كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «... وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ»؟
خزانة الأسئلة / حديث / الجمع بين حديث: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ»، و: «وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ».
كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «... وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ»؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
ذهب جماعة من العلماء إلى أن أحاديث الفرار من المجذوم منسوخة بأحاديث نفي العدوى.
والذي عليه أكثر أهل العلم أنه لا نَسْخَ، وأن الواجب إما الجمع أو الترجيح، وبكلٍّ أخذ طائفة من العلماء.
والذي يترجح لي أن الجمع ممكن، وهو بأحد وجهين:
الأول: أن يقال: إن المراد بنفي العدوى نفي الاعتقاد الجاهلي من أن المرض يعدي وينتقل بنفسه من غير إرادة الله تعالى وتقديره.
أما أمره بالفرار من المجذوم ونحوه فهو بيان منه صلى الله عليه وسلم أن العدوى من أسباب انتقال الأمراض، ففي أمره بالفرار إثبات للأسباب، وفي نفيه للعدوى أنها لا تستقل بالتأثير.
الثاني: أن يقال: إن نفيه للعدوى نفي لها بالكلية، وأنها غير مؤثرة؛ إذ كثيرًا ما يخالَط المريض ولا يصاب المخالِط بشيء، وأما أَمْرُه بالفرار من المجذوم فهو لئلا يقع المخالِط في ذلك المرض تقديرًا من الله تعالى فيظن عدم مطابقة خبر النبي صلى الله عليه وسلم للواقع في نفيه للعدوى، فيفضي به ذلك إلى إثبات ما نفاه الله ورسوله.
وعلى كل حال الواجب على المؤمن أن يعتقد أن قول النبي صلى الله عليه وسلم حق لا تعارض في شيء منه إذا ثبت عنه، وما كان مِن تعارض قد يظنه الناظر في قوله صلى الله عليه وسلم فإنما هو في الفهم والذهن، والأحاديث وحي، كما قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] والله أعلم.