ما حكم استخدام قطرة الأنف والعين والأذن أثناء الصوم؟
خزانة الأسئلة / الصوم / قطرة الأنف والعين والأذن أثناء الصوم؟
ما حكم استخدام قطرة الأنف والعين والأذن أثناء الصوم؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة على سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
قطرة الأنف والأذن والعين هي في حقيقتها ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: قطرة الأنف، وهو ما يُقطَّر في الأنف لمعالجته أو لإزالة ضرر أو ما أشبه ذلك من الحوائج الطبية، فذهب طائفةٌ من أهل العلم إلى أنه إذا وصل إلى جوفه شيء مما قُطِّر في أنفه فإنه يفطر، واستندوا في ذلك إلى ما في المسند والسنن من حديث لَقيطِ بن صَبِرَة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وبالغْ في الاستنشاقِ إلا أن تكون صائماً»، وهذا يدل على أنه إذا كان صائماً وجب عليه أن يمتنع مما يُخشى أن يصل إلى جوفه من طريق أنفه، وهو قول الجمهور.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه إن احتاج إلى التقطير في أنفه فقطَّر فإنه لا يفطر بما يصل إلى جوفِه، واستدلوا لذلك بأن هذه القطرات -أولاً- ليست أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب.
ثانياً: أن ما يصل إلى الجوف من هذه القطرات شيء يسير لا يُذكَر، فهو نظير ما يبقى في الفم من آثار المضمضة، ومعلوم أن أثر المضمضة الباقي في الفم لا يُؤثِّر على صحة الصوم بالاتفاق وبالنص.
ثالثاً: أن هذه التقطيرات قد تدعو الحاجة إليها ويحتاجها الإنسان، والأصل صحة الصوم فلا نمنعه منها، ولكن نقول: احترز من المبالغة في استنشاقها. وهذه هي أدلة القائلين بعدم التفطير بقطرة الأنف.
وقد استدل القائلون بالتفطير بحديث لقيط بن صبرة: «وبالغْ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» فقالوا: هذا يدلُّ على أنه يُفطَّر به وإلا لَمَا منعه النبي صلى الله عليه وسلم من المبالغة في الاستنشاق.
وأجاب القائلون بأنه لا يفطِّر: ما وصل إلى الجوف من طريق الأنف إذا غُلِب عليه قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المبالغة ولم يحكم بالفطر فقال: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» ولم يقل: فإن وصل شيء إلى جوفك فإنك تفطر. وهذا توجيه قوي ذكره جماعة من أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وبالتالي فإن الراجح من هذين القولين أنه إذا احتاج إلى أن يقطِّر في نفسه، فلا بأس لكن ينبغي أن لا يبالغ في التقطير، فإن وصل شيء إلى جوفه من جرَّاء هذا التقطير فإنه لا يفطر، وهو نظير الاستنشاق، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل للصائم لا تستنشقْ، وإنما قال: «بالغْ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» فلا تبالغ، وكذلك القطرات له أن يستعملها لكن لا يبالغ، فإن بالغ لحاجة أو لعارض، فينبغي أن يُتوقَّى بابتلاعها وإدخالها إلى جوفه، فإن غُلِب وذهب شيء إلى جوفه فليس عليه شيء وصيامه صحيح، وهذا فيما يتعلق بقطرة الأنف.
وأما قطرة العين وقطرة الأذن فجمهور العلماء على أن ما وصل إلى الجوف من طريق العين فهو مُفطِّر، ولكن لا دليل على هذا القول، فإذا كان ما وصل إلى الجوف من طريق الأنف لا يفطر -كما تقدم تقريره- فكذلك ما وصل إلى الجوف من طريق قطرة العين ومن طريق قطرة الأذن، ولهذا فالصحيح أنه يجوز التقطير في العين والأنف والأذن، وإذا وصل شيء إلى جوفه من ذلك وغُلِب عليه فلا حرج عليه، لكن فيما يتصل بالأنف خصوصاً ينبغي أن لا يبالغ في التقطير، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وبالِغْ في الاستنشاقِ إلا أنْ تكونَ صائماً».