إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا. وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون، اتقوا الله تعالى حق التقوى؛ يجلب لكم الله تعالى بالتقوى سعادة الدنيا وفوز الآخرة، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾[الطلاق:5]، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا[2] وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾[الطلاق:2-3].
أيها المؤمنون, إن الله تعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بأكمل تشريع، وأبدع نظام، به تستقيم حياة الناس، وبه يصلح معادهم فبالدين تصلح الأولى والآخرة. بعث الله تعالى محمدًا متممًا لصالح الأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ وفي روايةٍ) صالح) الأخلاقِ»مسند أحمد( 8952)بإسناد صحيح, بلفظ: "صالح". والبيهقي (20782) بلفظ "مكارم"، وإن مما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم مما تتم به الأخلاق الصالحة، ومما يتشيد به صرح مكارم الأخلاق من ذلك: العفاف.
فالعفاف جاء الأمر به في أوائل التشريع، لذلك عُرفت به شريعة النبي صلى الله عليه وسلم ودينه وما جاء به من أوائل دعوته بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم؛ روى البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن أبا سفيان أخبره أن هرقل أرسل إليه فقال: «فما يأمركم؟» هرقل ملك الروم يسأل أبا سفيان عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فيختصرها في أربع كلمات: «يأمرنا بالصلاة، والصدقة، والعفاف، والصلة» البخاري(5980). هكذا يترجم النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته ليفهمه كل من يسمعه، يترجم دعوته بهذه الأوامر المختصرة التي بها تتحقق الغاية العظمى من التشريع: «إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ وفي روايةٍ) صالح) الأخلاقِ»مسند أحمد( 8952)بإسناد صحيح, بلفظ: "صالح". والبيهقي (20782) بلفظ "مكارم".
إن العفاف عندما يذكر ويتردد على ألسنة الناس لا يتبادر إلى أذهانهم إلا خصلة واحدة من خصاله، العفاف الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم أوسع دائرة من أن يكون حفظًا للنفس عن الشهوات، شهوة الفرج وما يتصل به؛ فإن العفاف منظومة أخلاق، العفاف سلسلة من الفضائل تبتدئ بالقلب، وتفيض ثمارها وآثارها على الجوارح، فعفة القلب أن لا يسكنه حبًا وتعظيمًا سوى الله جل في علاه، فالقلب العفيف هو القلب المملوء بمحبة الله وتعظيمه، الخالص من كل شرك وبدعة وانحراف، ثم إذا عمر القلب بذلك فاضت ثمار تلك العفة القلبية على سائر الجوارح «ألَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ«البخاري(52), ومسلم(1599).
فإذا عف القلب بتمام الإخلاص والتوحيد لله عز وجل، عف اللسان عن قول الحرام، وعن النطق بالآثام، إذا عف القلب بمحبة الله تعالى وتعظيمه وإجلاله وتوحيده، عفت الأذن عن أن تسمع ما يغضب الله تعالى من الحرام والآثام، إذا عف القلب بتوحيد الله جل وعلا ومحبته وتعظيمه عف البصر عن النظر إلى المحرمات، وإلى اختلاس ما يحرمه الله تعالى من المرائي فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
إذا عف القلب بتوحيده جل في علاه عفت اليد عن الكسب الحرام فلم تمتد لرشوة، ولا لخيانة، ولا لبطش، ولا لظلم، ولا لعدوان، إذا عف القلب بتوحيد الله تعالى وتعظيمه وإجلاله وخوفه عفت الرجل عن أن تسير مسيرًا يغضب الله تعالى؛ فكل الخطوات في الطاعات وهي عن الآثام بعيدة. إذا عف القلب عف البطن عن أن يدخله حرامًا، إذا عف القلب بتوحيد الله جل في علاه، وتعظيمه ومحبته وحده لا شريك له، عف الفرج عن مواقعة المحرمات، وعن الزنا والآثام.
إن هذه العفة هي التي عناها أبو سفيان عندما وصف دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: يأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف والصلة.
إن العفاف أمر به تطيب الحياة وتستقيم، وبه تصلح الآخرة وتزين، فإن ثمن العفاف بهذا المفهوم جنة عرضها السموات والأرض. قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾[النحل:97] هذه الثمرة العاجلة الحياة الطيبة التي تدركها الآن قبل موتك، ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[النحل:97] يُجزون بأحسن ما كانوا يعملون يوم العرض على الله تعالى، فعاجله طيب حياتهم وسعادة دنياهم بالعفاف، والاستقامة على شرع الله تعالى، وآجله عظيم جنة عرضها السموات والأرض، وقد قال الله تعالى: ﴿وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾[الأعلى:17].
اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، خذ بنواصينا إلى ما تحب وترضى، أعنا على طاعتك، واصرف عنا معصيتك، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكن فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
* * *
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون، اتقوا الله تعالى حق التقوى؛ فالتقوى تُلبسكم أجمل لباس، قال الله تعالى: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾[الأعراف:26]، لِباس التقوى ليس بُردة يتحلى بها الإنسان، ولا ثوبًا قشيبًا يظهر به للعيان، إنه قلب لله مخبت، وإليه تائب، له محب، وله معظم، قلب خلص من كل آفة يسعى في مرضاته، يشتغل بتحقيق العبودية له في الظاهر والباطن، في السر والعلن، هذا هو ثوب التقوى، قيامًا بطاعة الله عز وجل، سرًا وإعلانًا، غيبًا وشهادة، إنه أجمل لباس يلبسه الإنسان وهو خير زاد يتزود به إلى لقاء ربه ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾[البقرة:197].
لم يأمرنا الله تعالى بأن نأخذ شيئًا من الدنيا للقائه إلا التقوى، فاستعدوا بها لرضاه؛ فإنه من وَرد ذاك اليوم بالتقوى وَرد بخير زاد نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المتقين.
أيها المؤمنون عباد الله, العفاف كما سمعتم منظومة مكتملة من أخلاق فاضلة، وخصال طيبة تكون في السر والإعلان، تكون في معاملة الخلق وفي معاملة الخالق، إن أحوج ما يكون الإنسان إلى خلق العفة والعفاف عندما يكون الشر متيسرًا، عندما يكون الشر قريبًا، عندما يكون الشر في متناول اليد، ليس بينك وبينه مانع، ولا دونك ودونه حائل، تستطيع أن تأتيه دون خوف ولا وجل، عند ذلك يظهر حقيقة معاني العفة، ومعنى التقوى، عند ذلك عندما يتيسر لك الشر وتكون المعصية بين يديك قريبة ولا تخاف من يحول بينك وبينها، تتألق معالم العفاف سواء كان الأمر يتعلق بالمال، أو يتعلق بشهوة الفرج، أو يتعلق بغير ذلك من المحرمات.
عندما تُقَدِّم محبوب الله تعالى على محبوبك ومُبتغاك، عندما تقدم ما يريده الله لا ما تريده أنت وتشتهيه فأبشر؛ فإنه قد قامت فيك خصال العفة والعفاف على أكمل وجه، أبشر فإنك على الجادة على الخير سائر.
أَخْلُو بِهِ فَأَعِفُّ عَنْهُ تَكَرُّمًا ... خَوْفَ الدِّيَانَةِ لَسْتُ مِنْ عُشَّاقِهِ
كَالْمَاءِ فِي يَدِ صَائِمٍ يَلْتَذُّهُ ... ظَمَأً فَيَصْبِرُ عَنْ لَذِيذِ مَذَاقِهِالداء والدواء لابن القيم ص(511).
إن الصائم يدع الماء في أحوج ما يكون إليه؛ مراقبةً لله تعالى، هذا هو العفاف، هذا هو العفاف الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم أن تترك ما تشتهي وتحب لما يحبه الله ويرضاه، هنا يكون الاختبار الحقيقي عندما تكون المعصية بين يديك وتحتجز عنها، وتبعد عنها، وتتركها لله لا لسواه عند ذلك تكون قد تخلقت بهذا الخلق الحسن الجميل الذي جاء به خير النبيين «إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ وفي روايةٍ) صالح) الأخلاقِ»مسند أحمد( 8952)بإسناد صحيح, بلفظ: "صالح". والبيهقي (20782) بلفظ "مكارم"، واذكر يوسف عليه السلام خلت به امرأة جميلة ذات منصب وقالت له: هيت لك، فأجابها: معاذ الله، حاشا أن أقع في ذلك والله علي رقيب، ﴿قال مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ يوسف:23 ، منعه من ذلك خوفه من ربه جل في علاه، وإذا تأملت حال السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وجدت أن هذا التعدد للأعمال لم يجعل المعاني مختلفة، بل هذا التعدد في الأعمال السبعة التي استحق أهلها أن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وهم: «إِمامٌ عادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ»البخاري(6806), ومسلم(1031).
هؤلاء السبعة اختلفت أعمالهم في الصورة جمعها معنى واحد إنه مجاهدة النفس، إنه مخالفة الهوى، إنه خلق العفاف الذي به يعف الإنسان عما حرم الله تعالى ابتغاء مرضاته، إنه عمل بقوله جل في علاه: ﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ﴾[الأنعام:120] إنه مراقبة لله في السر والإعلان، إنه ركض وسعي فيما يحبه الله ويرضاه، هذا هو المعنى المشترك الجامع الذي أهَّل هؤلاء لهذه المنزلة العظمى أن الله يظلهم بظله يوم لا ظل إلا ظله، إنهم فازوا بذلك؛ لكمال إيمانهم وجميل بواطنهم وصلاح ظواهرهم.
