×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / محاضرات / وما توفيقي إلا بالله

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
وما توفيقي إلا بالله
00:00:01
2024.03

 الحمد لله رب العالمين، نحمده جل في علاه، وأثنى عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، إله الأولين، والآخرين، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.  فمرحبا بكم أيها الإخوة الأكارم، وأسأل الله تعالى، أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعا مرحوما، وأن يجعلنا ممن وفق إلى العلم النافع، والعمل الصالح، أيها الأحباب كتاب الله جل وعلا، بشر الله تعالى به الناس، فقال:{يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}+++سورة يونس، الآية:57---،هذا الكتاب الحكيم، من أعظم ما من الله به على الناس، فإنه كتاب، تكلم به رب العالمين، وأرسله على خاتم النبيين ليكون حجة، على الخلق وهداية، يقول الله تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}+++سورة الإسراء، الآية: 9---، هداية القرآن،للتي هي أقوم لا تختص بنوع من أنواع العمل، ولا بجانب من جوانب الحياة، بل هو هداية للناس وللبشر، في كل شئون حياتهم، ولذلك لم يذكر الله جل وعلا، شيئا من الأمور يهدي إليه القرآن، بل جعله هاديا للأقوم في كل شأن من الشئون، إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، في عبادة الله تعالى أقوم في معاش الناس وصلاتهم وعلاقاتهم، أقوم في خاصة الإنسان وإصلاحه لنفسه، أقوم في معاملته لقريب الناس وبعيدهم، أقوم في كل جانب من جوانب الحياة، وناحية من نواحي معاش الناس، ولذلك جاءت هذه الشريعة المحكمة المطهرة، بكمال معاش الناس وصلاح معادهم، لم تكن مقتصرة فقط على إصلاح الآخرة، ولا اهتمت بالدنيا، ولم تكن معتنية بإصلاح الدنيا، وغافلة عن الآخرة، بل جاءت بالأمرين، كما قال الله تعالى: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا}+++سورة القصص، الآية: 77---، فالدنيا هي محل عبور، وطريق نصل به إلى الآخرة، ولذلك جاءت الشريعة بإصلاحها، وبيان ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان فيها، ثم بينت له ماذا يستقبل من أمور الآخرة، لهذا من المهم أن نعتني بهذا القرآن، عنايتنا بالقرآن تكون بقراءته، وتكون بحفظه، وتكون بفهمه وإدراك معانيه، وتكون بتدبره وتأمل ما فيه، إن هذه العناية تفتح لك أبوابا من الخير، لا حد لها ولا منتهى، الناس عنها في غفلة، لو الآن جاء كتاب من خبير، أو حكيم، أو صاحب تجربة وخبرة، يصف لك كيف تعيش، وكيف تواجه كذا وكذا لاهتممت بذلك الخطاب، لاصطحبته في جيبك، أو في شنطتك، أو في أقرب مكان إليك، لترجع إليه عندما تحتاج إلى استيضاح، كيف تفعل في كذا، أو كيف تصنع في كذا، مثل تماما الكتالوجات التي ترافق الأجهزة، لا يهملها إلا الغافل من الناس، أما الحريص تجده يحتفظ بها فما تحتاج إليه رجعت، هذا الكتاب هو بالحقيقة، بيان وإيضاح لكيفية معاشنا، وكيف سيكون مآلنا ومنقلبنا، ولذلك من المهم أن نعتني به، هذا الكتاب اشتمل قصص، وأخبار، وأحكام وعقائد، واشتمل على خير كثير، ينبغي للمؤمن أن يحرص عليه، وإن مما قصه الله علينا فيه، قصة ذاك النبي الكريم، ذاك الرسول الفاضل، الذي أرسله الله تعالى إلى قومه، فكان من خطاب قومه، ما ذكره الله جل وعلا في كتابه، إنه نبي الله شعيب، فقد خاطب قومه بخطاب بليغ واضح، بين حتى إنه يوصف في كلام أصحاب الصيغ، وأخبار أهل العلم أنه خطيب الأنبياء.      خطيب الأنبياء لأنه أوتي من البيان والإيضاح، ما يبين غرضه وقصده، ويحسن فيه الدعوة إلى الله جل وعلا، وقفة في هذه المحاضرة، مع كلمة جاءت في خطابه لقومه، وهي قوله عليه السلام، الذي قصه الله تعالى علينا، في محكم كتابه،{وما توفيقي إلا بالله}+++سورة هود، الآية: 88---، إنه قول شعيب لقومه؛ لما دعاهم إلى الله تعالى، في قوله في سورة هود، قال: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت}+++سورة هود، الآية: 28 ---، ثمقال { {وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}}+++سورة هود، الآية: 88---، إن هذه الكلمة الموجزة، ينبغي أن نقف عندها، رسول كريم ممدود بالوحي من السماء، يقول وما توفيقي فيه إدراك مقصودي، وتحصيل مطلوبي من دعوة الخلق وهدايتهم، إلا بالله، فلولا الله؛ لما أدرك الناس ما يريدون، كما قال جل في علاه، في محكم كتابه في بيان ما يقضيه ويقدره جل وعلا، {إنا كل شيء خلقناه بقدر}+++سورة القمر، الآية:49---،فما من شيء إلا بتقديره، وإليه يرجع كل شيء عنده بمقدار، نحن نستنظر الفضل من الله تعالى، ومن أعظم ما نستنظر الفضل فيه من الله، هو توفيقه وتسديده وإعانته، ولهذا قال جماعة من العلماء: أعظم ما ينزل من السماء التوفيق، أعظم ما ينزل من السماء توفيق والله تعالى للعبد، وأجل ما يصعد إلى السماء، من أعمال العباد الإخلاص، وانظر كيف قرن بين الأمرين، أعظم ما ينزل التوفيق، وأجل ما يصعد من أعمال العباد الإخلاص، ولذلك إذا أردت أنفس ما ينزل فأبذل أعظم ما يصعد، إن المخلص هو الذي يفوز بتوفيق الله تعالى، ولهذا يقول؛ في دعوته لقومه، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، {وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}، فهو يذكر إنه لن يحصل مقصده، إلا بتوفيق الله تعالى، ويذكر طريقة تحصيل هذا التوفيق، إن التوفيق لا يكون لكل أحد، بل هو صفوة من الله جل وعلا، واختيار يجعله سبحان وبحمده، حيث اقتضت حكمته ورحمته جل في علاه، ولهذا ينبغي للمؤمن؛ أن يستنظر التوفيق من الله، والذي يحرم التوفيق؛ لا