226 - حال السلف مع النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته. "وذكر عن مالك أنه سئل عن أيوب السختياني فقال : ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب أفضل منه . قال : وحج حجتين فكنت أرمقه فلا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى أرحمه فلما رأيت منه ما رأيت وإجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم كتبت عنه . وقال مصعب بن عبد الله : كان مالك إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه . فقيل له يوما في ذلك فقال : لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم علي ما ترون لقد كنت أرى محمد بن المنكدر - وكان سيد القراء - لا نكاد نسأله عن حديث أبدا إلا يبكي حتى نرحمه . ولقد كنت أرى جعفر بن محمد - وكان كثير الدعابة والتبسم - فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اصفر لونه وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة . ولقد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال : إما مصليا وإما صامتا وإما يقرأ القرآن . ولا يتكلم فيما لا يعنيه وكان من العلماء والعباد الذين يخشون الله، ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فينظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم وقد جف لسانه في فمه هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ولقد كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع . ولقد رأيت الزهري - وكان لمن أهنأ الناس وأقربهم - فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه ما عرفك ولا عرفته ولقد كنت آتي صفوان بن سليم وكان من المتعبدين المجتهدين فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه . فهذا كله نقله القاضي عياض من كتب أصحاب مالك المعروفة " "مجموع الفتاوى ( 1 /226 ). . 227 - ما ورد عن مالك في الوسيلة البدعية غير صحيح " ذكر القاضي عياض حكاية بإسناد غريب منقطع رواها عن غير واحد إجازة قالوا : حدثنا أبو العباس أحمد بن عمر بن دلهات قال : حدثنا أبو الحسن علي بن فهر حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الفرح حدثنا أبو الحسن عبد الله بن المنتاب حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل حدثنا ابن حميد قال : ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له مالك . يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله أدب قوما فقال : ﴿لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي﴾ الآية ومدح قوما فقال : ﴿إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله﴾ الآية وذم قوما فقال : ﴿إن الذين ينادونك من وراء الحجرات﴾ الآية وإن حرمته ميتا كحرمته حيا . فاستكان لها أبو جعفر فقال : يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو ؟ أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله يوم القيامة ؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله قال الله تعالى : ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما﴾ . قلت وهذه الحكاية منقطعة ؛ فإن محمد بن حميد الرازي لم يدرك مالكا لا سيما في زمن أبي جعفر المنصور فإن أبا جعفر توفي بمكة سنة ثمان وخمسين ومائة وتوفي مالك سنة تسع وسبعين ومائة . وتوفي محمد بن حميد الرازي سنة ثمان وأربعين ومائتين ولم يخرج من بلده حين رحل في طلب العلم إلا وهو كبير مع أبيه وهو مع هذا ضعيف عند أكثر أهل الحديث كذبه أبو زرعة وابن وارة وقال صالح بن محمد الأسدي : ما رأيت أحدا أجرأ على الله منه وأحذق بالكذب منه . وقال يعقوب بن شبيبة : كثير المناكير . وقال النسائي : ليس بثقة . وقال ابن حبان : ينفرد عن الثقات بالمقلوبات "مجموع الفتاوى ( 1 /227 - 228 ). .