السؤال:
يقول الله تعالى: {والَّذِينَ إذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ}، قرأت في تفسير مختصر أن كلمة (ينتصرون) بمعنى: ينتقمون، فهل هذا صحيح؟
الجواب:
قال الله تعالى: {والَّذِينَ إذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} سورة الشورى، آية 39.أي: يأخذون حقهم، ويجازون بالسيئة مثلها، كما قال الله تعالى في محكم كتابه: {وجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}سورة الشورى، آية رقم 40.، وكما قال: {َمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}سورة البقرة، آية رقم 194.، وقد ذكر الله تعالى في هذه الآية مرتبتين هما مراتب أهل الإيمان، فإن الله تعالى وصف المؤمنين بقوله: {فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ومَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}سورة الشورى، آية 39.ثم ذكر من صفاتهم: {والَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ والْفَوَاحِشَ وإذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} سورة الشورى، آية 36.هذه المرتبة الأولى، فهم إذا أصابهم الغضب واستولى عليهم، لم ينفعلوا له، ولم يستجيبوا لداعيه من الانتقام، بل يغفرون ويتجاوزن ويصفحون، وهذه المرتبة العالية، ثم ذكر المرتبة الثانية بقوله: {والَّذِينَ إذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ}سورة الشورى، آية 39.، فهذا صنف من أصناف المؤمنين أنهم يستوفون حقهم، وينتقمون ممن ظلمهم، دون تجاوز واعتداء، كما قال تعالى: {مَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}سورة البقرة، آية رقم 194.، فلا يجوز لمسلم أن يسرف في الانتقام والانتصار لنفسه، بل يجب عليه أن يراعي حق الله تعالى بأن لا يتعدى ويتجاوز.