يصيبه خيرا، يقول الطرطوشي: وهو من علماء المالكية الأجلاء يقول وأعلم أن زمام الأمور التوفيق، زمام الأمور يعني  كما تقود الفرس، لا تقوده بسوق في الغالب، يقاد الفرس بلجام وزمام يختمه ويقوده، زمام الأمور التوفيق، ولم ينزل من السماء إلى الأرض أجل من التوفيق،  أراك على العلات غير موفق، وما أحسن التوفيق حيث يكون التوفيق في كل أمر، هو أحسن ما يكون، فإذا وفقك الله تعالى في دراستك؛ فأنت فائز وإذا وفقك في زواجك؛ فأنت موفق، في عملك؛ أنت ناجح في جيرانك، في مكانك، في بناءك، في كل شأن، كما قال الشاعر، (وما أحسن التوفيق حيث يكون)، في أي مكان ينزل التوفيق، فهو حسن جميل، ولهذا اتفقت قلوب الناس، على الرغبة فيه، والسعي إلى إدراكه، والتوفيق الذي قال فيه نبي الله شعيب، وما توفيقي إلا بالله ما هو التوفيق ما هو التوفيق الذي أجل ما نزل من السماء وهو زمام الأمور إن التوفيق من الله تعالى للعبد يا إخواني هو ألا يكيل كائل نفسك توفيق الله للعبد أن يتولى شأنه وأمره وألا يجعل الأمر إليك ولذلك من وكل إلى نفسه فقد وكل إلى ضعف وإلى سوء اختيار وإلى نوع من القصور في كل شأن من شؤونه ولهذا التوفيق الذي قال فيه شعيب {وما توفيقي إلا بالله}+++سورة هود، الآية: 88---، والذي قال فيه العلماء أجل ما ينزل من السماء التوفيق، هو أن يتولى الله تعالى شأنك، ومن تولى الله جل وعلا، شأنه كان على أكمل الأحوال، وأعدل الأقوال، وأجمل الحالات، فإنه يستقيم حاله وقوله وعمله، إذا كان موفقا مسددا، يقول ابن القيم رحمه الله، في بيان التوفيق يقول التوفيق إرادة الله من نفسه، أن يفعل بعبده ما يصلحه، والنبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) كان يقول في دعائه (اللهم لا تكلني إلى نفسي ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين) تأمل هذا الدعاء، الذي يسأله أكمل الخلق رأيا، وأصلحهم عملا، يسأل الله على ألا يكله إلى نفسه، بل لا يكله إلا إلى فضله، وإلى تسديده، وإعانته، وتوفيقه، إذا لم يكن عون من الله للفتى، فأول ما يجنى عليه اجتهاده، إذا ما  كان هناك توفيق وعون من الله تعالى لك، فأول ما يجني عليك، هو عملك، الذي تظن أنه سينجيك، وهو في الحقيقة سيرديك، ويوقعك في أنواع المهالك، ألا إنما التوفيق إن كنت أهله، مراعاة حق الله في السر والجهر، هذا هو التوفيق، أن تراعي حق الله تعالى في السر والجهر، بتوحيده في ذاته وصفاته، وفي أفعاله أيضا، وفي الأمر والنهي، التوفيق هو أن تكون عالما بالله تعالى، عالم بالطريق الذي يوصلك إليه جل وعلا، به تحصل ما تصبو إليه من سعادة الدنيا وفوز الآخرة، فالتوفيق يا إخواني ضروري للإنسان، لا غنى به عنه، في شأن من الشؤون، ولذلك ينبغي له؛ أن يجتهد في الاستكثار منه، والاستزادة منه، ما استطاع  إلى ذلك سبيلا، وإن السائل يسأل؛ ما النتيجة إذا فقد الإنسان التوفيق؟ النتيجة إذا فقد الإنسان التوفيق العمى، النتيجة إذا فقد الإنسان التوفيق الخبال، النتيجة إذا فقد الإنسان التوفيق الخطأ، النتيجة إذا فقد الإنسان التوفيق التعثر، النتيجة إذا فقد التوفيق التعاسة والشقاء، وكل معنى رديء يفر منه الناس، ولذلك ينبغي للمرء أن يبادر إلى طلب التوفيق، وأعظم ما يوفق إليه الإنسان ما يتعلق بأمر قلبه، وصلاحه، واستقامته، ثم توفيقه في أمر حياته، ودنياه، ومعاشه، وأيضا من المطالب التي يسأل العبد الله تعالى فيها، والناس يا إخواني في كل لحظة محتاج إلى التوفيق، وهذا يبين لنا ضرورتنا للتوفيق، يعني أنت لا تحتاج التوفيق فقط؛ إذا دخلت الاختبار، أو إذا قابلت مشكلة كبرى، أو إذا أردت أن تتخذ قرارا خطيرا، بل في كل لحظة من لحظات عمرك أنت مفتقر إلى التوفيق، فإن لم يوفقك الله تعالى في هذه اللحظة خذلت، لأنه ما في إلا الطرقين، إما التوفيق، أو الخذلان، فإذا سلبت التوفيق، أصبت الخذلان، وإذا فضل الله عليك من عليك بالتوفيق، أصبت الرشد والصلاح، ولهذا يقول بن القيم رحمه الله، يقول فالعباد كلهم، متقلبون بين توفيق الله تعالى، وخذلانه، ليس في حياتهم؛ بل يقول رحمه الله، بل العبد في الساعة الواحدة، ينال نصيبه من هذا وهذا، ينال نصيبه من توفيق الله تعالى، ومن خذلناه، فيعطيه ويرضيه، ويذكره ويشكره، بتوفيقه له، ثم يعصيه ويخالفه، ويسخطه جل في علاه، بخذلانه له، ولهذا ينبغي لنا أن نسعى دائما، إلى إصابة التوفيق وإلى الاستكثار منه، وإلى الحرص على الفوز بأسبابه، حتى نكون موفقين، ولنعلم أن ليس هناك شيء من أمور هذه الدنيا إلا بتوفيق الله تعالى، الله يقول لرسوله وما رميت إذ رميت، ولكن الله رمى، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ويقول: { إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده}+++سورة آل عمران، الآية:160---، إذا رميت سهام العزم صائبة،فما رميت بل التوفيق راميها، فلذلك ينبغي لنا أن نحرص على أسباب التوفيق، لن أطل عليكم، أنا أذكر يا أخواني من الآية؛ سببين من الأسباب التي يفوز فيها الإنسان بالتوفيق، وأعطف عليها سببا ثالثا، فهي ثلاثة أسباب، لمن أراد أن يجعل التوفيق في معاشه، وفي معاده، وفي شأنه الخاص، وفي شأنه العام، ومن استكثر من هذه الأسباب، وكان نصيبه منها كبيرا، كان نصيبه من التوفيق كبيرا، ومن قلت هذه في حياته واهتماماته، سيقل التوفيق، ناتج عن هذه القلة، أول ما يدرك به الإنسان التوفيق، أعظم ما يصعد إلى السماء، قبل قليل قلنا؛ أعظم ما ينزل من السماء التوفيق، وأجل ما يصعد إلى السماء الإخلاص، إذا الذي يريد التوفيق؛ فليحرص على الإخلاص، والإخلاص أمر هو ألا يكون في قلبك محبوب إلا الله جل وعلا، ألا يكون في قلبك معظم إلا الله تعالى، أن تكون في قلبك خالصا لله من كل تعلق فهو المحبوب، وهو المرغوب، وهو المقصود بالعبادة جل وعلا، في كل شأن أن يكون قلبك خالصا من التعلق بكل شيء إلا بالله تعالى، وهذا أمر ليس باليسير، يعني ليس بأمر سهل، مباشر يدركه الإنسان بأن يقول هذا الكلام،  إنما يحتاج إلى أن يمرن نفسه، وأن يدرب نفسه على ألا يكون في قلبه إلا الله، وأعظم أعظم ما يتحقق به الإخلاص في القلوب العلم بالله، فبقدر ما معك من العلم بالله تعالى، بقدر ما تحقق من الإخلاص له، لأن الكافرين والمشركين عندما إنما وقعوا في الشرك والضلال والكفر، بسبب ماذا؟ بسبب جهلهم بالله تعالى، ولو علموا الله جل وعلا، وما له من الحقوق والكمالات، ما انصرفوا إلى غيره، لأن الإنسان لماذا ينصرف إلى غير الله والأمور كلها بيده، كيف ينصرف إلى غيره، ويعلم أنه أغنى الشركاء عن الشرك، من أشرك عبادة في عبادة من العبادات؛ تركه الله تعالى وشركه، ولهذا كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، جميعها من أولها إلى أخرها، لم يفطر يوما من الأيام، على أن يكون داعيا إلى الله وتوحيده وتعظيمه، إذا الطريق الذي نحقق به الإخلاص، هو أن يزداد علمنا بالله، والعلم بالله ما هو صعب، يعني ليس قضية صعبة والعلم بالله هو أن تعرف ما لله من كمالات،  كل من قرأ الكتاب، قراءة فهم وتدبر، عرف من هو الرب الذي يعبد؟ من هو الرب الذي له يصلي ويسجد؟ من هو الرب الذي يصوم له؟ ويمتنع عن المحرمات ويبادر إلى الواجبات، وهذا العلم هو أصل العلوم؛ الذي قال فيه جل وعلا {إنما يخشى الله من عباده العلماء}+++سورة فاطر، الآية:28---،يقول بن مسعود رضي الله عنه، ليس العلم بكثرة الرواية، وكثرة المحفوظات، ومعرفة الأقوال، إنما العلم الخشية، الخشية لا تكون عن علم بالله تعالى ومعرفة، ولذلك أدعوكم يا إخواني لقراءة القرآن، لتعرفوا من تعبدون، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول لأصحابه في مثل هذا المجلس، أيعجز أحدكم أن يقرأ القرآن في ليلة؟ يعني الصحابة شق عليهم، من يقدر من يستطع أن يقرأ القرآن في ليلة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ {قل هو الله أحد}+++سورة الإخلاص, الآية: 1---، سورة الإخلاص فقد قرأ ثلث القرآن، فقرأتها ثلاث مرات في ليلة، هي بتعادل قراءة القرآن كاملا، لما هذه السورة بلغت هذه المنزلة؟ سؤال لماذا الإخلاص بلغت أن عدلت ثلث القرآن؟ بلغت هذا المنزل لأنها صفة الرحمن، فهي الصورة الخالصة، عن ذكر غير الله رب العالمين، من أولها إلى آخرها، بيان لكمالات رب العالمين، {قل هو الله أحد}( )، ليس له شريك في ملكه، ليس له شريك في أسمائه، ليس له شريك في صفاته، ليس له شريك في حقه في العبودية سبحان وبحمده، {قل هو الله أحد}( )، المنفرد جل وعلا، عن كل شركة، أو نوع من الاشتراك، الله الصمد، أتدرون ما معناه؟ الصمد يعني الذي تصمد إليه الخلائق، تقصده الخلائق في حوائجها، ليس أنا وأنت، كل خلق الله في السموات والأرض، إذا أرادوا حاجة أنزلها بالله تعالى، حتى النملة في جحرها، إن أرادت شيئا؛ ليس لها إلا الله، الذي يقضي حاجتها سبحانه وبحمده، ولو لم يقضها ما قضيت، فهو الصمد الذي تصمد إليه الحوائج، وتنزل بها حاجتها سبحانه وبحمده، الله الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، يعني ليس له نظير، ولا مثيل، ولا كفء، ولا شبيه ولا (00:17:59) سبحانه وبحمده ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، هذه السورة هي صفة الرحمن، ومن أحبها وتدبر ما فيها من المعاني، أدرك ما لله عز وجل، من الكمالات، ولهذا الصحابي الذي كان يصلي بأصحابه وكان يختم بهذه الصورة، لما قصوا خبره على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا أن فلان جعلته علينا أميرا، وكلما قرأ سورة في الصلاة الجارية ختم ب{قل هو الله أحد}( )، فقال النبي؛ صلى الله عليه وسلم اسألوه لم يصنع ذلك؟ فقال الرجل هذه صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأها، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم لما أخبروه بالخبر، فقال أخبروه بأن الله يحبه، كما حبها، يحبه الله جل وعلا، لأنه حب السورة التي يذكر فيها صفات الرب، إذن سورة من القرآن، تبين لنا ما لله تعالى من الكمالات، بهذا اليسر والسورة محفوظة، ومتواترة على ألسنتنا ومسموعة في صلواتنا، ينبغي أن ندرك شيئا ما لله من كمالات، ونحن لا نحيط به علما لكن ندرك مما أخبرنا، شيئا يزداد به ضميرنا وثقتنا وإخلاصنا لله تعالى، فنستنظر بذلك توفيقه جل وعلا، إن ثاني ما يدرك ثاني ما يدرك به الإنسان التوفيق، صدق الاعتماد على الله جل وعلا، ولذلك انظر عندما قال شعيب وما توفيقي إلا بالله، ماذا قال بعدها؟ عليه توكلت، إذن سبب استنتار التوكل، سبب استنظار التوفيق، واستنزال الخير من السماء، هو أن تصدق مع الله تعالى، في الاعتماد والتوكل ليس قول اللسان توكل على الله، وتوكلنا على الله، هذا سهل في اللسان، لكن التوكل هو ركون القلب، اعتماد القلب على الله، وهو فرع عن العلم الله تعالى فمن علم أن ربه مالك الملك، أن ربه بيده ملكوت كل شيء، أنه إنما أمره إذا أراد شيئا، أن يقول له كن فيكون، فهل سيركن إلى غيره، أو يعتمد على غيره، في جلب منفعة، أو دفع مضرة، إنه لن يقع في شيء من هذا بالكلية، لأنه يعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنه لا يأتي بالحسنات إلا الله، ولا يدفع بالسيئات إلا الله، لا يأتي بالنعم، إلا الله، ولا يدفع المصاعب إلا الله جل وعلا، فلا يجد في قلبه مكان لأحد، ويعلم من كل الخلق جميعهم، عاليهم ودانهم، حاكمهم ومحكموهم، جميعا هم