أين تبيت المعتدة لوفاةِ زوجِها؟ وهل يجوز لها أن تبيتَ في بيت ابنتها؛ لأن بيت زوجها غير صحيٍّ، وهل يجوز لها التَّنقُّل بين بيوت بناتها؟ وهل يجوز لها أن تخرج لطلب الرزق إن لم يكن هناك مَنْ ينفق على أولادها؟ وهل يجوز لها أن تخرُج من البيت للضرورات؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / الطلاق واللعان / أين تبيت المعتدة لوفاة زوجها ؟
أين تبيت المعتدة لوفاةِ زوجِها؟ وهل يجوز لها أن تبيتَ في بيت ابنتها؛ لأن بيت زوجها غير صحيٍّ، وهل يجوز لها التَّنقُّل بين بيوت بناتها؟ وهل يجوز لها أن تخرج لطلب الرزق إن لم يكن هناك مَنْ ينفق على أولادها؟ وهل يجوز لها أن تخرُج من البيت للضرورات؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
ذهب عامة العلماء إلى أنه يجب على المعتدة من وفاة لزوم بيتها الذي توفِّي زوجُها وهي فيه، واستدلوا لذلك بقوله تعالى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} وأصرح من الآية في الدلالة على وجوب لزوم الحادِّ بيتَها الذي توفي عنها زوجها وهي فيه ما أخرجه الخمسة عن فُريعة بنت مالك رضي الله عنها قالت: «خرج زوجي في طلب أعلاجٍ له فأدرجهم في طَرَفِ القَدُوم فقتلوه، فأتاني نعيُه وأنا في دارٍ شاسعة من دور أهلي، فذكرتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إنَّ نعي زوجي أتاني في دار شاسعة من دور أهلي ولم يَدَعْ نفقةً ولا مالاً ورثْتُه، وليس المسكن له، فلو تحولَّتُ إلى أهلي وأخوتي لكان أرفق لي في بعض شأني، قال: «تحولي» فلمَّا خرجتُ إلى المسجد أو إلى الحجرة دعاني أو أمر بي فدُعيتُ فقال: «امكُثي في بيتِكِ حتى يبلُغَ الكتاب أجله» قالت: فاعتدَدْتُ فيه أربعة أشهر وعشراً، قالت: وأرسل إليَّ عثمان فأخبرته فأخذ به.
وهذا الحديث وإن كان قد تكلَّم فيه بعض العلماء من حيث ثبوته إلا أن ابن القيم رحمه الله قال في الجواب على مَن انتقد الحديث : ليس في هذا ما يوجب رد هذه السنة الصحيحة الصريحة التي تلقَّاها عثمان بن عفان وأكابر الصحابة بالقبول.
وهذا الحكم ثابت في حق المعتدة ما لم تدعُ الحاجة إلى خروجها عن بيتها لأسباب يتعذَّر معها البقاء أو يلحقها به مشقة خارجة عن المعتاد فإنه يجوز لها حينئذ الانتقال حيث شاءت عند جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة. ويلزمها في البيت الذي انتقلت إليه من أحكام الإحداد ما يلزمها في البيت الأول.
أما خروجها المؤقت فذلك جائز عند جمهور العلماء إذا احتاجت إلى ذلك إلا أنها لا تبيت إلا في بيتها، ومن الحاجة التي تبيح الخروج: الخروج لطلب الرزق لحديث فُريعَة السابق. ومن الحاجة أيضاً الوحشة بسبب الوحدة فإنه يجوز أن تخرج لتجتمع مع نظائرها، لكن إذا أرادت النوم فإنها ترجع إلى بيتها. وقد فرق فقهاء الحنابلة في الخروج للحاجة بين النهار والليل فقالوا: تخرج نهاراً للحاجة ولا تخرج ليلاً إلا للضرورة، وليس هناك فيما أعلم من السنة ما يعضِّد هذا التفريق، وقد سألتُ عنه شيخنا ابن باز رحمه الله فأجابني بأنه لا وجه له. فالصواب ما عليه الجمهور من عدم التفريق بين الليل والنهار. والله أعلم.