ما حكم تقديم صيام الست من شوال قبل القضاء؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / الصوم / تقديم صيام الست من شوال قبل القضاء
ما حكم تقديم صيام الست من شوال قبل القضاء؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة على سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
يقول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]، وفي الآية التي قبلها: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، فمن كان عليه فطر في رمضان فيجب عليه القضاء.
وهل يجوز التطوع قبل القضاء؟ هذا من حيث العموم، لأن مسألة صيام الست قبل القضاء متفرعة ومندرجة عن هذا الأصل، فجماهير العلماء على صحة التطوع قبل القضاء، لكنهم اختلفوا بين قائل بأن الأمر سواء ما دام أن الأمر موسع فيجوز أن تبتدئ ولا كراهة، وذهب جمهورهم إلى أنه يُكرَه أن يبدأ بالتطوع قبل القضاء؛ لأنه ينبغي أن يشتغل الإنسان بالقضاء، لأنه أُلزِم وأوجب، وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه لا يجوز البداءة بالتطوع قبل القضاء، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
وأما الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية على صحة البداءة بالتطوع قبل القضاء.
وأما مسألة صيام الست، ففيها حديث في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر»، فهل هذا الحديث خارج عن قول الجمهور، في أنه يجوز البداءة بالتطوع قبل القضاء؟ ذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه لا يجوز البداءة بالست، أي: أن الإنسان لا يدرك فضيلة الست إلا بعد الفراغ من القضاء؛ استناداً إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «ثم أتبعه ستاً من شوال»، وهذا نصَّ عليه جماعة من فقهاء الحنابلة وجماعة من فقهاء الشافعية.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن (ثُمَّ) هنا ليست للتعقيب الذي يفيد استكمال جميع صيام رمضان أداءً وقضاءً، وإنما المقصود أن هذه الست تلي في التكميل صيام رمضان، في تكميل الأجر؛ لأن الدهر المقصود به سنة، فصيام رمضان يعدل صيام عشرة أشهر، وصيام الست من شوال يعدل شهرين، فيكون بذلك قد صام الدهر بما أنه صام السنة كاملة، ولذلك قالوا: لا فرق بين أن يصوم الست قبل القضاء، أو يصوم القضاء ثم يصوم الست؛ لأن المعنى حاصل.
ثم إن قوله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان» فمن صام أكثر رمضان وأفطر بعض الأيام لعذر فإنه لا يوصف بأنه لم يصم رمضان، فمثلاً: أنا صمت رمضان، وسافرت وأفطرت يومين، فهل يصدُق عليَّ أني صمت رمضان أو لا؟ نعم يصدق عليَّ أني صمت رمضان، وإن كان عليَّ قضاء، فإنه لا يخرُج عن وصفه صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضانَ».
وبالتالي الذي أراه راجحاً من هذين القولين والأقرب إلى الصواب: أنه يجوز صيام الست قبل القضاء، وهذا فيه سعةٌ للنساء اللاتي يحتجن إلى قضاء أيامهن في الغالب، وأيضاً فيه سعة لأهل الأعذار الذين يرغبون إدراك هذه الفضيلة ويضيق عليهم الوقت في صيام القضاء قبل السبت، ولكن من حيث التوجيه نقول: ينبغي البداءة بالقضاء، الأفضل البداءة بالقضاء ثم صيام الست، لكن لو أن أحداً قال: أنا أحبُّ أن أبدأ بالست فلا أجد مستنداً يمنعه من ذلك، والله أعلم.