×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

صوتيات المصلح / برامج / برنامج أحكام 1431 / الحلقة(10)حج النساء والصبيان وحكم التوكيل في الحج.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الحلقة(10)حج النساء والصبيان وحكم التوكيل في الحج.
00:00:01

الحمد لله رب العالمين أحمده جل في علاه وأثني عليه الخير كل. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين رب العالمين لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.  اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. أما بعد. فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات في هذا البرنامج، برنامج " أحكام" وهو من البرامج التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، في المملكة العربية السعودية. وتنظم ذلك ضمن برامجها في توعية حجاج بيت الله تعالى في تبصيرهم في هذا النسك المبارك وما يفيدهم في دينهم ودنياهم، فجزاهم الله خيرا، ونسأل الله تعالى لنا ولكم النفع وأن يجعلنا وإياكم من المباركين. هذه الحلقة سنتناول فيها حج النساء وحج الصبيان، وما يتصل بالتوكيل وحج الوكيل. هذه قضايا سنتناولها إن شاء الله تعالى من خلال هذا البرنامج . * حج المرأة. المرأة كالرجل في أصل التشريع بمعنى أنه لا فرق بين الرجال والنساء في الأحكام الشرعية إلا ما جاء النص على التفريق بين الرجال والنساء فيه، وإلا فالأصل أن الرجال والنساء أحكامهما واحدة كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم «النساء شقائق الرجال»([1]). والتشريع لم يفرق بين المرأة والرجل في تحقيق العبودية لله تعالى، ولا في الأحكام إلا في ما تراعى فيه الخصائص المناسبة للرجل وللمرأة. فيما يتصل بالحج فرضه الله تعالى على الرجال والنساء، قال الله جل وعلا :{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}([2]). وهذا يدل على عموم الخطاب للناس.  عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ولم أسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان يوما من ذلك والجارية تمشطني فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «أيها الناس»، فقلت للجارية استأخري عني- يعني دعيني أستمع لهذا القول - قالت: إنما دعا الرجال ولم يدع النساء، فقلت: إني من الناس([3]). وهذا يدل على أن الخطاب النبوي في أصله يشمل الرجال والنساء، فلا فرق بين الرجل والمرأة. الله تعالى يقول:{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}، خطاب للرجال والنساء. وقد حج النساء مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن تميزت المرأة بأن حجها يطلب فيه المحرم على خلاف بين العلماء في المحرم هل هو شرط وجوب أو شرط أداء، إلا أن العلماء يرون أن المحرم من متطلبات الحج للمرأة. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كما في "الصحيحين" من حديث ابن عباس رضي الله عنه « لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم»([4]). وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع هذه المقالة، فقال: يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا - يعني دونت في قتال غزوة كذا وكذا- وخرجت امرأتي حاجة قال له النبي  صلى الله عليه وسلم :«اذهب فحج مع امرأتك»([5]). فالنبي صلى الله عليه وسلم أمره بأن ينطلق ويترك ما تهيأ له من الخروج للجهاد، أمره أن يخرج حاجا مع امرأته. فدل ذلك على أن المرأة ينبغي لها أن تخرج في الحج مع محرم لها ، وهذا هو الأصل، وهو الذي ينبغي أن تراعيه المرأة، وذلك أن خروج المرأة منفردة عن الرجل يوقعها في حاجة وإشكالات كثيرة هي في غنى عنها. المحرم مهما كانت صفته سيكون سببا للتخفيف عنها وإعانتها. ولذلك قضية المحرم يعني قضية ليس تخوينا للمرأة، ولا اتهاما لها، إنما هو لصيانتها وتحقيق حفظها .  