيحة مترددة، بل كانت صيحة واحدة كما قال:﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾، فماذا كانت النتيجة، وما هي العاقبة، ﴿فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾، لا حياة فيهم، لا حركة، لا عناد، لا مشي، لا تنقل، سكون لا حياة فيه، ﴿فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾.
 انتهى المثل الذي ذكره الله جل وعلا، وجاء مقام ذكر العبر من تلك القصة، ومن ذلك المثل.
قال فيه جل في علاه:﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾، هذه الآية الكريمة، ابتدأها الله تعالى بنداء﴿يَا﴾، وهو حرف نداء ينادى به الشيء، والمنادى هنا ليس شخصا إنما هو شيء معنوي، وهو الحسرة:﴿يَا حَسْرَةً﴾، والحسرة هي لهفة بالغة الألم والندم على فوات شيء عزيز غال يلحق هذا اللهف وذلك الندم صاحبه انحساراً وضيقاً حتى يكون في حسرة، لا يستطيع أن يتحرك، ولا أن يمشي، ولا أن يتصرف، ولا أن يفكر، فهي حسرة تحسر الإنسان وتوقعه في دائرة الندم، وتوقعه في دائرة الضيق، فلا يجد مخرجاً، ولا ملاذا من ذلك الندم الذي يركبه فلا يجد له منه موئلاً.
العرب تقول هذه الكلمة ﴿يَا حَسْرَةً﴾، أي يا ندامة، وكآبة وضيقاً وتألماً وحسراً يدرك المتكلم بذلك أو يدرك المتحسر عليه.
هنا يقول الله جل وعلا:﴿يَا حَسْرَةً﴾، أي يا حسرة هذا وقتك فأتي، وهذا وجه النداء.
﴿يَا حَسْرَةً﴾ هذا زمانك فلا تتأخري.
﴿يَا حَسْرَةً﴾ هذا موضع حضورك فتعالي.
وهذا مبالغة في شدة الحسرة، وشدة ما أصابهم من الألم. 
على ماذا حصل التحسر؟ على العباد.
من هم العباد؟ للعلماء في ذلك أقوال:
 فمنهم من قال : هم الكفار الذين كذبوا الرسل.
فالحسرة وقعت على ما أصابهم من عقوبة بسبب تكذيبهم وعنادهم وما فعلوه بالرسل.
وقيل الحسرة هنا على المرسلين، فالعباد هنا المقصود بهم المرسلون الذين كذبوا وأوذوا ونيل منهم بسبب أنهم دعوا إلى الله وحده لا شريك له، ويدخل فيهم الرجل الناصح الذي جاء من أقصى المدينة يسعى يقول لقومه يا قوم اتبعوا المرسلين.
ما هو سبب التحسر؟ بينه جل وعلا في قوله:﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾.
ولأهل التفسير عند هذه الآية وقفة في بيان من هو المتحسر؟ من القائل:﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾، ولهم في ذلك أقوال كثيرة.
فمنهم من قال: إن الحسرة هنا وقعت من الكفار.
فقوله تعالى:﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾، المتحسر هم الذين نزلت بهم العقوبة وهم الكفار، تحسروا على تفويتهم الفرصة التي منَّ الله تعالى بها عليهم من بعث الرسل وتأييدهم وتعزيزهم ومجيء الرجل مصدقاً للرسل وناصحاً له.
فتحسروا على ما فعللوه في رسله.
وهذا أحد الأقوال في قوله﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾، وهو معنى تحتمله الآية.
وقيل:إن المتحسر، القائل﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾، هم الملائكة، تحسروا على الكفار الذي كذبوا الرسل وعصوهم وعاندوهم وقابلوهم بالتكذيب والكفر.
وقيل: إن المتحسر هو الرجل الناصح الذي قال:﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾، تألم وندم على الذي نزل بقومه من تكذيبهم وقتلهم الرسل وإصابتهم بما أصابوا من ألوان الأذى الذي أنزلوه بأولئك المرسلين.
وقيل: إن الحسرة هنا وقعت من الرسل الذين بعثوا إلى أصحاب القرية، أن أولئك كذبوهم أولاً، وردوا دعوتهم وعاندوهم، ثم قتلوا ذلك الرجل الناصح الذي نصحهم باتباع الرسل وترك ما هم عليهم من كفر.
فتحسر الرسل على أصحاب القرية لما قتلوا الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى.
هذا كله تحتمله الآية، ويمكن أن تفسر به.
وقال جماعة من المفسرين: إن هذا كلام رب العالمين، فإن الله هو القائل:﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾.
وهنا يقع إشكال وهو: هل يقع من الله تعالى ندم على ما نزل بعباده.
الله تعالى رؤوف رحيم، هو الرحمن الرحيم جل في علاه سبحانه وبحمد.
وقوله جل وعلا: ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾، هو بيان لعظيم ما وقع فيه هؤلاء من تكذيب للرسل، وهو تهوين لذلك الفعل الذي فعلوه بالناصح لهم من القتل.
وهذا جار على استعمال العرب ولا يلزم منه أن يلحق الله تعالى نقص أو عيب، أو شيء من هذه المعاني التي في المخلوقين عندما يذكرون الحسرة أو ينادونها.
وقال جماعة من أهل العلم: إن معنى قوله: ﴿يَا حَسْرَةً﴾، أي الإخبار بوقوع الندامة، الإخبار بوقوع الكآبة على أولئك القوم، وليس نداء لها فهي للتنبيه ولفت النظر إلى عظيم الخسارة الواقعة على العباد بهذا التكذيب.
وهنا لا إشكال في كون المتكلم بذلك هو رب العالمين جل في علاه.
هذه هي المعاني التي ذكرها العلماء في معنى قوله:﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾، في كل معانيها المتقدمة هي دالة على عظيم الخسارة التي باء بها هؤلاء، الخسارة التي نالها هؤلاء، الخسارة التي رجع بها أولئك المكذبون للرسل الذين عاندوهم وكذبوهم وردوا ما جاءوا به من الحق والهدى.
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعيذنا من مضلات الفتن، وأن يرزقنا الإيمان بالله، وبكتبه وبرسله، وبسائر أصول الإيمان على الوجه الذي يرضى به عنا.
وأن يعيذنا من الردى، وأن يقينا الحسرة وأعمال أهلها.
وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية"، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات18629 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات11951 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9100 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات7993 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف