ما حكم الجماع في نهار رمضان؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / الصوم / ما حكم الجماع في نهار رمضان؟
ما حكم الجماع في نهار رمضان؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة على سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
في الصحيحين من حديث حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت، قال: ما أهلكك؟ قال: وقعت على أهلي في نهار رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تجد ما تعتق رقبة؟»، الرقبة: هي العبد المملوك الذي يُباع ويشترى، فسأله: هل تقدر أن تعتق عبداً؟ عندك عبد أو تشتريه لتعتقه؟ «قال: لا، قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا» فتبيَّن بهذا أن الكفارة مُرتَّبة، والنبي صلى الله عليه وسلم بيَّن ما الذي يترتب على مَن واقَع أهله في نهار رمضان، ويمكن أن نُقرِّب المعنى فنقول: أول ما يجب عليك التوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب؛ لأنه هلاك، والنبي صلى الله عليه وسلم أقرَّ الرجل على هذا الوصف عندما قال: «هلكت، قال: ما أهلكك؟»، ثم بيَّن له ما يجب.
فأولاً: عليك التوبة من هذا الإثم الكبير الذي هو مِن أسباب الهلاك، ثم عليك إكمال اليوم، وهذا فيما إذا وقع من الإنسان فعليه أن يكمل هذا اليوم، ولا يعني هذا أنه إذا أفطر فإنه يباح له فعل ما يشاء كما هو حال كثير من الناس، بل يجب عليه أن يمسك، فكل لحظة من هذا اليوم يجب احترامها بالإمساك والامتناع عن المفطرات.
الثالث مما يجب: الكفارة، والكفارة هي ما بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: عتق رقبة، فإن لم تجد، ليس عندك قدرة مالية أو لا يوجد في بلدك رقيق كما هو حال أكثر حال الناس الآن، فينتقل للمرتبة الثانية وهي: صيام شهرين متتابعين.
فهل تستطيع؟ والاستطاعة ليس لها ضابط محدد، الاستطاعة هي تقدير ذاتي؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: تستطيع ولم يناقش، وإنما الاستطاعة تقدير ذاتي بينك وبين الله تعالى.
وبعض العلماء يضبطها فيقول: من استطاع أن يصوم رمضان فهو مستطيع، لكن هذا الضابط ليس بمستقيم؛ لأن الرجل جاء وهو مستطيع أن يصوم رمضان، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ما اكتفى بقدرته على صيام رمضان، أن يكون قادراً على صيام شهرين متتابعين، بل سأله: تستطيع؟ فقال: لا. ولذلك انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المرتبة الثالثة، وهي إطعام ستين مسكيناً، إذا كان عندك قدرة أن تطعم ستين مسكيناً.
وما قدر الإطعام؟ لم يأتِ تحديد واضح وبيِّن يصار إليه، لكن أقلُّ ما قاله العلماء هو نصف صاع، وبعض العلماء يقول: ما يحصُل به الإطعام، نصف صاع من غالب قوت البلد من التمر أو البُرِّ وهو ما يُقارب الكيلو والنصف ونحو ذلك، يحصل به إبراء الذمة في الإطعام.
وإذا لم يستطع هذه المراتب الثلاثة، فعليه بالأمرين: التوبة وإتمام الصيام في ذلك اليوم، وليس عليه كفارة.
وهل عليه قضاء؟ جاء في رواية ابن ماجه: «وصُمْ يوماً مكانه»، لكن هذه الرواية ضعيفة شاذة؛ ولذلك لا معول عليها.
وهل يجب عليه القضاء؟ جمهور علماء الأمة أنه يجب عليه أن يقضي، وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن مَنْ أفطر متعمداً فإن القضاء لا ينفعه؛ استناداً لما جاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة وهو حديث معلق، قال: يُذكر عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن أفطر يوماً من رمضان من غير عذر لم يُجزِه صيام الدهر وإن صامه» ومعنى هذا: أن هذا لا ينفع، يعني: لا يكون يوم مقابل يوم، فلو صُمْتَ الدهر فلا يجزئ هذا اليوم، أو لا يقابل ولا يكافئ هذا اليوم.
وهل أُغْلِق باب التوبة؟ الجواب: لا، باب التوبة مفتوح؛ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]، فالبحث الآن هو: هل يجزئ أن تصوم يوم؟ فقال هؤلاء: لا يجزئ ولا ينفعك أن تصوم يوماً، فماذا تصنع؟ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]، فأكثِرْ من العمل الصالح لعل الله يتوب عنك.
والخلاصة: أني لا أرى أن القضاء يجزئه، لكن يكثر من صيام النفل لعلَّ الله أن يتوب عليه.