ولذلك ينبغي أن يفهم هذا التشريع من هذا الوجه لأن بعض الناس يقول : "هذا عدم ثقة في المرأة"، وهذا غير صحيح. الله تعالى أمرنا بما نكرم به، بما نشرف به، وبما نحفظ به أنفسنا وعقولنا، وأموالنا وأعراضنا ولذلك ينبغي لذلك أن يفهم هذا في ضوء هذه المقاصد الشرعية دون أن يتسرب إلى الوهم أن هذه الأحكام من تنقيص المرأة أو من عدم معرفة منزلتها أو ما أشبه ذلك مما يتوهمه أو يدعيه المدعون الذين لم يستضيئوا بأنوار الشريعة المباركة، ولم يقفوا على أسرارها ويدكوا حكمها وغاياتها. من المهم أن نعرف أن المحرم ذهب طائفة من أهل العلم على وجوبه ، وأن المرأة مطلوب منها أن تحج بمحرم، وأنها إذا حجت بغير محرم فقد خالفت ووقعت في إثم ، وإن كان حجها صحيحا .  يعني الاتفاق منعقد على أنها إذا حجت بدون محرم فحجها صحي، لكنهم اختلفوا في كون ذلك من واجبات الحج أو لا. فمنهم من قال: أنها إذا حجت بدون محرم فإنها آثمة وحجها صحيح. ومنهم من قال: إنها إذا خرجت حاجة مع رفقة آمنة فإن حجها صحيح. هكذا قال بعض أهل العلم، والمسألة قريبة ، لكن ينبغي أن نعرف أن المحرم مما تصان به المرأة، ويحفظ به حرمتها ومقامها. * من هو المحرم الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم « لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم». المحرم هو زوجها إذا كانت ذات زوج، أو من تحرم عليه على التأبيد - يعني تحريما مؤبدا - إما بنسب أو سبب. بنسب : كالأخ والابن والعم والخال، هؤلاء لا يحل أن يتزوجوا المرأة فهم من محارمها على التأبيد بسبب النسب. أو بسبب مباح كالمصاهرة أو الرضاع، فإنهما من الأسباب التي يثبت بهما التحريم. فأم الزوجة هي محرم بالنسبة للزوج، كذلك أبو الزوج هو محرم بالنسبة للزوجة، وهذا سببه المصاهرة. المرأة إذا أرضعت غلاما خمس رضعات مشبعات فإنه يكون محرما لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»([6]). هذا ما بينته الشريعة فيما يتصل بصفات المحرم. إذا : المحرم ، محرم المرأة هو زوجها إذا كانت ذات زوج، أو من تحرم عليه على التأبيد إما لنسب أو لسبب مباح. * مسألة حج المرأة عن غيرها، هل يصح أن تتوكل المرأة عن غيرها. هذه مسألة ثانية تضمنها تقريرنا. الجواب: نعم يصح أن تحج المرأة عن غيرها، ولو كانت تتوكل عن الرجل، دليل ذلك أن الخثعمية كما في "الصحيح" من حديث ابن عباس ، سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة - يعني لا يستطيع أن يستقر على البعير، كلما ثبتوه سقط، كلما ركب سقط -  أفأحج عنه؟ قال:«نعم»([7]). فدل هذا على أنه يجوز للمرأة أن تتوكل عن الرجل في الحج، كذلك يجوز للرجل أن يتوكل عن المرأة. وهل للمرأة أن توكل رجلا أو توكل امرأة في الحج عنها؟ نعم, لكن متى يجوز لها أن توكل؟ يجوز لها أن توكل إذا كانت غير مستطيعة ببدنها ومستطيعة بمالها، كما هو معلوم في مسألة الاستطاعة. الاستطاعة تكون بالمال وتكون بالبدن فإذا كانت مستطيعة في مالها دون بدنها فإنها تقيم من يحج عنها. هنا سؤال: هل إذا كانت المرأة لا تجد محرما ولا تجد رفقة، هل توكل من يحج عنها؟. الجواب: لا، لأنه لا يجب عليها الحج حتى توكل على القول بأنه شرط للوجوب. أما على القول بأنه شرط للأداء، أيضا لم يتعين عليها هذه السنة، بمعنى أنه يجب عليها أن تمهل حتى تجد من يرافقها في حجها، قد ترزق زوجا، قد ترزق محرما من محارمها، يتيسر به الحج، ويسير به من يكون محرما لها، فتقصد البيت الحرام. هذا ما يتصل بقضية بحج المرأة، بقضية المحرم، بقضية توكل المرأة عن الرجل، وتوكل غير المرأة عن المرأة في الحج، وأنها كغيرها لا يتوكل عنها أحد إلا في حال عجزها ببدنها. * قضية حج الصبي وما يتصل حج الوكيل. أولا : فيما يتصل بالصبي، أي من دون البلوغ، هذا مقصودنا بالصبي أو الصبية، من كان دون البلوغ، من لم يبلغ، وهو من لم تظهر عليه علامات البلوغ أو من لم يبلغ سن أو عمر خمسة عشرة سنة. هذا الذي حج دون هذا العمر، أولا: ما حكم حجه؟ في "الصحيح" من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقى ركبا بالروحاء فقال « من القوم »، قالوا: المسلمون، فقالوا من أنت قال « رسول الله ». فرفعت إليه امرأة صبيا- وهنا قوله رفعت يعني أنه صغير في جرمه وفي حجمه، ويسهل رفعه، والرافع هو امرأة-  فقالت ألهذا حج قال:«نعم ولك أجر»([8]). فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الصبي له حج، ولوليه أجر، ووليه هو من يقوم عليه في هذا الحج. فله أجر تربيته وقيامه عليه بأداء هذا النسك. والسائب بن يزيد رضي الله عنه قال: حج بي أبى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين([9]). فهذا أيضا حديث ينضاف إلى الحديث السابق في كون حج الصبي قد شرعه الله تعالى، وأذن به النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقر أصحابه عليه، والأجر فيه للصبي كما أن الأجر فيه للقائم عليه لأنه من الدلالة على الخير. هذا في حج الصبي المميز وهو واضح بين. ما الذي يجب على الصبي المميز إذا حج. يجب على وليه أن يلزمه بالأحكام التي يطيقها والتي يستطيعها، وما لا يستطيعه يقوم عنه كما جاء في "السنن" من حديث جابر : كنا إذا حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكنا نلبى عن النساء ونرمى عن الصبيان([10]). هذا يدل على أنهم كانوا يقومون ببعض الأعمال عن الصبيان وهي الأعمال التي يعجزون عنها، لكن ما يمكن أن يقوم به الصبي ينبغي حمله عليه. لكن لو وقع من الصبي مخالفة، وهذا قريب وحاصل، ويسأل عنه كثيرا، أن من الصبيان من لا يلتزم أحكام الإحرام، تجده مثلا يخلع الإحرام ويلبس ثيابا ، أو يرتكب شيئا من محظورات الإحرام بمخالفته بتطيب أو نحو ذلك، هل هذه المخالفات يترتب عليها ما يترتب على حج البالغ  حج العاقل الكبير؟ الجواب . نعم في قول عامة الفقهاء. وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أن حج الصبي لا يترتب عليه شيء من جهة إخلاله بالواجبات أو انتهاكه للمحظورات.  بل الواجب تربيته، ولأجل هذا شرع حجه على وجه التربية والتدريب، وليس أنه يلزمه ما يلزم الكبير لأنه من غير أهل التكليف، « رفع القلم عن ثلاثة»، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم « وعن الصبي حتى يدرك»([11])، [وفي"السنن"« حتى يبلغ »([12])، وفي "المسند" بلفظ«حتى يحتلم»([13])]. وقول أبي حنيفة قول قوي، وهو أيضا له وجه، وفيه من اليسر ما ينبغي أن يلاحظ لاسيما وأنه غير مكلف . فينبغي على الأب، وعلى الولي من أب أو أم أن يحمل الولد - ذكرا  كان أو أنثى- يحمل الصبي أو الصبية على القيام بأعمال الحج، فإذا لم يستطع أو وقعت منه مخالفة فإنه لا شيء عليه على الراجح من قولي العلماء كما ذكرنا من مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله. هذا ما يتصل بمخالفاته. هل حجه مجزئ، بمعنى الصبي إذا حج، هل حجه مجزئ ويكفيه عن حجة الإسلام؟ الجواب: الإجماع منعقد ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجزئه هذا الحج إذا حج قبل البلوغ، وقد جاء النص في ذلك عن ابن عباس في "السنن للبيهقي" بإسناد جيد قال: أسمعوني ما تقولون، وافهموا ما أقول لكم، ألا لا تخرجوا فتقولوا قال ابن عباس قال ابن عباس. إذا: هو مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم  -« أيما غلام حج به أهله فبلغ مبلغ الرجال فعليه الحج، فإن مات فقد قضى حجته»([14]). هذا يدل على أنه يجب عليه أن يحج وأن يعود إلى الحج مرة ثانية لأن هذه الحجة لا تجزئه عن حجة الإسلام.  هذا إذا كان حجه قبل بلوغه، ومناط البلوغ هو أن يكون قد وقف بعرفة وهو غير بالغ. أما إذا شرع في حجه وهو غير بالغ أو بلغ في عرفة، أو قبل عرفة فإنه يجزئه لأنه أدرك ركن الحج الأعظم الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم «الحج عرفة»([15]). هذا فيما يتصل بحج الصبيان. * هنا مسألة تتعلق بحج الصبيان أيضا، بعض الناس يأمر أولاده بأن يحجوا عن غيرهم، فتجده مثلا يحجج أبنائه عن أبيه وعن جده، وعن عمه وعن أموات وعن أحياء، وهذا من الغلط ومن تكليف الصبيان ما لا يطيقون، ولم يأتي بمثل هذا شرع ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن حج الصبي: ألهذا حج؟ قال :« نعم ولك أجر»([16]). فالحج له هو، وليس لغيره، ولذلك لا يقال له: أنوي عن جدك، أنوي عن أبيك، فهذا لا نعلم له أصلا في هدي النبي صلى الله عليه وسلم. * في ما يتعلق بحج الوكيل. حج الوكيل كحج الأصيل، بمعنى أنه يجب عليه أن يلتزم بما يلتزم به الأصيل من الأعمال لا يفارق في ذلك شيئا. في التلبية يلبي عمن حج عنه، وهنا إذا كان عرفه باسمه، فيقول :" لبيك عن فلان". إذا كان لا يعرفه باسمه إنما يعرفه بوصفه ، كأن يقول دفع له مال، أو اتفق معه على اتفاق، فيقول :" لبيك عن من وكلني". وبهذا تقع عن الشخص في حال نسيان اسم الموكل، وهذا يقع كثيرا. * هل يحتاج إلى أن يكرر هذا في كل المواقف؟ لا يحتاجه إلا في البداءة ، ثم بعد ذلك يفعل كل الأعمال، وستكون فيما يتعلق بأعمال الحج نيابة عن من وكله، لا يحتاج أن ينوي عند الطواف ولا عند الوقوف، ولا عند سائر الأعمال. لكن ينبغي لمن يوكل أن يتحرى في الوكيل أن يكون ذا نية صالحة خالصة، وهذا أمر تقريبي لا يمكن الوقوف عليه، لكن يجتهد في ذلك. ثانيا: أن يكون على علم ومعرفة بالأحكام التي وكل فيها، فإن من الناس من يوكل أي أحد على أي وجه كان، وهذا غلط. ينبغي أن يتحرى في الوكيل الذي يعلم أحكام الحج، لأنه وكله في أعمال ينبغي أن يكون متقنا للعمل الذي يقوم به. هذا ما يتصل بحج الوكيل على وجه الإيجاز.  وهذه قضايا تناولناها، حج المرأة ، وحج الصبي، وحج الوكيل. أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح. وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من حلقات " برنامج أحكام" أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ([1]) أخرجه الترمذي (113) عن عائشة رضي الله عنها. ([2]) سورة آل عمران:97. ([3]) أخرجه مسلم (2295)، من حديث أم سلمة. ([4]) "صحيح البخاري" (1862)، ومسلم(1341). ([5]) أخرجه البخاري (3006)، ومسلم 1341). ([6]) أخرجه البخاري (2645)، ومسلم (1447). ([7]) أخرجه البخاري (1513). ([8]) "صحيح مسلم" (1336). ([9]) أخرجه الترمذي (937)، وقال :حسن صحيح. ([10])أخرجه الترمذي (939)، وقال : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد أجمع أهل العلم على أن المرأة لا يلبى عنها غيرها بل هي تلبى عن نفسها ويكره لها رفع الصوت بالتلبية. ([11]) أخرجه البخاري معلقا جازما به من حديث علي رضي الله عنه. ([12]) "سنن أبي داود" (4402) من حديث علي رضي الله عنه. ([13]) "مسند أحمد" (6/100) من حديث عائشة. ([14]) " السنن الكبرى" للبيهقي (5/178)، (10133)، وأخرجه الشافعي في "مسنده" (743). ([15]) تقدم تخريجه. ([16])تقدم تخريجه.