أيها الإخوة, إننا في زمان تلاشت فيه العفة في كثير من أحوال الناس؛ وذاك لكثرة الفساد المنتشر بينهم، ولتزيين الباطل في أعينهم حتى صار الحق باطلاً والباطل حقًا في كثير من الصور والمعاني التي تشيع بين الناس، فأصبحت معاني العفة مهجورة ليسوا فقط في جانب الشهوات الفرجية أو شهوات الجنس إنما في كل الجوانب، في جانب كسب المال، وفي جانب صلة الإنسان بالخلق، وفي جانب صلة الإنسان بالله عز وجل، تلاشت معالم العفة في حياة كثير من الناس والله تعالى قد أمرنا بالعفاف إجمالاً كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بعفة خاصة وهي عفة الفروج عما حرم الله تعالى حتى قال: « مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ»البخاري(6474) فقال جل في علا: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾[النور:33].
فأمر الله تعالى من كان عاجزًا عن النكاح أن يحفظ نفسه بالعفة، أن يصون نفسه عن المحرم بالعفاف وهو أن يكف نفسه عما يغضب الله تعالى، وليس شيء أسرع لتحصيل ما تحب من أن تكون له كما يُحب، ليس أسرع لك في تحصيل ما تُحب من أمر دنياك وآخرتك من أن تكون لله كما يحب؛ فمن كان لله كما يحب أسرع الله تعالى له بما يحب، فبادر إلى طاعة الله عز وجل في السر والإعلان، وإياك وزخارف شياطين الإنس والجن الذين يُزينون الباطل ويُجَمِّلونه إما بدعوى التقدم، أو بدعوى الحضارة، أو بدعوى السعادة، أو بدعوى مقتضيات العصر، أو ما إلى ذلك مما يروجون به كثيرًا من الفساد الشائع بين الناس فيما يتعلق بصلتهم بالله عز وجل، فيما يتعلق بصلتهم بالخلق، فيما يتعلق بأموالهم، فيما يتعلق بفروجهم.
ولنعلم أننا لن نكف هذا التيار الهادر الداعي إلى الفاحشة والشر بمثل التزامنا في خاصة أنفسنا بطاعة الله تعالى، ومن نستطيع ممن ولانا الله تعالى شأنهم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾[التحريم:6]، فكن لله كما يحب واحرص أن يكون أبناؤك وأهلك وبناتك على ما يحب الله تعالى، جاهد في ذلك لا شك أنها قضية تحتاج إلى معاناة في مثل هذا الجو الذي شاعت فيه أسباب الشر، وتيسر فيه حصوله وإدراكه.
واعلم أن الله تعالى إذا يسر لك شيئًا من المعاصي فإنما يبتليك ويختبرك، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾[المائدة:94] لماذا هذا التيسير؟
﴿لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ﴾[المائدة:94] صحابة رسول الله منعهم الله من قتل الصيد وكانوا على سفر، في سفر ذلك اليوم ما فيه أمور متيسرة كما هو سائر حال الناس اليوم: معهم حافظات ووسائل للنقل, والسفر أصلاً قصير في هذه الأيام، في ذلك الزمان السفر طويل وليس عندهم ما يأكلون، يأكلون مما يجدون من صيد وما تيسر في طريقهم ما فيه شيء حافظات تحمل طعامهم إلا ما قل وندر، فكل واحد معه طعام يومه، والسفر يستغرق أيامًا, منعهم الله من الصيد، منعهم الله من الصيد في الأشهر الحرم، ومنعهم الله من الصيد في الحرم فابتلاهم الله تعالى؛ ليختبر إيمانهم، فيسر لهم صيدًا كان يطيف بخيامهم تناله أيديكم لقربه، ورماحكم ما فيه عناء ولا ركض ولا سعي ترمي بالرمح تصيب ما تشاء.
هذا التيسير الذي اختبر الله به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لماذا؟
﴿لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ﴾[المائدة:94]، فكلما تيسرت لك معصية إذا خلوت بريبة وتيسر الذنب لك وأمِنْت أن يعلم الناس به أو أن يطلعوا عليه، فارقب الله فإن تركته له فأبشر؛ فأنت ممن يخاف الله بالغيب، وأنت ممن يخشاه بالغيب، وأعظم ما يتقرب به العبد لله عز وجل خوفه بالغيب، فإن الله تعالى أعد للذين يخشون بالغيب مغفرة وأجرًا عظيمًا.
اللهم اجعلنا ممن يخشاك في الغيب والشهادة، اللهم اصرف عنا السوء والفحشاء، أعنا على طاعتك، اجعلنا من أوليائك وحزبك، اسلك بنا سبيل الرشاد.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها، صغيرها وكبيرها، علانيتها وسرها.
اللهم اختم لنا بالصالحات، خذ بنواصينا إلى الطاعات، أعنا على ما تحب وترضى في الغيب والشهادة يا رب العالمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات يا ذا الجلال والإكرام، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.