ما حكم الزواج الصوري؟
خزانة الأسئلة / نكاح / الزواج الصوري.. صوره وحكمه
ما حكم الزواج الصوري؟
الجواب
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة عن سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
حقيقة الزواج الصوري: أن يُظْهِرَ طرفان النكاح إما عقدًا، أو قولًا، أو حالًا، من غير قصد لحقيقته.
وله ثلاثة صور:
الصورة الأولى: أن يدعي رجل وامرأة أنهما زوجان.
وهذه الصورة عبارة عن دعوى تحتمل الصدق والكذب، ولا ينعقد بها النكاح في الحالين.
الصورة الثانية: أن يحكي ويمثل شخصان ما يتم به عقد النكاح.
فمن أهل العلم من ألحقها بنكاح الهازل، والذي يظهر أنه لا يصح تخريج هذه الصورة على نكاح الهازل؛ لأن الهازل ينشئ قولًا لا يريد معناه وحقيقته، وأما الممثل فإنه يحكي قول غيره الذي يريد فيه لفظه ومعناه، سواء أكان هذا الغير معينًا أم مُتَخَيَّلًا، ولذلك فلا ينعقد بالتمثيل والحكاية عقد النكاح، ومثله الطلاق.
الصورة الثالثة: تلفظ العاقدين بما يتم به عقد النكاح من إيجاب وقبول، دون قصد للنكاح، إنما لتحصيل مصلحة أو دفع مضرة، أو أن يتلفظ الزوج بالطلاق لتحصيل مصلحة أو دفع مضرة.
وهذه الصورة قد ألحقها جماعة من أهل العلم المعاصرين بنكاح الهازل، فجعلوا فيها قولين:
القول الأول: أنه نكاح صحيح تترتب عليه آثاره، كما في نكاح الهازل عند جمهور أهل العلم، من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
القول الثاني: أنه لا يصح ولا تترتب عليه آثاره، وهو قول عند المالكية في نكاح الهازل.
وهذا الإلحاق له وجه من حيث إن الهزل أن يراد بالشيء ما لم يوضع له، ولكن يشكل عليه أن الهزل عبث ولغو، فلا يحصل به منفعة، ولا تُدفع به مضرة، بخلاف هذه الصورة، فإنه تندفع بها مضار، وتحصل بها مصالح، فلا يتحقق فيها أنها هزل.
والأقرب في مثل هذا أنه إذا اضطر الإنسان للتلفظ بما ينعقد به النكاح من إيجاب وقبول، أو بما ينفسخ به من طلاق، فإنه لا يترتب عليه أحكام النكاح أو الطلاق.
ويمكن أن يُستأنس لذلك بما في البخاري (2217) ومسلم (2371) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هاجَرَ إبراهيمُ عليه السلامُ بسارةَ، فدَخَلَ بها قريةً فيها مَلِكٌ منَ المُلوك، أو جبَّار من الجبابرةِ، فقيل: دخَل إبراهيمُ بامرأةٍ هي من أحسنِ النساءِ، فأرسَلَ إليه أن يا إبراهيمُ، من هذه التي معك؟ قال: أُختي، ثم رجَع إليها فقال: لا تكذِّبي حَديثي؛ فإني أَخبرتُهم أنكِ أُختي، واللهِ إنْ على الأرضِ مؤمنٌ غيرِي وغيرك» الحديث، والشاهد فيه قول إبراهيم عليه السلام لزوجته: (أختي)، ومثل هذا القول لو أُجري على ظاهره لعُدَّ ظِهارًا أو تحريمًا، ولكنه لما كان ضرورة، لم تترتب عليه أحكامه.
وقد بوَّب البخاري في صحيحه في كتاب الإكراه بما يشير لهذا المعنى فقال: (باب إذا قال لزوجته وهو مُكرَه: هذه أختي، فلا شيء عليه) اهـ، والله أعلم.