×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / دروس / الفقه وأصوله / منهج السالكين / الدرس(13)كتاب الصلاة شروط الصلاة

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس(13)كتاب الصلاة شروط الصلاة
00:00:01

" تقدم أن الطهارة من شروطها:  ومن شروطها دخول الوقت، والأصل فيه حديث جبريل أنه أم النبي صلى الله عليه وسلم في أول الوقت وآخره وقال: يا محمد الصلاة ما بين هذين الوقتين) رواه أحمد والنسائي والترمذي. وعند عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم تحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس) رواه مسلم +++ مسلم (612)---. و يدرك وقت الصلاة بإدراك ركعة لقوله صلى الله عليه وسلم (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) متفق عليه+++ صحيح البخاري(555)/صحيح مسلم(161)--- . ولا يحل تأخيرها أو تأخير بعضها عن وقتها بعذر أو غيره، إلا إذا أخرها ليجمعها مع غيرها، فإنه يجوز بعذر من سفر أو مطر أو مرض أو نحوها، والأفضل تقديم الصلاة في أول وقتها، إلا العشاء إلى أن يشق وإلا الظهر في شدة الحر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم(متفق عليه +++ صحيح البخاري)510)، ومسلم (615)--- ومن فاتته صلاة وجب عليه قضاؤها فورا مرتبا، فإن نسي الترتيب أو جهله أو خاف فوت الصلاة سقط الترتيب بينها وبين الحاضرة. الشرح الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد، فهذا كتاب الصلاة، وهو المقصود في التعريف، و البداءة بمسائل الفقه، وإنما قدموا كتاب الطهارة لأنه شرطها ومفتاحها، يقول رحمه الله " كتاب الصلاة تقدم أن الطهارة من شروطها" وهذا كالجواب عن سؤال: لماذا قدم الطهارة على الصلاة مع أن الصلاة أفضل الأعمال بعد الشهادتين، وهي أول الأركان العملية؟ فالجواب أن الطهارة شرطها فلذلك تقدمت بين يديها، وقد ذكر المصنف رحمه الله في هذا الكتاب، أي في كتاب الصلاة، في أوله شروط الصلاة، وابتدأ ذلك بدخول الوقت، وهذا إشارة إلى أن أهم شروط الصلاة الوقت، وإن كان الجميع مهما، لكن الوقت شرط مقدم على سائر الشروط، فإذا دار الأمر بين هذا الشرط وإضاعته وعدم القيام بغيره، فإنه لا يضيع هذا الشرط، بل يسقط غيره من الشروط محافظة عليه، هذا معنى أنه شرط مقدم، فإذا لم يستطع الطهارة وخشي خروج الوقت صلى ولو من غير طهارة، إذا لم يملك الستارة التي يستر بها عورته، وخشي خروج الوقت صلى، إذا لم يتمكن من استقبال القبلة وخشي خروج الوقت فإنه يصلي.  إذا هو شرط مقدم على سائر الشروط، من حيث إنه إذا دار الأمر بين إضاعته أو تركه وترك غيره، فسقوط غيره مقدم على سقوطه، فينبغي أن يأتي به في وقته على كل حال، قال الله تعالى :}إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا{+++ سورة النساء 103--- و المؤلف رحمه الله طوى الحديث عن شروط أخرى من شروط الصلاة معلومة، وهي مشروطة في كل العبادات، وهي شرط الإسلام والتكليف والقدرة، فلم يتكلم المصنف رحمه الله عن هذه الشروط لكونها معلومة، وكذلك ترك ذكر النية، فلم يتكلم عنها لأنه تقدم ذكرها في أول الطهارة، وأنها شرط في الطهارة في جميع العبادات الطهارة وغيرها. يقول رحمه الله :"ومن شروطها أي من شروط الصلاة دخول الوقت" لقول الله تعالى: }إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا{وقد بين الله تعالى الأوقات جملة في كتابه الحكيم، في مواضع من أصرحها ما ذكره الله جل وعلا في سورة الإسراء، قال سبحانه وتعالى: }أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا{+++ سورة الإسراء :78--- ،هذه الآية تضمنت أوقات الصلاة المفروضة، الصلوات المكتوبات، ابتداء من الظهر إلى الفجر، في قوله: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} أي لميلها و تحولها من جهة المشرق إلى المغرب، هذا دلوك الشمس، وهذا يتضمن وقتين الظهر والعصر، ثم قال {إلى غسق الليل} وهذا منتهى وقتي المغرب والعشاء فتضمن هذا أربعة أوقات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء} أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل{، كل هذا مواضع ووقت لإقامة هذه الصلوات، {وقرآن الفجر}، وإنما ذكره منفصلا عن غيره لأنه لا يتصل بما قبله ولا بما بعده، على الراجح من قول العلماء فهو وقت مستقل. قال رحمه الله: "وأما السنة فقد جاءت في بيان الأوقات تفصيلا "وجاء ذلك في جملة من الأحاديث النبوية: منها حديث جبريل الذي ذكره المصنف رحمه الله، حيث قال : "والأصل فيها أي في بيانها ابتداء وانتهاء لكل وقت" ومعنى الأصل فيها أي الدليل، فالأصل يطلق ويراد به القاعدة المستمرة، ويطلق ويراد به الأمر المستصحب، ويطلق ويراد به الدليل، ويطلق ويراد به الراجح، هذه أربعة معاني يطلقها العلماء للأصل، المراد بالأصل هنا الدليل، فقوله: والأصل فيها أي الدليل فيها حديث جبريل، ولماذا انتقى حديث جبريل، ولم يذكر الآية؟ لأن الآية ذكرت الوقت إجمالا، أما حديث جبريل الذي أشار إليه فقد ذكر الأوقات تفصيلا ابتداء وانتهاء لكل وقت، وغالب الأحاديث بل فيما أعلم أن جميع الأحاديث الواردة في توقيت الصلوات تبتدئ كما ابتدأ القرآن بوقت صلاة الظهر، فإن الله بدأ في التوقيت بصلاة الظهر، فقال: }أقم الصلاة لدلوك الشمس{، وكذلك الأحاديث النبوية جرت على هذا، فبدأت في ذكر الأوقات وعدها بوقت صلاة الظهر، حديث جبريل الذي أشار إليه المؤلف رحمه الله " أنه أم النبي صلى الله عليه وسلم في أول الوقت وآخره أي من كل صلاة وقال يا محمد الصلاة ما بين هذين الوقتين" والحديث كما ذكره المؤلف رواه أحمد والنسائي والترمذي وهو من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أمني جبريل عند البيت مرتين، فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك..)) وهو ما يعرف بفيء الزوال وهو الظل الذي يبقى عند توسط الشمس كبد السماء، فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك يعني قد مال قليلا، فصلى الظهر نعم، ثم صلى العصر حين كان ظله كل شيء مثله هذا في اليوم الأول ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس يعني سقطت الشمس ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، هذا مبدأ وقت هذه الصلوات الخمس، نعم بقي الفجر ثم صلى الفجر حين برق الفجر أي ظهر وبزغ وفي اليوم الثاني قال: وصلى المرة الثانية الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ولم تحضر العصر ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ثم صلى المغرب لوقتها الأول أي حين سقطت الشمس وجبت ثم صلى العشاء حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين اسفرت الأرض ثم التفت إليه فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء قبلك، والوقت فيما بين هذين الوقتين))+++ سنن الترمذي(149)--- عد المؤلف رحمه الله بعد ذلك الأوقات تفصيلا في حديث عبد الله بن عمرو قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ووقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله، ما لم تحضر العصر ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)) أي تقرب إلى الغروب ويتحول لونها إلى الاصفرار ((وقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق)) نلاحظ أنه في هذه الأوقات بعضها ذكر المبدأ والمنتهى كصلاة الظهر، والعصر ذكر المنتهى، ولم يذكر المبدأ لماذا؟ لأن المبدأ في خروج وقت التي قبلها، وكذلك المغرب المبدأ بانتهاء وقت العصر، وهو غروب الشمس ((ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل)) هذا المنتهى، وأما المبدأ إذا غاب الشفق، ((ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس))من طلوع الفجر أي تبينه إلى طلوع الشمس، فإذا طلعت الشمس، إذا بدأ حاجب الشمس طلوعا فإنه يكون قد انتهى وقت صلاة الفجر.  قال المصنف رحمه الله بعد هذا العرض، ولاحظ أن المصنف اكتفى في هذه المسائل بالنصوص، فلم يأت فيها بأكثر مما جاءت به النصوص، لم يأت فيها من تحديد وتبيين، وهذا مما تميز به رحمه الله في هذا الكتاب، قال:" ويدرك وقت الصلاة بإدراك ركعة" يدرك أي المصلي وقت الصلاة، سواء كانت ظهرا أو فجرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء بإدراك ركعة أي قبل خروج الوقت، الذي تقدم بيانه وإيضاحه، لماذا؟ وما الدليل؟ لما جاء في الصحيح في قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) ) +++ صحيح البخاري(555)/صحيح مسلم(161)---  من أدرك ركعة أي في وقتها، وهذا يشمل جميع الإدراكات على الصحيح، سواء كان ذلك إدراكا لوقت، أو إدراكا لجماعة، أو إدراكا لفضيلة وقت، أو غير ذلك، فيشمل جميع الإدراكات، كل الإدراكات تحصل بإدراك ركعة، الجمعة والجماعة والصلاة والوقت، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) )+++ صحيح البخاري(555) ومسلم(161)--- ثم بعد ذلك قال رحمه الله: "ولا يحل تأخيرها أو تأخير بعضها عن وقتها لعذر أو غيره" وهذا يؤكد ما تقدم من ضرورة العناية بوقت الصلاة، وأنه مقدم على غيره من الشروط، فإنه لا يحل تأخيرها، أي أنه لا يحل تأخير الصلاة عن وقتها، أي: لا يحل تأخير جميع الصلاة عن وقتها، وذلك لأن الله جعل الصلاة كتابا موقوتا، كما قال تعالى:}إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا} +++ سورة النساء 103--- أي فرضا مؤقتا لا يحل التقدم عليه ولا يحل الخروج عنه، وقد توعد الله تعالى الساهين عن الصلاة فقال تعالى: }فويل للمصلين (4) الذين هم عن صلاتهم ساهون{+++ سورة الماعون 4، 5--- فلا يحل تأخيرها، وهذا محل اتفاق لا خلاف بين العلماء فيه، أنه لا يصح تأخير الصلاة عن وقتها، وسيأتي التفصيل فيما يحل تأخيره من الصلوات التي يجمع بعضها إلى بعض. قال: "أو تأخير بعضها عن وقتها" أي تأخير بعض الصلاة عن وقتها، فيجب إيقاع الصلاة كاملة في الوقت، فإذا أخر بعضها عن الوقت، بأن صلى ركعة في الوقت، وبقية الصلاة خارج الوقت كان آثما، لأنه يجب عليه أن يوقع الصلاة كلها في الوقت الذي فرضت فيه، والله تعالى قد أمر بالمحافظة على الصلوات، ومقتضى المحافظة عليها الإتيان بها كاملة في أوقاتها، قال لعذر أو لغيره بعذر أو بغير عذر فيجب أن يصلي الصلاة في وقتها،}حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين{+++ سورة البقرة 238--- فإن غلبه نوم أو نسيان فعند ذلك يصلي، إذا ذكر، لقول الله تعالى}وأقم الصلاة لذكري} +++ سورة طه 14--- وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(( إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها)) +++ صحيح مسلم(1601)--- ذكر المصنف رحمه الله استثناء مما تقدم قال: "إلا إذا أخرها ليجمعها مع غيرها وهذا مما يخص الصلوات التي تجمع إلى غيرها فإنه يحل تأخيرها في حال جواز الجمع إلا إذا أخرها أي أخر الصلاة ليجمعها مع غيرها، وهذا في الصلوات التي يجوز تأخيرها فإنه يجوز لعذر من سفر أو مطر أو مرض أو نحوه"، هكذا ذكر المصنف رحمه الله الأعذار المبيحة للجمع إجمالا، فيجوز تأخير الصلاة بنية الجمع في السفر والمطر والمرض ونحو ذلك من الأعذار كالخائف مثلا. ولكن هذا ليس في كل الصلوات، إنما هو في الصلوات التي تجمع إلى ما بعدها، وهي صلاة الظهر و العصر وصلاة المغرب والعشاء، وعلى هذا فيصح تأخير الظهر إلى العصر، لأنها تجمع إلى ما بعدها لعذر إما سفر أو مرض أو مطر أو نحوه، ويجوز تأخير المغرب إلى العشاء لأنها تجمع إلى ما بعدها لسفر أو مرض أو مطر أو عذر، ما عدا هاتين الصلاتين، وهما صلاة المغرب وصلاة الظهر، فإنه لا يحل التأخير، فلا يحل تأخير صلاة الليل إلى صلاة النهار ولا صلاة النهار إلى صلاة الليل بل يجب الإتيان بالصلوات في أوقاتها، لكن ينبغي أن يعلم أن الجمع لا يكون إلا بعذر، فإن كان لغير عذر فإنه لا يجوز، وقد حكى الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم، منهم ابن عبد البر رحمه الله قال: "أجمع العلماء على أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر بغير عذر على حال البتة"، وأما استدلالهم بما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر، وجعلوه أصلا لجواز الجمع من غير حاجة فهؤلاء واهمون، لأن ابن عباس لما سئل عن سبب ذلك، لماذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين هذه الصلوات قال: "أراد أن لا يحرج أمته" أي أنه أراد أن لا يوقع أمته في الحرج، ودل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جمع بين الظهر والعصر من غير خوف ولا مطر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر، إنما كان ذلك لدفع الحرج عن الأمة، لا أنه سنة أو أنه هدي مستمر أو أنه جائز من غير داع أو موجب، وقد عد -كما ذكرت- جماعة من أهل العلم الجمع من غير عذر كبيرة من كبائر الذنوب، كما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه و حكى ابن عبد البر الإجماع على عدم جواز ذلك، ثم قال المصنف رحمه الله بعد ذلك قال: "والأفضل تقديم الصلاة في أول وقتها وذلك أن تقديم الصلاة في أول وقتها يندرج في قول الله تعالى: }وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض{ +++ سورة آل عمران 133. ---وكذلك الآية: }سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) +++ سورة الحديد 21---وجاء في الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله فقال((الصلاة على وقتها) +++ صحيح البخاري (504)---  وأولى ما يتحقق به هذا الأصل الصلاة في أول الوقت، لأنها تكون في أعلى الوقت، فأول الوقت هو أعلاه، ولهذا استدل به العلماء رحمهم الله على استحباب الصلاة في أول وقتها، وقد جاء تصريح بهذا فيما رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي قال، لما سئل أي العمل أفضل قال: ((الصلاة في أول وقتها)) فبين معنى على وقتها. ثم بعد ذلك قال المصنف رحمه الله: "والأفضل تقديم الصلاة في أول وقتها إلا–هذا استثناء- إلا العشاء إذا لم يشق"، هذا استثناء مما ذكره المصنف رحمه الله، مما يستحب أن يكون ذلك تأخيرا للصلاة. يقول المصنف لفظا تقديم الصلاة في أول وقتها إلا العشاء إذا لم يشق، هذا استثناء مما ذكره المصنف رحمه الله من أفضلية الصلاة في أول الوقت، فالعشاء على وجه الخصوص إذا لم يشق جاز أن يؤخرها عن أول وقتها، وذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، صلاها في أول وقتها، كما صلاها صلى الله عليه وسلم ذات يوم في آخر وقتها، حتى قال بعض الصحابة رضي الله عنهم: "الصلاة الصلاة" كما جاء أن عمر صوت للنبي صلى الله عليه وسلم ليحضر للصلاة، لما شق على الناس الانتظار، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ((إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي)+++ صحيح مسلم(638)--- فدل ذلك على أن تأخيرها في هذه الحال مستحب. الحال الثاني الذي استثناه المؤلف رحمه الله قال: "وإلا الظهر في شدة الحر" إلا الظهر أي يسن تأخير الظهر في شدة الحر دفعا لمشقة الحر، وقد جاء ذلك في السنة، قال المصنف رحمه الله في الاستدلال: (لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم) +++ صحيح البخاري)510)--- فمما يسن تأخيره، تأخير الصلاة في شدة الحر، وهذا ما لم يكن هناك توقيت متفق عليه بين الناس، كما هو شائع في المساجد الآن، فإن التزامه مقدم لمنع النزاع بين الناس، ودفع الضرر الحاصل بتفاوت الرغبات في التقديم والتأخير، فإن توحيد أوقات الصلوات الآن، توحيد أوقات الإقامة، هو من باب السياسة الشرعية، لكن لو أن إنسانا صلى في سفر أو صلى منفردا أو صلى هو وجماعة، في بر فإنه يسن له ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حال اشتداد الحر أن يبرد عن الصلاة. قال رحمه الله: "من فاتته صلاة وجب عليه قضاؤها فورا مرتبا" من فاتته صلاة، سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا، الذي يظهر أن المراد بمن فاتته الصلاة التي تقدم الحديث عنها وهي الصلاة المؤقتة ذات الوقت المحدد وهي الصلوات المفروضات، فقوله رحمه الله من فاتته صلاة، المقصود بالصلاة هنا ما تقدم ذكره من الصلوات المؤقتة وجب عليه قضاؤها، أي يجب عليه ويلزمه أن يقضيها، فإن كانت فرضا وجب عليه أن يقضيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)) وذاك يدل على وجوب إقامتها عند ذكرها ولا يؤخرها إلى أكثر من ذلك، كما يفعله بعض الناس يفهم أن الصلاة إذا فاتت يقضيها ثاني يوم، هذه من الأغلاط الشائعة، بل يجب عليه أن يقضيها إذا ذكرها، أو إذا استيقظ إن كان نائما ولم يفرط بالنوم.  ثم قال بعد ذلك قضاها فورا مرتبا أي مرتبا الصلوات الفائتة، فإن كان فاته أكثر من صلاة قضاها مرتبة، وإن فاته صلاة وقد حضر وقت صلاة، فإنه يبدأ بالفائتة ثم يأتي بالحاضرة ما لم يضق وقت الحاضرة، ولذلك قال المصنف رحمه الله: "فإن نسي الترتيب" أي إنه سها عن الترتيب، غفل عنه أو جهله أي لم يعلم وجوبه أو خاف فوات الصلاة، سقط الترتيب بينها وبين الحاضرة بمعنى أنه إذا اشتغل بقضاء ما فاته من الصلوات الفائتة فاتته الصلاة الحاضرة، فعند ذلك يبدأ بالحاضرة، لأن اشتغاله بغيرها سيفوتها، والإتيان بها في وقتها أولى من الاشتغال بغيرها، لئلا تكون فائتة، هذه الأعذار التي يسقط بها الترتيب:- - النسيان. - الجهل. - خوف فوت الصلاة الحاضرة.  عند ذلك يبدأ بالحاضرة، ويسقط عنه الترتيب، ثم قال المصنف رحمه الله : "ومن شروطها ستر العورة" ستر العورة نجعل هذا بعد الصلاة بإذن الله.

