فضل صيام يوم عاشوراء وما يجب على المسلم فيه
المذيع: دكتور خالد إلى أن يأتينا إتصال لعلي ابدأ معك، يعني لا يفصل بيننا وبين يوم عاشوراء إلا أيام عديدة، نريد الحديث للمشاهد حول فضل هذه الأيام وما يجب على المسلم فيها؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على البشير النذير نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد،،،
ففضيلة هذا الشهرمشهورة ظاهرة وهي فضيلة خاصة وفضيلة مشتركة.
المذيع: نعم، طيب.
الشيخ: الفضيلة الخاصة التي تميز بها شهر محرم عن سائر الشهور أن الله تعالى أضافه إليه، ففي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وعلى آله لما سئل عن أي الشهور، عن أفضل الصيام بعد رمضان؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم شهر الله المحرم، ولم يأتي شهر من الشهور أضافه الله تعالى إليه إلا هذا الشهر، وهذه فضيلة خاصة بمحرم، وهذه الفضيلة الخاصة بهذا الشهر توجب نوع عناية فإنما أضافه الله تعالى إليه من الأشهر والأزمان والأمكنة والأشخاص، إنما أضافه تشريفاً إذا كان من المخلوقات، فإن إضافته إلى الله تعالى إضافة تشريف كناقة الله، وبيت الله وما أشبه ذلك، هذه خاصية لهذا الشهر مميزة، وأما الخاصية المشتركة فهي أن هذا الشهر من الأشهر الحرم التي قال الله تعالى فيهن (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ) سورة التوبة، الآية 36
، وأحد قولي أهل العلم في قوله تعالى (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ)، أن الضمير يعود إلى الأشهر الحرم.
المذيع: نعم
الشيخ: والظلم ممنوع في كل حال وفي كل حين وفي كل مقام، لكنه خص النهي عن الظلم في هذه الأشهر لأنها أشهر معظمة، وما عظمه الله يجب تعظيمه ويزداد الإحتياط فيه.
المذيع: نعم.
الشيخ: كذلك من الخصائص التي يتميز بها هذا الشهر وهي خصائص عملية، أن شهر محرم من الأشهر التي يستحب صيامها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال شهر الله المحرم.
المذيع: كله شيخ خالد؟
الشيخ: لا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استكمل صيام شهراً غير شهر رمضان، ولكن صيام أكثره هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، هو الوارد فضلاً وندباً من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأما عملاً فإن أكثر صيامه كان في شعبان عليه أفضل الصلاة والسلام.
المذيع: نعود دكتور خالد إلى صيام الأيام، ذكرنا تقول أنه لم يصوم شهراً كاملاً سوى رمضان، لكن الأن في صيام عاشوراء، يعني هل الأفضل أن يصوم التاسع والعاشر، أم العاشر والحادي عشر؟
الشيخ: نعم أخص ما يكون في هذا الشهر فضيلة هو صيام يوم العاشر منه، وذلك لما جاء في الصحيح من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال احتسب على الله أن يكفر السنة الماضية، وكذلك في الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم يوماً يتحرى فضله على الأيام غير هذا اليوم يعني يوم عاشوراء، فهو يوم كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتحرى فضله، فهو أخص الأيام من حيث استحباب الصيام، وقد كان واجباً في أول الأمر لكن هذا الوجوب نسخ بفرضية صيام رمضان، وبقي الندب للأمة بعد ذلك، فصيامه أمر متفق عليه من حيث الاستحباب والفضل، وهو أقل المراتب في صيام محرم أن يصوم يوم عاشوراء لتحصيل هذه الفضيلة الخاصة، إلا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم ندب إلى صيام يوم قبله، لما جاءه الصحابه فقالوا إنه يوم تعظمه اليهود، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لإن عشت إلى قابل لأصومن التاسع، فدل هذا على أنه ينبغي أن يضيف إليه يوماً أخر لفوائد، أولاً تحقيق ما هم به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثانياً مخالفة لليهود وغيرهم ممن يعظم هذا اليوم، لأن مخالفة اليهود والنصارى من أصول التشريع، وهو ملاحظ في جوانب عديدة لاسيما إذا كان ذلك ممكناً وفي هذه العبادة لا يحول بين ذلك وبين الإنسان أحد، ثالثاً أنه تحقيق لفضيلة صيام محرم، فإن صيام محرم مفضل على غيره من الأِشهر، رابعاً أنه من صام يوماً لله تعالى كما في الصحيح من حديث أبي سعيد باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفاً، فهو تحصيل للأجر والفضل المرتب على صيام يومه، أما صيام يوماً بعده فقد جاء في ذلك حديث في مسند الإمام أحمد لكن الحديث في إسناده وهن وهو صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده، فالثابت الذي لا مرية في ثبوته ولا خلاف هو فضيلة صيام عاشوراء ثم إضافة يوم قبله وهو يوم التاسع
المذيع: التاسع قبل؟
الشيخ: قبل نعم معه يعني العاشر مع التاسع، بعض أهل العلم ذكر مرتبة ثالثة وهي وجعلها أول المراتب وهي أن يصوم يوماً قبله ويوماً بعده، كما ذكر ذكل الحافظ ابن الحجر والحافظ ابن القيم رحمهم الله، لكن هذا ليس عليه دليل واضح، لكن من أراد أن يصوم اليوم الحادي عشر لكونه يتمم بذلك صيام ثلاثة أيام من كل شهر، أو لكونه يحب الإستكثار من صيام محرم، أو لكونه يحتاط فيما لو حصل إختلاف في دخول الشهر تقدماً وتأخراً فصام يوماً بعده فذلك أمر واسع إن شاء الله.
المذيع: لكن لو صام العاشر لوحده؟
الشيخ: لو اقتصر على صيام العاشر فإن صيامه مقبول مأجور ولا كراهة فيه، وقد نص على هذا جماعة من العلماء، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره إنوا لا كراهة في إفراد اليوم العاشر، وفي هذه السنة يوافق اليوم العاشر يوم السبت، وهنا انبه إلى مسالة مهمة تستند إلى حديث ضعيف، وهو ما رواه الخمسة من حديث الصماء بنت بسر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو شجر فليفطر عليه في رواية فليمضغه)، فهذا الحديث مضطرب في سنده كما أنه ضعيف في متنه، فهو مخالف للأحاديث الصحيحة المشهورة التي فيها الإذن بصيام يوم السبت مضافاً إلى ما قبله بل فيه الإذن بصيام السبت دون إضافته إلى ما قبله أو إلى ما بعده، ثم إن الحديث ظاهره أنه لا يجوز صيامه إلا في الفريضة، وهذا لا يقول به أحد، حتى الذين يقولون بإنه يكره صيام يوم السبت، أو يحرم صيام يوم السبت، يكرهونه ويحرمونه فيما إذا صامه منفرداً أما إذا صامه إضافة إلى غيره كأن يصوم الجمعة ثم يصوم السبت، أو يصوم السبت ثم يصوم الأحد، فإنهم لا يدخلونه تحت ما يفيده الحديث مع أنه ظاهر فيه.
المذيع: إذا كان اليوم العاشر يوم السبت فالأفضل يصوم الجمعة والسبت.
الشيخ: نعم الأفضل أن يصوم الجمعة والسبت.
المذيع: نعم
الشيخ: نسأل الله القبول.
المذيع: اللهم آمين.