أسباب؛ لما قدره الله تعالى وقضاه ليس منهم شيء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته للغلام، (يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت، فاستعن بالله، وأعلم أن الأمة لو اجتمعت الأمة) والأمة يعني جميع الناس لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك؛ ما نفعوك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يقدره الله عليك، ما ضروك، وهذا إذا قام في قلب العبد، انقطع تعلقه بأي أحد من الخلق، ويعلم أن ما قضاه الله كائن، لا يعني هذا أن يعطل الأسباب، ولا يعني هذا ألا يشكر، من يستحق الشكر، بل يأخذ بالأسباب ويشكر من يستحق الشكر من أهل الإحسان، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، كما جاء في الحديث، في حديث أبي هريرة في مستدري الإمام أحمد، لكن يعلم أن الأمر بيدي الله، وأن ما يجري عليه الله تعالى، ما قضاه وقدره إنما هو وسيلة، ولكن الشأن كله في قضاءه وقدره، فإذا قضى الله تعالى أمرا كان، وإذا منعه فلا معطي لما منع، ولذلك نحن بعد صلاتنا مباشرة نقول لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، يعني لا ينفع صاحب الحظ والنصيب، نصيبه وحظه فيأخذ شيئا لم تقدره ولم تقضه بل الأمر كله بيديه إذن من أسباب حصول التوفيق، أن تركن بقلبك وتعتمد على الله تعالى، وتستنظر منه الخير، ولا يكن في قلبك سوى الله، كل من يأتيه الخير من قبله، إنما هو سبب ووسيلة، يقدر الله تعالى بها ما يشاء ويقضيه، السبب الأخير من أسباب التوفيق الإنابة إلى الله جل وعلا، ولذلك قال الله تعالى، فيما أخبر عن شعيب، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب فما هي الإنابة؟ الإنابة حقيقتها عكوف القلب على طاعة الله تعالى، ولزوم أمره، هذه هي الإنابة الانابة أن يكون قلبك ملازم لطاعة الله تعالى، ومعنى هذا أنك تحرص على ألا تخرج عن حدود الطاعة، ولا يعني هذا أن لا تقع في معصية، الإنسان مجبول على الخطأ النبي صلى الله عليه وسلم (يقول كل ابن أدم خطاء) ولكن ينبغي أن نبادر إلى الأوبة والرجعة، كلنا نخطئ في حق الله، وفي حق أنفسنا، وفي حق الناس، لكن ينبغي لنا أن لا نستمر على الخطأ، بل إذا سقطنا نفيق، وإذا وقعنا نقوم، وإذا تعثر سيرنا نتدارك ما جرى من الخطأ، وبذلك ندرك ما نؤمل من الخير، وخير الخطائين التوابون، فالإنابة إلى الله تعالى، هي أن يكون قلبك ملازم لطاعة الله تعالى، قائما بأمره حريصا على إقامة شرعه وبه يدرك الإنسان خيرا كثيرا ويدرك توفيقا عظيما، وقد قال جماعة من السلف، إذا سكنت الخشية في القلوب، رأى رؤية عالم التوفيق، في الجوارح، احفظ هذه العبارة، إذا سكنت خشية الله في قلبك، فإنك سترى بعينك علامات التوفيق في جوارحك، فأقم التوفيق في قلبك، وثق تماما أن الله تعالى، سيكون لك، ولذلك ينبغي لنا، أن نحرص على أن نلازم طاعة الله، ومن أعظم طاعة الله التي نستنظر بها التوفيق، أن نسأله جل وعلا، التوفيق، فإن العبد إذا أنزل حاجته إلى الله تعالى، أدرك خيرا عظيما، ولهذا يقول شيخ الإسلام بن تيميه، إن من أفضل الدعاء الذي يلازمه المؤمن، ما جاء في جامع الترمذي، وفي مسند الإمام أحمد، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه، (ربي أعني ولا تعن علي، ربي انصرني ولا تنصر علي، آثرني ولا تؤثر علي، اهدني ويسر الهدى لي) شوف كل هذه المطالب، تتعلق بحاجات الإنسان، أعني ولا تعن علي، غالب الدنيا فيها مغالبة في الغالب، فأن تسأل الله تعالى أن يعينك ولا يعين عليك، وهذا لا يعني فقط أن يعين عليك حتى الشيطان الذي يتربص بك، هذا إذا خل الله بينك وبينه ليتسلط عليك وأذاك، ولكن إذا أعانك عليه وغلبته وتمكنت من الهدى أعني ولا تعن علي، انصرني ولا تنصر علي، ليس فقط في المخاصمات الشخصية، أو مع عدو من بنى جنسك، العدو اللي من بني جنسك، أمره سهل، ولكن شأن الخطورة الكبرى، في العدو، الذي لا تقف عداوته ولا لحظة، والبني أدم الله تعالى يقول؛ {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}+++سورة فصلت، الآية:34---، له معالجة عدوك من بني جنسك تقدر تعالجه وتداريه، إلى أن تدفع شره لكن عدوك اللي لا يمكن أن تتخلص منه إلا؛ باللجوء إلى الله هو الشيطان، ولذلك بعد أن ذكر الله عداوة الإنسان، وكيف يتخلص؟ منها قال جل وعلا {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ}+++سورة فصلت، الآية: 36---، فما الحل؟ هل في مدارات مع الشيطان لا؛ فاستعذ بالله، استعذ أي احتصن واحتمي، والتجأ إلى الله تعالى، ما في حل مع الشيطان إلا الاعتصام بالله تعالى، واللجأ إليه، في أن يخلصك من شره، ومن أذاه، ومن تسلطه، ولذلك الدعاء يا إخواني، هو من أهم أسباب حصول التوفيق، وهو من أصدق ما يحقق الإنابة إلى الله جل وعلا فاحرصوا على الدعاء، والعبد مفتقر إلى الله تعالى في كل حال، ولهذا كان الدعاء هو العبادة، كما في حديث النعماني بن بشير، رضي الله عنه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (الدعاء هو العبادة).    أسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يرزقني وإياكم التوفيق، والتسديد في القول والعمل، وأن يجعلنا من أوليائه وحزبه، اللهم أن نستنظر فضلك، ونسألك من خيرك، ونعوذ بك يا ذا الجلال من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ،وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المشاهدات:5809

 الحمد لله رب العالمين، نحمده جلَّ في علاه، وأثنى عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، إله الأولين، والآخرين، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.