المشاهدات:2935

" تقدم أن الطهارة من شروطها:

 ومن شروطها دخول الوقت، والأصل فيه حديث جبريل أنه أمَّ النبي صلى الله عليه وسلم في أول الوقت وآخره وقال: يا محمد الصلاة ما بين هذين الوقتين) رواه أحمد والنسائي والترمذي.

وعند عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ تحْضُرْ الْعَصْرُ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَوَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ) رواه مسلم مسلم (612).

و يدرك وقت الصلاة بإدراك ركعة لقوله صلى الله عليه وسلم (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) متفق عليه صحيح البخاري(555)/صحيح مسلم(161) .

ولا يحل تأخيرها أو تأخير بعضها عن وقتها بعذر أو غيره، إلا إذا أخرها ليجمعها مع غيرها، فإنه يجوز بعذر من سفر أو مطر أو مرض أو نحوها، والأفضل تقديم الصلاة في أول وقتها، إلا العشاء إلى أن يشق وإلا الظهر في شدة الحر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عن الصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ(متفق عليه صحيح البخاري)510)، ومسلم (615) ومن فاتته صلاة وجب عليه قضاؤها فوراً مرتَّباً، فإن نسي الترتيب أو جهله أو خاف فوت الصَّلاة سقط الترتيب بينها وبين الحاضرة.

الشرح

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فهذا كتاب الصلاة، وهو المقصود في التعريف، و البداءة بمسائل الفقه، وإنما قدموا كتاب الطهارة لأنه شرطها ومفتاحها، يقول رحمه الله " كتاب الصلاة تقدَّم أن الطهارة من شروطها" وهذا كالجواب عن سؤال: لماذا قدم الطهارة على الصلاة مع أن الصلاة أفضل الأعمال بعد الشهادتين، وهي أول الأركان العملية؟ فالجواب أن الطهارة شرطُها فلذلك تقدمت بين يديها، وقد ذكر المصنف رحمه الله في هذا الكتاب، أي في كتاب الصلاة، في أوله شروط الصلاة، وابتدأ ذلك بدخول الوقت، وهذا إشارةٌ إلى أنَّ أهم شروط الصلاة الوقت، وإن كان الجميع مهمًّا، لكن الوقت شرط مقدم على سائر الشروط، فإذا دار الأمر بين هذا الشرط وإضاعته وعدم القيام بغيره، فإنه لا يضيَّع هذا الشرط، بل يسقط غيره من الشروط محافظة عليه، هذا معنى أنه شرط مقدم، فإذا لم يستطع الطهارة وخشي خروج الوقت صلى ولو من غير طهارة، إذا لم يملك الستارة التي يستر بها عورته، وخشي خروج الوقت صلى، إذا لم يتمكن من استقبال القبلة وخشي خروج الوقت فإنه يصلي.

 إذًا هو شرط مقدم على سائر الشروط، من حيث إنه إذا دار الأمر بين إضاعته أو تركه وترك غيره، فسقوط غيره مقدم على سقوطه، فينبغي أن يأتي به في وقته على كل حال، قال الله تعالى :}إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا{ سورة النساء 103 و المؤلف رحمه الله طوى الحديث عن شروط أخرى من شروط الصَّلاة معلومة، وهي مشروطة في كل العبادات، وهي شرط الإسلام والتكليف والقدرة، فلم يتكلم المصنف رحمه الله عن هذه الشروط لكونها معلومة، وكذلك ترك ذكر النية، فلم يتكلم عنها لأنه تقدم ذكرها في أول الطهارة، وأنها شرط في الطهارة في جميع العبادات الطهارة وغيرها.

يقول رحمه الله :"ومن شروطها أي من شروط الصلاة دخول الوقت" لقول الله تعالى: }إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا{وقد بين الله تعالى الأوقات جملةً في كتابه الحكيم، في مواضع من أصرحها ما ذكره الله جل وعلا في سورة الإسراء، قال سبحانه وتعالى:

}أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا{ سورة الإسراء :78 ،هذه الآية تضمَّنت أوقات الصلاة المفروضة، الصلوات المكتوبات، ابتداءً من الظهر إلى الفجر، في قوله: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} أي لميلها و تحولها من جهة المشرق إلى المغرب، هذا دلوك الشمس، وهذا يتضمن وقتين الظهر والعصر، ثم قال {إلى غسق الليل} وهذا منتهى وقتي المغرب والعشاء فتضمن هذا أربعة أوقات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء} أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ{، كل هذا مواضع ووقت لإقامة هذه الصلوات، {وقرآن الفجر}، وإنما ذكره منفصلًا عن غيره لأنه لا يتصل بما قبله ولا بما بعده، على الراجح من قول العلماء فهو وقت مستقل.

