ما حكم صوم عاشوراء مفرداً؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / الصوم / صوم عاشوراء مفرداً
ما حكم صوم عاشوراء مفرداً؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة على سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
جمهور العلماء على أن مَن صام عاشوراء منفرداً، فإنه قد حصَّل الفضيلة التي رُتِّبت على صيام هذا اليوم من تكفير السنة التي قبله.
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى كراهية إفراد يوم عاشوراء لهذا الحديث، لكن الاستدلال بما استدل به من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث ابن عباس: «لئن بقيتُ إلى قابلٍ لأصومنَّ التاسع» في الحقيقة أن الاستدلال به لا يستقيم؛ لأن ابن حزم وجماعة من أهل العلم رَأَوا أن التاسع هو الذي يصام وليس العاشر، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لئن بقيت إلى قابل لأصومنَّ التاسع»، ولم يذكر العاشر، ففهم ابن حزم وجماعة من أهل العلم أيضاً من المتقدمين أن الصيام هو التاسع لا العاشر.
والصحيح أن السنة في الصيام أن يصوم العاشر والتاسع، وهذا على وجه الكمال الذي ينبغي أن يحرص عليه المؤمن للجمع بين الأحاديث، وهو قول جماهير أهل العلم.
لكن لو أفرد العاشر، فقال الإنسان: أنا لا أستطيع أن أصوم إلا يوماً واحداً، إما أن أصوم عاشوراء أو ألاَّ أصوم؛ فنقول: في هذه الحال صُمْ وأنت على خير، وتُدرِك الفضيلة بإذن الله تعالى.
وأما تعليل الحكم بأنه لمخالفة اليهود والنصارى، وهذا لا يختص بهذا الحكم وهو لمخالفة اليهود في عاشوراء، لكن عموم الأحاديث التي وردت فيها مخالفة اليهود والنصارى ليس كل مخالفة واجبة ولا كل موافقة محرمة، ومثال هذا: النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا اليهود، صلُّوا في نعالكم»، فهل هذا يدل على وجوب الصلاة في النعال أو على كراهية الصلاة حافياً؟ الجواب: لا، لكن هذا من الأمور التي يُستحب ويندب إليها، وهذا يبين لنا أنه ليس كل موافقة محرمة ولا كل مخالفة واجبة أو مندوب إليها ندب إلزام، فنفهم من هذا أنه ينبغي فهم حكم المخالفة والموافقة من خلال النصوص الأخرى.
فالكمال أن يصوم التاسع والعاشر، وهذا ذكره بعض أهل العلم، وممن ذكره ابن القيم وابن حجر وجماعة من أهل العلم، حتى إن ابن سيرين رحمه الله قال: يصوم يوماً قبله ويوماً بعده، لكن ابن سيرين رحمه الله وغيره من المتقدمين ذكروا ذلك في حال اشتباه الشهر، وذلك لتيقُّن حصول عاشوراء، وأما إذا كان الشهر واضحاً بأن تمَّ شهر ذي الحجة أو عُرِف هلال محرم ففي هذه الحال السنة أن تقتصر على صيام التاسع والعاشر، وذلك أن الحديث الوارد في صيام ثلاثة أيام وهو حديث ابن عباس في مسند الإمام أحمد: «صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده»، وفي رواية: «يوماً قبله وبعده»؛ فهو حديث ضعيف في قول جماهير أهل التحقيق من المحدثين.
وعليه؛ فأعلى مراتب الصيام على الصحيح هو أن يصوم التاسع والعاشر، ثم أن يُفرِد العاشر، وهذه هي المراتب الثابتة التي تدل عليها الأدلة.
فإذا كان الإنسان في منطقة معينة شاع فيها قول من الأقوال، ولم يُعرَف غير هذا القول فلا يعني أن الأقوال الأخرى ليست بصحيحة، أو أنه لا يوجد قول إلا هذا.
فأقول لإخواني: الحمد لله، صيام التاسع والعاشر والحادي عشر هو من الخير؛ لأن صيام مُحرَّم من أفضل الصيام بعد رمضان، كما جاء ذلك في الصحيح من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لما سُئِل عن أي الصيام أفضل بعد شهر الله المحرم؟ فقال: «شهر الله المحرم»، فينبغي الإكثار، لكن نبين أن الفضيلة المتعلقة بصيام عاشوراء تحصُل لمن صام هذا اليوم منفرداً، وينبغي له أن يحرص على صيام يومٍ قبله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع».