قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه التعبد فهو عبادة يشرع التأسي به فيه . فإذا خصص زمانا أو مكانا بعبادة كان تخصيصه بتلك العبادة سنة : كتخصيصه العشر الأواخر بالاعتكاف فيها وكتخصيصه مقام إبراهيم بالصلاة فيه فالتأسي به أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعل ؛ لأنه فعل . وذلك إنما يكون بأن يقصد مثلما قصد فإذا سافر لحج أو عمرة أو جهاد وسافرنا كذلك كنا متبعين له ، وكذلك إذا ضرب لإقامة حد ؛ بخلاف من شاركه في السفر وكان قصده غير قصده أو شاركه في الضرب وكان قصده غير قصده فهذا ليس بمتابع له ولو فعل فعلا بحكم الاتفاق مثل نزوله في السفر بمكان أو أن يفضل في إداوته ماء فيصبه في أصل شجرة أو أن تمشي راحلته في أحد جانبي الطريق ونحو ذلك ، فهل يستحب قصد متابعته في ذلك ؟ كان ابن عمر يحب أن يفعل مثل ذلك، وأما الخلفاء الراشدون وجمهور الصحابة فلم يستحبوا ذلك ؛ لأن هذا ليس بمتابعة له إذ المتابعة لا بد فيها من القصد فإذا لم يقصد هو ذلك الفعل بل حصل له بحكم الاتفاق كان في قصده غير متابع له وابن عمر رضي الله عنه يقول : وإن لم يقصده ؛ لكن نفس فعله حسن على أي وجه كان فأحب أن أفعل مثله إما لأن ذلك زيادة في محبته وإما لبركة مشابهته له".
"مجموع الفتاوى" ( 10/409-410 ).