السؤال:
ما معنى حديث: ((حُبِّب إليَّ من دنياكم الطيب والنساء))؟
الجواب:
حديث صحيح من حيث الإسناد ثابترواه أحمد (14037)، والنسائي (3940) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه الحاكم على شرط مسلم (2676)، ووافقه الذهبي، وصححه ابن الملقن في البدر المنير (1/501).، والمحبة هنا هي ما اقتضته والطبيعة والجبلة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يخبر بما اقتضته الطبيعة والجبلة من ميل الإنسان إلى الطيب، وهي الروائح الطيبة، وميل الرجل إلى المرأة؛ باعتبار أن الله فطر الرجل مائلاً للمرأة، وكذلك المرأة مائلة إلى الرجل، فقوله: ((حُبب إليَّ من الدنيا)) أي: من نعيمها ومتعها، لكن بالتأكيد أن هذه المحبة مضبوطة بالشرع، ولا يمكن أن ينطلق الإنسان معها على خلاف الشرع، ولهذا جاءت الشريعة ببيان ما يحل وما يحرم، وما يجب في حق الرجل على المرأة، وحق المرأة على الرجل.
ولاحظ أن كلا هذين الأمرين مما يوصل إلى خير، إذا صُرف على الوجه الذي يرضي الله عنه، فالطيب يقوي النفوس وينشطها، وهو مما يأنس به الإنسان، وينتفع به غيره، ولذلك مثل النبي صلى الله عليه وسلم الجليس الطيب بحامل المسك، إما أن يحذيكأي: يعطيك.، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةرواه البخاري (5534)، ومسلم (2628) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.، والنساء كذلك هن من متاع الحياة الدنيا، كما قال الله جل وعلا: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ}سورة آل عمران: الآية 14.، كل هذا هو من متاع الدنيا ومما حبب للإنسان لكن يجب أن يراعي فيه حقوق الله تعالى، وفي استمتاع الإنسان بالمرأة، كما استمتاع المرأة بالرجل، إذا كان يمنعه من حرام وكان ذلك مما يؤجر عليه، فإنه جاء ناس من الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم! قال: «أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟! إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة» قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟! فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر!»رواه مسلم (1006) عن أبي ذر رضي الله عنه..
والمقصود أن الطيب والنساء مما وجد فيه النبي صلى الله عليه وسلم انجذابًا بمقتضى الطبيعة والجبلة، لكن هذا في متع الدنيا، أما في أمور الآخرة فقال صلى الله عليه وسلم: «وجعلت قرة عيني في الصلاة»هذه تكملة لحديث: (حبب إلي من الدنيا الطيب والنساء).، وقرة العين هي سكون النفس وطمأنينتها وراحتها، وهذا يفوق مجرد المحبة، والله أعلم.