قال رحمه الله: "وأما السنة فقد جاءت في بيان الأوقات تفصيلًا "وجاء ذلك في جملة من الأحاديث النبوية: منها حديث جبريل الذي ذكره المصنف رحمه الله، حيث قال : "والأصل فيها أي في بيانها ابتداءً وانتهاءً لكل وقت" ومعنى الأصل فيها أي الدليل، فالأصل يطلق ويراد به القاعدة المستمرة، ويطلق ويراد به الأمر المستصحب، ويطلق ويراد به الدليل، ويطلق ويراد به الراجح، هذه أربعة معاني يطلقها العلماء للأصل، المراد بالأصل هنا الدليل، فقوله: والأصل فيها أي الدليل فيها حديث جبريل، ولماذا انتقى حديث جبريل، ولم يذكر الآية؟ لأن الآية ذكرت الوقت إجمالًا، أما حديث جبريل الذي أشار إليه فقد ذكر الأوقات تفصيلًا ابتداء وانتهاء لكل وقت، وغالب الأحاديث بل فيما أعلم أن جميع الأحاديث الواردة في توقيت الصلوات تبتدئ كما ابتدأ القرآن بوقت صلاة الظهر، فإن الله بدأ في التوقيت بصلاة الظهر، فقال: }أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ{، وكذلك الأحاديث النبوية جرت على هذا، فبدأت في ذكر الأوقات وعدها بوقت صلاة الظهر، حديث جبريل الذي أشار إليه المؤلف رحمه الله " أنه أَمَّ النبي صلى الله عليه وسلم في أول الوقت وآخره أي من كل صلاة وقال يا محمد الصلاة ما بين هذين الوقتين" والحديث كما ذكره المؤلف رواه أحمد والنسائي والترمذي وهو من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أمَّني جبريل عند البيت مرتين، فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيءُ مثل الشِّراك..)) وهو ما يعرف بفيء الزوال وهو الظل الذي يبقى عند توسط الشمس كبد السماء، فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك يعني قد مال قليلًا، فصلى الظهر نعم، ثم صلى العصر حين كان ظله كل شيء مثله هذا في اليوم الأول ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس يعني سقطت الشمس ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، هذا مبدأ وقت هذه الصلوات الخمس، نعم بقي الفجر ثم صلى الفجر حين برق الفجر أي ظهر وبزغ وفي اليوم الثاني قال: وصلى المرة الثانية الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ولم تحضر العصر ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ثم صلى المغرب لوقتها الأول أي حين سقطت الشمس وجبت ثم صلى العشاء حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين اسفرت الأرض ثم التفت إليه فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء قبلك، والوقت فيما بين هذين الوقتين)) سنن الترمذي(149)

عدَّ المؤلف رحمه الله بعد ذلك الأوقات تفصيلًا في حديث عبد الله بن عمرو قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ووَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، مَا لَمْ تحْضُرْ الْعَصْرُ وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ)) أي تقرب إلى الغروب ويتحول لونها إلى الاصفرار ((َوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ)) نلاحظ أنه في هذه الأوقات بعضها ذكر المبدأ والمنتهى كصلاة الظهر، والعصر ذكر المنتهى، ولم يذكر المبدأ لماذا؟ لأن المبدأ في خروج وقت التي قبلها، وكذلك المغرب المبدأ بانتهاء وقت العصر، وهو غروب الشمس ((وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)) هذا المنتهى، وأما المبدأ إذا غاب الشفق، ((وَوَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ))من طلوع الفجر أي تبيُّنه إلى طلوع الشمس، فإذا طلعت الشمس، إذا بدأ حاجب الشمس طلوعاً فإنه يكون قد انتهى وقت صلاة الفجر.

 قال المصنف رحمه الله بعد هذا العرض، ولاحظ أنّ المصنّف اكتفى في هذه المسائل بالنصوص، فلم يأتِ فيها بأكثر مما جاءت به النصوص، لم يأتِ فيها من تحديد وتبيين، وهذا مما تميز به رحمه الله في هذا الكتاب، قال:" ويُدركُ وقتَ الصلاة بإدراك ركعة" يدرك أي المصلي وقت الصلاة، سواء كانت ظهرًا أو فجرًا أو عصرًا أو مغربًا أو عشاء بإدراك ركعة أي قبل خروج الوقت، الذي تقدم بيانه وإيضاحه، لماذا؟ وما الدليل؟ لما جاء في الصحيح في قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) ) صحيح البخاري(555)/صحيح مسلم(161)  من أدرك ركعة أي في وقتها، وهذا يشمل جميع الإدراكات على الصحيح، سواء كان ذلك إدراكًا لوقت، أو إدراكًا لجماعة، أو إدراكًا لفضيلة وقت، أو غير ذلك، فيشملُ جميعَ الإدراكات، كلُّ الإدراكات تحصل بإدراك ركعة، الجمعة والجماعة والصلاة والوقت، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (( من أدرك ركعةً من الصَّلاة فقد أدرك الصلاة) ) صحيح البخاري(555) ومسلم(161) ثم بعد ذلك قال رحمه الله: "ولا يحلُّ تأخيرُها أو تأخيرُ بعضها عن وقتها لعذر أو غيره" وهذا يؤكِّد ما تقدم من ضرورة العناية بوقت الصلاة، وأنه مقدَّم على غيره من الشُّروط، فإنَّه لا يحلُّ تأخيرها، أي أنه لا يحل تأخير الصلاة عن وقتها، أي: لا يحل تأخير جميع الصلاة عن وقتها، وذلك لأنَّ الله جعل الصلاة كتابًا موقوتا، كما قال تعالى:}إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا} سورة النساء 103 أي فرضًا مؤقتًا لا يحل التقدم عليه ولا يحل الخروج عنه، وقد توعد الله تعالى الساهين عن الصلاة فقال تعالى: }فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ{ سورة الماعون 4، 5 فلا يحل تأخيرها، وهذا محل اتفاق لا خلاف بين العلماء فيه، أنه لا يصح تأخير الصلاة عن وقتها، وسيأتي التفصيل فيما يحل تأخيره من الصلوات التي يُجمع بعضها إلى بعض.

