هل يجوز احتساب الدَّيْن من الزكاة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / زكاة / هل يجوز احتساب الدَّيْن من الزكاة؟
هل يجوز احتساب الدَّيْن من الزكاة؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة عن سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
الديون التي للإنسان على غيره للعلماء فيها أقوال، وعلى القول بأنه يجب فيها الزكاة -كما قال ذلك جماعة من أهل العلم، وهو قول أكثر العلماء- هل يجوز أن يحتسب زكاته من الدَّيْن الذي يطلبه الناس إذا كانوا مُعْسِرِينَ أو كانوا لا يستطيعون الوفاء؟
عامة العلماء على أنه لا يجوز احتساب الدَّيْن جزءًا من الزكاة، قالوا: لأن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة: 267] ، والخبيث ليس هو الْمُحَرَّم، وإنما الدُّون من المال، ومعلوم أن الدَّيْن في نظر أصحابه هو في القيمة دون المال الذي في أيديهم، فهو مندرج تحت كونه من الخبيث، لا سيما إذا كان لا يرجو رجوعه ولا يرجو رده، ففي هذه الحال قيمة هذا المال عند أصحابه ليست كقيمة المال الذي في أيديهم، فلذلك لا يجوز أن يُخْرِج الزكاة من الدَّيْن الذي له على غيره عن مال في يده سيكون من تيمم الخبيث من ماله.
ولهذا ذهب عامة العلماء إلى أنه لا يجوز احتساب الدَّيْن جزءًا من الزكاة، أو احتساب الدَّيْن زكاة.
وذهب بعض أهل العلم -وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله- إلى أنه يجوز أن يحتسب الدَّيْن في الزكاة عن زكاة دَيْن، يعني: إذا كنت أنا أطلب منك -مثلًا- مائة ألف ريال فزكاتها ألفان وخمس مئة، وأنا أطلب فقيرًا للزكاة، أو أنت كنت فقيرًا على سبيل المثال، ففي هذه الحال يجوز أن أحتسب -وأنا زكاتي مثلًا عشرة آلاف ريال- الألفان والخمس مئة هي زكاة الدَّيْن الذي عليك أحتسبها زكاة سواءً في دَيْن عليك أو في دَيْن على غيرك، هذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، يقول: لا يوجد هنا تَيَمُّم للخبيث؛ لأنه أخرج زكاة من جنس المال الذي له، فليس هناك تَيَمُّم للخبيث، لكن جمهور العلماء على أنه لا يجوز حتى في هذه الصورة.
والأقرب والأسْلَم للإنسان والأبعد عن الاشتباه أن يُخْرِج الزكاة من مال في يده قادر على التصرف فيه، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيد} [البقرة: 267] ، فالله غني عنا وعن صدقاتنا، وإنما نبذل ما نبذل من الأموال لنفع أنفسنا.
فهذه آراء العلماء في هذه المسألة وبيان ما ينبغي.