أحد إخواني أخبرني أنه إذا أعجبته امرأة يعمد إلى تخيُّل نفسه يجامعها، ويقول: إنه لم يفعل ولم يقل، والحديث في هذا معروف، وبعض العلماء يحرِّم هذا الفعل، ولا أعرف لهم دليلاً، فما قولكم في فعل هذا الأخ، جزاكم الله خيراً؟
خزانة الأسئلة / السياسة الشرعية / يتخيل نفسه يزني، فما حكمه؟
أحد إخواني أخبرني أنه إذا أعجبته امرأة يعمد إلى تخيُّل نفسه يجامعها، ويقول: إنه لم يفعل ولم يقل، والحديث في هذا معروف، وبعض العلماء يحرِّم هذا الفعل، ولا أعرف لهم دليلاً، فما قولكم في فعل هذا الأخ، جزاكم الله خيراً؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة على سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
الحديث الذي يشير إليه أخوك هو ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تجاوز عن أُمَّتي ما حدَّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم». وحديث النفس هو ما يقع فيها مع التردد هل يفعل أو لا، أما ما عزم عليه الإنسان وركَّز إليه قلبه فإنه يُؤاخَذ به؛ لقول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225] وقال ابن المبارك: سألت سفيان الثوري: أيؤاخذ العبد بالهَمِّ؟ فقال: إذا كان عزماً أُوخِذَ. وقد قال بهذا القول كثير من الفقهاء والمحدثين، ويؤيده قول الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 235]، وهذا كله فيما هو من أعمال الجوارح كالزنى والسرقة وشرب الخمر والقتل والقذف ونحو ذلك. أما ما كان من أعمال القلوب كالكبر والعجب والرياء والحسد وسوء الظن بالمسلم من غير موجب، فهذا مما يؤاخذ به الإنسان، وقد حُكِي الإجماع على المؤاخذة بأعمال القلوب، حكاه غير واحد من أهل العلم. فما سألت عنه من تَخيُّل أخيك للمرأة الأجنبية التي أعجبته: إن كان أمراً يهجم عليه ويدافعه فلا شيء عليه فيه، أما إن كان يسترسل معه أو يطلبه فإنه يؤاخذ به، ويشهد لهذا ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن الله كتب على ابن آدم نصيبَه من الزنى أدرك ذلك لا محالة؛ فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدِّق ذلك كله أو يكذبه». وفي رواية مسلم «والقلب يهوى ويتمنى». فجعل النبي صلى الله عليه وسلم تمني النفس والقلب وهواهما من جملة وسائل الزنى وصُوَرِه، ولو لم يكن الإنسان مؤاخذاً به لما عده رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزنى. كما أن من القواعد المعروفة عند أهل العلم أن ما لا يتم اجتناب المحرم إلا به فاجتنابه واجب، ولذلك قال تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الاسراء: 32]. أعاذنا الله وإياكم من وساوس الشيطان ونزغاته. والله أعلم.
أخوكم/
خالد المصلح
06/09/1424هـ