السؤال:
كيف نوفق بين قوله سبحانه وتعالى: {إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} سورة النساء، آية 103وما عليه إجماع الأمة، وحديث ابن عباس رضي الله عنه حينما يقول: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا، في غير خوف ولا سفر»رواه مسلم (705) عن ابن عباس رضي الله عنهما.؟
الجواب:
جَمْعُ النبي صلى الله عليه وسلم هو تعليم للأمة جواز ذلك عندما تدعو إليه حاجة، فقد سأل سعيد بن جبير عبد الله ابن عباس راوي هذا الحديث، وقال: مَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: «أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ»أخرجه مسلم (705)، فبيَّن ابن عباس - ترجمان القرآن وحبر الأمة - المقصود النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الجمع، وأنه لأجل أن يدفع الحرج عمن احتاج من الأمة، فجمعه صلى الله عليه وسلم؛ لتعليم الناس جواز الجمع عند الحاجة، إما إذا لم يكن حاجة، فقد قال تعالى: {إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}سورة النساء، آية 103.
وقد بين الله تعالى أوقات الصلوات تفصيلا وإجمالا، فقال سبحانه: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وقُرْآنَ الفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}سورة الإسراء، آية 78.، وقال: {سُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ _وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ}سورة الروم، الآيتان 17 و18.، فهذا بيان لأوقات الصلوات على وجه التفصيل، كما ذكر بعض أهل التفسير، والمقصود أنه يجب المحافظة على الصلوات في أوقاتها على نحو ما شرعت، ولا يجوز الإخلال بها، إلا إذا كان حاجة، والحاجة قد تكون حاجة عامة، كالمطر الذي يحصل معه مشقة، أو الخوف العام من البلاء والنزاع، أو الخوف الخاص، كأن يخاف الإنسان من عدو أو غريم يتبعه، أو مرض خاص.
والأمة مجمعة على أنه لا يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، إلا إذا كان هناك عذر.