ما معنى حديث «لَا شُؤْمَ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ»؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / حديث / معنى حديث «لَا شُؤْمَ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ»
ما معنى حديث «لَا شُؤْمَ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ»؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
حديث «الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ» جاء في عدة أحاديث، منها: ما رواه البخاري (2858) ومسلم (2225) من طريق الزهري عن سالم عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ؛ فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ»، وفي رواية البخاري (5094) عن ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ»، وقد رواه أيضًا البخاري (5095) ومسلم (2226) من طريق مالك عن أبي حكيم عن سهل بن سعد.
ولأهل العلم في معناه أقوال؛ فقال جماعة من أهل العلم: إن الحديث ليس فيه جزم بوجود الشؤم، إنما فيه الإخبار بأنه إن كان الله خلق الشؤم في شيء مما جرى التشاؤم به فإنما يخلقه في هذه الأشياء، وهذا لا يقتضي إثبات الشؤم فيها.
وقال آخرون: إن إضافة الشؤم إلى هذه الثلاثة إنما هو مجاز، والمعنى: أن الشؤم قد يحصل مقارِنًا لها لا أنه منها.
وقيل: الشؤم في الدار جارُ السوء، وفي المرأة أن لا تَلِدَ، وفي الفرس أن لا يُغْزَى عليها.
وقال آخرون: هذا مُسْتَثْنًى من الحديث الذي فيه نفي التشاؤم، كما في بعض روايات حديث ابن عمر المتقدم، وحديث أبي هريرة في البخاري (5755) ومسلم (2223) من طريق الزهري عن عبدالله بن عبدالبر بن عتبة به أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ».
وقال آخرون: إن الطِّيَرَة في هذه الأشياء والشؤم على مَن تشاءم بها ولم يتوكل على الله، أما مَن تَوَكَّل عليه وصدق في الركون إليه فلا يضره ذلك في شيء.
وقال آخرون: إن المثبت من الشؤم غير المنفي، فالمنفي هو كونها شؤمًا بذواتها، وأما المثبَت فهو أن الله تعالى قد يقضي بأن يكون شيء من هذه المذكورات شؤمًا على مَن يصاحبه بمجيء النقص إليه مِن قِبَلِه.
وهذا المعنى الأخير هو ظاهر قول مالك - رحمه الله -.
وقد أطال أهل العلم في بحث هذا، وأوسع مَن رأيته تكلم على معنى الحديث ابن القيم في مفتاح دار السعادة . ص (254 وما بعــدها) والحــافظ ابن حجـــر فــي فتح البــاري (6/60-63) ، وابن عــبد البر في التمهيد (9/278 - وما بعدها) . ولا يخرج ما ذكروه من الجواب عما نقلنا.
والذي يظهر لي أن أقرب هذه الأجوبة للصواب هو: عدم منافاة ما أخبر به مِن نَفْيِ الطِّيَرَة وما أضافه إلى المرأة والفَرَس والدار من الشؤم، فإن الشؤم وهو النقص الحاصل في هذه الأشياء بقضاء الله وقدره، لا أن ذلك بسبب هذه الأشياء، فكل شيء بقضاء الله وقدره، فلا ينبغي توهُّم أنها مصدره وسببه إذا وقع منها ما يُكْرَه، والله أعلم.