شخص يشرب الخمر، فإذا أخبرناه بأن شُرْب الخمر حرام قال: أنا أشرب كمية قليلة ما تُسْكِرُني، ويقيس ذلك بإجازة العلماء للقليل من الربا؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / بيوع / تحريم القليل والكثير من الربا والمُسْكِر
شخص يشرب الخمر، فإذا أخبرناه بأن شُرْب الخمر حرام قال: أنا أشرب كمية قليلة ما تُسْكِرُني، ويقيس ذلك بإجازة العلماء للقليل من الربا؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة عن سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
أولًا: لا أعلم أحدًا من أهل العلم يقول بجواز القليل من الربا، الإجماع منعقد على تحريم الربا قليله وكثيره، ليس هناك بين أهل العلم اختلاف في هذا، حكى الإجماع على هذا جمهور أهل العلم؛ ابن عبد البر، وابن المنذر، والنووي، وسائر من اشتغلوا بحكاية الإجماع أنه لا يجوز الربا القليل والكثير.
بمعنى أني أعطيك يا شيخ محمد عشرة ريالات، وأقول لك: أَرْجِعْهَا لي عشرة ونصفًا بعد أسبوع، هذا ربا، ولو كان نصف ريال يدخل في الوعيد المتضمن في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ [البقرة: 275] .. الآيات، وما إلى ذلك من النصوص التي فيها التحذير من الربا.
لكن التبس على الأخ ما يقوله بعض إخواننا في مسألة المساهمات؛ أن هذا قليل من الربا، والقليل من الربا لا بأس به، وهنا أُنَبِّه أن هذا مصدر إشكال عند كثير من الناس، يقولون: كيف تقولون بجواز الربا القليل، والله تعالى حرَّمه، إذن يجوز القليل من الربا؟
الجواب على هذا الإشكال: أن الإخوان الذين يقولون بجواز المساهمات مع وجود قليل الربا لا يُجِيزُون القسط من المساهمات التي فيها ربا، إنما هم يقولون: موضوع هذه الشركة؛ شركة الاتصالات، شركة الكهرباء، شركة الصناعة، شركة الزراعة، هذه أعمالها في الأصل خدمات مباحة، فإذا كانت خدماتها مباحة، وهذا الذي حمل الناس للمساهمة، الناس ما ذهبوا إلى هذه الجهات حتى يجنوا عوائد أرباح الإيداعات في البنوك الربوية، إنما ذهبوا لهذه الجهات لأجل الأنشطة المباحة، لا في الإيداع، وإلا لو كان يريد الإيداع وعائدًا ربويًّا كان يذهب للبنك مباشرة، إذن لأجل أن النشاط مباح في أصله، وهو الغالب في الشركة، قال جماعة من العلماء عن هذا النشاط: إنه محرَّم، سواء كان نوع آخر من الأنشطة المحرَّمة مغتفَر. في هذا الكم الكبير من الأنشطة المباحة أم لا.
ففرق بين المسألتين، وهو تفريق دقيق يحتاج إلى نوع تعمق.
أما بالنسبة لقليل الخمر- وهو أصل المسألة- قليل الخمر قد حسم النبي صلى الله عليه وسلم المسألة فقال: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» شعب الإيمان (5187) وهذا في الصحيح وغيره.
يبيِّن لنا أن الخمر يجب اجتنابها، حتى لو قال واحد: والله أنا ما أسكر، أريد أن أشرب، فالمعلوم أن مَظِنَّة حصول السُّكْر يُثْبِت الحكم ولو لم يَسْكَر الإنسان، يعني لو كان إنسان عنده قدرة حضور، يشرب قارورة أو قارورتين ولا يَسْكَر، نقول له: اشرب ولا بأس بالقليل؟ لا، لا شك أن مَظِنَّة الحكم أن الخمر تُسْكِر، فكون فلان من الناس عنده من القدرة وحضور الذهن والطبيعة، وما منحه الله تعالى أنه ما يَسْكَر بِجَرَّة أو بِجَرَّتَيْن أو بكأس أو كأسين، هذا لا يسوِّغ له الشرب، بل هو محرَّم قليله وكثيره، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم هذا في هذا الحديث الذي ذكرناه: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»، يعني لو أنه ما يَسْكَر إلا إذا شرب مثلًا عشر كاسات ما نقول: الكاسين والثلاثة والأربعة خمس، بل الجرعة الواحدة منه محرَّمة.