 فمرحبًا بكم أيها الإخوة الأكارم، وأسأل الله تعالى، أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وأن يجعلنا ممن وفق إلى العلم النافع، والعمل الصالح، أيها الأحباب كتاب الله جلَّ وعلا، بشر الله تعالى به الناس، فقال:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}سورة يونس، الآية:57،هذا الكتاب الحكيم، من أعظم ما منّ الله به على الناس، فإنه كتابٌ، تكلم به رب العالمين، وأرسله على خاتم النبيين ليكون حجة، على الخلق وهداية، يقول الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}سورة الإسراء، الآية: 9، هداية القرآن،للتي هي أقوم لا تختص بنوع من أنواع العمل، ولا بجانب من جوانب الحياة، بل هو هداية للناس وللبشر، في كل شئون حياتهم، ولذلك لم يذكر الله جلَّ وعلا، شيئًا من الأمور يهدي إليه القرآن، بل جعله هاديًا للأقوم في كل شأن من الشئون، إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، في عبادة الله تعالى أقوم في معاش الناس وصلاتهم وعلاقاتهم، أقوم في خاصة الإنسان وإصلاحه لنفسه، أقوم في معاملته لقريب الناس وبعيدهم، أقوم في كل جانب من جوانب الحياة، وناحية من نواحي معاش الناس، ولذلك جاءت هذه الشريعة المحكمة المطهرة، بكمال معاش الناس وصلاح معادهم، لم تكن مقتصرة فقط على إصلاح الآخرة، ولا اهتمت بالدنيا، ولم تكن معتنية بإصلاح الدنيا، وغافلة عن الآخرة، بل جاءت بالأمرين، كما قال الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا}سورة القصص، الآية: 77، فالدنيا هي محل عبور، وطريق نصل به إلى الآخرة، ولذلك جاءت الشريعة بإصلاحها، وبيان ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان فيها، ثم بينت له ماذا يستقبل من أمور الآخرة، لهذا من المهم أن نعتني بهذا القرآن، عنايتنا بالقرآن تكون بقراءته، وتكون بحفظه، وتكون بفهمه وإدراك معانيه، وتكون بتدبره وتأمل ما فيه، إن هذه العناية تفتح لك أبوابًا من الخير، لا حد لها ولا منتهى، الناس عنها في غفلة، لو الآن جاء كتاب من خبير، أو حكيم، أو صاحب تجربة وخبرة، يصف لك كيف تعيش، وكيف تواجه كذا وكذا لاهتممت بذلك الخطاب، لاصطحبته في جيبك، أو في شنطتك، أو في أقرب مكان إليك، لترجع إليه عندما تحتاج إلى استيضاح، كيف تفعل في كذا، أو كيف تصنع في كذا، مثل تمامًا الكتالوجات التي ترافق الأجهزة، لا يهملها إلا الغافل من الناس، أما الحريص تجده يحتفظ بها فما تحتاج إليه رجعت، هذا الكتاب هو بالحقيقة، بيان وإيضاح لكيفية معاشنا، وكيف سيكون مآلنا ومنقلبنا، ولذلك من المهم أن نعتني به، هذا الكتاب اشتمل قصص، وأخبار، وأحكام وعقائد، واشتمل على خيرٍ كثيرٍ، ينبغي للمؤمن أن يحرص عليه، وإن مما قصه الله علينا فيه، قصة ذاك النبي الكريم، ذاك الرسول الفاضل، الذي أرسله الله تعالى إلى قومه، فكان من خطاب قومه، ما ذكره الله جلَّ وعلا في كتابه، إنه نبي الله شعيب، فقد خاطب قومه بخطاب بليغ واضح، بين حتى إنه يوصف في كلام أصحاب الصيغ، وأخبار أهل العلم أنه خطيب الأنبياء.

     خطيب الأنبياء لأنه أوتي من البيان والإيضاح، ما يبين غرضه وقصده، ويحسن فيه الدعوة إلى الله جلَّ وعلا، وقفة في هذه المحاضرة، مع كلمة جاءت في خطابه لقومه، وهي قوله عليه السلام، الذي قصه الله تعالى علينا، في محكم كتابه،{وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّه}سورة هود، الآية: 88، إنه قول شعيب لقومه؛ لما دعاهم إلى الله تعالى، في قوله في سورة هود، قال: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}سورة هود، الآية: 28 ، ثمقال { {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}}سورة هود، الآية: 88، إن هذه الكلمة الموجزة، ينبغي أن نقف عندها، رسول كريم ممدود بالوحي من السماء، يقول وما توفيقي فيه إدراك مقصودي، وتحصيل مطلوبي من دعوة الخلق وهدايتهم، إلا بالله، فلولا الله؛ لما أدرك الناس ما يريدون، كما قال جلَّ في علاه، في محكم كتابه في بيان ما يقضيه ويقدره جلَّ وعلا، {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}سورة القمر، الآية:49،فما من شيء إلا بتقديره، وإليه يرجع كل شيء عنده بمقدار، نحن نستنظر الفضل من الله تعالى، ومن أعظم ما نستنظر الفضل فيه من الله، هو توفيقه وتسديده وإعانته، ولهذا قال جماعة من العلماء: أعظم ما ينزل من السماء التوفيق، أعظم ما ينزل من السماء توفيق والله تعالى للعبد، وأجل ما يصعد إلى السماء، من أعمال العباد الإخلاص، وانظر كيف قرن بين الأمرين، أعظم ما ينزل التوفيق، وأجل ما يصعد من أعمال العباد الإخلاص، ولذلك إذا أردت أنفس ما ينزل فأبذل أعظم ما يصعد، إن المخلص هو الذي يفوز بتوفيق الله تعالى، ولهذا يقول؛ في دعوته لقومه، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}، فهو يذكر إنه لن يُحصل مقصده، إلا بتوفيق الله تعالى، ويذكر طريقة تحصيل هذا التوفيق، إن التوفيق لا يكون لكل أحد، بل هو صفوة من الله جلَّ وعلا، واختيار يجعله سبحان وبحمده، حيث اقتضت حكمته ورحمته جلَّ في علاه، ولهذا ينبغي للمؤمن؛ أن يستنظر التوفيق من الله، والذي يُحرم التوفيق؛ لا يصيبه خيرًا، يقول الطرطوشي: وهو من علماء المالكية الأجلاء يقول وأعلم أن زمام الأمور التوفيق، زمام الأمور يعني  كما تقود الفرس، لا تقوده بسوق في الغالب، يُقاد الفرس بلجام وزمام يختمه ويقوده، زمام الأمور التوفيق، ولم ينزل من السماء إلى الأرض أجلَّ من التوفيق،

 أراك على العلات غير موفق، وما أحسن التوفيق حيث يكون

التوفيق في كل أمرٍ، هو أحسن ما يكون، فإذا وفقك الله تعالى في دراستك؛ فأنت فائز وإذا وفقك في زواجك؛ فأنت موفق، في عملك؛ أنت ناجح في جيرانك، في مكانك، في بناءك، في كل شأن، كما قال الشاعر، (وما أحسن التوفيق حيث يكون)، في أي مكان ينزل التوفيق، فهو حسن جميل، ولهذا اتفقت قلوب الناس، على الرغبة فيه، والسعي إلى إدراكه، والتوفيق الذي قال فيه نبي الله شعيب، وما توفيقي إلا بالله ما هو التوفيق ما هو التوفيق الذي أجل ما نزل من السماء وهو زمام الأمور إن التوفيق من الله تعالى للعبد يا إخواني هو ألا يكيل كائل نفسك توفيق الله للعبد أن يتولى شأنه وأمره وألا يجعل الأمر إليك ولذلك من وكل إلى نفسه فقد وكل إلى ضعف وإلى سوء اختيار وإلى نوع من القصور في كل شأن من شؤونه ولهذا التوفيق الذي قال فيه شعيب {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّه}سورة هود، الآية: 88، والذي قال فيه العلماء أجلَّ ما ينزل من السماء التوفيق، هو أن يتولى الله تعالى شأنك، ومن تولى الله جلَّ وعلا، شأنه كان على أكمل الأحوال، وأعدل الأقوال، وأجمل الحالات، فإنه يستقيم حاله وقوله وعمله، إذا كان موفقًا مسددًا، يقول ابن القيم رحمه الله، في بيان التوفيق يقول التوفيق إرادة الله من نفسه، أن يفعل بعبده ما يصلحه، والنبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) كان يقول في دعائه (اللهم لا تكلني إلى نفسي ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين) تأمل هذا الدعاء، الذي يسأله أكمل الخلق رأيًا، وأصلحهم عملًا، يسأل الله على ألا يكله إلى نفسه، بل لا يكله إلا إلى فضله، وإلى تسديده، وإعانته، وتوفيقه، إذا لم يكن عون من الله للفتى، فأول ما يجنى عليه اجتهاده، إذا ما  كان هناك توفيق وعون من الله تعالى لك، فأول ما يجني عليك، هو عملك، الذي تظن أنه سينجيك، وهو في الحقيقة سيرديك، ويوقعك في أنواع المهالك، ألا إنما التوفيق إن كنت أهله، مراعاة حق الله في السر والجهر، هذا هو التوفيق، أن تراعي حق الله تعالى في السر والجهر، بتوحيده في ذاته وصفاته، وفي أفعاله أيضًا، وفي الأمر والنهي، التوفيق هو أن تكون عالما بالله تعالى، عالم بالطريق الذي يوصلك إليه جلَّ وعلا، به تُحصل ما تصبو إليه من سعادة الدنيا وفوز الآخرة، فالتوفيق يا إخواني ضروري للإنسان، لا غنى به عنه، في شأن من الشؤون، ولذلك ينبغي له؛ أن يجتهد في الاستكثار منه، والاستزادة منه، ما استطاع  إلى ذلك سبيلًا، وإن السائل يسأل؛ ما النتيجة إذا فقد الإنسان التوفيق؟ النتيجة إذا فقد الإنسان التوفيق العمى، النتيجة إذا فقد الإنسان التوفيق الخبال، النتيجة إذا فقد الإنسان التوفيق الخطأ، النتيجة إذا فقد الإنسان التوفيق التعثر، النتيجة إذا فقد التوفيق التعاسة والشقاء، وكل معنى رديء يفر منه الناس، ولذلك ينبغي للمرء أن يبادر إلى طلب التوفيق، وأعظم ما يوفق إليه الإنسان ما يتعلق بأمر قلبه، وصلاحه، واستقامته، ثم توفيقه في أمر حياته، ودنياه، ومعاشه، وأيضًا من المطالب التي يسأل العبد الله تعالى فيها، والناس يا إخواني في كل لحظة محتاج إلى التوفيق، وهذا يبين لنا ضرورتنا للتوفيق، يعني أنت لا تحتاج التوفيق فقط؛ إذا دخلت الاختبار، أو إذا قابلت مشكلة كبرى، أو إذا أردت أن تتخذ قرارًا خطيرًا، بل في كل لحظة من لحظات عمرك أنت مفتقرٌ إلى التوفيق، فإن لم يوفقك الله تعالى في هذه اللحظة خُذلت، لأنه ما في إلا الطرقين، إما التوفيق، أو الخذلان، فإذا سلبت التوفيق، أصبت الخذلان، وإذا فضل الله عليك من عليك بالتوفيق، أصبت الرشد والصلاح، ولهذا يقول بن القيم رحمه الله، يقول فالعباد كلهم، متقلبون بين توفيق الله تعالى، وخذلانه، ليس في حياتهم؛ بل يقول رحمه الله، بل العبد في الساعة الواحدة، ينال نصيبه من هذا وهذا، ينال نصيبه من توفيق الله تعالى، ومن خذلناه، فيعطيه ويرضيه، ويذكره ويشكره، بتوفيقه له، ثم يعصيه ويخالفه، ويسخطه جلَّ في علاه، بخذلانه له، ولهذا ينبغي لنا أن نسعى دائمًا، إلى إصابة التوفيق وإلى الاستكثار منه، وإلى الحرص على الفوز بأسبابه، حتى نكون موفقين، ولنعلم أن ليس هناك شيء من أمور هذه الدنيا إلا بتوفيق الله تعالى، الله يقول لرسوله وما رميت إذ رميت، ولكن الله رمى، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ويقول: { إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِه}سورة آل عمران، الآية:160، إذا رميت سهام العزم صائبة،فما رميت بل التوفيق راميها، فلذلك ينبغي لنا أن نحرص على أسباب التوفيق، لن أُطل عليكم، أنا أذكر يا أخواني من الآية؛ سببين من الأسباب التي يفوز فيها الإنسان بالتوفيق، وأعطف عليها سببا ثالثًا، فهي ثلاثة أسباب، لمن أراد أن يجعل التوفيق في معاشه، وفي معاده، وفي شأنه الخاص، وفي شأنه العام، ومن استكثر من هذه الأسباب، وكان نصيبه منها كبيرًا، كان نصيبه من التوفيق كبيرًا، ومن قلت هذه في حياته واهتماماته، سيقل التوفيق، ناتج عن هذه القلة، أول ما يدرك به الإنسان التوفيق، أعظم ما يصعد إلى السماء، قبل قليل قلنا؛ أعظم ما ينزل من السماء التوفيق، وأجل ما يصعد إلى السماء الإخلاص، إذًا الذي يريد التوفيق؛ فليحرص على الإخلاص، والإخلاص أمر هو ألا يكون في قلبك محبوب إلا الله جلَّ وعلا، ألا يكون في قلبك مُعظم إلا الله تعالى، أن تكون في قلبك خالصًا لله من كل تعلق فهو المحبوب، وهو المرغوب، وهو المقصود بالعبادة جلَّ وعلا، في كل شأن أن يكون قلبك خالصًا من التعلق بكل شيء إلا بالله تعالى، وهذا أمر ليس باليسير، يعني ليس بأمر سهل، مباشر يدركه الإنسان بأن يقول هذا الكلام،  إنما يحتاج إلى أن يمرن نفسه، وأن يدرب نفسه على ألا يكون في قلبه إلا الله، وأعظم أعظم ما يتحقق به الإخلاص في القلوب العلم بالله، فبقدر ما معك من العلم بالله تعالى، بقدر ما تحقق من الإخلاص له، لأن الكافرين والمشركين عندما إنما وقعوا في الشرك والضلال والكفر، بسبب ماذا؟ بسبب جهلهم بالله تعالى، ولو علموا الله جلَّ وعلا، وما له من الحقوق والكمالات، ما انصرفوا إلى غيره، لأن الإنسان لماذا ينصرف إلى غير الله والأمور كلها بيده، كيف ينصرف إلى غيره، ويعلم أنه أغنى الشركاء عن الشرك، من أشرك عبادة في عبادة من العبادات؛ تركه الله تعالى وشركه، ولهذا كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، جميعها من أولها إلى أخرها، لم يفطر يومًا من الأيام، على أن يكون داعيًا إلى الله وتوحيده وتعظيمه، إذًا الطريق الذي نحقق به الإخلاص، هو أن يزداد علمنا بالله، والعلم بالله ما هو صعب، يعني ليس قضية صعبة والعلم بالله هو أن تعرف ما لله من كمالات،  كل من قرأ الكتاب، قراءة فهم وتدبر، عرف من هو الرب الذي يعبد؟ من هو الرب الذي له يصلي ويسجد؟ من هو الرب الذي يصوم له؟ ويمتنع عن المحرمات ويبادر إلى الواجبات، وهذا العلم هو أصل العلوم؛ الذي قال فيه جلَّ وعلا {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}سورة فاطر، الآية:28،يقول بن مسعود رضي الله عنه، ليس العلم بكثرة الرواية، وكثرة المحفوظات، ومعرفة الأقوال، إنما العلم الخشية، الخشية لا تكون عن علم بالله تعالى ومعرفة، ولذلك أدعوكم يا إخواني لقراءة القرآن، لتعرفوا من تعبدون، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول لأصحابه في مثل هذا المجلس، أيعجز أحدكم أن يقرأ القرآن في ليلة؟ يعني الصحابة شق عليهم، من يقدر من يستطع أن يقرأ القرآن في ليلة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}سورة الإخلاص, الآية: 1، سورة الإخلاص فقد قرأ ثلث القرآن، فقرأتها ثلاث مرات في ليلة، هي بتعادل قراءة القرآن كاملًا، لما هذه السورة بلغت هذه المنزلة؟ سؤال لماذا الإخلاص بلغت أن عدلت ثلث القرآن؟ بلغت هذا المنزل لأنها صفة الرحمن، فهي الصورة الخالصة، عن ذكر غير الله رب العالمين، من أولها إلى آخرها، بيان لكمالات رب العالمين، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}( )، ليس له شريك في ملكه، ليس له شريك في أسمائه، ليس له شريك في صفاته، ليس له شريك في حقه في العبودية سبحان وبحمده، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}( )، المنفرد جلَّ وعلا، عن كل شركة، أو نوع من الاشتراك، الله الصمد، أتدرون ما معناه؟ الصمد يعني الذي تصمد إليه الخلائق، تقصده الخلائق في حوائجها، ليس أنا وأنت، كل خلق الله في السموات والأرض، إذا أرادوا حاجة أنزلها بالله تعالى، حتى النملة في جحرها، إن أرادت شيئًا؛ ليس لها إلا الله، الذي يقضي حاجتها سبحانه وبحمده، ولو لم يقضها ما قضيت، فهو الصمد الذي تصمد إليه الحوائج، وتنزل بها حاجتها سبحانه وبحمده، الله الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، يعني ليس له نظير، ولا مثيل، ولا كفء، ولا شبيه ولا (00:17:59) سبحانه وبحمده ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، هذه السورة هي صفة الرحمن، ومن أحبها وتدبر ما فيها من المعاني، أدرك ما لله عزَّ وجلَّ، من الكمالات، ولهذا الصحابي الذي كان يصلي بأصحابه وكان يختم بهذه الصورة، لما قصوا خبره على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا أن فلان جعلته علينا أميرًا، وكلما قرأ سورة في الصلاة الجارية ختم ب{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}( )، فقال النبي؛ صلى الله عليه وسلم اسألوه لم يصنع ذلك؟ فقال الرجل هذه صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأها، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم لما أخبروه بالخبر، فقال أخبروه بأن الله يحبه، كما حبها، يحبه الله جلَّ وعلا، لأنه حب السورة التي يذكر فيها صفات الرب، إذن سورة من القرآن، تبين لنا ما لله تعالى من الكمالات، بهذا اليسر والسورة محفوظة، ومتواترة على ألسنتنا ومسموعة في صلواتنا، ينبغي أن ندرك شيئًا ما لله من كمالات، ونحن لا نحيط به علمًا لكن ندرك مما أخبرنا، شيئًا يزداد به ضميرنا وثقتنا وإخلاصنا لله تعالى، فنستنظر بذلك توفيقه جلَّ وعلا، إن ثاني ما يدرك ثاني ما يدرك به الإنسان التوفيق، صدق الاعتماد على الله جلَّ وعلا، ولذلك انظر عندما قال شعيب وما توفيقي إلا بالله، ماذا قال بعدها؟ عليه توكلت، إذن سبب استنتار التوكل، سبب استنظار التوفيق، واستنزال الخير من السماء، هو أن تصدق مع الله تعالى، في الاعتماد والتوكل ليس قول اللسان توكل على الله، وتوكلنا على الله، هذا سهل في اللسان، لكن التوكل هو ركون القلب، اعتماد القلب على الله، وهو فرع عن العلم الله تعالى فمن علم أن ربه مالك الملك، أن ربه بيده ملكوت كل شيء، أنه إنما أمره إذا أراد شيئًا، أن يقول له كن فيكون، فهل سيركن إلى غيره، أو يعتمد على غيره، في جلب منفعة، أو دفع مضرة، إنه لن يقع في شيءٍ من هذا بالكلية، لأنه يعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنه لا يأتي بالحسنات إلا الله، ولا يدفع بالسيئات إلا الله، لا يأتي بالنعم، إلا الله، ولا يدفع المصاعب إلا الله جلَّ وعلا، فلا يجد في قلبه مكان لأحد، ويعلم من كل الخلق جميعهم، عاليهم ودانهم، حاكمهم ومحكموهم، جميعًا هم أسباب؛ لما قدره الله تعالى وقضاه ليس منهم شيء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته للغلام، (يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت، فاستعن