المشاهدات:3105

الحمد لله رب العالمين أحمده جل في علاه وأثني عليه الخير كل. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين رب العالمين لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.  اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. أما بعد. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات في هذا البرنامج، برنامج " أحكام" وهو من البرامج التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، في المملكة العربية السعودية. وتنظم ذلك ضمن برامجها في توعية حجاج بيت الله تعالى في تبصيرهم في هذا النسك المبارك وما يفيدهم في دينهم ودنياهم، فجزاهم الله خيراً، ونسأل الله تعالى لنا ولكم النفع وأن يجعلنا وإياكم من المباركين. هذه الحلقة سنتناول فيها حج النساء وحج الصبيان، وما يتصل بالتوكيل وحج الوكيل. هذه قضايا سنتناولها إن شاء الله تعالى من خلال هذا البرنامج . * حج المرأة. المرأة كالرجل في أصل التشريع بمعنى أنه لا فرق بين الرجال والنساء في الأحكام الشرعية إلا ما جاء النص على التفريق بين الرجال والنساء فيه، وإلا فالأصل أن الرجال والنساء أحكامهما واحدة كما جاء في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «النساء شقائق الرجال»([1]). والتشريع لم يفرق بين المرأة والرجل في تحقيق العبودية لله تعالى، ولا في الأحكام إلا في ما تراعى فيه الخصائص المناسبة للرجل وللمرأة. فيما يتصل بالحج فرضه الله تعالى على الرجال والنساء، قال الله جل وعلا :{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}([2]). وهذا يدل على عموم الخطاب للناس.  عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ النَّاسَ يَذْكُرُونَ الْحَوْضَ وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا كَانَ يَوْمًا مِنْ ذَلِكَ وَالْجَارِيَةُ تَمْشُطُنِي فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «أَيُّهَا النَّاسُ»، فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ اسْتَأْخِرِي عَنِّي- يعني دعيني أستمع لهذا القول - قَالَتْ: إِنَّمَا دَعَا الرِّجَالَ وَلَمْ يَدْعُ النِّسَاءَ، فَقُلْتُ: إِنّي مِنَ النَّاسِ([3]). وهذا يدل على أن الخطاب النبوي في أصله يشمل الرجال والنساء، فلا فرق بين الرجل والمرأة. الله تعالى يقول:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، خطاب للرجال والنساء. وقد حج النساء مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولكن تميَّزت المرأة بأن حجها يطلب فيه المحرم على خلاف بين العلماء في المحرم هل هو شرط وجوب أو شرط أداء، إلا أن العلماء يرون أن المحرم من متطلبات الحج للمرأة. وذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: كما في "الصحيحين" من حديث ابن عباس رضي الله عنه « لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»([4]). وقد جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سمع هذه المقالة، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا - يعني دونت في قتال غزوة كذا وكذا- وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً قَالَ له النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ»([5]). فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بأن ينطلق ويترك ما تهيأ له من الخروج للجهاد، أمره أن يخرج حاجاً مع امرأته. فدل ذلك على أن المرأة ينبغي لها أن تخرج في الحج مع محرم لها ، وهذا هو الأصل، وهو الذي ينبغي أن تراعيه المرأة، وذلك أن خروج المرأة منفردة عن الرجل يوقعها في حاجة وإشكالات كثيرة هي في غنى عنها. المحرم مهما كانت صفته سيكون سبباً للتخفيف عنها وإعانتها. ولذلك قضية المحرم يعني قضية ليس تخويناً للمرأة، ولا اتهاماً لها، إنما هو لصيانتها وتحقيق حفظها .  