بعض الأسر التي تعتكف في مكة المكرمة يذهبون إلى الحرم لأداء صلاة القيام ويتركون أبناءهم وبناتهم المراهقين يتسكَّعون في الأسواق وتنتشر رذيلة الغزل والمعاكسات، ما الرأي الشرعي في ذلك؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / آداب / اعتكف رب الآسرة وترك أبناءه يتسكعون في الطرقات
بعض الأسر التي تعتكف في مكة المكرمة يذهبون إلى الحرم لأداء صلاة القيام ويتركون أبناءهم وبناتهم المراهقين يتسكَّعون في الأسواق وتنتشر رذيلة الغزل والمعاكسات، ما الرأي الشرعي في ذلك؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
إن من أبواب الخير في رمضان الاشتغال بالطاعاتت والقُرُبات واجبها ومستحبها من الصلاة والزكاة والعمرة وغير ذلك من العبادات، وهذه الطاعات مراتب ودرجات، الجهل بمراتبها وفقهِ درجاتها يُفوِّت على العبد خيراً كثيراً وأجراً كبيراً، فلا يجوز للعبد أن يشتغل بالمستحبات ويضيع الواجبات؛ روى البخاري في صحيحه (6502) من طريق عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى قال: وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه. . .» . فما يفعله بعض إخواننا من تضييع أولادهم ذكوراً وإناثاً بسبب الاشتغال بالطاعة في شهر رمضان من العمرة أو الاعتكاف أو القيام أو غير ذلك من الإحسان أو بسبب الاشتغال بالأعمال الدنيوية أو الاجتماعات والسهرات تفريط فيما أوجب الله تعالى من حفظ الذرية وصيانة الأهل، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]. فلا يجوز لأولياء الأمور الإخلال بهذا الواجب والتعذر بالانشغال بالعبادات المستحبة فإنهم يُقيمون سُنَّة ويهدمون فرضاً، والناظر إلى هدي نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام يرى أنه صلى الله عليه وسلم في أَوْجِ اشتغاله بالطاعات في العشر الأخير الذي يجتهد فيه ما لا يجتهد في غيره كما في صحيح مسلم (1175) من طريق الأسود بن يزيد يقول: قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها. ومع هذا الاشتغال لم يكن يغفل عن أهله، بل كان يُوقِظهم للصلاة كما في البخاري (2024) ومسلم (1174) من طريق مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدَّ مئزره وأحيا ليلَه وأيقَظَ أهله. وهذا واحد من أحاديث عديدة تُبرِز عناية النبي صلى الله عليه وسلم بأهله مع اشتغاله بعبادة ربه واغتنام المواسم الفاضلة. وإنني أحذِّر الآباء والأمهات من التفريط فيما أوجب الله عليهم من رعاية أولادهم الذكور والإناث، فإن عواقب ذلك خطيرة يصطلي بنارها الأولاد ووالدوهم. حفظ الله الجميعَ من سيئ القول والعمل وأعاننا على أداء الأمانة.
أخوكم/
خالد المصلح
06/09/1425هـ