قال: "أو تأخير بعضها عن وقتها" أي تأخير بعض الصلاة عن وقتها، فيجب إيقاع الصلاة كاملة في الوقت، فإذا أخر بعضها عن الوقت، بأن صلى ركعة في الوقت، وبقية الصلاة خارج الوقت كان آثمًا، لأنه يجب عليه أن يوقع الصلاةَ كلها في الوقت الذي فُرضت فيه، واللهُ تعالى قد أمر بالمحافظة على الصَّلوات، ومقتضى المحافظة عليها الإتيان بها كاملة في أوقاتها، قال لعذر أو لغيره بعذر أو بغير عذر فيجب أن يصلي الصلاة في وقتها،}حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِين{ سورة البقرة 238 فإن غلبه نوم أو نسيان فعند ذلك يصلي، إذا ذكر، لقول الله تعالى}وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} سورة طه 14 وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(( إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا)) صحيح مسلم(1601)

ذكر المصنف رحمه الله استثناء مما تقدم قال: "إلا إذا أخرها ليجمعها مع غيرها وهذا مما يخص الصلوات التي تجمع إلى غيرها فإنه يحل تأخيرها في حال جواز الجمع إلا إذا أخَّرها أي أخر الصلاة ليجمعها مع غيرها، وهذا في الصلوات التي يجوز تأخيرُها فإنه يجوز لعذر من سفر أو مطر أو مرض أو نحوه"، هكذا ذكر المصنف رحمه الله الأعذار المبيحة للجمع إجمالًا، فيجوز تأخير الصلاة بنية الجمع في السفر والمطر والمرض ونحو ذلك من الأعذار كالخائف مثلًا.

ولكن هذا ليس في كل الصلوات، إنما هو في الصلوات التي تجمع إلى ما بعدها، وهي صلاة الظهر و العصر وصلاة المغرب والعشاء، وعلى هذا فيصح تأخير الظهر إلى العصر، لأنها تجمع إلى ما بعدها لعذر إما سفر أو مرض أو مطر أو نحوه، ويجوز تأخير المغرب إلى العشاء لأنها تجمع إلى ما بعدها لسفر أو مرض أو مطر أو عذر، ما عدا هاتين الصلاتين، وهما صلاة المغرب وصلاة الظهر، فإنه لا يحل التأخير، فلا يحل تأخير صلاة الليل إلى صلاة النهار ولا صلاة النهار إلى صلاة الليل بل يجب الإتيان بالصلوات في أوقاتها، لكن ينبغي أن يعلم أن الجمع لا يكون إلا بعذر، فإن كان لغير عذر فإنه لا يجوز، وقد حكى الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم، منهم ابن عبد البر رحمه الله قال: "أجمع العلماء على أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر بغير عذر على حال البتة"، وأما استدلالهم بما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر، وجعلوه أصلا لجواز الجمع من غير حاجة فهؤلاء واهمون، لأن ابن عباس لما سئل عن سبب ذلك، لماذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين هذه الصلوات قال: "أراد أن لا يُحرِّج أمته" أي أنه أراد أن لا يوقع أمته في الحرج، ودل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جمع بين الظهر والعصر من غير خوف ولا مطر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر، إنما كان ذلك لدفع الحرج عن الأمة، لا أنه سنة أو أنه هدي مستمر أو أنه جائز من غير داعٍ أو موجب، وقد عدَّ -كما ذكرت- جماعة من أهل العلم الجمع من غير عذر كبيرة من كبائر الذنوب، كما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه و حكى ابن عبد البر الإجماع على عدم جواز ذلك، ثم قال المصنف رحمه الله بعد ذلك قال: "والأفضل تقديم الصلاة في أول وقتها وذلك أن تقديم الصلاة في أول وقتها يندرج في قول الله تعالى: }وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ{ سورة آل عمران 133. وكذلك الآية: }سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) سورة الحديد 21وجاء في الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله فقال((الصلاة على وقتها) صحيح البخاري (504)  وأولى ما يتحقق به هذا الأصل الصلاة في أول الوقت، لأنها تكون في أعلى الوقت، فأول الوقت هو أعلاه، ولهذا استدل به العلماء رحمهم الله على استحباب الصلاة في أول وقتها، وقد جاء تصريح بهذا فيما رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي قال، لما سُئل أي العمل أفضل قال: ((الصلاة في أول وقتها)) فبين معنى على وقتها.

ثم بعد ذلك قال المصنف رحمه الله: "والأفضل تقديم الصلاة في أول وقتها إلا–هذا استثناء- إلا العشاء إذا لم يشق"، هذا استثناء مما ذكره المصنف رحمه الله، مما يستحب أن يكون ذلك تأخيرًا للصلاة.

يقول المصنف لفظًا تقديم الصلاة في أول وقتها إلا العشاء إذا لم يشق، هذا استثناء مما ذكره المصنف رحمه الله من أفضلية الصلاة في أول الوقت، فالعشاء على وجه الخصوص إذا لم يشق جاز أن يؤخرها عن أول وقتها، وذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، صلاها في أول وقتها، كما صلاها صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ في آخر وقتها، حتى قال بعض الصحابة رضي الله عنهم: "الصلاة الصلاة" كما جاء أن عمر صوَّت للنبي صلى الله عليه وسلم ليحضر للصلاة، لما شقَّ على الناس الانتظار، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ((إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي) صحيح مسلم(638) فدل ذلك على أن تأخيرها في هذه الحال مستحب.

الحال الثاني الذي استثناه المؤلف رحمه الله قال: "وإلا الظهر في شدة الحر" إلا الظهر أي يسن تأخير الظهر في شدة الحر دفعًا لمشقة الحر، وقد جاء ذلك في السنة، قال المصنف رحمه الله في الاستدلال: (لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا اشتدَّ الحرُّ فأبردوا عن الصَّلاة فإنَّ شدة الحر من فيح جهنم) صحيح البخاري)510) فمما يسن تأخيره، تأخير الصلاة في شدة الحر، وهذا ما لم يكن هناك توقيت متفق عليه بين الناس، كما هو شائع في المساجد الآن، فإن التزامه مقدم لمنع النزاع بين الناس، ودفع الضرر الحاصل بتفاوت الرغبات في التقديم والتأخير، فإن توحيد أوقات الصلوات الآن، توحيد أوقات الإقامة، هو من باب السياسة الشرعية، لكن لو أن إنسانًا صلى في سفر أو صلى منفردًا أو صلى هو وجماعة، في برٍّ فإنه يُسن له ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حال اشتداد الحر أن يبرد عن الصلاة.

قال رحمه الله: "من فاتته صلاة وجب عليه قضاؤها فورًا مرتبًا" من فاتته صلاة، سواء كانت الصلاة فرضًا أو نفلًا، الذي يظهر أن المراد بمن فاتته الصلاة التي تقدم الحديث عنها وهي الصلاة المؤقتة ذات الوقت المحدد وهي الصلوات المفروضات، فقوله رحمه الله من فاتته صلاة، المقصود بالصلاة هنا ما تقدم ذكره من الصلوات المؤقتة وجب عليه قضاؤها، أي يجب عليه ويلزمه أن يقضيها، فإن كانت فرضًا وجب عليه أن يقضيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن صلاةٍ أو نسيَها فليُصلها إذا ذكرها)) وذاك يدل على وجوب إقامتها عند ذكرها ولا يؤخرها إلى أكثر من ذلك، كما يفعله بعض الناس يفهم أن الصلاة إذا فاتت يقضيها ثاني يوم، هذه من الأغلاط الشائعة، بل يجب عليه أن يقضيها إذا ذكرها، أو إذا استيقظ إن كان نائمًا ولم يفرط بالنوم.

 ثم قال بعد ذلك قضاها فورا مرتبًا أي مرتبًا الصلوات الفائتة، فإن كان فاته أكثر من صلاة قضاها مرتبةً، وإن فاته صلاة وقد حضر وقت صلاة، فإنه يبدأ بالفائتة ثم يأتي بالحاضرة ما لم يضق وقت الحاضرة، ولذلك قال المصنف رحمه الله: "فإن نسي الترتيب" أي إنه سها عن الترتيب، غفل عنه أو جهله أي لم يعلم وجوبه أو خاف فوات الصلاة، سقط الترتيب بينها وبين الحاضرة بمعنى أنه إذا اشتغل بقضاء ما فاته من الصلوات الفائتة فاتته الصلاة الحاضرة، فعند ذلك يبدأ بالحاضرة، لأن اشتغاله بغيرها سيفوتها، والإتيان بها في وقتها أولى من الاشتغال بغيرها، لئلا تكون فائتة، هذه الأعذار التي يسقط بها الترتيب:-

- النسيان.

- الجهل.

- خوف فوت الصلاة الحاضرة.

 عند ذلك يبدأ بالحاضرة، ويسقط عنه الترتيب، ثم قال المصنف رحمه الله : "ومن شروطها ستر العورة" ستر العورة نجعل هذا بعد الصلاة بإذن الله.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات19194 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات12366 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9957 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8466 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف