أحد الأشخاص ليس على مذهب أهل السنة، استودَعَهم مالًا، تقول: هل يجوز لنا أن نأخذ هذا المال؛ عقوبةً على ما يفعله، أو ما يعتقده؟
لا، لا ليس له ذلك، لا يجوز له أن يخونَ فيما استُودِع من الأمانات سواءً كان المستودِع مسلمًا أو كافرًا على طريق النبي -صلى الله عليه وسلم- وهديه وسنته أو مخالفًا لذلك، لا يجوز. «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ» أخرجه أبو داود (3535)، والترمذي (1264)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، الله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} سورة النساء: الآية رقم (58). فيجب أداء الأمانات إلى أهلها، ومن ذلك ما استُودِعَه الإنسان وطُلِبَ منه حفظُه.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- على رغم ما نِيل منه وأصابه من الأذى، عندما هاجر وكان مُستودَعًا -صلى الله عليه وسلم- أمينًا لودائع بعض الكفار والمشركين، لم يقل: إن هؤلاء آذوني وضربوني وفعلوا بي ما فعلوا من الأذى، فهي لي وأستعين بها على السفر، بل أبقاها وأبقى عليًّا -رضي الله عنه- ليرد الأمانات والودائع إلى أهلها، فهذا مما ينبغي أن يتجنبه المسلم.
و«المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»متفق عليه؛ البخاري: (6484)، (10)، ومسلم (40)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
الإسلام دين أمانة وصدق، دينُ وفاءٍ حتى في حالات القتال، لا يجوز أن يؤخذ الكفار والمخالفون على حين غِرَّة في حال العهد، فإذا كان بين المسلمين وبين غيرهم عهد، وآنسوا من عدوهم خيانًة وإعدادًا للوقيعة بهم، فإنهم لا يبادرونهم بالقتال.
بل كما قال الله تعالى: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} سورة الأنفال: الآية رقم (58).--. أي: انبذ العهد وقل لهم: لا عهد بيننا وبينكم. حتى تكونوا على سواء في توقع الخطر كل طرفٍ من الآخر.
فالمقصود أنه لا يجوز للمؤمن أن يخون في الأمانات وفي العهود، بل الواجب عليه الصدق والأمانة والصبر على أدائها، وهذا من أفضل ما يُتقرَّب به إلى الله تعالى مما يظهر به محاسن الدين.