فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل على المرأة حرج في نظرها للرجال، سواء مباشرة أو من خلال التلفزيون؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / منوع / تفصيل القول في نظر المرأة للرجل الأجنبي
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل على المرأة حرج في نظرها للرجال، سواء مباشرة أو من خلال التلفزيون؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
فنظر المرأة إلى الرجال لا يخلو من أحوال:
الحال الأولى: أن يكون نظرًا بشهوة، أو تُخشى منه فتنة، فهذا محرم لا يجوز باتفاق أهل العلم، كما قال غير واحد من أهل العلم، كالجصاص والنووي.
الحال الثانية: أن يكون نظرًا للحاجة فهذا جائز؛ لأن منع النظر -على القول بتحريمه مطلقًا- إنما هو من باب تحريم الوسائل الذي تبيحه الحاجة.
الحال الثالثة: أن يكون نظرًا لا حاجة إلية، ولا شهوة فيه، ولا تُخشَى منه فتنة، فهذا اختلف فيه أهل العلم على قولين في الجملة:
القول الأول: أن ذلك جائز، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد، وهو أحد قولي الشافعي، واستدلوا لذلك بعدة أحاديث؛ منها ما رواه البخاري (455) ومسلم (893) من طريق الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون، وأنا جارية»، وما روى مسلم (1480) من طريق أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ((اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؛ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ».
وحملوا قوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ [النور: 31] على غض البصر عما لا يجوز النظر إليه من العورات.
القول الثاني: أن ذلك حرام، وهذا مذهب الشافعي، وهو رواية في مذهب أحمد، واستدلوا بقول الله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ [النور: 31].
واستدلوا أيضًا بما رواه أبو داود (4112) والترمذي (2778) من طريق الزهري عن نبهان مولى أم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها، حدثته أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة، قالت: فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه، وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احْتَجِبَا مِنْهُ» فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟! أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟!». قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأقرب القولين للصواب القول بالجواز، إلا إن خُشِي من ذلك شر أو فساد، فإنه لا يجوز حينئذ بالاتفاق كما تقدم، ويلحق بهذا ما إذا نظرت المرأة إلى الرجل نظر تأمل في محاسنه وجماله؛ لأن هذا النظر مظنته وجود الشهوة، فلا يجوز.
أما ما استدل به القائلون بتحريم نظر المرأة للرجل مطلقًا، فعمدته حديث أم سلمة رضي الله عنها، وهو حديث تكلم فيه أهل العلم من جهة نبهان مولى أم سلمة، فهو ممن لا يُحتج بروايته.
وقيل في الجواب ما قاله أبو داود: هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، ألا ترى إلى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم، قد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها: «اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؛ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ». وأما الآية فإن فيها وجوب غض البصر عن النظر إلى ما نُهي عنه، وليس وجه الرجل منه في حال عدم الشهوة. يشهد لهذا ما رواه البخاري (988) ومسلم (892) من طريق الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد». والله تعالى أعلم.
أخوكم
أ.د خالد المصلح
12/ 4/ 1426هـ