بالله، وأعلم أن الأمة لو اجتمعت الأمة) والأمة يعني جميع الناس لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك؛ ما نفعوك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يقدره الله عليك، ما ضروك، وهذا إذا قام في قلب العبد، انقطع تعلقه بأي أحد من الخلق، ويعلم أن ما قضاه الله كائن، لا يعني هذا أن يعطل الأسباب، ولا يعني هذا ألا يشكر، من يستحق الشكر، بل يأخذ بالأسباب ويشكر من يستحق الشكر من أهل الإحسان، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، كما جاء في الحديث، في حديث أبي هريرة في مستدري الإمام أحمد، لكن يعلم أن الأمر بيدي الله، وأن ما يُجري عليه الله تعالى، ما قضاه وقدره إنما هو وسيلة، ولكن الشأن كله في قضاءه وقدره، فإذا قضى الله تعالى أمرًا كان، وإذا منعه فلا معطي لما منع، ولذلك نحن بعد صلاتنا مباشرة نقول لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، يعني لا ينفع صاحب الحظ والنصيب، نصيبه وحظه فيأخذ شيئًا لم تقدره ولم تقضه بل الأمر كله بيديه إذن من أسباب حصول التوفيق، أن تركن بقلبك وتعتمد على الله تعالى، وتستنظر منه الخير، ولا يكن في قلبك سوى الله، كل من يأتيه الخير من قبله، إنما هو سبب ووسيلة، يقدر الله تعالى بها ما يشاء ويقضيه، السبب الأخير من أسباب التوفيق الإنابة إلى الله جلَّ وعلا، ولذلك قال الله تعالى، فيما أخبر عن شعيب، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب فما هي الإنابة؟ الإنابة حقيقتها عكوف القلب على طاعة الله تعالى، ولزوم أمره، هذه هي الإنابة الانابة أن يكون قلبك ملازم لطاعة الله تعالى، ومعنى هذا أنك تحرص على ألا تخرج عن حدود الطاعة، ولا يعني هذا أن لا تقع في معصية، الإنسان مجبول على الخطأ النبي صلى الله عليه وسلم (يقول كل ابن أدم خطاء) ولكن ينبغي أن نبادر إلى الأوبة والرجعة، كلنا نخطئ في حق الله، وفي حق أنفسنا، وفي حق الناس، لكن ينبغي لنا أن لا نستمر على الخطأ، بل إذا سقطنا نفيق، وإذا وقعنا نقوم، وإذا تعثر سيرنا نتدارك ما جرى من الخطأ، وبذلك ندرك ما نؤمل من الخير، وخير الخطائين التوابون، فالإنابة إلى الله تعالى، هي أن يكون قلبك ملازم لطاعة الله تعالى، قائمًا بأمره حريصًا على إقامة شرعه وبه يدرك الإنسان خيرًا كثيرًا ويدرك توفيقًا عظيمًا، وقد قال جماعة من السلف، إذا سكنت الخشية في القلوب، رأى رؤية عالم التوفيق، في الجوارح، احفظ هذه العبارة، إذا سكنت خشية الله في قلبك، فإنك سترى بعينك علامات التوفيق في جوارحك، فأقم التوفيق في قلبك، وثق تمامًا أن الله تعالى، سيكون لك، ولذلك ينبغي لنا، أن نحرص على أن نلازم طاعة الله، ومن أعظم طاعة الله التي نستنظر بها التوفيق، أن نسأله جلَّ وعلا، التوفيق، فإن العبد إذا أنزل حاجته إلى الله تعالى، أدرك خيرًا عظيمًا، ولهذا يقول شيخ الإسلام بن تيميه، إن من أفضل الدعاء الذي يلازمه المؤمن، ما جاء في جامع الترمذي، وفي مسند الإمام أحمد، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه، (ربي أعني ولا تعن علي، ربي انصرني ولا تنصر علي، آثرني ولا تؤثر علي، اهدني ويسر الهدى لي) شوف كل هذه المطالب، تتعلق بحاجات الإنسان، أعني ولا تعن علي، غالب الدنيا فيها مغالبة في الغالب، فأن تسأل الله تعالى أن يعينك ولا يعين عليك، وهذا لا يعني فقط أن يعين عليك حتى الشيطان الذي يتربص بك، هذا إذا خل الله بينك وبينه ليتسلط عليك وأذاك، ولكن إذا أعانك عليه وغلبته وتمكنت من الهدى أعني ولا تعن علي، انصرني ولا تنصر علي، ليس فقط في المخاصمات الشخصية، أو مع عدو من بنى جنسك، العدو اللي من بني جنسك، أمره سهل، ولكن شأن الخطورة الكبرى، في العدو، الذي لا تقف عداوته ولا لحظة، والبني أدم الله تعالى يقول؛ {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}سورة فصلت، الآية:34، له معالجة عدوك من بني جنسك تقدر تعالجه وتداريه، إلى أن تدفع شره لكن عدوك اللي لا يمكن أن تتخلص منه إلا؛ باللجوء إلى الله هو الشيطان، ولذلك بعد أن ذكر الله عداوة الإنسان، وكيف يتخلص؟ منها قال جلَّ وعلا {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ}سورة فصلت، الآية: 36، فما الحل؟ هل في مدارات مع الشيطان لا؛ فاستعذ بالله، استعذ أي احتصن واحتمي، والتجأ إلى الله تعالى، ما في حل مع الشيطان إلا الاعتصام بالله تعالى، واللجأ إليه، في أن يخلصك من شره، ومن أذاه، ومن تسلطه، ولذلك الدعاء يا إخواني، هو من أهم أسباب حصول التوفيق، وهو من أصدق ما يحقق الإنابة إلى الله جلَّ وعلا فاحرصوا على الدعاء، والعبد مفتقر إلى الله تعالى في كل حال، ولهذا كان الدعاء هو العبادة، كما في حديث النعماني بن بشير، رضي الله عنه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (الدعاء هو العبادة).

 

 أسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يرزقني وإياكم التوفيق، والتسديد في القول والعمل، وأن يجعلنا من أوليائه وحزبه، اللهم أن نستنظر فضلك، ونسألك من خيرك، ونعوذ بك يا ذا الجلال من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ،وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المادة السابقة
المادة التالية

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات19140 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات12318 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9769 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8398 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف