ما حكم قراءة الحائض للقرآن في رمضان؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / تفسير / قٌراءة الحائض للقرآن
ما حكم قراءة الحائض للقرآن في رمضان؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة عن سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
الحكم لا يتعلق برمضان على وجه الخصوص، إنما الخلاف في قراءة الحائض يكون في رمضان وفي غيره، يعني: في قراءة الحائض للقرآن مطلقاً سواء في رمضان أو في غيره، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم:
-فمنهم من قال بالمنع مطلقًا، وأن الحائض لا يجوز لها أن تقرأ شيئاً من القرآن، واعتمدوا في ذلك على قول الله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43]، فألحقوا الحائض بالجنب في المنع من الصلاة -لأن الصلاة فيها قراءة- والمنع من إتيان مكان الصلاة منع من القراءة.
-والصحيح أنه لا دليل يُستند إليه في منع الحائض من قراءة القرآن، وعلى هذا؛ فإننا نقول: إن الحائض تقرأ القرآن، ومن قاس الحائض على الجنب في منع قراءة القرآن فقياسه غير متوجه، وذلك أن الحائض تفارق الجنب من جهات عديدة:
الجهة الأولى: أن الحائض حدثها غير اختياري، بخلاف الجنب فإنه اختياري في الغالب.
الجهة الثانية: أن الحائض لا تتمكن من رفع الحدث، بخلاف الجنب؛ فإنه يمكنه أن يرفع الحدث بالاغتسال.
الجهة الثالثة: أن الحائض جاء ندبها إلى ذكر الله تعالى وإلى العمل الصالح، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة كما في الصحيحين: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت»، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم الحيَّض أن يخرجْنَ ويشهدن صلاة العيد ويشهدنَ دعوة المسلمين، وهذان لم يأتيا في حق الجُنب، فإنه لم يندب إلى ذكر الله تعالى ولم يُطلب منه شيء من ذلك، بل المطلوب منه أن يبادر إلى رفع ما حلَّ به من حدث. وهذه الفروق تمنع من إلحاق الحائض بالجنب.
وعلى هذا فليس هناك ما يمنع من قراءة الحائض للقرآن على الصحيح من قولي أهل العلم، وإن كان جمهور العلماء على المنع، لكن ليس هناك دليل إلا القياس على الجنب، وإذا كان الدليل هو القياس فقد بيَّنا الفروق بين الجنب وبين الحائض، فلا يسوغ القياس.
على أن الجنب اختلف العلماء فيه: هل يُمنع من قراءة القرآن أو لا؟ فعمدة ذلك ما في الخمسة من حديث علي رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة»، وقد ذهب جماعة من العلماء إلى ضعف هذا الحديث، وإن كان الجماهير على أن الجنب لا يقرأ القرآن –وهو القول الصحيح- لكن إلحاق الحائض بالجنب ليس بصواب.
والصواب من قولي أهل العلم: أن الحائض تقرأ القرآن لكن لا تمس المصحف، ولا فرق في هذا بين كونه في رمضان أو غيره؛ فإن الحائض تحتاج إلى الاستزادة من العمل الصالح، وليس لنا أن نمنعها من شيء إلا بحجة وبرهان، فمن منع أحدًا من عمل صالح ولم يكن له حجة واضحة تعذره، فإنه لا يجوز له أن يمنع إلا بما هو بيّن واضح، وعلى هذا فلها أن تقرأ سواء احتاجت إلى ذلك كأن تقرأ لتمسك حفظها، أو لتختم ختمتها في رمضان، أو ما إلى ذلك من الأسباب أو لم تحتج.
وهذا هو الصحيح من قولي أهل العلم، والله تعالى أعلم.