امرأة مصابة بجلطة ومنعها الأطباء من الصيام، فما الحكم؟
خزانة الأسئلة / الصوم / مصابة بجلطة ومنعها الأطباء من الصيام
امرأة مصابة بجلطة ومنعها الأطباء من الصيام، فما الحكم؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة على سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
هذا المرض مما يدخل في قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: 184]، وفي قوله: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185].
فالمرض الذي يبيح الصيام للعلماء فيه أقوال: فمنهم من يقول: كل مرض سواءً يؤثر فيه الصوم أولا يؤثر فإنه يبيح الفطر، وهذا هو مذهب البخاري وجماعة من أهل العلم.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن المرض الذي يبيح الفطر هو ما يلحق الإنسان فيه مشقة بالصوم، وبهذا يكون المرض الذي لا مشقة فيه بالصيام لا يبيح الفطر، فمثلاً: الأمراض الجلدية التي لا يؤثر فيها الصوم، أمراض البصر والرؤية التي لا يؤثر فيها الصوم، وما أشبه ذلك من الأمراض التي لا يزيدها الصيام ولا يؤخر الشفاء منها، وليس فيه مشقة فإنه لا يبيح الفطر، وهذا قول أكثر العلماء.
وهذا النوع من الأمراض -وهو ما يؤثر فيه الصوم- ينقسم إلى قسمين: أمراض مؤقتة يرجى زوالها وارتفاعها، وهذه تبيح الفطر، ويجب على أصحابها القضاء، فإذا كان الإنسان مريضاً مرضاً يزيده الصيام شدة أو يؤخر شفاءه أو تلحق الإنسان فيه مشقة خارجة عن المعتاد ويلحقه به عنت فهؤلاء يحِلُّ لهم الفطر، لكن يجب عليهم أن يقضوا مكان هذا اليوم الذي أفطروه يوماً آخر؛ لقول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185].
وأما إذا كان هذا المرض مرضاً لا يرجى برؤه ولا يؤمل زواله، ولا نقول هذا بناءً على عدم إمكان الشفاء، لكن هو فيما جرت به العادة، والغالب أنه لا يُشفى منه، وإلا فالله تعالى على كل شيء قدير، فمثل هذا المرض لا يجب على أهله الصيام، لدخولهم في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]، فأباح الله تعالى الفطر، لكن العدة من الأيام الأخر غير ممكنة؛ لأنه لا فرق -بالنسبة لهذا- من حيث عدم القدرة بين رمضان وبين غيره، ولهذا فإنه لا يجب عليه القضاء، لكن يجب عليه مكانَ الفطر أن يُطعم عن كل يوم مسكيناً؛ إلحاقاً له بمن لا يطيق الصوم، كما جاء ذلك في قوله جل وعلا: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184].
وفي الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: «ليست منسوخة، إنما هي في الرجل الكبير والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان الصيام، فيفطران ويُطعِمان عن كل يوم مسكيناً»، وقد فعل هذا أنس بن مالك رضي الله عنه، كما في الصحيح أنه لما هَرِم وكبِر سنه وعجز عن الصيام كان يطعم عن كل يوم مسكيناً.
فهذا الحكم يشمل المريض مرضاً لا يرجى برؤه، وكذلك الكبير الذي يعجزه الصيام.
فهذه المرأة التي أصيبت بجلطة حالها من هذا الجزء، وهو أنها مريضة مرضاً لا يرجى برؤه، فإن كان مرضاً يؤمل التحسن منه كما هو الحال في بعض الجلطات فإنها تُفطِر وتقضي.
وفي الحقيقة إن الجلطة أنواع، فمنها ما يُفقد الوعي، ومنها ما يُرجى الشفاء منه، ومنها ما لا يرجى الشفاء منه، فما أفقد الوعي من الجلطات فهذا لا يجب فيه صوم ولا إطعام، وما لم يفقد الوعي فهو إن كان يرجى زواله وتحسن حال المريض، فهذا ينتظر حتى يقوى على الصيام ثم يقضيه، لقول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185].
وإن كانت الجلطة من النوع الثالث، وهو الذي يدوم تأثيره ولا يُرجى الشفاء منه، فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً، إذا كان يعجزه أو لا يطيق الصوم.