ماذا تقولون للمسلمين الذين يخصون ليلة السابع والعشرين من رمضان المبارك بالعمرة وما يسببه ذلك الاعتقاد من زحام غير طبيعي؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / مناسك / العمرة ليلة سبع وعشرين من رمضان
ماذا تقولون للمسلمين الذين يخصون ليلة السابع والعشرين من رمضان المبارك بالعمرة وما يسببه ذلك الاعتقاد من زحام غير طبيعي؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فليس في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في عمل الصحابة ما يدل على فضيلة تخصيص ليلة سبع وعشرين بالعمرة، بل إن هذا من المحدثات التي أحدثها بعض الناس. ولعل هذا التخصيص الذي يفعله بعض الناس رغبة منهم في إدراك فضيلة العمرة في رمضان، وتحصيل فضيلة ليلة سبع وعشرين، التي هي أرجى الليالي أن تكون ليلة القدر. ولذا فإنني أنبه إخواني هؤلاء إلى أمرين يتبين بهما خطأ هذا التخصيص:
أولًا: أن ما جاء من فضيلة العمرة في رمضان لا يختص ليلة دون ليلة، أو وقتًا دون وقت، بل هي في جميع الشهر من دخول أول لياليه إلى غروب شمس آخر أيامه، روى البخاري (1782) ومسلم (1256) من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: «إذا جاءَ رمضانُ فاعتمِرِي؛ فإنَّ عمرةً فيه تَعدِلُ حَجَّةً». ولم يخص النبي صلى الله عليه وسلم لإدراك هذه الفضيلة وقتًا من الشهر، فدل ذلك على أنها فضيلة يستوي في إدراكها أول الشهر وآخره.
ثانياً: أن أفضل ما تُعمر به ليلة القدر إذا عُلمت: القيام والاجتهاد في الدعاء.
أما القيام ففي "صحيحي البخاري"(2014) "ومسلم" (760) من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه قال: «مَن قامَ ليلةَ القدرِ إيماناً واحتِساباً غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ».
أما الدعاء فقد روى أحمد (24856) والترمذي (3513) وغيرهما من طريق عبد الله بن بريدة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، إن علمت أي ليلةٍ ليلةُ القدر، ما أقول فيها؟ قال: «قولي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي». وهذا يشير إلى أنه من المعروف عند الصحابة رضي الله عنهم فضيلة الدعاء ليلة القدر، ولذلك سألته ما تدعو به.
ولا يُعلم خلاف بين أهل العلم في أن للدعاء ليلة القدر مزيةً؛ أجرًا وإجابةً، ومعلوم أن أفضل الدعاء ما كان في الصلاة؛ ففي "صحيح مسلم" (482) من طريق أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقربُ ما يكونُ العبدُ مِن ربِّه وهو ساجدٌ، فأكثِروا الدُّعاء». وفي "صحيح مسلم"(479) أيضًا من طريق إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَأَمَّا السُّجودُ فاجْتَهِدُوا في الدُّعاءِ فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ». أي: جدير أن يستجيب اللهُ لكم إذا فعلتم ذلك.
ولهذا أُوصِي إخواني بالاجتهاد فيما نَدَبَنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم من قيام ليالي العشر والجد في الدعاء، والتضرع في هذه الليالي المباركة حيثما كنا، فليس للعمرة في ليلة سبع وعشرين فضل خاص، ولا ميزة دون العمرة في سائر أوقات الشهر، بل إن في تقصد إيقاع العمرة ليلة سبع وعشرين نوع إحداث، كما أن المشاهد من حال الذين يخصون هذه الليلة بالعمرة أنه لا يتمكن الواحد منهم من فعل العمرة بخشوع وطمأنينة؛ لكثرة الزحام واضطراب الناس، بل هَمُّ الواحد منهم أن ينجو بنفسه، وأن يفرغ من العمرة بأسرع ما يمكن، فلا دعاء ولا سكينة، بل قد يؤذِي أو يُؤذَى نتيجة الزحام وتدافُع الناس، وليس هذا من البر في شيء.
أخوكم/
خالد المصلح
06 /09/ 1425هـ