ولذلك ينبغي أن يفهم هذا التشريع من هذا الوجه لأن بعض الناس يقول : "هذا عدم ثقة في المرأة"، وهذا غير صحيح. الله تعالى أمرنا بما نكرم به، بما نشرف به، وبما نحفظ به أنفسنا وعقولنا، وأموالنا وأعراضنا ولذلك ينبغي لذلك أن يفهم هذا في ضوء هذه المقاصد الشرعية دون أن يتسرب إلى الوهم أن هذه الأحكام من تنقيص المرأة أو من عدم معرفة منزلتها أو ما أشبه ذلك مما يتوهمه أو يدعيه المدعون الذين لم يستضيئوا بأنوار الشريعة المباركة، ولم يقفوا على أسرارها ويدكوا حِكَمها وغاياتها. من المهم أن نعرف أن المحرم ذهب طائفة من أهل العلم على وجوبه ، وأن المرأة مطلوب منها أن تحج بمحرم، وأنها إذا حجت بغير محرم فقد خالفت ووقعت في إثم ، وإن كان حجها صحيحاً .  يعني الاتفاق منعقد على أنها إذا حجت بدون محرم فحجها صحي، لكنهم اختلفوا في كون ذلك من واجبات الحج أو لا. فمنهم من قال: أنها إذا حجت بدون محرم فإنها آثمة وحجها صحيح. ومنهم من قال: إنها إذا خرجت حاجة مع رفقة آمنة فإن حجها صحيح. هكذا قال بعض أهل العلم، والمسألة قريبة ، لكن ينبغي أن نعرف أن المحرم مما تصان به المرأة، ويحفظ به حرمتها ومقامها. * من هو المحرم الذي قال فيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم». المحرم هو زوجها إذا كانت ذات زوج، أو من تحرم عليه على التأبيد - يعني تحريماً مؤبداً - إما بنسب أو سبب. بنسب : كالأخ والابن والعم والخال، هؤلاء لا يحل أن يتزوجوا المرأة فهم من محارمها على التأبيد بسبب النسب. أو بسبب مباح كالمصاهرة أو الرضاع، فإنهما من الأسباب التي يثبت بهما التحريم. فأم الزوجة هي محرم بالنسبة للزوج، كذلك أبو الزوج هو محرم بالنسبة للزوجة، وهذا سببه المصاهرة. المرأة إذا أرضعت غلاماً خمس رضعات مشبعات فإنه يكون محرماً لها لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»([6]). هذا ما بينته الشريعة فيما يتصل بصفات المحرم. إذاً : المحرم ، محرم المرأة هو زوجها إذا كانت ذات زوج، أو من تحرم عليه على التأبيد إما لنسب أو لسبب مباح. * مسألة حج المرأة عن غيرها، هل يصح أن تتوكل المرأة عن غيرها. هذه مسألة ثانية تضمنها تقريرنا. الجواب: نعم يصح أن تحج المرأة عن غيرها، ولو كانت تتوكل عن الرجل، دليل ذلك أن الخثعمية كما في "الصحيح" من حديث ابن عباس ، سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقالت: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ - يعني لا يستطيع أن يستقر على البعير، كلما ثبتوه سقط، كلما ركب سقط -  أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ:«نَعَمْ»([7]). فدل هذا على أنه يجوز للمرأة أن تتوكل عن الرجل في الحج، كذلك يجوز للرجل أن يتوكل عن المرأة. وهل للمرأة أن توكل رجلاً أو توكل امرأة في الحج عنها؟ نعم, لكن متى يجوز لها أن توكل؟ يجوز لها أن توكل إذا كانت غير مستطيعة ببدنها ومستطيعة بمالها، كما هو معلوم في مسألة الاستطاعة. الاستطاعة تكون بالمال وتكون بالبدن فإذا كانت مستطيعة في مالها دون بدنها فإنها تقيم من يحج عنها. هنا سؤال: هل إذا كانت المرأة لا تجد محرماً ولا تجد رفقة، هل توكل من يحج عنها؟. الجواب: لا، لأنه لا يجب عليها الحج حتى توكل على القول بأنه شرط للوجوب. أما على القول بأنه شرط للأداء، أيضاً لم يتعين عليها هذه السنة، بمعنى أنه يجب عليها أن تمهل حتى تجد من يرافقها في حجها، قد ترزق زوجاً، قد ترزق محرماً من محارمها، يتيسر به الحج، ويسير به من يكون محرماً لها، فتقصد البيت الحرام. هذا ما يتصل بقضية بحج المرأة، بقضية المحرم، بقضية توكل المرأة عن الرجل، وتوكل غير المرأة عن المرأة في الحج، وأنها كغيرها لا يتوكل عنها أحد إلا في حال عجزها ببدنها. * قضية حج الصبي وما يتصل حج الوكيل. أولاً : فيما يتصل بالصبي، أي من دون البلوغ، هذا مقصودنا بالصبي أو الصبية، من كان دون البلوغ، من لم يبلغ، وهو من لم تظهر عليه علامات البلوغ أو من لم يبلغ سن أو عمر خمسة عشرة سنة. هذا الذي حج دون هذا العمر، أولاً: ما حكم حجه؟ في "الصحيح" من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِىَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ « مَنِ الْقَوْمُ »، قَالُوا: الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا مَنْ أَنْتَ قَالَ « رَسُولُ اللَّهِ ». فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا- وهنا قوله رفعت يعني أنه صغير في جرمه وفي حجمه، ويسهل رفعه، والرافع هو امرأة-  فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ:«نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ»([8]). فبيَّن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الصبي له حج، ولوليه أجر، ووليه هو من يقوم عليه في هذا الحج. فله أجر تربيته وقيامه عليه بأداء هذا النسك. والسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه قَالَ: حَجَّ بِي أَبِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ([9]). فهذا أيضاً حديث ينضاف إلى الحديث السابق في كون حج الصبي قد شرعه الله تعالى، وأذن به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأقر أصحابه عليه، والأجر فيه للصبي كما أن الأجر فيه للقائم عليه لأنه من الدلالة على الخير. هذا في حج الصبي المميز وهو واضح بيِّن. ما الذي يجب على الصبي المميز إذا حج. يجب على وليه أن يلزمه بالأحكام التي يطيقها والتي يستطيعها، وما لا يستطيعه يقوم عنه كما جاء في "السنن" من حديث جابر : كُنَّا إِذَا حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكُنَّا نُلَبِّى عَنِ النِّسَاءِ وَنَرْمِى عَنِ الصِّبْيَانِ([10]). هذا يدل على أنهم كانوا يقومون ببعض الأعمال عن الصبيان وهي الأعمال التي يعجزون عنها، لكن ما يمكن أن يقوم به الصبي ينبغي حمله عليه. لكن لو وقع من الصبي مخالفة، وهذا قريب وحاصل، ويسأل عنه كثيراً، أن من الصبيان من لا يلتزم أحكام الإحرام، تجده مثلاً يخلع الإحرام ويلبس ثياباً ، أو يرتكب شيئاً من محظورات الإحرام بمخالفته بتطيب أو نحو ذلك، هل هذه المخالفات يترتب عليها ما يترتب على حج البالغ  حج العاقل الكبير؟ الجواب . نعم في قول عامة الفقهاء. وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أن حج الصبي لا يترتب عليه شيء من جهة إخلاله بالواجبات أو انتهاكه للمحظورات.  بل الواجب تربيته، ولأجل هذا شرع حجه على وجه التربية والتدريب، وليس أنه يلزمه ما يلزم الكبير لأنه من غير أهل التكليف، « رُفِعَ القلم عَنْ ثَلاَثَةٍ»، وقد ذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يُدْرِكَ»([11])، [وفي"السنن"« حتى يبلغ »([12])، وفي "المسند" بلفظ«حَتَّى يَحْتَلِمَ»([13])]. وقول أبي حنيفة قول قوي، وهو أيضاً له وجه، وفيه من اليسر ما ينبغي أن يلاحظ لاسيما وأنه غير مكلف . فينبغي على الأب، وعلى الولي من أب أو أم أن يحمل الولد - ذكراً  كان أو أنثى- يحمل الصبي أو الصبية على القيام بأعمال الحج، فإذا لم يستطع أو وقعت منه مخالفة فإنه لا شيء عليه على الراجح من قولي العلماء كما ذكرنا من مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله. هذا ما يتصل بمخالفاته. هل حجه مجزئ، بمعنى الصبي إذا حج، هل حجه مجزئ ويكفيه عن حجة الإسلام؟ الجواب: الإجماع منعقد ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجزئه هذا الحج إذا حج قبل البلوغ، وقد جاء النص في ذلك عن ابن عباس في "السنن للبيهقي" بإسناد جيد قال: أَسْمِعُونِي مَا تَقُولُونَ، وَافْهَمُوا مَا أَقُولُ لَكُمْ، أَلاَ لاَ تَخْرُجُوا فَتَقُولُوا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. إذاً: هو مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  -« أَيُّمَا غُلاَمٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ فَبَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ، فَإِنْ مَاتَ فَقَدْ قَضَى حَجَّتَهُ»([14]). هذا يدل على أنه يجب عليه أن يحج وأن يعود إلى الحج مرة ثانية لأن هذه الحجة لا تجزئه عن حجة الإسلام.  