الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فروى البخاري ومسلم من حديث القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أحدث في أمرِنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ»، وهذه قاعدة كلية، أدعو المسلمين على اختلاف أصنافهم ومذاهبهم أن يتأملوا هذا القول النبوي العظيم الذي بيّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن التشريع حقٌّ لله وحقٌّ لرسوله صلى الله عليه وسلم المُبلِّغ عن رب العالمين، فينبغي الوقوف عند كتاب الله تعالى وعند هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في خطب الجمعة يقول في خطبه: «أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور مُحدَثاتها، وكل مُحدَثة بدعة» رواه مسلم، فهذا تأكيد للأصول التي ينبغي أن يبني عليها الإنسان تَديُّنه وعبادته وعمله في سيره إلى الله تعالى.
والمجتمعات الإسلامية على اختلافها داخَلَها أنواع من الدواخل في العمل والاعتقاد، وفي سائر نواحي الحياة؛ لسبب قلة العلم وكثرة الجهل، فينبغي على الدعاة إلى الله تعالى وأهل العلم أن يترفّقوا في نقلهم من البدعة إلى السنة، في نقلهم من التقصير إلى التكميل، في نقلهم من المعصية إلى الحسنة، فالأمر يحتاج إلى تدرج، وهذا الذي جاءت به الشريعة.
فأنا أوصي أخي السائل أن يترفَّق في هذا الموضوع، ويسعه أن يأتي ولو ببعض الأدعية المشروعة في أدبار الصلوات جهراً، ويكفيه هذا وبه يحصل استمراره ومنع ما يمكن أن يكون من الشر الأكبر فيما لو انصرف، ولذلك أرى أن يبقى في مسجده، ولو أتى بهذه الفعلة التي لا شك أنها ليست على السنة، وتدرَّج بأهل مسجده وترفَّق بهم شيئاً فشيئاً حتى يأخذهم إلى السنة، يعني يبين لهم أن الأصل في الذكر أن يكون على انفراد، وأن أفضل مواطن الدعاء للمصلي هو قبل أن يسلم لا بعد السلام، ولذلك في حديث ابن مسعود في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر التشهد قال: «ثم ليتخيَّرْ من الدعاء أعجبَه إليه»، وهذا قبل السلام، فالموطن الذي يرجى أن يكون من مواطن الإجابة قبل أن يُسلِّم، وأما بعد السلام فإنه موطن للاستغفار والتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، والله أعلم.
أخوكم
أ.د.خالد المصلح.
5 / 3 / 1430هـ