هذا إذا كان حجه قبل بلوغه، ومناط البلوغ هو أن يكون قد وقف بعرفة وهو غير بالغ. أما إذا شرع في حجه وهو غير بالغ أو بلغ في عرفة، أو قبل عرفة فإنه يجزئه لأنه أدرك ركن الحج الأعظم الذي قال فيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الحج عرفة»([15]). هذا فيما يتصل بحج الصبيان. * هنا مسألة تتعلق بحج الصبيان أيضاً، بعض الناس يأمر أولاده بأن يحجوا عن غيرهم، فتجده مثلاً يحجج أبنائه عن أبيه وعن جده، وعن عمه وعن أموات وعن أحياء، وهذا من الغلط ومن تكليف الصبيان ما لا يطيقون، ولم يأتي بمثل هذا شرع ، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن حج الصبي: ألهذا حج؟ قال :« نعم ولك أجر»([16]). فالحج له هو، وليس لغيره، ولذلك لا يقال له: أنوي عن جدك، أنوي عن أبيك، فهذا لا نعلم له أصلاً في هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. * في ما يتعلق بحج الوكيل. حج الوكيل كحج الأصيل، بمعنى أنه يجب عليه أن يلتزم بما يلتزم به الأصيل من الأعمال لا يفارق في ذلك شيئاً. في التلبية يلبي عمن حج عنه، وهنا إذا كان عرفه باسمه، فيقول :" لبيك عن فلان". إذا كان لا يعرفه باسمه إنما يعرفه بوصفه ، كأن يقول دفع له مال، أو اتفق معه على اتفاق، فيقول :" لبيك عن من وكلني". وبهذا تقع عن الشخص في حال نسيان اسم الموكل، وهذا يقع كثيراً. * هل يحتاج إلى أن يكرر هذا في كل المواقف؟ لا يحتاجه إلا في البداءة ، ثم بعد ذلك يفعل كل الأعمال، وستكون فيما يتعلق بأعمال الحج نيابة عن من وكله، لا يحتاج أن ينوي عند الطواف ولا عند الوقوف، ولا عند سائر الأعمال. لكن ينبغي لمن يوكل أن يتحرى في الوكيل أن يكون ذا نية صالحة خالصة، وهذا أمر تقريبي لا يمكن الوقوف عليه، لكن يجتهد في ذلك. ثانياً: أن يكون على علم ومعرفة بالأحكام التي وكل فيها، فإن من الناس من يوكل أي أحد على أي وجه كان، وهذا غلط. ينبغي أن يتحرى في الوكيل الذي يعلم أحكام الحج، لأنه وكله في أعمال ينبغي أن يكون متقناً للعمل الذي يقوم به. هذا ما يتصل بحج الوكيل على وجه الإيجاز.  وهذه قضايا تناولناها، حج المرأة ، وحج الصبي، وحج الوكيل. أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح. وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من حلقات " برنامج أحكام" أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ([1]) أخرجه الترمذي (113) عن عائشة رضي الله عنها. ([2]) سورة آل عمران:97. ([3]) أخرجه مسلم (2295)، من حديث أم سلمة. ([4]) "صحيح البخاري" (1862)، ومسلم(1341). ([5]) أخرجه البخاري (3006)، ومسلم 1341). ([6]) أخرجه البخاري (2645)، ومسلم (1447). ([7]) أخرجه البخاري (1513). ([8]) "صحيح مسلم" (1336). ([9]) أخرجه الترمذي (937)، وقال :حسن صحيح. ([10])أخرجه الترمذي (939)، وقال : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لاَ يُلَبِّى عَنْهَا غَيْرُهَا بَلْ هِيَ تُلَبِّى عَنْ نَفْسِهَا وَيُكْرَهُ لَهَا رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ. ([11]) أخرجه البخاري معلقاً جازما به من حديث علي رضي الله عنه. ([12]) "سنن أبي داود" (4402) من حديث علي رضي الله عنه. ([13]) "مسند أحمد" (6/100) من حديث عائشة. ([14]) " السنن الكبرى" للبيهقي (5/178)، (10133)، وأخرجه الشافعي في "مسنده" (743). ([15]) تقدم تخريجه. ([16])تقدم تخريجه.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات19144 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات12321 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9836 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8404 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف